
رسم يوضح طبقات الأرض السبعة، ونلاحظ فيه قشرة رقيقة ثم يليها أربع أوشحة متدرجة السماكة ثم تأتي النواة الخارجية السائلة والنواة الداخلية الصلبة، ويكون المجموع سبع طبقات وهذا الرسم جاء على يد علماء غير مسلمين، ولم يقرأوا القرآن، ولكنها حقائق العلم اليقينية التي جعلتهم يقسمون طبقات الأرض إلى سبعة.
طبقات الأرض السبعة تختلف اختلافاً جذرياً من حيث تركيبها وكثافتها ودرجة حرارتها ونوع المادة فيها. ولذلك لا يمكن أبداً أن نعتبر أن الكرة الأرضية طبقة واحدة كما كان الاعتقاد سائداً في الماضي. وهنا نجد أن فكرة الطبقات الأرضية هي فكرة حديثة نسبياً، ولم تكن مطروحة زمن نزول القرآن الكريم. هذا ما يقوله لنا علماء القرن الحادي والعشرين، فماذا يقول كتاب الله تعالى؟
في رحاب القرآن الكريم
يتحدث البيان الإلهي عن الطبقات السبع للسماء والأرض في آيتين في قوله عزّ وجلّ:
1- (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا) [الملك: 3].
2- (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ) [الطلاق: 12].
لقد حدّدت لنا الآية الأولى صفتين للسماوات وهما: عدد هذه السماوات وهو سبعة، وشكل السماوات وهي (طِبَاقًا) أي طبقات بعضها فوق بعض كما نجد ذلك في تفاسير القرآن ومعاجم اللغة العربية. أما الآية الثانية فقد أكدت على أن الأرض تشبه السماوات فعبَّر عن ذلك بقوله: (وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ). فكما أن السماوات هي طبقات، كذلك الأرض عبارة عن طبقات، وكما أن عدد طبقات السماوات هو سبعة، فكذلك عدد طبقات الأرض هو سبعة أيضاً.
وهنا نتوقف عند قوله تعالى: (طِباقاً)، والتي توحي بوجود طبقات، وهذا ما اكتشفه العلماء اليوم من أن الأرض عبارة عن طبقات أي Layers وهذا يقودنا إلى الاستنتاج بأن القرآن قد حدّد شكل الأرض وهو الطبقات، وحدد أيضاً عدد هذه الطبقات وهو سبعة، بكلمة أخرى إن القرآن حدّد التسمية الدقيقة لبنية الأرض وهي الطباق أو الطبقات. أي أن القرآن قد سبق علماء القرن الواحد والعشرين إلى الحديث عن حقيقة الأرض بأربعة عشر قرناً، أليست هذه معجزة قرآنية مبهرة؟!
في رحاب السنّة المطهرة
ولو تأملنا أحاديث الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام وجدنا حديثاً يؤكد وجود سبع أراضين، أي سبع طبقات تغلف بعضها بعضاً. يقول صلى الله عليه وسلم: (مَن ظَلَم قيد شبر من الأرض طُوِّقه من سبع أراضين) [رواه البخاري]. وهنا نجد أن الرسول الكريم قد فسّر صفة الطباق بصفة ثالثة وهي صفة الإحاطة بقوله عليه صلوات الله وسلامه: (طُوِّقَهُ من سبع أراضين) والتي تعني التطويق والإحاطة من كل جانب كما في معاجم اللغة، وهذه فهلاً هي حقيقة طبقات الأرض التي يطوّق بعضها بعضاً.
والسؤال هنا: أليست هذه معجزة نبوية عظيمة؟ أليس هذا الحديث الشريف يحدد عدد طبقات الأرض وهو سبعة، ويحدد شكل هذه الطبقات وهو التطويق والإحاطة، بل وفي هذا إشارة إلى الشكل الكروي أو القريب منه أي أن الحديث الشريف يتحدث عن كروية الأرض؟
إذن القرآن الكريم والسنّة النبوية قد سبقا العلم الحديث لهذه الحقيقة العلمية. بل إن القرآن قد أعطانا التسمية الدقيقة لحقيقة تركيب الأرض من خلال كلمة (طباقاً) وأعطانا العدد الدقيق لهذه الطبقات وهو سبعة، بينما العلماء استغرقوا سنوات طويلة وغيروا نظرياتهم مرات عدة ليخرجوا بنفس النتائج الواردة في كتاب الله وسنة رسول الله. فسبحان الله العلي العظيم القائل في كتابه المجيد: (وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ؟) [الذاريات: 20-21].
ونتذكر أخيراً أن الله تعالى قد أودع في ثنايا هذا الكون إشارات رقمية سباعية تدل على وحدانية الخالق عز وجل، فقد اقتضت مشيئة الله أن يجعل كل ذرة من ذرات الكون عدد طبقاتها سبع، ويجعل عدد أيام الأسبوع سبعة، هذا في الدنيا أما في الآخرة فقد أعد الله تعالى لمن يكذب بقرآنه وآياته نار جهنم وجعل لها سبعة أبواب.
ومن عجائب القرآن التي تثبت صدق ما جاء فيه، أن كلمة (جهنم) تكررت 77 مرة من مضاعفات الرقم سبعة، ولو بحثنا عن عبارتي (سبع سماوات، السماوات السبع) نجدها قد تكررت سبع مرات في القرآن كله. فسبحان خالق السماوات السبع!
بقلم الدكتور عبدالدائم الكحيل