( أتلانتس ) القارة المفقودة !!
ظلت دائما مجرد أسطورة.. يعجز أي عالم أو باحث اثري مهما بلغت خبرته عن إثبات أو وجودها بصورة قاطعة.. إنها قارة ( أتلانتس ).. تلك القارة الغامضة التي يبدي أي عالم آثار استعداده لأن يدفع نصف عمره لاكتشاف طلالها.
وإلى الذين لم يسمعوا عن تلك القارة.. إلى هؤلاء أقول.. إن ( أتلانتس ) كانت عبارة عن إمبراطورية عظيمة تحتل قارة هائلة خلف أعمدة هرقل ( نطلق عليها في زماننا الحالي اسم : مضيق جبل طارق ) وأنها كانت أكبر من شمال أفريقيا وآسيا الصغرى مجتمعتين.. وخلفها سلسة من الجزر تربط بينها وبين قارة أخرى.. وكانت فترة ازدهار ( أتلانتس ) بمثابة العصر الذهبي لكوكب الأرض.. ففيها تنبت كل النباتات و الخضراوات و الفواكه.. وتعيش فيها كل أنواع الطيور والحيوانات.. وتتفجر فيها ينابيع المياه الحارة والباردة.. وكل شيء فيها نظيف جميل طاهر.. وشعبها من أرقى الشعوب وأعظمها وله خبرات هندسية وعلمية تفوق ما يمكن أن نتخيله بعشرات المرآت.. فقد أسسوا مكتبة هائلة تضم من الكتب ما لا حصر لها.. وصنعوا شبكة ضخمة لقنوات الري والجسور وأرصفة الموانيء التي ترسو عندها سفنهم وأساطيلهم التجارية الهائلة.. كما قاموا بإنشاء الملاعب الرياضية وحمامات البخار الضخمة.. ليس هذا فحسب بل قيل إنهم توصلوا لاختراع الطائرات.
ثم حلت كارثة مروعة مسحت القارة كلها من الوجود.. وأغرقتها في المحيط.. ولا أحد يعلم شيئا عن نوع تلك الكارثة.
ولغز قارة أتلانتس يعود إلى زمن قديم جدا.. أقدم مما يمكن أن تتصور.. حيث يعود إلى عام 335 قبل الميلاد.. فقد تحدث عنها- لأول مرة- الفيلسوف الإغريقي المعروف أفلاطون.. حينما ذكر أن المصريين القدماء قد استقبلوا المشرع الأثيني ( صولون ) في معابدهم- وهذه حقيقة تاريخية- وهناك أخبروه عن قصة قديمة تحويها سجلاتهم تتحدث عن قارة ( أتلانتس ) العظيمة.
هذا هو كل شيء ممكن أن نعرفه عن تلك القارة.. وهنا تبدأ المشكلة.. مشكلة ( أتلانتس ).. ففي البداية.. تعامل الباحثون مع كلام ( أفلاطون ) عن تلك القارة على أنه رواية تشف عن خيال محض لا أكثر.. ثم دس العلماء أنفهم بالموضوع.. والسبب في ذلك هو تلك الظواهر الحضارية المدهشة التي يجدها المستكشفون في وسط مناطق لم تشتهر أبدا بالحضارة..ككهوف ( تاسيلي ) على سبيل المثال- والتي تقع على الحدود الجزائرية الليبية.. وكان وجود قارة متقدمة حضاريا مثل ( أتلانتس ) في ذلك الزمن القديم يريح عقول العلماء.. ويقدم لهم التفسير على طبق من ذهب لكل هذا الغموض.. حيث يفترض وجود شعب متطور بنى حضارته في قلب الأرض زنشر أجزاء منها في كل القارات.
ولكن.. أين هو الدليل على وجود تلك القارة المزعومة؟!.
إن قصة ( أفلاطون ) لا تزال تتأرجح بين الواقع والخيال.. فعلى الرغم من كل ما ذكر في روايته من أن المصريين القدماء هم الذين أخبروا المشرع الأثيني ( صولون ) بقصة ( أتلانتس ).. إلا أننا وقي نفس الوقت.. لا نجد ذكرا لتلك القصة عند المصريين القدماء أنفسهم.. وعلى الرغم من ذلك نجد من بين العلماء من تحمس كثيرا لوجود تلك القارة على أرض الواقع.. ومن هذا المنطق.. بدأت عشرات المحاولات لإثبات وجود قارة ( أتلانتس ) وراح العلماء يبحثون عنها في المحيط الأطلسي كما ذكر ( أفلاطون ).. وفي المحيطات والبحار الأخرى تحسبا لأن يكون ( أفلاطون ) قد أخطأ المكان.. إلى أن جاء الاكتشاف المثير.. فقد وجدت أحد فرق الغوص أطلالا واضحة في قاع المحيط الأطلسي.. ومكعبات صخرية ضخمة ذات زوايا قائمة مقدارها 90درجة تماما.. الأمر الذي يلغي تماما احتمال صنعها بواسطة عوامل الطبيعة.. والتقط فريق الغوص صورا كثيرة لتلك الأطلال.. ولم يكن هذا كل شيء..
فقد عثر فريق آخر من الباحثين والغواصين على سور طوله لأكثر من 120 كيلومترا.. وفي أعماق المحيط الأطلسي أيضا وبالقرب من سواحل ( فنزويلا ).. وعثر العلماء الروس على عشرة أفدنة من الأطلال في أعماق نفس المحيط بالقرب من ( كوبا )..وشاهد بعض الغواصين الفرنسيين درجات سلم منحوتة في أعماق المحيط الأطلسي بالقرب من ( بورتوريكو ).. وعلى الرغم من كل هذه الاكتشافات إلا أن الموضوع لا يزال مثار الكثير من الجدل.
وظهرت العديد من النظريات.. أغربها على الإطلاق هي النظرية التي تشير إلى أن سكان ( أتلانتس ) قد أتوا من كوكب آخر على متن سفينة فضائية هائلة الضخامة استقرت على سطح المحيط الأطلسي..وأنهم انتشروا في الأرض.. وصنعوا كل الحضارات التي تشير دهشتنا.. كحضارة الفراعنة وغيرها.. ثم لسبب ما رحلوا وتركوا خلفهم كل هذه الآثار.. وهناك الكثيرون ممن يؤيدون تلك النظرية الغريبة.. إلا أن هذه النظرية- كغيرها من النظريات الأخرى- لا يوجد ما يدعمها.. وتفتقر إلى الدليل العلمي القوي.. وحتى لحظة كتابة تلك السطور.. مازال العشرات من العلماء يبحثون عن هذه القارة.
عشرات النظريات تحدثت عنها.. مئات الكتب والمقالات ذكرت اسمها.. أعداد لا حصر لها من الروايات وأفلام الخيال العلمي افترضت وجودها.. وافترضت وجود شعبها الغامض.. شعبها الذي أقام عالما مبهرا من الحضارة والتقدم العلمي.. في قارة غامضة هائلة المساحة.. أصبحت في زمننا الحالي.. قارة مفقودة.
