هل أنتَ هو.. أنا ؟
كلما فكرتَ في (كيف ينظر فلان لك) فقدتَ شيئا من تلقائيتك، مهما تظاهرت بالعكس..
التلقائية هي الأصل.. هي أنت. أنت لما تغلق على نفسك باب المرحاض.. أنت عندما تكون نائما.. أنت حين تزعجك بعوضة، فترقبها بوجه عجول وفم مفتوح حتى تحط أمامك على غفلة منها فتجهز عليها بكل برود !
إنه أنت.. وأنت تعرف أني أعرفك جيدا.. لأننا كلنا نمر من هذه اللحظات، ولا نكون - بصراحة - بكامل أناقتنا و(ذكائنا) الذي نبدو عليه بالخارج وقد لفتنا الملابس النظيفة وأحاطت بنا هالة من العطر.. وربما حطّت على أنوفنا نظارات أنيقة بلا (كادر)، مضفية علينا تلك الأهمية الخطيرة !.. كلا لسنا كذلك البتة !
التلقائية هي أنت.. مع التخلص ما أمكن من (الوحشية) والعيوب المتراكمة.. أزل ما شئت من العيوب، واترك ما استطعت من الذنوب.. ولكن أبق - أرجوك - على ذلك الكيان الخالص، الفريد.. وتذكر أن أي تزويق لا علاقة له بك.. أي إضافة مفاجئة ستفسد صفاء الطبيعة، وستُخرج للوجود شخصية هجينة، ناشزة، قبيحة.. لا منطق لها ولا لون ولا ذوق !
وتذكر كذلك، أن الإغراق في التقليد والتغيير المستمر سينعكس عليك ولو بعد حين، فتجد مذاقا مرا.. وفراغا مُهولا، وفجوة ظاهرة تركتها شخصيتك الأصل لما تجاهلتها وأُعجبت بغيرها فغارت وغادرت !
إن هذا الشيء المجهول بداخلك الذي يسمونه "شخصية" هو لك بمثابة رأس مال، لابد أن تنطلق منه إن أردت ربحا وازدهارا.. هو سلم لا تملك إلا أن ترتقيه وتبقى متشبثا به إن أردت الصعود.. رفيق هو، لا تقوى على مواصلة المسير دونه.
ومهما أُعجبت بشخصية أخرى، ومهما بدت لك شخصيتك بلا مزايا.. باهتة، قد أوغلت في الضعف والنقصان، فإنها تبقى المادة الخام التي يمكنك - إن شاء الله - أن تصنع منها شيئا مبهرا.. حفنة تراب ثقيلة، فيها من كريم الأحجار ونفيس المعادن ما الله به عليم.
فدعنا نتوقف قليلا عن هذه الألعاب السخيفة، قد مللتها.. أنصحك ونفسي بواحدة.. أن تقف أمام صفحة المرآة الباردة وتسأل ذلك الذي في الجهة الأخرى.. هل أنتَ هو.. أنا ؟
رفعت خالد
