اخي العزيز
وعدتك بان ارد عليك و اليك ردي فيما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم
الرد على مقال المسرحية الكبرى
اخي العزيز كاتب المقال المحترم
وصلني ردك مشكورا و اؤكد لك ليس الامر هو مجرد مساجلات و لكنه من الاهمية بمكان ان يجعلنا ان نتأنى حين نستقي و نشرب الاحداث و ليتها تذهب مباشرة الى بطون امعائنا و لكن الكارثة الكبرى هي حين ذهابها الى لب العقول و مجريات الدم و الافكار فيها مما يحصل الافتراق في الطرق المؤدية الى ما يرتبط بتقبلها و طبيعة و امكانات العقل و التحليل لناس تقبلها مما يجعلنا جميعا ان نضع نصب اعيننا مسؤولية الامور امام الله وامام انفسنا و من ثم التاريخ و الناس اجمعين ان صحت مكانتنا ان تكون في هذا المستوى و نحمد الله انها ليست كذلك و لكن لك ان تتصور اخي العزيز مسؤولية اولي الامر من اصحاب الاقلام الذهبية المتربعون على مصادر غش و تضليل الآخرين سائلا الله ان لا يكون احدنا منهم.
و اليك اختصارا ما يفند عدم دقة تحليلك لموضوع مسرحية القاء القبض على صدام حسن:-
مبدئيا و بالرغم من كون هذا الموضوع قد يأخذ احتمالات متعددة فاننا نستطيع التركيز على ما يلي لاستنباط صورته المهمة و الخادمة اكثر لعقولنا و ثبات ايماننا و هي كالآتي:
1. ان مبدأ الخيانة المتعارف عليه ان يكون مقابله ثمن يتناسب مع طبيعة و اهمية موضوعه و قمته تصل الى امتلاك العروش و قتل الشعوب مقابل الاستمرار في كبح جماح اي تقدم من شانه ان يكون عامل نهوض و استشراق يقف حائل دون ان يحقق الاعداء مآربهم التي لا تعد و لا تحصى, و هذا يتناقض مع الثمن الذي استلمه صدام حسين كما نعرفه انا و انت و الآخرين و لا اريد ان ادخل في تفصيله.
2. لو قلت جدلا بانني سوف اغمض عيني عن كل شيء فان صدام حسين يبقى الرجل المطلوب ضمن التسلسل الاول لرجال يطلبهم اعداء الامة و الدين برغم اختلاف مفاهيم العقيدة و اولياتها بين الواحد و الآخر و تعتبر هذه الجهات مسالة القبض و من ثم القضاء عليه مسألة جوهرية لهم مما يعني لنا بالمقابل انكسار و هزيمة بغض النظر عن اوليات و تفصيل السوء الذي قد يكون مرتبطا بشخص صدام حسين فكيف و الامر قد تعدى الى ان يضرب عقر الصهيونية بتسعة و ثلاثون صاروخ آخذين بعين الاعتبار ان اعدائنا لهم خطوط حمراء لا تتعدى هذا الامر الا في استثناءات تكتيكية قد تحصل بها تضحيات محسوبة من قبلهم مع الخونه الآخرين و هذا يتناقض مع ستراتيجية القيادة العراقية و التي امتدت لفترة طويلة و ثابتة الى حد ما.
3. ان موضوعة صدام حسين تبقى عزيزة علي رغم كل ما عرفت عن نظامه من الصرامة و الحزم الشديد الذي وصل في كثير من جوانبه الى ظلم يعلمه و لا يعلمه و رغم كل ما سمعته عنه من الاخرين و هو الذي لو اراد لبقى ملكا على العراق لا ينازعه احد شرط ان يعلن الولاء لليهود و اتباعهم و يدع العلم اليهودي يرفرف في بغداد و نفط العراق يزف الى اميركا و اوربا بالبلاش كما يفعل الآخرون.
4. موضوع النخلة و الرطب لا انكره عليك بانه مؤشر مهم و لكن دلالاته تبقى متعددة قد لا ترتبط باتفاقه معهم كاحتمال واحد مطلق و لكنها تتعدى الى امر يرتبط بقرارات الاعدء و هو رجل اسير اخذ بالتخدير و كبر السنين التي يحملها و منها اكثر من عقدبن من السنين حمل فيها مسؤولية المواجهة العسكرية بالنيابة و حضور السيد الاكبر للمنازلة الاخيرة و بعد حصار اكل الاخضر و اليابس في بلد هو اغنى بقاع الارض على الاطلاق مما يفسر لك اي عدو نواجه وباي مستوى و دراية و قسوة و صبر و دهاء مطلوب منا لمواجهته. كما ان كون العراق البلد الاول في النخيل فان لديه نوع من التمور التي تستمر في اثمارها و بسمى (رجيعي) فما يدريك فلعل الامر كذلك فهل تستطيع ان تثبت لي و لنفسك عكس هذا الامر.
اخي العزيز...ان المسافة بين الايمان بحتمية انتصار هذه الامة و واقعها المرير يتطلب منا جميعا ان نرفع من شأن اي حالة لها من الفعل و الصدى المؤثر على اعدائنا و يقف حائل دون وصولهم الى ما يريدون.
و ليت لي من الاسهاب ما يجعلني ان اطيل في هذا الموضوع و لست هنا بصدد الدفاع عن شخص صدام حسين بذاته رغم اهمية شخصه بقدر ما تمليه علينا ضمائرنا و عقولنا و متطلبات النهوض بهذه الامة من مسؤوليات جسام تجعلنا ان نتوخى الدقة في الحكم و التحليل و الاحكام و لا يمكن لي و لا لاي عربي شريف ان تكون فرحته بل حتى وجهة نظره من الامر ما يجعلها مقاربة او حتى مصادفة لتلك التي يفرحها رجل مثل شارون او بوش او ما شاكل امثالهما من الملعونين.
و لا ازيد و لكن اذا ما زلت مصرا على رأيك فانني اقترح عليك ان تجعل نموذج صدام حسين في الخيانة قدوة تدعوا لها كثير من الآخرين فلعلهم يحصدون الذي حصد من ورائها و يقبلوا ان يتنازلوا عن العروش و تشرد نسائهم و اولادهم فانها حقيقة طريقة رائعة و اسهل كثيرا مما هم عليه من اتباع و تلهف لناصيات الامور. و لنتذكر جميعا ان من حكمة الله ان جعل البخيل محروما و حارما من ماله على ألاخرين الا اولاده المقربين.
لهذا ابقى لا اسمح لنفسي بان اقيم هذا الرجل كما يفعل الاخرون بل ان لي من الاحساس العميق بان لهذا الرجل الشان العظيم و سيبقى المدرسة الاولى و الكبرى للشجاعة و الاباء في زمن قل فيه الرجال و هيهات لك ان تجد فارسا بينهم و ان كان في سجن قضبانه من حديد فكم من الاسود تزأر في سجونها و اهلهم يرقصون و ان مات فهل سنتاكد من خيانته؟! نحسبه شهيدا عند الله فما يدريك فلعل الله يغفر له لوقفته هذه و ليس لي الا ان اقول انا لله وانا اليه راجعون.
د.علي التويجري
19/12/2003
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة DIE4LOVE