الأحلام تموت في لحظة !
السور العالي ريو فيرديناند :
بعد أن تجاوز عمره الستة عشر عاما حصل على سيارة بي.ام.دبليو وراح يتجول بها متنقلا بين مناطق بيكهام حيث مسقط رأسه , وبما انه من أصحاب البشرة الداكنة فقد راح سكان تلك المنطقة الصغيرة يتساءلون فيما بينهم ويسألونه : من أين حصلت على ثمن السيارة؟ لأنه لم يكن لاعب كرة قدم مشهورا كان يجيبهم بأنه كسب السيارة وانه لا يمكن أن يسمح لنفسه بقيادتها لو لم تكن له .. هكذا يروي فرديناد أحد ابرز لاعبي كرة القدم الإنجليزية في الوقت الحالي أحد تجاربه وتعرضه لمعاملة التمييز العنصري التي واجهها في انجلترى في مطلع رحلته الكروية بسبب بشرته ذات اللون الغامق .
وكانت ذات المشكلة أن تخلق عنده صدمة عندما كان يلعب في منتخب إنجلترا تحت 21 سنة أمام يوغوسلافيا في أسبانيا حيث قامت مجموعة من الجماهير باصطناع حركة القرود والإشارة إلى الأنوف مشيرة اليه وساخرة منه , إلا أن فرديناند استطاع يتفوق على مشاعره وان ينحت لنفسه طريق النجاح ليتحول إلى واحد من افضل مدافعي العالم .
أغلي مدافعي العالم :
مثل عدم ظهور فرديناند في بطولة أمم أوروبا 2000 مع المنتخب الإنجليزي صدمة وخيبة أمل كبيرة بين المدرجات الإنجليزية التي كانت جماهيرها تعلق آمالا على فتاها الواعد وترى أن مكانه محجوز ليس في التشكيلة وحسب , بل ضمن العشرة الأوائل في الملعب , ولاحقا سرعان ما نضجت قدرات فرديناند ومهارته ليضمن له مكان ثابت في التشكيلة , وجاء المونديال الأخير في كوريا الجنوبية واليابان ليحقق نقلة نوعية في حياة اللاعب الأسمر , حيث تألق وقدم أداء رائعا مع منتخب بلادة ووقف سدا منيعا أمام هجمات اكبر المهاجمين في العالم من فرق الأرجنتين والسويد ونيجيريا , إذ خاض المنتخب الإنجليزي في الدور الأول ثلاث مباريات ولم يتعرض مرماه فيها إلا لهدف واحد أمام السويد , وفي الدور الثاني بلغ ريو فرديناند القمة بعدما سجل أول أهداف فريقه في مرمى الدانمارك عندما انبرى برأسه لركنية بيكهام مسجلا في الدقيقة الخامسة من عمر المباراة , ونجح في إكمال اللقاء وحرمان الدنمركيين من الاقتراب لحارس مرماه سيمان , وقد كوفئ على أدائه باختياره افضل لاعب في المباراة .
واظهر فرديناند قدرات كبيرة ومميزات خاصة جدا من حيث تحركه المفاجئ وخياله الخصب , إضافة إلى قدرته على اختيار المكان والموقع المناسب في الملعب وحسن قرأتة للمبارة , وهي المهارات التي ألهبت مشاعر السير اليكس فيرغسون مدرب مانشستريونايتد الذي لم يستطع أن يضبط سيل لعابه على مدافع نادي ليدزيونايتد , وفعلا قامت إدارة الشياطين الحمر بإجراء مفاوضات جادة مع نادي ليدز يونايتد لضم النجم الجديد لصفوفها , وشهدت هذه المفاوضات عثرات عديدة بسبب تشدد نادي ليدز في مطالبه المالية , وقد بعث برسالة عبر الصحافة والإعلام إلى نادي مانشستريونايتد مفادها انه أمامهم مهلة أسبوعين فقط لإمكانية الحصول على اللاعب , وبعد صراع مرير مع عدد من الأندية الإيطالية استطاع يونايتد أن يظفر بفرديناند بعد أن دفع فيه 30 مليون جنية استرليني , وحطم بذلك الرقم القياسي لأغلى مدافع في العالم والمسجل باسمه عندما اشتراه نادي ليدز يونايتد بمبلغ 25 مليون دولار من نادي ويستهام أواخر عام 2000 .
وجاء سرور فرديناند بهذه النجاحات التي حققها مزدوجا بعد أن كان يواجه تحديات عديدة قبيل المونديال وهو نفسه صرح بأنه سيأتي إلى آسيا من اجل شيء مهم ((أريد أن اثبت نفسي على المستوى الدولي , وسأبذل قصار جهدي فلأحجز لي مكانا ثابت في الفريق الأول)) , والى جانب مكانه الثابت الذي حجزه في التشكيلة الأساسية في المنتخب الإنجليزي فقد احتكر أيضا صفحات العديد من صحف أوروبا وأزمنة طويلة على شاشاتها بعد أن انهالت عليه عروض الدعاية والإعلان وخصوصا تلك المتعلقة بالأحذية إلى جانب كبار النجوم في الملاعب الأوربية .
التحليق الاول :
يعود ظهور فرديناند الاول على المستوى الدولي الى مونديال 98 عندما اختير ضمن تشكيلة المنتخب الانجليزي , وعلى الرغم من ان قدمية لم تلامسا اعشاب ملاعب فرنسا في ذلك المونديال بسبب وجود مدافعين من رعيل العمالقة الا انه كون كون تجربة مفيدة وهامة صرح مرارا بانها خدمته كثيرا في مسيرته الكروية لاحقا .
فيرديناند الجنوبي :
ولد فرديناند عام 1978 في منطقة بيكهام جنوب لندن وانطلق كرويا من قواعد نادي ويستهام الذي تهجى فيه اولى حروف ابجدية كرة القدم قبل ان تلمع موهبته الكروية وتتسابق العديد من الاندية الكبرى وعلى راسها القلعة البيضاء المدريدية على شرائه , لكن الذي دفع اكثر وكسب كان نادي ليدزيونايتد الذي قدم لنادي ويستهام 25 مليون دولار مع اخر نسمات عام 2000 تمنا لقدومي ريوفرديناند الذي اصبح حينذاك اغلى مدافع في العالم .
البحث عن الطريق :
عندما بلغ السادسة من عمره بدات تتفتح على اغصان (ريو) الصغير براعة وموهبة متميزة في مادة الحساب والرياضيات المدرسية , وفي خضم حياة الطفل الصغير الباحث عن ذاته ابدى فرديناند تفوقا واضحا في احد فنون الموسيقى , لكن شانه مثل ابن عمه النجم الانجليزي ومهاجم منتخب انجلترى السابق (ليس فرديناند) سرعان ما وقع في شباك الساحرة المستديرة التي سيعزف معها لاحقا لحن النجاح .
ألم الذاكرة :
وعندما انفصل والده عن والدته وهو في سن الثانية عشرة كانت عيون ريو ترنو لسحر مردونا وقلبه يخفق لضربات مايك تايسون فوق حلبات الملاكمة . وكان يدخر احترامه لمعلمه المدرسي دنسي وينستون , فيما كان تعلقه الاول بوالدته التي اخذت على عاتقها حمل تربيتة (ريو) واخيه واخته لوحدها بعدما غاب زوجها عن ناظريها نتيجة انفصالهما , وكان دائم التواصل معها عبر الهاتف لدرجة يمكن ان يستوعبها المرء عندما يسمعه يقول : ((اذا خطر ببالها انني ساتصل بها فسرعان ما تسمع هتفها يرن)) .
ولا يعكر صفو علاقة ريو بوالدته الا تلك التهمة التي ادين بها بسبب قيادته السيارة وهو في حالة شرب الخمر .
لكن هناك زاوية في ذاكرة ريو تغتسل في بحر الالم وترفض مغادرة راسه وهي حادثة مقتل ستيفان لورنس صدقيه الذي يحمل نفس لون بشرته الغامقة ايام مرحلة الدراسة الاعداية في مدرسة بلاكهيث بلوكوت.. تلك الحادثة التي يقول انها علمته : ((ان الاحلام قد تموت في لحظة)).
ارجوا التثبيت ...
