مـفـكرة الإسـلام: يشير مسؤولون إيرانيون بارزون إلى أن إيران وإن كانت تعارض بشدة فكرة هجوم تقوده أميركا ضد العراق إلا أنها ستبقى على الحياد خلال أية محاولة للإطاحة بالرئيس صدام حسين بالقوة.
وتقول الفايننشال تايمز رغم أن إيران أكدت معارضتها لطموحات أميركا المتعلقة بتغيير النظام في العراق إلا أن التصريحات الأخيرة للسيد محسن رضوي تعتبر أول تأكيد بهذا الوضوح من قبل مسؤول إيراني حول أن إيران لن تحاول معارضة الحملة العسكرية الأميركية بشكل عملي، ويقول رضوي الذي يقود الحرس الثوري منذ 16 عامًا: ستقوم الولايات المتحدة بمهاجمة العراق في نهاية المطاف حتى لو أذعن صدام حسين ووافق على عودة مفتشي الأسلحة الدوليين إلى بلاده، ورغم أن إيران تعارض مثل هذا التحرك تمامًا كما عارضت الهجوم على أفغانستان، إلا أنني أؤمن بأن إيران ستبقى على الحياد.
ويقول المحللون: إنه لا يجب النظر إلى تصريحات رضوي وكأنها ضوء أخضر من قبل طهران للولايات المتحدة للمضي قدمًا في مشاريعها، بل كإشارة على أن إيران لن تقدم لواشنطن الدعم التكتيكي هذه المرة كما فعلت العام الماضي خلال الحملة الأميركية في أفغانستان من خلال دعم التحالف الشمالي ضد حركة طالبان. وقد تحدث رضوي عن الإحباط العميق الذي تشعر به الحكومة الإيرانية من أداء الولايات المتحدة خلال حملتها في أفغانستان، وهو ما يعني استحالة التنبؤ برد فعل إيران على أي هجوم أميركي ضد العراق، ويقول: أن حكومتنا غير راضية مطلقًا عن تصرفات الولايات المتحدة في أفغانستان، خاصة وأنها تركت أثرًا سلبيًا على إيران، ففي حالة أفغانستان أظهرنا تعاونًا واضحًا في إطار الأمم المتحدة، ولكن الولايات المتحدة لم تتعامل معنا بشكل صحيح.
ورغم أن رضوي رفض توضيح تصريحاته بشكل أكبر، إلا أن الدبلوماسيين الأوروبيين في طهران يقولون أن تعليقاته تعكس مدى الإحباط الذي أصاب القادة البراغماتيين في البلاد من حقيقة أن تجاوبهم مع أحداث 11 سبتمبر وتعاونهم اللاحق مع الحكومة الانتقالية الأفغانية لم يقد إلى حوار جاد بين واشنطن وطهران، وقد جاء تصنيف الرئيس بوش لإيران كإحدى دول محور الشر مع العراق وكوريا الشمالية كصدمة للمؤسسة الإصلاحية التي يقودها الرئيس محمد خاتمي، كما أنه ساهم في تقوية رجال الدين المتشددين المعارضين لفكرة إقامة علاقات مع الولايات المتحدة.
ووفقًا لوجهة النظر الأميركية فإن الهجوم اللفظي للرئيس بوش على إيران وما أعقب ذلك من إشارات إلى رغبة واشنطن في تشديد عقوباتها الاقتصادية ضد طهران جاء نتيجة القلق الأميركي من رغبة إيران في تطوير أسلحة دمار شامل ودعمها للجماعات الفلسطينية المسلحة، ويعتقد دبلوماسيون غربيون أن خطاب محور الشر الذي ألقاه الرئيس في يناير الماضي كان خطأ سياسيًا، خاصة وأنه كان بالإمكان إقناع طهران بالتعاون للإطاحة بالنظام العراقي في بغداد. ورغم أن إيران التي خاضت حربًا طاحنة مع العراق المدعوم أميركيًا بين عامي 1980 ــ 1988 تؤيد جماعات المعارضة العراقية بشكل فاعل، فإن رجال الدين في طهران مقتنعون تمامًا بأن نجاح واشنطن في إسقاط النظام العراقي، سيجعلها تفكر جديا في تغيير نظامهم الديني.
يذكر أن العلاقات بين نظام الثورة الإيرانية وأمريكا تمتد منذ قيام الثورة والدعم الأمريكي الحاسم والذي أدى إلى انتصارها مرورًا بفضيحة إيران جيت والتي كشف فيها النقاب عن تمويل أمريكي لصفقة سلاح إسرائيلي لإيران، ثم بالتعاون الأمريكي الإيراني في إزاحة نظام طالبان الإسلامي من حكم أفغانستان