السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ايها الاخوة الافاضل
براءة شخصية = ان العبد الفقير الى ربه الزاهد الورع لا ينتمي لاْي جماعة مما يذكر
كتاب
اسم الكتاب:سماحة الإسلام في التعامل مع غير المسلمين
المؤلف:أ. د. حكمت بن بشير بن ياسين
الصفحات:28
سماحة الإسلام في التعامل مع غير المسلمين
لم تقتصر سماحة النبي صلى الله عليه وسلم مع المسلمين فقط بل شملت أهل الكتاب والمشركين أثناء الحرب فقد أوصى بالقبط خيرًا وثبت عنه أنه قال : إذا فتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خيرًا ، فإن لهم ذمة ورحمًا .
وفي صحيح مسلم ستفتحون أرضًا يذكر فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيرًا فإن لهم ذمة ورحمًا .
قال النووي : وفي رواية ستفتحون مصر ، وهي أرض يسمى فيها القيراط ، وفيها : فإن لهم ذمة ورحمًا . . . " قال العلماء القيراط جزء من أجزاء الدينار والدرهم وغيرهما , وكان أهل مصر يكثرون من استعماله والتكلم به ، وأما الذمة فهي الحرمة والحق وهي هنا بمعنى الذمام ، وأما الرحم فلكون هاجر أم إسماعيل منهم وأما الصهر فلكون مارية أم إبراهيم منهم .
أما سماحته مع اليهود فعند ما قتل أحد الصحابة في أحد أحياء اليهود في خيبر فقد رضي وقبل صلى الله عليه وسلم يمين اليهود إذ أقسموا أنهم لم يقتلوه ولم يعلموا قاتله فقد أخرج البخاري بسنده عن بشير بن يسار قال : زعم أن رجلًا من الأنصار يقال له سهل بن أبي حثمة أخبره أن نفرًا من قومه انطلقوا إلى خيبر فتفرقوا فيها فوجدوا قتيلًا ، وقالوا للذي وجد فيهم : قد قتلتم صاحبنا ، قالوا : ما قتلنا وما علمنا قاتلًا ، فانطلقوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله انطلقنا إلى خيبر فوجدنا أحدنا قتيلًا ، قال : الكُبرَ الكبرَ ، فقال لهم تأتون البينة على من قتله ؟ قالوا : ما لنا بينة ، قال : فيحلفون ، قالوا : لا نرضى بأيمان اليهود ، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُطَّلَّ دمه " فوداه مائة من إبل الصدقة .
قال ابن حجر : قوله : ( باب القسامة ) بفتح القاف وتخفيف المهملة هي مصدر أقسم قسمًا وقسامة ، وهي الأيمان تقسم على أولياء القتيل إذا ادّعوا الدم أو على المدعى عليهم الدم ، وخصّ القسم على الدم بلفظ القسامة ، وقال إمام الحرمين : القسامة عند أهل اللغة اسم للقوم الذين يقسمون ، وعند الفقهاء اسم للأيمان ، وقال في المحكم : القسامة الجماعة يقسمون على الشيء أو يشهدون به ، ويمين القسامة منسوب إليهم ثم أطلقت على الأيمان نفسها ، قال القرطبي في المفهم : فعل صلى الله عليه وسلم ذلك على مقتضى كرمه وحسن سياسته وجلبًا للمصلحة ودرءًا للمفسدة على سبيل التأليف ، ولا سيما عند تعذر الوصول إلى استيفاء الحق ، وقال القاضي عياض : هذا الحديث أصل من أصول الشرع وقاعدة من قواعد الأحكام وركن من أركان مصالح العباد ، وبه أخذ جميع الأئمة والسلف من الصحابة والتابعين وعلماء الأمة وفقهاء الأمصار من الحجازيين والشاميين والكوفيين وإن اختلفوا في صور الأخذ به . . . ( فيطلَّ ) بضم أوله وفتح الطاء وتشديد اللام أي يهدر .
قال النووي عند شرحه لهذا الحديث : وفي هذا دليل لصحة يمين الكافر والفاسق واليهودي .
ولو تتبعنا المعاهدات التي صدرت عن النبي صلى الله عليه وسلم لوجدنا فيها ضروبًا من التسامح والموادعة والمساواة ، ومن هذه المعاهدات " إعلان دستور المدينة الذي اشتمل على سبع وأربعين فقرة منها ما يخص موادعة اليهود كما يأتي :
( 24 - إن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين .
31 - وإن ليهود بني ثعلبة مثل ما ليهود بني عوف إلا من ظلم وأثم ، فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته .
37 - وإن على اليهود نفقتهم ، وعلى المسلمين نفقتهم ، وإن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة ، وإن بينهم النصح والنصيحة والبر دون الإثم .
45 - وإذا دعوا إلى صلح يصالحونه ويلبسونه فإنهم يصلحونه ويلبسونه ، وإنهم إذا دعوا إلى مثل ذلك ، فإن لهم على المؤمنين إلا من حارب في الدين .
46 - وإن يهود الأوس مواليهم وأنفسهم على مثل ما لأهل هذه الصحيفة مع البر المحض من أهل هذه الصحيفة ، وإن البر دون الإثم لا يكسب كاسب إلا على نفسه ، وإن الله على أصدق ما في هذه الصحيفة وأبره .
47 - وإنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم أو آثم ، وإنه من خرج آمن ومن قعد آمن بالمدينة ، إلا من ظلم وأثم ، وإن الله جار لمن بر واتقى ، ومحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ) .
قال ابن زنجويه : وقوله : " إن اليهود يُنِفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين " فهو النفقة في الحرب خاصة ، شرط عليهم المعاونة له على عدوه ، ونرى أنه إنما كان يسهم لليهود إذا غزوا مع المسلمين لهذا الشرط الذي شرط عليهم من النفقة ، ولولا هذا لم يكن لهم في غنائم المسلمين سهم .
وقوله : " إن يهود بني عوف أمة من المؤمنين " إنما أراد نصرهم المؤمنين ، ومعاونتهم إياهم على عدوهم ، بالنفقة التي شرطها عليهم ، فأما الدّين فليسوا منه بشيء ، ألا تراه قد بين ذلك فقال : لليهود دينهم وللمؤمنين دينهم ، وقوله " لا يوتغ إلا نفسه " يقول : لا يهلك غيرها .
وقد قام بتحليل هذه المعاهدة مؤرخ السيرة أ . د . أكرم بن ضياء العمري ، وأنقل ما ذكره بخصوص اليهود فقال : قد تناولت البنود من 25 إلى 35 تحديد العلاقة مع المتهودين من الأوس والخزرج ، وقد نسبتهم البنود إلى عشائرهم من العربية ، وأقرت حلفهم مع المسلمين ، وإن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين" وقد وردت العبارة في كتاب الأموال " أمة من المؤمنين " مما جعل أبا عبيد يقول : " فإنما أراد نصرهم المؤمنين ومعاونتهم إياهم على عدوهم بالنفقة التي شرطها عليهم ، فأما الدين فليسوا منه في شيء ، ألا تراه قد بين ذلك فقال لليهود دينهم وللمؤمنين دينهم " أما ابن إسحاق فقد قال : " مع المؤمنين " وهو أجود ، ولعل ما في كتاب الأموال مصحّف ، وقد كفلت المادة رقم 25 لليهود حريتهم الدينية ، كما حددت مسئولية الجرائم وحصرتها في مرتكبها ( إلا من ظلم وأثم فإنه لا يوتغ - أي لا يهلك - إلا نفسه وأهل بيته ) فالمجرم ينال عقابه وإن كان من المتعاهدين ( لا يحول الكتاب دون ظالم ولا آثم) . . . كما أن المعاهدة امتدت بموجب البند رقم 45 لتشمل حلفاء المسلمين وحلفاء اليهود من القبائل الأخرى ، إذ شرطت المادة على كل طرف مصالحة حلفاء الطرف الآخر لكن المسلمين استثنوا قريشًا " إلا من حارب في الدين " لأنهم كانوا في حالة حرب معهم .
.....
لتحميل الكتاب:
http://alminbar.al-islam.com/BooksHardcopy/216.pdf