بسم الله الرحمن الرحيم
( ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين وهديناه النجدين )
الحمد لله على كل حال فدوام الحال من المحال وإن تقاليد الخير تذبل وتتلاشى مع ضعف الحماس لها ، وإن تقاليد الشر تنمو وترسو مع ضعف النكير عليها
من أجل ذلك كانت الخصائص الأولى للأمة التي تحمل رسالة الإسلام : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . وكانت الشروط الأولى لانتصارها أن يكون هذا النصر طريقا لتكوين بيئة تزدهر فيها العبادات ، ويسودها التراحم ، وتستحكم فيها الرقابة على السلوك العام ، وتظهر العلامات الحمراء والخضراء باستمرار في طريق المبادئ والأخلاق فما كان موافقا للدين والعرف سمح له بالمرور وإلا وقف في مكانه وأغلقت في وجهه كل الطرق . ذلك معنى قوله جل جلاله ( الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وءاتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور )
فهل نحن الآن على هذا المستوى الشريف الغيور اليقظ ؟
أم أن العلل الخلقية والاجتماعية بدأت تتسلل وغفا الحراس عنها أو غطوا في نوم عميق؟
كل يعلم أن فينا من يدافع عن السفور باسم الحرية والزنى تحت راية المتعة والكسل والخمول بدعوا التقية … كل ذلك بلسان طلق ، فإذا حدث عن حرية الإيمان والعفاف واليقظة الفكرية والأدبية امتعض واشمأز ، فهل بجر الخزي والعار إلا مثل هؤلاء ؟ والله عز وجل ما أكرم أحد قط لصورة اللحم والدم وإنما أكرم من عباده من زكت شمائلهم ، وطهرت سرائرهم ، وصلحت علانيتهم ، وساروا في أرض دعاة له ، يمجدون اسمه ، وينفذون حكمه ، ويرفعون علمه .
من استجمع هذه الخلال فهو سيد ، وإن كان من الجنس الأبيض أو الأصفر أو الأسود ، فما للون ولا للنسب وزن عند الله
وروي عن النبي صلى الله علية وآله وسلم ( لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا شبرا ، وذراعا بذراع ، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم ، قلنا : يا رسول الله ، اليهود والنصارى؟ قال : فمن ؟ )
فاليهود وبخهم الوحي الإلهي ، وورد لعنهم على لسان المرسلين تقرأ قوله تعالى : ( وترى كثيرا منهم يسارعون في الإثم والعدوان وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون )
فهل هذا الوصف للمجتمع اليهودي وحده ؟ أم تراه صادقا على مجتمعات شتى صاخبة بالعصيان ودواعيه طافحة بجراءة الفساق ، وجبن العلماء ؟إن بني إسرائيل كرموا ونعموا يوم حملوا رسالة التوحيد ، وتحملوا في سبيلها العنت
ثم زعموا بعد ذلك أن تكريمهم وتنعيمهم ليس لهذا السبب ، إنما لأنه بينهم وبين الله صلة خاصة ، جعلت جنسهم ممتاز على الخلق كافة
بم هذا الامتياز ؟ لقد قال الله لهم ولمن زعم زعمهم ( بل أنتم بشر ممن خلق )
والغريب أنه في هذا العصر الأعجف فعل البعض منا مثل ما فعل اليهود الأقدمون ، فقالوا نحن الشيعة عظمتنا من عظمت أهل البيت سلام الله عليهم ويمكن أن ندخل الجنة بشفاعتهم دون الحاجة إلى الإلتزام بتعاليم الإسلام
وهذا كلام من أبطل الباطل فنحن قبل الإسلام أمة نكرة وبغير الإسلام سنكون ذيلا للبشرية
إن نبذ الوحي الإلهي والافتخار بمكانة مفتعلة عند الله أمر عابه على بني إسرائيل ، ويعيبعه علينا كذلك
قال تعالى ( ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون . ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون
وتحياتي أختكم ميستي
![]()