ذبـــــابـــــة ( قصة قصيرة )
( 1 )
هل كل أيامى فوق تلك الارض خانقة ؟.. إنه ليوم عصيب .. شمسه لافحة .. أناسه كثيرون .. أدخنته ترغمنى كل دقيقة على الإحساس بوطنيتى ، حتى حذائى الوحيد قرب نعليه على التلاشى .. الأسفلت من تحتى يفح صهدا .. حبات العرق تنهش أعضائى .. عجوز يبيع القصب تجرعت الهم من يديه و أكملت السعى .
( 2 )
حوتنى حجرتى .. أبدلت ملابسى .. أدرت ( الراديو ) على موسيقى و نظرت فى المرآة " كم أنا وسيم ." بجانب وجهى كانت قصاصات الجرائد المتزايدة معلقة ، أرقام هواتف ، دباجات لأعلانات عن وظيفة كلها تعانى من قلنى الاسود الذى يشوهها بأستمرار .. هساحات من الفراغ لاحظت أحتلالها لحيلتى فقاومت .. أعتصمت امام أكثر كتبى تفائلا .. عبرت بوابة الكتاب ، قفزت داخل صفحاته ، ثم غاصت عيناى بين سطوره .. جزعنى طنين ذبابة أخرجنى من الكلمات لثوان .. طردتها و عدت .. فعادت تطن ، غيرت مسارى .. أحضرت المبيد و ملأت المكان و عدت .. توارت لدقائق ثم عاودت كرتها .. الغيظ يتصاعد داخلى " كم هى عنيدة . " .. أتخذت قرارا بقتلها ، أحضرت مضرب الذباب و سعيت خلفها بشراسة "ها هى هناك . " .. أفلتت تلك المرة ، لكنى لن أدعها فعاودت الكرة .. الموسيقى تزداد صخبا و هى تطن و تزيد ثورتى .. فوق الفراش على الحوائط .. " أنها مخادعة أرهقتنى و أختفت ." .. فجلست تاركا عينى تبحث عنها ، حتى ارتطمت فى حركتها فوق المرآة .. و بكل تركيز و قوة أندفع صائد الذباب ليحطم خلاياها و المرآة .
( 3 )
استرخيت قليلا و رجعت لتفاؤلى .. الموسيقى تتوقف ليحل محلها صوت رجل انتبهت إليه و هو يقول " انها مسابقة الألفية الجديدة .. شعارها لنحافظ على البيئة .. فقط قم بجمع عشرون ذبابة حية و اربح فرصة عمل فى أرض ليس بها أدخنة .. هيا تلك هى فرصتك . " هنا اعترتنى حمرة الغضب بشكل جم !.
( 4 )
أخذتنى خطواتى لأتفحص دماءها المنسحقة فوق المرآة و بجانبها اتضح وجهى المتكسر " كم أنا دميم !. "
وسيم أحمد المغربى .
--------------------
wassim1eg@hotmail.com
