المنتقمون والببر
على الرغم من القضاء على الإخوة (Zhang) إلا أن جمرة أصحاب الشارات الصفر مازالت تحترق، فقد قام ثلاثة من الثوار(Sun Zhong, Han Zhong, Zhao Hong) بتجميع حوالي ثلاثين ألف مقاتل وقاموا بأعمال نهب وسرقة إحراق في مناطق مختلفة من أرجاء البلاد وأطلقوا على أنفسهم "المنتقمون للمعلم ( Zhang Jue)".
قام القصر بتكليف القائد الناجح (Zhu Jun) وجيشه المتمرس للقضاء على الثوار، فقام على الفور بالتحرك إلى مدينة (Wancheng) التي كانت بحوزة الثوار، وعندما اقترب منها خرج (Han Zhong) لمواجهته، فأمر (Zhu Jun)؛ (Liu Bei) وأخواه بالالتفاف والهجوم على الجزء الجنوبي الغربي من المدينة، وفي الحال تحرك (Han Zhong) بأفضل رجاله وعاد للدفاع عن المدينة، وهنا قاد (Zhu Jun) ألفي فارس مدرع للهجوم على الجهة المقابلة، وعندما ظن الثوار أن المدينة قد تسقط من أيديهم تركوا مواقعهم في الجزء الجنوبي الغربي وتحركوا إلى وسط المدينة لمساندة المدافعين، فقام (Liu Bei) بمطاردتهم والضغط عليهم بقوة حتى دحرهم وقضى عليهم كليا، وتمت السيطرة على جميع انحاء المدينة ما عدا وسطها حيث يقبع الثوار مع مجموعة من الرهائن، فضرب عليهم الحصار حتى كادوا يهلكوا من الجوع، فأرسلوا رسولهم ليعرض الاستسلام ولكن (Zhu Jun) رفض هذا العرض.
فتدخل (Liu Bei) قائلا: " لو كان (Liu Bang) الجد الأكبر للأسرة المالكة (Han) ومؤسس المملكة في مثل هذا الموقف، لقبل العرض واستجاب للثوار، فلماذا ترفضه؟" فأجابه (Zhu Jun): "إن الظروف مختلفة، في الأزمان الغابرة كانت الفتن والفوضى منتشرة، ولم يكن هناك حاكم مستقر يخضع له الناس ويذعنون، ومن أجل ذلك كان الاستسلام مقبولا، بالإضافة إلى صرف المكافآت على الناس لاستمالتهم وكسب ودهم، أما الآن فالإمبراطورية موحدة، وأصحاب الشارات الصفر هم الثوار الوحيدين على الساحة، وإن قبول استسلامهم لا يعني تشجيعهم على الصلاح، فأن تطلق اللص بعد أن تقبض عليه يعني إعطاؤه فرصة أخرى ليسرق، وقبول استسلام الثوار حين يهزمون يعني تشجيعهم على مزيد من الثورات، إن رأيك ليس في محله"، فرد عليه (Liu Bei): "عدم قبول استسلام الثوار هذا أمر جيد، ولكن المدينة محاصرة بالكامل وكأنها مطوقة بأسطوانة من الحديد، فإذا ما تم رفض عرض الثوار فإنهم سيقنطون ويتسلل اليأس إلى قلوبهم وبذلك سيقاتلون حتى الموت، ولن نستطيع عندها أن نصمد أمام عشرة آلاف من هؤلاء الرجال، وأكثر من ذلك فإن المدينة تحوي ضعف هذا العدد من الناس الذين شارفوا على الهلاك، دعنا ننسحب من إحدى زوايا المدينة ونهاجم الزاوية المقابلة لها، وبدون أدنى شك سيقوم الثوار بالهرب ولن تكون لهم أي رغبة في المقاومة وعندها سنقضي عليهم".
وافق (Zhu Jun) على هذه المشورة وقام باتباعها، وكما كان متوقعا فقد هرب الثوار من المدينة ويتزعمهم (Han Zhong)، وتمت مطاردتهم من قبل جيش الإمبراطورية وقتل (Han Zhong)، وهزم الثوار وتشتتوا في جميع الجهات كل يريد االنجاة بنفسه، وفي تلك الأثناء وصلت النجدة بقيادة الثائرين (Zhao Hong)و(Sun Zhong) وكانت أعدادهم ضخمة جدا ويبدون أكثر قوة وصلابة مما دفع بجيش الإمبراطورية إلى الانسحاب من المدينة، فوقعت في أيدي الثوار مرة أخرى.
أقام (Zhu Jun) مخيما يبعد ثلاثة أميال من المدينة وبدأ يستعد للهجوم حين وصل جيش من الفرسان والخيالة قادم من الشرق، وفي طليعتهم قائد عريض الوجه، له بنية جسمانية قوية كدب ضخم، ومفعم بالنشاط كالببر*، اسمه (Sun Jian)، مواطن من مدينة(Fuchun) والتي هي جزء من مقاطعة (Wu)، وهو أحد أحفاد الخبير الحربي (Sun Tzu) صاحب كتاب (The Art of War) أحد أشهر الكتب المؤلفة في فنون الحرب.
في أحد الأيام كان (Sun Jian) يتجول مع والده قرب ضفاف نهر (Qiantang) حين شاهد مجموعة من القراصنة وقد نهبوا أحد التجار ويقتسمون الغنيمة فيما بينهم، فقال لوالده: " نستطيع إلقاء القبض على هؤلاء"، فاستل سيفه من غمده وأسرع الخطى إلى ضفاف النهر وهو يصيح يمنة ويسرة وكأنه ينادي رجاله للخروج، فدب الذعر في قلوب القراصنة وظنوا أن الجند سيحيطون بهم فولوا مدبرين تاركين الغنيمة خلفهم، واستطاع (Sun Jian) أن يقتل أحد القراصنة، وبهذه الطريقة اشتهر اسمه وتم تعيينه ضابطا، وكان يبلغ حينها سبعة عشر عاما.
وبالتعاون مع الضباط المحليين استطاع (Sun Jian) أن يكون فرقة من ألف مقاتل ساعدت في قمع ثورة (Xu Chang) الذي كان يلقب نفسه "ابن الإمبراطور" ويلتف حوله عشرة آلاف مقاتل، فقتل وقتل معه ابنه Xu Hao()، ونتيجة لهذه الخدمة الجليلة قام الحاكم الإمبراطوري (Zang Min) بإرسال مذكرة إلى القصر يشيد فيها ب( Sun Jian)، فتمت ترقيته وعين عمدة لبلدة(Yandu)، ومن ثم(Xuyi)، ومن بعدها (Xiapi).
عندما بدأت ثورة أصحاب الشارات الصفراستطاع (Sun Jian) أن يجمع مجموعة من شباب بلدته بعضهم من طبقة التجار ويكون جيشا تعداده ألف وخمسمائة من المقاتلين الأشداء، واتجه بهم إلى ساحة المعركة، والآن استطاع ان يصل إلى منطقة الصراع.
قام (Zhu Jun) باستقبال (Sun Jian) بكل طيب خاطر وأمره بالهجوم على البوابة الجنوبية لمدينة (Wancheng)، أما البوابتين الشمالية والغربية فستتم مداهمتهما معا من قبل (Liu Bei) و(Zhu Jun)، وسيتم تجاهل البوابة الشرقية لإعطاء الثوار فرصة للهرب، كان (Sun Jian) هو أول المقتحمين لأسوار المدينة واستطاع بسيفه أن يقطع عشرين محاربا، وهنا اتجه إليه القائد (Zhao Hong) وهو يلوح برمحه فوثب إليه (Sun Jian) وانتشل منه الرمح مما أدى إلى سقوطه من على ظهر الحصان، وامتطى (Sun Jian) الحصان وجرى به شرقا وغربا يقتل كل من يعترض طريقه.
هرب الثوار إلى الشمال فكان (Liu Bei) لهم بالمرصاد ولكنهم تجنبوا مواجهته وأخذوا بالفرار، وعندها سحب (Liu Bei) قوسه وانتزع سهما من كنانته أصاب به قائد الثوار (Sun Zhong) في مقتل، ودخلت القوات الرئيسية بقيادة (Zhu Jun) إلى المدينة وبعد مجزرة هائلة استسلم الثوار وتم النصر المؤزر لقوات الإمبراطور، وبهذا عم السلام أرجاء البلاد.
- - - - - - - - - - - -
* الببر: هو السنور المخطط الذي يستوطن آسيا ويطلق عليه خطأ النمر
- - - - - - - - - - - -
ترقبوا الأعضاء العشرة