مقال رائع للكاتبة شريفة الشملان ...
يتلاشى من بين أيدينا كما الزئبق.
يهرب منا، قدسيته، روائحه، وذاك الشيء المزروع في أرواحنا يكاد يطير عاما بعد عام، كما تطير أراضينا وتسرق بلدنا.
ماذا بقي منك يا رمضان؟.
صلوات في المساجد وقيام. ثم لهو ورقص وابتذال.
جوع نهار يُقضى ما بين نوم ومطبخ، ومن الأكل ما لذ وطاب، نصوم لنحلم بمائدة الإفطار.
سألت صغيرة أمها ليلة الأحد: أغداً رمضان؟ ردت أختها الأصغر: لا. ما جاءت المسلسلات. أصبح رمضان يرتبط بالمسلسلات بأذهان الصغار، وقناة رقص وإثارة تكتب وهي تعدد برامجها المجهزة لرمضان (HAPPY RAMADAN).
هو رمضان يعود زمناً، ويهرب من بين أيادينا روحاً.. اصبح رمضان مناسبة للاحتفال الكرنفالي، قد تنتشر لدينا على استحياء خيم تدعى خيم رمضانية، لكنها في مختلف أرجاء العالم العربي يلعلع بها صوت الغناء والطرب وتتصاعد أدخنة النارجيلة لوجه الفجر. وحتى في العشر الأواخر، لسنا قيمين على خلق الله، ولكن من ألم نكتب ونتكلم ومن ذكريات الذي مضى نتمنى ان يعود لنا رمضاننا المسلوب، ومن مشاهد ما نرى في احتفالات ذبح المسلمين عيانا بيانا برمضان وغير رمضان، يذبح بنا أوردة أرواحنا وريداً بعد وريد.
عصرا تبدأ المحطات تقدم طبخات رمضان، وتتصادم القدور والمغارف وأصوات القلي في المطابخ، وهناك في فلسطين والعراق يكتوي المسلمون العرب بنار حرب واحتلال، ولا يخجل رب الاحتلال من ان يبارك للمقتول الجائع بشهر الصيام يقتل القتيل ويسحق على جنازته، ويطلع بوجه المهنئ أمام الناس، وأي ناس يا ناس!!.
رمضان جاء ونريد ان نرفع أكفنا لله ليجلي الغمة، والغمة تلد غمة، فالغمة نحن خلقناها ثم قلنا يا الله أجلها عنا. غمتنا ضعف من خوف، وتفتيت قوة عن عمد، وسلب قوة المال وقوة الجمع، بطرح وتقسيم.
هو رمضان أوله رحمة، فما رحمنا أنفسنا ولا أخوة لنا، هو رمضان وسطه مغفرة غفرنا للبعيد والعدو وجوّعنا أهلنا وحاصرناهم حتى سقطوا تحت نير الاحتلال، هو رمضان آخره عتق من النيران، فحرقت نيران الدنيا اخضرنا ويابسنا فما بالنا بنار الآخرة.
لك الأمر يا الله من قبل ومن بعد، لك الأمر يا الله، ساعدنا بحق شهرك الفضيل ان نقوي إيماننا بك، وهب لنا من أنفسنا قوة تمحو ضعفنا، وهب لقادتنا قوة الحق بالقول والعمل، خاصة يا الله أمام هولاكو وجنكيز خان القرن الواحد والعشرين.
يا رب السماوات هب لنا من أنفسنا وذريتنا عقلا يفكر ولسانا ينطق، أعطيتنا يا الله أرضا وزرعا، ومن الأعماق فجرت لنا نفطاص، اللهم أعطنا قوة للنفط كقوة "فيصل" في رمضان 73م. واجعله من وباء علينا إلى خير لنا ولأمتنا.
اللهم ساعدنا كي نغير ما بأنفسنا كي تغير لنا واقعنا المزري لواقع أفضل.
اللهم يا رب السماوات ويا قابل الطاعات اجعل طاعاتنا خالصة لوجهك الكريم لا رياء ولا تزلفاً.
اللهم قوّ بالإيمان قلوبنا، واحفظ ابناءنا من أن يكونوا وقودا للموت في أي مكان، وتحت أي ظرف، اطرح اللهم فيهم البركة ليكونوا خيرا لمجتمعهم ووطنهم ليعمروا الأوطان، واللهم قبل هذا وذاك لا تجعل إرهاب الأعداء يرهبهم، واجعل قوتهم في تماسكهم، واهد الله الضال منهم، وأعطهم كرهاً للمغريات الموجهة صباح مساء لعقولهم.
اللهم أعد لنا تكافلنا مع اخواننا في كل مكان، اللهم ان التمرة تغص في حلوقنا وأهلنا يذوبون جوعا وعطشا وخوفا يوما بعد يوم، فهب لهم قوة الصبر وابعث ريح النصر عاجلا غيرآجل اللهم انا لا نريد شرا بغيرنا فاجعل شر غيرنا ينصرف عنا وقبله احمنا من شرور أنفسنا، اللهم دعنا نجعل من أراضينا جنات خضراء وقلوبنا اجعلها بيضاء عامرة بالإيمان بك والإيمان بقوة التكافل فيما بيننا، واحم اللهم أموالنا من سرقات قطاع الطرق العالميين، وساعدنا لنصرف عن أنفسنا البطش والذل والهوان.
يا الله أعد لنا رمضاننا المسلوب بحق شفاعة نبيك محمد عليه أفضل الصلاة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ورد
