منذ زمن بعيد، لفتت نظري ظاهرة غريبة كنت أراها في كل مكان يجتمع فيه عدد كبير من الناس،كأن يكون انتظارا للخبز في أحد المخابز، أو انتظارا لمعاملة في أحد الدوائر ،أو انتظارا للدخول في عيادة طبيب، أو انتظارا للدور في استلام الحصص التموينية ففي كل تجمع من هذا النوع كنت ألاحظ ان الشخص القادم عندما يقترب من الناس ويسلم عليهم لا يرد عليه أحد السلام وأن رد عليه أحدهم فأنه يرد بصوت خافت وبعبوس وتجهم، لاحظت ذلك عشرات المرات وانتم جميعا قد لاحظتم ذلك، وأنتم جميعا تعرفون السبب مثلما اعرفه أنا.
إن هؤلاء الواقفين المنتظرين يخافون ان يردوا السلام على هذا الشخص القادم إليهم توا بشكل طبيعي، فيستغل هو هذا الجو الطيب الذي يخلقه تبادل السلام فيطلب منه "مساعدته" والسماح له بأن يتقدم عليهم في الدور، وخاصة إذا ذكر لهم هذا العذر القاتل، انه مستعجل ولديه أشغال ضرورية وكأنهم ليسوا مستعجلين، وليس لديهم أي أشغال وكأنهم يستمتعون بهذا الانتظار، ولأن الكل قد خبر هذه المواقف كثيرا، فأنهم -من باب الاحتياط ودفع الأذى- تراهم يتجهمون بوجوه بعضهم البعض خوفا من عواقب الابتسام واللطف!
إلى هذا الحد بلغ منا الخوف من كل شيء، حتى أصبحنا نخاف على دورنا في الانتظار من عدوان البعض عليه؟ لست ادري من المسؤول عن ايصالنا إلى هذه الحالة المزرية بحيث يمتنع بعضنا عن تبادل التحية والسلام مع إخوانهم ومواطنيهم،ولكن هذا ليس مهما، فما دام الله عز وجل قد أمرنا على لسان نبيه(صلى الله عليه وسلم ) بإفشاء السلام بيننا ، لتزداد المودة والألفة بين بعضنا البعض، فليس لنا العذر في تجاهل هذا الأمر أبدا .
أخواني،لكم كل الحق في المحافظة على ابسط حقوقكم، إذا ما اعتبرنا المحافظة على دوركم في أي دائرة أو مكان ما ، بعد انتظار ساعة أو ساعات من الحقوق البسيطة، ولكن لا تحافظوا عليه بهذه الطريقة رجاء ، ابتسموا بوجه القادم إليكم وردوا عليه السلام واذا ماحاول استغلال ذلك للتفدم عليكم فافهموه بحزم أن ابتسامكم بوجهه شيء وعدوانه على حقكم شيء آخر .
والسلام عليكم …