السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
اهلا بك اخونا الكريم / امور
ولو انك اخى عضوا قديما ولكنك تحرمنا من تواجدك معنا فاسمح لى اولا ان ارحب بك
وان ادعوك للتواصل الدائم معنا وطرح كل ما هو مفيد للجميع وجزاك الله خيرا اخى على طرحك هذا
والان احب ان اساهم فى موضوعك متحدثا عن الشرك الاصغر اعاذنا الله واياكم منه ومن الاكبر والخفى
الشرك الأصغر
وهو ما ثبت بالنصوص تسميته شركا، لكنه لم يبلغ درجة الشرك الأكبر، فهذا يسمى شركا أصغر مثل: الرياء والسمعة كمن يقرأ يرائي، أو يصلي يرائي، أو يدعو إلى الله يرائي ونحو
ذلك.
فقد ثبت في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال: ( أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر فسئل عنه فقال [الرياء] )
يقول الله عز وجل يوم القيامة للمرائين اذهبوا إلى من كنتم تراءون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم من جزاء؟ ) ....رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح عن محمود بن لبيد الأشهلي الأنصاري رضي الله عنه ورواه الطبراني أيضا والبيهقي وجماعة مرسلا عن محمود المذكور وهو صحابي صغير لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم ولكن مرسلات الصحابة صحيحة وحجة عند أهل العلم، وبعضهم حكاه إجماعا.
ومن ذلك قول العبد : ما شاء الله وشاء فلان ، أو لولا الله وفلان ، أو هذا من الله ومن فلان.
هذا كله من الشرك الأصغر، كما في الحديث الذي رواه أبو داود بإسناد صحيح عن حذيفة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :- ( لا تقولوا هل شاء الله وشاء فلان ولكن قولوا هل
شاء الله ثم شاء فلان)
ومن هذا ما رواه النسائي عن قتيلة أن اليهود قالوا لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم :- إنكم تشركون تقولون ما شاء الله وشاء محمد وتقولون والكعبة .
فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا ورب الكعبة وأن يقولوا ما شاء الله ثم شاء محمد وفي رواية للنسائي أيضا عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا قال:- يا رسول الله ما شاء الله وشئت.
فقال:- أجعلتني لله ندا ما شاء الله وحده
ومن ذلك ما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى :- ( فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا
وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ )
قال:- هو الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء في ظلمة الليل، وهو أن
تقول :- والله وحياتك يا فلان وحياتي .
وتقول : - لولا كليبة هذا لأتانا اللصوص ، ولولا البط في الدار لأتى اللصوص ، وقول الرجل: ما شاء الله وشئت .
وقول : - لولا الله وفلان، لا تجعل فيها فلانا . هذا كله به شرك رواه ابن أبي حاتم بإسناد حسن.
فهذا وأشباهه من جنس الشرك الأصغر. وهكذا الحلف بغير الله، كالحلف بالكعبة، والأنبياء والأمانة وحياة فلان ، وبشرف فلان ونحو ذلك ، فهذا من الشرك الأصغر .
لما ثبت في المسند بإسناد صحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :- ( من حلف بشيء دون الله فقد أشرك )
وروى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي رحمهم الله بإسناد صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :- ( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ) وهذا يحتمل أن يكون شكا من الراوي، ويحتمل أن أو بمعنى الواو، والمعنى: فقد كفر وأشرك.
ومن هذا ما رواه الشيخان عن عمر رضي الله تعالي عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :- ( من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت ) والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
وهذه أنواع من الشرك الأصغر ، وقد يكون أكبر على حسب ما يكون في قلب صاحبه، فإذا كان في قلب الحالف بالنبي أو البدوي أو الشيخ فلان، أنه مثل الله، أو أنه يدعى مع الله، أو أنه يتصرف في الكون مع الله أو نحو ذلك، صار شركا أكبر بهذه العقيدة، أما إذا كان الحالف بغير الله لم يقصد هذا القصد، وإنما جرى على لسانه من غير هذا القصد لكونه اعتاد ذلك، كان ذلك شركا أصغر
وهناك شرك يقال له :- الشرك الخفي
ذكر بعض أهل العلم أنه قسم ثالث، واحتج عليه بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد الخدري : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :- ( ألا أنبئكم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟ قالوا بلى يا رسول الله قال "الشرك الخفي يقوم الرجل
فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل إليه ) خرجه الإمام أحمد .
والصواب:- أن هذا ليس قسما ثالثا، بل هو من الشرك الأصغر، وهو قد يكون خفيا؛ لأنه يقوم بالقلوب، كما في هذا الحديث، وكالذي يقرأ يرائي، أو يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يرائي، أو يجاهد يرائي، أو نحو ذلك.
وقد يكون خفيا من جهة الحكم الشرعي بالنسبة إلى بعض الناس كالأنواع التي في حديث ابن عباس السابق.
وقد يكون خفيا وهو من الشرك الأكبر كاعتقاد المنافقين.. فإنهم يراءون بأعمالهم الظاهرة،
وكفرهم خفي لم يظهروه، كما في قوله تعالى : - ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلا قَلِيلًا * مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ ) الآية ، والآيات في كفرهم وريائهم كثيرة نسأل الله العافية.
وبما ذكرنا يعلم أن الشرك الخفي لا يخرج عن النوعين السابقين: شرك أكبر، وشرك أصغر، وإن سمي خفيا. فالشرك يكون خفيا ويكون جليا.
فالجلي :- دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات والنذر لهم ونحو ذلك.
والخفي :- ما يكون في قلوب المنافقين يصلون مع الناس، ويصومون مع الناس، وهم في الباطن كفار يعتقدون جواز عبادة الأوثان والأصنام، وهم على دين المشركين. فهذا هو الشرك الخفي، لأنه في القلوب.
وهكذا الشرك الخفي الأصغر ، كالذي يقصد بقراءته ثناء الناس ، أو بصلاته أو بصدقته أو ما أشبه ذلك، فهذا شرك خفي، لكنه شرك أصغر.
فاتضح بهذا أن الشرك شركان :- أكبر ، وأصغر ، وكل منهما يكون خفيا : كشرك المنافقين..وهو أكبر.ويكون خفيا أصغر كالذي يقوم يرائي في صلاته أو صدقته أو دعائه لله ، أو دعوته إلى الله أو أمره بالمعروف أو نهيه عن المنكر أو نحو ذلك.
فالواجب على كل مؤمن :- أن يحذر ذلك، وأن يبتعد عن هذه الأنواع ، ولا سيما الشرك الأكبر، فإنه أعظم ذنب عصي الله به ، وأعظم جريمة وقع فيها الخلق، وهو الذي قال الله سبحانه وتعالى فيه :- ( وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )
وقال فيه سبحانه وبحمده :- ( إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ )
وقال فيه سبحانه أيضا :- ( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ )
فمن مات عليه فهو من أهل النار جزما، والجنة عليه حرام، وهو مخلد في النار أبد الآباد نعوذ بالله من ذلك.
أما الشرك الأصغر فهو أكبر من الكبائر ، وصاحبه على خطر عظيم ، لكن قد يمحى عن صاحبه
برجحان الحسنات ، وقد يعاقب عليه ببعض العقوبات لكن لا يخلد في النار خلود الكفار ،فليس هو مما يوجب الخلود في النار، وليس مما يحبط الأعمال ، ولكن يحبط العمل الذي قارنه.
فالشرك الأصغر يحبط العمل المقارن له ، كمن يصلي يرائي فلا أجر له ، بل عليه إثم.
وهكذا من قرأ يرائي فلا أجر له. بل عليه إثم، بخلاف الشرك الأكبر ، والكفر الأكبر فإنهما يحبطان جميع الأعمال ، كما قال تعالى :- ( وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )
فالواجب على الرجال والنساء ، وعلى العالم والمتعلم ، وعلى كل مسلم ، أن يعني بهذا الأمر
ويتبصر فيه ، حتى يعلم حقيقة التوحيد بأنواعه ، وحتى يعلم حقيقة الشرك بنوعيه :- الأكبر
والأصغر .
وحتى يبادر بالتوبة الصادقة مما قد يقع منه من الشرك الأكبر ، أو الشرك الأصغر ، وحتى يلزم
التوحيد ، ويستقيم عليه ، وحتى يستمر في طاعة الله ، وأداء حقه ، فإن التوحيد له حقوق ،
وهي أداء الفرائض ، وترك المناهي ، فلا بد مع التوحيد من أداء الفرائض ، وترك المناهي ، ولا بد أيضا من ترك الإشراك كله:- صغيره وكبيره.
فالشرك الأكبر ينافي التوحيد ، وينافي الإسلام كليا.
والشرك الأصغر ينافي كماله الواجب ، فلا بد من ترك هذا وهذا.
فعلينا جميعا أن نعني بهذا الأمر ، ونتفقه فيه ، ونبلغه للناس بكل عناية وبكل إيضاح حتى يكون المسلم على بينة من هذه الأمور العظيمة.
والله المسئول عز وجل أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع ، والعمل الصالح ، وأن يمنحنا والمسلمين
جميعا الفقه في دينه والثبات عليه ، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته ، ويجعلنا وإياكم من الهداة المهتدين
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.