السلام عليكم
أعتذر كثيراً عن تأخري للتواجد هنا ...
وأحببت أن أشارككم بما وجدته اليوم ...
النقد الأدبي و مذاهبه
تعريف:
يعرف النقد الأدبي على أنه دراسة للأعمال الأدبية و الفنية، تحليلها و مقارنتها بأعمال أخرى مشابه لها، وإخضاعها لمعايير القوة والضعف، الجمال والقبح و من ثم الحكم على قيمتها و درجتها .
فالنقد إذن هو:- تقييم للنصوص الأدبية والأعمال الفنية و تقدير قيمتها بنفسها و درجتها مقارنة مع غيرها.
لمحة تاريخية:
تاريخ النقد موغل في القدم، ترجع باكورتها الى العهد اليوناني، فقد كان تقييم الآثار قائما على الأذواق الفطرية، لعدم وجود أسس نقدية ثابتة يبني عليها النقاد أحكامهم، و كان تدوين الإلياذة والأوديسة أوّل البذور لأيجاد هيكل للنقد والدراسة.
ثم في عهد متقدم من تطور الشعر التمثيلي في أثينا قفز النقد قفزته النوعية الأولى، حيث شكل موضوع الشعر التمثيلي في نقد الحياة أداة أتاحت للنقاد تناول اللآداب والفنون بنظرة أشمل وأعمق. ثم تميزت في القرن الخامس والسادس ق.م. حركة فلسفية أعلنت ثورة الشك على الأفكار المتوارثة من الوثنية، فبدأ الفلاسفة بتفنيد الفكر السابق و احتدم الجدل فيما بينها،، وظهرت حركة التجديد في الأدب و خاصة أدب المآسي. و ألفت قصص تهدم المذاهب السابقة و تنقدها، واشتهرت منها قصة الضفادع لارستوفان سنة 406 ق.م. و تشبه الى حد ما رسالة الغفران لأبي العلاء المعري. ثم أزدهر عند اليونانيين النقد الفلسفي الذي اعتمدت عليه آداب اليونان والرومان وانتقل للأدب العربي القديم والأوروبي الحديث.
النقد عند العرب:
كان للنقد عند العرب حظا وافراً في ملاحظات الشعراء التي اعتمدت على الفطرة السليمة والذوق المتطور، و ازدهر في الأسواق الأدبية كسوق عكاظ، فتناولوا نقد اللفظ والمعنى المبني على انفعال وانسياب العاطفة، دون وجود مبادئ و معايير محددة. ثم تطور النقد في عهد جرير والأخطل و الفرزدق و شعراء الغزل من البادية والحضر كجميل بثينة و كثير عزة و نصيب وابن أبي ربيعة. و بالأضافة الى فنونهم ظهر نقد نحوي قاده النحاة من علماء البصرة و الكوفة، اعتمد على تحليل العلاقة بين النحو واللغة والعروض. و في القرن الرابع بلغت حركة الشعر ذروتها و بلغ النقد القديم تطوراً عظيما في غايته و شموليته و عمقه، و تميز بخلوه من الآراء الفلسفية. و ذلك لارتقائه وتفرده بطائفة النقاد الأدباء و تطور الذوق عندهم الى درجة رفيعة، فكان نقدهم عميقا واسع الأفق، امتاز بتحليل مختلف الظواهر الأدبية و الحكم عليها بإعادتها الى جذورها. وفي هذه الحقبة اشتهرت مؤلفات نقدية قيمة، منها:
أخبار ابي تمام للأصولي، و الموازنة بين الطائيين للآمدي، و الوساطة بين المتنبي و خصومه القاضي الجرجاني، و العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده لأبن رشيق القيرواني، والمثل السائر في أدب الكاتب والشاعر لأبن الأثير.
النقد الأدبي في العصر الحديث:
يتبع: النقد الأدبي المعاصرو مذاهبه:
النقد الأدبي المعاصر
تميز النقد الأدبي المعاصر بتعدد قضاياه و سعة مداه، و كان له اتجاهات عدّة، نذكر منها أربعة كما يلي:
أولاً: الاتجاه الفني
يركز الاتجاه الفني في النقد الأدبي على تحليل النص من حيث تركيبته الفنية، و باقي العناصر كالتاريخية و النفسية تخدم الغرض الرئيس كعوامل مساعدة فقط.
يعدّ الأتجاه الفني ركيزة لا يمكن للاتجاهات الأخرى الاستغناء عنه، و لا يكون لدراسة الأدب معنى إذا افتقر للتقييم الفني، و تتحول الدراسة بانعدامه إلى وثيقة ربما يطغى عليها الصفة الاجتماعية أو النفسية أو اللغوية أو الفكرية؛ و لهذا كان لهذا الاتجاه أهمية كبرى في إضفاء الصبغة الفنية المؤسسة على النص موضوع الدراسة.
و يؤخذ على الاتجاه الفني، تركيزه على العوامل الجمالية الفنية، مما يحرف الدراسة عن تقييم المضمون؛ فنرى بعض النقاد يرفعون من قدر النص و يكون فيه الكثير من الإجحاف على القيم الاجتماعية والدينية والمبادئ والأعراف، و دعواهم أنه يقيم الجانب الفنّي فقط، فيكون أداة لنشر السلبية. و ممن اعتدوا بالجانب الفنّي عباس محمود العقاد و زكي مبارك و يحيى حقي و غيرهم.
وهناك العديد من المظاهر التي تتعلق بنقد الأدب العربي، و تنحصر أغلبها في نقد لفظي أو معنوي أو موضوعي، ويطوي النقد اللفظي ما يتعلق باللغوي والنحوي والعروضي و البلاغي.
و من المعنوي ما يتعلق بإبتكار المعاني وتعميقها و توليدها وتوليفها بالخيال، في لوحة فنية، تبين العاطفة صادقة هي أم مصطنعة
أما الموضوعي فمجالاته لا حصر لها تليق بكل مقام و مقال.
و في عصرنا الراهن، تتميز درجتين للنقد:
أولاً: الدرجة السريعة
موضوعها النصوص الأدبية التي تنتشر في الصحف والمجلات، و تمتاز بأنها وصفية تعتمد على ملاحظات سريعة، طبقاً لروح العصر،( و أضيف إليها المشاركات الجادة فيما ينشر في المنتديات الأدبية) ، تعين القارئ في معرفة ما هو جاد من الكتب أو الآثار الأدبية الأخرى.
ثانياً: الدرجة المتأنية
و هي أعمق من الأولى، و أبقى إذا امتازت بالجدية بهدف الرقي و نشر المفيد بين القراء، و تعتمد على التحليل العميق و الثقافة الواسعة، والتفكير السديد والمقارنة الشاملة، و تنتج خلاصة واضحة للأعمال الأدبية، و يكمل ما ينصها و يفتح مجالات أخرى للبحث والتحليل المتعلق بالموضوع ذاته.
شروط الناقد
بني النقد الأدبي على أعمدة و أسس علمية، و أطلق عليها اصطلاحا، الشروط التي يجب أن تتوفر في الناقد:
1- الذكاء والخبرة: و هي قاعدة عريضة، تشمل إلمام الناقد بمعرفة أدبية شاملة للنص الفني، ثم بما يتعلق به من فنون وموضوعات أخرى. فالنقد لا تحكم قضاياه إلا إذا حكم الناقد مقاييسه الخاصة، واستعان بالمقارنة بمقاييس الفنون الأخرى، و يجب أن يكون الناقد ملماً بعصر الأديب و مستواه و سيرته.
2-المشاركة الوجدانية و تسمى بالتعاطف: فالناقد يجب أن يكون لديه القدرة على النفاذ إلى عقلية الأديب و عاطفته، و يتم تطبيق تبادل المواقف أي أن الناقد يضع نفسه في زاوية الأديب ويتقمس مواقفهم نحو التجارب التي تجود بها قرائحهم والفنون التي يبدعونها، ليرى بعينه و بصيرته ما رأته أعينهم، و يسمع بأذنه موسيقاهم و شجونهم، كي يدرك ما تاقت أرواحم للوصول إليه. فيتحرر من جسده و يتقمس ذات الأديب شخصيته ليحيا بيئته و يندمج بأعماله.
و هذه من أصعب المشاركات، فيجب على الناقد أن يتجرد من ميوله و ذوقه، و ينقطع عن الأدباء الآخرين، بتحييد المشاعر السلبية والإيجابية. و يتحرر من المبادئ والقيم المتعلقة بالآداب الأخرى، و يحول دون أن تؤثر في نقده.
و ينطوي بهذا المبدأ أيضاً التحرر من القومية والجنسية والحزبية و ما شابه ذلك من العوامل و الأهواء التي تشوه حقيقة النص قيد البحث.
3-الذاتية أو الفردية: و هي العودة الى النفس و التحرر من جاذبية الأديب نحو فضاء الذات. وهنا يقدّم الناقد ذوقه الخاص و مقاييسة الذاتية كأدوات حكم، فيقدم إضافة للمشاركة العاطفية السابقة، طعمه فيما تذوق من فنون، فلا يصرفه ذلك عن سلامة الرأي والعدل في الحكم. وهو مزيج من الذوق الذاتي والخبرة الشاملة أو من المواهب الشخصية التي تعكس الآثار الأدبية في قالب محدد ثم تتذوقها و تحكم عليها. وهنا تضفي الذاتية للناقد التميز والابتكار و الطرافة و قوة اليقين .