تنهار الولايات المتحدة كما انهار الاتحاد السوفياتي؟ (3) بقلم د.عبدالله النفيسي
تنهار الولايات المتحدة كما انهار الاتحاد السوفياتي؟ (3)
22/6/2002
بقلم د.عبدالله النفيسي
--------------------------------------------------------------------------------
فرق شاسع بين (الثورة) و(الدولة) وبين (الثوار) و(رجال الدولة)، المؤسسون الأوائل للدول تحركهم - في الأعم والأغلب - منطلقات ربما تكون مبررة ومقبولة، لكن بعد أن تتحول الثورة إلى دولة ويتحول الثوار إلى رجال دولة تتغير تماما الشروط الموضوعية والفنية للعبة ويتغير المناخ الأخلاقي والرسالي والسيكولوجي الذي يعمل ضمنه (الثائر سابقا) ويتعرض إلى ميكانيكيات عمل جديدة تحرفه عن نقائه وطهره لذلك قالوا أن القوة تفسد power corrupts، إذا حدث هذا - وغالبا ما يحدث - تتآكل مصداقية الدولة والعاملين فيها وتبدأ الانحدارة التاريخية نحو الانهيار التام. هذا ما حدث في الاتحاد السوفييتي وكان ما كان من انهيار، وهذا ما يحدث حاليا في الولايات المتحدة - التي تآكلت مصداقيتها التي وصلت قمتها أيام جون وودرو ويسلون - وسيكون لذلك نتائجه الخطيرة على الولايات المتحدة ككيان. التاريخ لا يرحم.
عندما وصل الشيوعيون إلى الحكم 1917 في موسكو كانت تحركهم الأفكار الماركسية والتوق إلى تأسيس مجتمع لا طبقي بعد المرور بمرحلة الاشتراكية والتي فيها تحكم طبقة البروليتاريا. لكن يقول ميلوفان دجيلاس Milovan Djilas(نائب الرئيس جوزيف تيتو رئيس يوغو - سلافيا الشيوعية) أنه عندما وصلنا إلى السلطة لاحظت أننا أصبحنا طبقة جديدة ذات امتيازات غير معنية بتأسيس المجتمع اللاطبقي حيث العدالة المطلقة التي كنا ننادي بها في مرحلة الثورة. (انظر كتاب الطبقة الجديدة The New Class لدجيلاس( ما كان من تيتو إلا أن أرسل رفيق سلاحه إلى السجن، وفي السجن كتب "أرض بلا عدالة"، وعندما خرج من السجن نشره فأعاده تيتو إلى السجن مرة أخرى، هكذا سنلاحظ أنه في مرحلة الثورة ضد النازي كانت الصفوف في الحزب متراصة لكن بعد الانتصار على النازي وتأسيس الدولة بدأ التلوث، نفس الشيء حدث في الاتحاد السوفييتي تهافت بين " الرفاق" Comrades على السلطة والقوة أدت إلى تأسيس نظام بوليسي في ظل ستالين ومحاكمات دموية وملاحقات واغتيالات أكلت الكثير من مصداقية المؤسسين وفرقت صفوفهم وشتت أفكارهم حتى وصلوا إلى مرحلة غورباتشوف وطرح مفهوم (اعادة البناء Perastroika) الذي كان بمثابة الضربة القاضية لسيطرة المركز (موسكو) على الأطراف ( بقية أراضي الاتحاد).
الآباء الأوائل للولايات المتحدة Founding fathers كانت تحركهم معركتهم مع الاستعمار والاحتلال البريطاني - وهي معركة مبررة تاريخيا وأخلاقيا - لكن ما الذي يحدث اليوم من طرف الولايات المتحدة؟ إنه عكس تماما لما قام به الآباء الأوائل، الولايات المتحدة اليوم - في سياساتها العامة - تقف مع الاحتلال وتتوسع في استخدام قوتها العسكرية - وتتمدد استراتيجيا أكثر من اللازم وهذا - حسب بول كينيدي ـ سيؤدي إلى سقوطها
http://152.160.23.131/alasr/content/...5D7BB3FB0.html
((وَاتَّقُوا يَومًا تُرجَعُونَ فِيهِ إِلَى الله ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفسٍ مَّا كَسَبَت وَهُم لاَ يُظلَمُونَ))