السلام عليكم ورحمة الله
لقد انتشرت في الفترة الأخيرة القصص الضعيفة والموضوعة على ألسنة الوعاظ والقصاص الذين يتكسبون بالتحدث إلى الناس فيوردون بعض القصص المسلية والعجيبة حتى يستمع إليهم الناس ويعطوهم قال السيوطي "التدريب"(1/286) : "والواضعون أقسام .......ضري كانوا يتكسبون بذلك ويرتزقون به في قصصهم كأبي سعيد الدائني "
فليحذر الداعية من القصص الواهية ؛ فلا تسول له نفسه رواية القصص الضعيفة والموضوعة بحجة أنها في الفضائل وهي حجة داحضة وحسبك في إضحادها قول الحافظ ابن حجر في "تبيين العجب" (ص26) : "ولا فرق في العمل بالحديث في الأحكام ؛ أو في الفضائل .إذ كل شرع " .
قلت -أي الشيخ علي حشيش-:وفي هذه السلسلة -إن شاء الله - سلسلة تحذير الداعية من القصص الواهية نبين الضعيف والموضوع من القصص المنسوبة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وإلى صحابته الكرام رضي الله عنهم فتسلم الأمة من التربية على القصص الواهية .....
القصة الأولى : قصة ثعبان الغار .
المسألة الأولى : اشتهار القصة :
لقد اشتهرت القصة في كتب السيرة حتى أوردها المباركفوري في كتابه الرحيق المختوم ص168 تحت عنوان "إذ هما في الغار ".........."ولما انتهينا إلى الغار قال أبو بكر :" والله لا تدخله حتى أدخله قبلك ؛ فإن كان فيه شيء أصابني دونك ؛ فدخل فكسحه ؛ ووجد في جانبه ثقبا فشق إزاره وسدها به ؛ وبقى منها اثنان فألقمهما رجليه ؛ ثم قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ادخل ؛ فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضع رأسه في حجره ونام ؛ فلُدغ أبو بكر في رجله من الجحر ؛ ولم يتحرك مخافة أن ينتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم فسقطت دموعه على وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما لك يا أبا بكر ؟ قال : لدغت ؛ فداك أبي وأمي ؛ فتفل رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب ما يجده " انتهى .
المسألة الثانية : تخريج القصة :
الجديث أورده البيهقي في دلائل النبوة " 2/476 و 477 "قال : أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران العدل البغدادي ؛ قال حدثنا أحمد بن سلمان النجار الفقيه إملاءً قال : قُريءَ على يحيى بن جعفر وأنا أسمع ؛ قال أخبرنا عبد الرحمن بن إبراهيم الراسبي ؛ قال حدثني فرات بن السائب عن ميمون بن مهران ؛ عن ضبة بن محصن العنزى ؛ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فذكر القصة ."
المسألة الثالثة : تحقيق القصة :
القصة موضوعة (والموضوع هو الكذب المختلق المصنوع المنسوب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ وأجمع العلماء أنه لا تحل روايته لأحد علم حاله في أي معنى كان إلا مع بيان سبب وضعه )كذا في التدريب (1/274) .
آفات القصة :
1- عبد الرحمن بن إبراهيم الراسبي أورده الإمام الذهبي في الميزان (2/545) ترجمة (4804) ثم قال : عبد الرحمن بن إبراهيم الراسبي عن مالك . أتى بخبر باطل طويل ؛ وهو المتهم به .............
2-فرات بن السائب : أورده الإمام الذهبي في الميزان (3/342) ترجمة (6689) ثم قال : فرات بن السائب عن ميمون بن مهران : قال البخاري : منكر الحديث .
وقال ابن معين : ليس بشيء .
وقال الدارقطني وغيره : متروك ..............
.................................................................................................... ............................................................................................
قلت : واكتفينا إيراد مجمل ما ذكره الشيخ في سلسلته لعدم الإطالة مع الحرص على عدم تغير الفائدة أو الكلام وإنما هو اختصار دون إضافة غير مخل بإذن الله ويحقق الفائدة المطلوبة وهي إبانة ضعف تلك الأباطيل وفي الوقت نفسه نعلم كيف كان علماء الحديث رحمهم الله يضعفون ويصححون ونأخذ فكرة عن هذا العلم الضخم .
إذن ؛ القصة موضوعة ...والحمد لله رب العالمين ...........(مقاتل)
