كما تفضل الأخ الفاضل الهوفي .. فالكاتب مثل الإسلام بالإطار .. فما كان من عمل داخل الإطار فهو من الإسلام .. و ما جاوز الإطار فليس من الإسلام في شيء ..
و قد ذكر أن من جاوز هذا الإطار هم الخوارج بمعتقدهم الضال و تبعهم الكثيرون .. و كان هذا واضحاً جلياً في بدايات مقاله .. حيث جاء فيه :
* وأمام هذه المبادئ الراسخة في نفس كل مسلم، نجد أن بعض الأفراد حاولوا أن يتخطوا هذا الإطار المسيّج بالتعاليم والأحكام الإسلامية ليرسموا لهم إطاراً آخر باسم الإسلام، فاختلفت توجهاتهم وآراؤهم ومواقفهم عنه، وبالتالي أصبحوا خارجين عنه كما يخرج السهم من الرمية.
ومن النماذج الشاهدة على هذه الأفكار الشاذة، أفكار الخوارج، وأصحاب العنف والتطرف، والإرهابيين المنظرين لممارساتهم الخاطئة، فكانت النتائج التي كان عليها أصحاب هذه الأفكار أنهم حولوها إلى مشروعات تحت مسميات متنوعة، بعضها باسم الدين، والبعض الآخر باسم الإصلاح، والغالبية لتحقيق مشروعهم السياسي أو الاجتماعي الذي يسعون إليه من حكم العالم، والسيطرة عليه *
ففعل الصديق رضي الله عنه كان داخل الإطار .. حسب شرع الله و وفق سنة نبيه صلى الله عليه و آله و سلم .. و أما الخوارج و من ماثلهم فقد خرجوا عن هذا الإطار .. و فعلهم ليس من الإسلام في شيء ^_^
و قد وضح قبل شروعه في السرد التاريخي أن الفكر الإرهابي ابتدأه الخوارج :
* نتحدث فيها عن جذور الفكر الذي قاد إلى الإرهاب كسلوك، بدءاً من فكر الخوارج والمكفرين، ومروراً بفكر المتطرفين الغلاة، وانتهاءً بأفكار المنظرين لفكر الإرهاب الجديد،*
و هذا نفي صريح لأي علاقة بمنهج الصديق رضي الله عنه بالمنهج الإرهابي كما سماه الكاتب .. و ما كان من ذكر لما حدث مع الصديق و المرتدين ما هو إلى تسلسل تاريخي لا يقصد فيه الكاتب الطعن أو إرجاع السبب إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه ..
فلو تمعنا جيداً في كلامه القائل فيه :
* منهج التكفير
لم يخرج فكر التكفير إلى الوجود بغتة، بل إن له جذوراً وسوابق في التاريخ الإسلامي، ولعل أول وأهم واقعة تاريخية عبرت عن ميلاد فكرة التكفير في الإسلام هي «حروب الردة» التي خاضها الخليفة أبو بكر الصديق في مطلع عهده، حيث عني تكفير المرتدين وقتالهم بالسيف حكماً قاطعاً بتراجعهم عن ملة الإسلام، وخروجهم عن عقيدته، وهو الأمر الذي حسمه الخليفة الأول أبوبكر الصديق - رضي الله عنه - محتسباً عصيان المرتدين عن دفع الزكاة تمرداً على الدين، لا على السلطة فحسب، باعتبار أن الزكاة من أركان الإسلام الأساسية، وبذلك تكون «حروب الردة» أول بيان رسمي يعلن ميلاد أيديولوجيا التكفير، ويقرن التعبير عن حكم التكفير بقتال الجهة التي يشملها الحكم اياه *
لوجنا هذا أن هذا كلام تاريخي صحيح .. و فعل سليم .. و الكاتب لم يجرِّم الفعل و لم يقدح فيه بشيء .. بل ذكر أنه فعل صحيح من منطلق عقيدي صحيح لا تشوبه شائبة و لا تردد فيه ^_^
و أما عن مسألة ( أيديولوجية التكفير ) -- و التي يقصد بها الكلام المحدد باللون المخضر ( كما فهمتُ ) من تكفير ( حيث اعتبر الصديق رضي الله عنه منع " المرتدين " للزكاة كفراً ) و ذلك يقتضي قتالهم تنفيذاً لكلام الرسول صلى الله عليه و آله وسلم : من بدل دينه فاقتلوه -- فهي حدث تاريخي صحيح أيضاً .. فأول من بدأ هذا الأمر هو الصديق رضي الله عنه .. فكأن الكاتب يقول : أول من سن أمر التكفير و قتال أصحابه هو الصديق أبو بكر رضي الله عنه ( و ذلك لا يعني خطأ فعله رضي الله عنه ) فهي سنة حسنة ^^ ..
لكن من جاء بعده حرفوا هذه السنة .. فهم أجروها على ما يريدون .. فنجد نفس المنهج متبعاً عن الخوارج .. فهم يقاتلون المسلمين ..
لماذا يقاتلون المسلمين ؟
الجواب : لأن المسلمين مرتدون ( في نظرهم ) ..
من أول من سن قتال المرتدين ؟
الجواب : أبو بكر الصديق رضي الله عنه ..
فهم أخذوا المنهج و المبدأ .. بيدَ أنهم طبقوه على المسلمين .. و لذلك نجد أن الكثيرين منهم رجع إلى الإسلام حين ناظرهم حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنه .. مبيناً لهم أن علياً رضي الله عنه لم يخالف أمر الكتاب و السنة ===> علي و من معه ليسوا مرتدين ===> رجعوا عن قتالهم لانتفاء الدافع ^^ ..
فهذا سببُ ذكر الكاتب في التسلسل التاريخي لحادثة المرتدين و تصرف الصديق معهم ^_^ .. فالخوارج أخذوا نهج الصديق ( أو كما سماها الكاتب : أيديولوجية التكفير ~_~ ... لا أحب هذه الكلمات المنمقة .. و سأستعيض عنها بكلمة " منهج " أو " مبدأ " ) مطبقينه على المرتدين ( حسب ضلالاتهم ~_~ )
نرى هذا في كلامه الآتي .. حيث يقول :
* ثم بدأ التكفير - في طوره التاريخي الثاني - بظهور فرقة «الخوارج» الذين رفعوا شعار «لا حكم إلا لله» وكفروا كل من ارتكب كبيرة وأصر عليها ولم يتب منها، وكفروا الحكام، والعلماء الذين لم يكفروا هؤلاء الحكام، وكفروا كل من يخالفهم رأيهم وتوجههم، فكانت النتائج المتسارعة لهذا الفكر في هذه المرحلة تكفير الخليفة الثالث عثمان بن عفان - رضي الله عنه - وقتله، ثم تكفير علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وقتله، وهكذا استمرأ هؤلاء «الخوارج» قتل عدد من الصحابة، بعد أن تحينوا فرصتهم للوجود.. *
فهاهو ذا يربط الأصل فقط و لا يربط الفعل .. فنجد هنا توابع الضلال في فكر الخوارج قد أدت ( كما يقول الكاتب ) إلى مقتل ذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه و علي بن أبي طالب رضي الله عنه و عدد من الصحابة ..
و دعنا نكمل قول الكاتب :
* وبرز فكرهم ظاهراً ليتسلل إلى فكر الأمة الإسلامية في أطوار متعددة من تاريخها، فمن تكفير المرتدين إلى تكفير «مرتكب الكبيرة» إلى تكفير بعض الفرق من الباطنية والطرق الصوفية وأصحاب البدع، حيث تدرجت فكرة التكفير وتنامت، وجربت تمرين نفسها على حالات متباينة *
فالضمير في كلمة ( فكرهم ) عائد على الخوارج .. ففكر الخوارج الضال تسلل إلى فكر الأمة الإسلامية ( كما يقول ) .. و اسمح لي بإضافة بعض الجمل في الدليل الذي تفضلتَ أخي الفاضل الكوبرا بذكره ^_^' :
* فمن تكفير المرتدين -- الذي لا غبار عليه -- إلى تكفير «مرتكب الكبيرة» -- الذي ابتدعه الخوارج -- إلى تكفير بعض الفرق من الباطنية والطرق الصوفية وأصحاب البدع *
^_^
و الكاتب في جميع مقاله يتكلم عن الخوارج و من تبنى فكرهم ..
و كما قلتُ سابقاً .. أمر الصديق لم يكن إلا أصلاً أخذه الخوارج و حرفوه ليبيحوا قتل مخالفيهم .. كأن يقول أحد :
الدين النصراني هو امتداد لما جاء به نبي الله عيسى عليه السلام ( غير أنه محرف من الأصل )
فهذا القول ( عن النصرانية ) لا قدح فيه في النبي عيسى عليه السلام و لا ما جاء في دينه و لو لم يذكر أمر التحريف ^_~ .. و هذا هو نفس كلام الكاتب ^_^ ..