من جملة ما يُقال في هذا الصدد أن المرأة اقل قدرة من الرجل على التفكير والعقل . فما مدى صحة ذلك ، وما اصل هذه الأفكار؟ هل تُراها أتت من فهم طبيعة المرأة والرجل؟ أم تُراها استندت إلى الدين؟ أم أن الأمر لا يعدو كونه أوهاماً وخرافات شاعت بين الناس دونما دليل أو واقع صحيح تستند إليه؟ وهل حقاً أن المرأة تختلف عن الرجل في أمر التفكير والعقل؟ وكيف يكون ذلك وقد خُلقت حواء من آدم عليهما السلام؟ مثل هذه التساؤلات تدفعنا للبحث عن إجابات لها ومعرفة وجه الحق فيها .
التفكير نشاط ذهني يحصل في الدماغ ، ويكون ذلك نتيجة لمعلومات ترد إلى الدماغ عن طريق الحواس ، ثم يجري استكشاف للخبرات المتوفرة لدى الشخص عن طريق القدرات العقلية والخروج بالفكرة . من خلال هذا العرض المبسط لعملية التفكير يتبين لنا أن التفكير يحتاج إلى قدرات الحواس والذكاء والى الخبرة ، كما أن هناك دوافع تدفعه وموانع يمكن أن تحول دون حصوله . وهذا يحصل عند كل من المرأة والرجل ، فليس هناك أي دليل علمي قاطع على اختلاف المرأة عن الرجل في قدرات الحواس والذكاء ، كما لا يظهر أي فرق في تركيب الخلايا العصبية بينهما ، ولا في طرق اكتساب المعرفة
في رأيي أن الاختلاف هو في الخبرة والدوافع والموانع ، وهذا يكون في الرجال كما يكون في النساء . والمرأة بحكم طبيعة تكوينها الجسدي وطبيعة عيشها في المجتمعات المختلفة تكون خبرتها في الغالب اقل من الرجال . وهذا يعتمد على طبيعة المجتمعات بلا شك ، فالمرأة في المجتمع الإسلامي مثلاُ يقل اختلاطها بالرجال وتواجدها في الساحة العامة وفي مجالات معينة ليست فرضاً عليها كالجهاد مثلاً . وكل هذا يقلل من خبرتها ومعايشتها للوقائع ، كما أن انشغالها بتربية الأولاد وعمل المنزل يبعدها عن الحياة العامة
ما النصوص التي يمكن أن تثير إشكاليات حول هذا الموضوع فقد استعرضها الإمام ابن حزم رحمه الله
في قوله تعالى(وليس الذكرُ كالأنثى) . ليس فيه مفاضلة فالذكر ليس كالأنثى من حيث الخِلقة ومن قال انه من باب الفضل فانه يقول انه افضل من عائشة ومريم وفاطمة .
قوله تعالى : ( أوَ مَن يُنشَّأُ في الحِليةِ وهو في الخصام غيرُ مُبين ) . إنما ذلك في تقصيرهن في المحاجة في الأغلب ، ولا يحط هذا من قدرهن
قوله على افضل الصلاة والسلام(لا يُفلِح قومٌ أسنَدوا أمرَهم إلى امرأة ) . خاص بالولاية والحكم ، ولا يعني هذا نقص في الفضل
من هنا نخلص إلى أن النصوص تشير إلى وقائع شرعية معينة يجب الالتزام بها , وهذه الوقائع ليست مبنية على أساس فروق في التفكير أو مفاضلة معينة . فالمرأة والرجل لا يختلفان من حيث الفطرة وتكوين الدماغ عن بعضهما ، وبالتالي لا يختلفان من هذه الناحية في التفكير إلا في نطاق الفروق الفردية ، إنما الاختلاف في العوامل الأخرى التي أشرتُ إليها وهي الخبرة والدافع إلى التفكير والأشياء التي يمكن أن تمنع التفكير وتحول دونه
وعليه فان المرأة تفكر مثل الرجل ، وينبغي أن نترك الأوهام والتأويلات الباطلة التي ليس لها أساس . كما على المرأة أن لا تتقاعس عن التفكير والإبداع فيما يخدم الدين والمسلمين وإلا تكبت مواهبها بحجة نقصان عقلها ، فليس على ذلك دليل يمكن الاستناد إليه .
النـــورس;-)