هذه شبهة يثيرها الروافض ، و من قبلهم - و مع الأسف الشديد - صاحب كتاب " السنة النبوية بين أهل الفقه و أهل الحديث " ، و هذا ما تيسر في جوابها :
قال ابن القيم رحمه الله في الزاد :
( روي ابن أبي خيثمة و ابن السكن و غيرهما من حديث ثابت عن أنس رضي الله عنه أن ابن عم مارية كان يتهم بها ، فقال النبي صلي الله عليه و سلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ( اذهب فإن وجدته عند مارية فاضرب عنقه ) فأتاه علي رضي الله عنه فإذا هو في ركي يتبرد فيها ، فقال له علي : اخرج ، فناوله يده ، فأخرجه فإذا هو مجبوب ليس له ذكر ، فكف عنه علي رضي الله عنه ثم أتي النبي صلي الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله إنه مجبوب ما له ذكر .)
و في لفظ آخر ( أنه وجده في نخلة يجمع تمرًا و هو ملفوف بخرقة ، فلما رأي السيف ارتعد و سقطت الخرقة ، فإذا هو مجبوب لا ذكر له )
و قد أشكل هذا القضاء علي كثير من الناس ، فطعن بعضهم في الحديث ، و لكنه ليس في إسناده من يتعلق عليه و تأوله بعضهم علي :
أنه صلي الله عليه و سلم لم يرد تحقيق القتل ، إنما أراد تخويفه ليزدجر عن مجيئه إليها ، و هذا كما قال سليمان للمرأتين " علي بالسكين حتي أشق الولد بينهما " و لم يرد أن يفعل ذلك ، بل قصد استعلام الأمر من هذا القول ، و لذلك كان من تراجم الأئمة علي هذا الحديث : باب الحاكم يوهم بخلاف الحق ليتوصل إلي معرفة الحق ، فأحب رسول الله صلي الله عليه و سلم أن يعرف الصحابة براءته و براءة مارية ، و علم أنه إذا عاين السيف كشف عن حقيقة حاله ، فجاء الأمر كما قدره صلي الله عليه و سلم .
و أحسن من هذا أن يقال :
أن النبي صلي الله عليه و سلم أمر عليا رضي الله عنه بقتله تعزيرًا لإقدامه و جرأته علي خلوته بأم ولده ، فلما تبين لعلي رضي الله عنه حقيقة الحال و أنه بريء من الريبة كف عن قتله ، و استغني عن القتل بتبيين الحال ، و التعزير بالقتل ليس بلازم كالحد ، بل هو تابع للمصلحة دائر معها وجودًا و عدمًا . )
و يؤيد كلام ابن القيم رحمه الله و يفسره ما صححه الشيخ الألباني رحمه الله فقال :
( عن علي رضي الله عنه قال : أكثر علي مارية أم إبراهيم ابن النبي صلي الله عليه و سلم في قبطي - ابن عم لها - كان يزروها و يختلف إليها فقال رسول الله صلي الله عليه و سلم : خذ هذا السيف فانطلق إليه فإن وجدته عندها فاقتله ، فقلت : يا رسول الله ! أكون في أمرك إذا أرسلتني كالسكة المحماة لا يثنيني شيء حتي أمضي لما أرسلتني به أو الشاهد يري ما لا يري الغائب قال صلي الله عليه و سلم : الشاهد يري ما لا يري الغائب ، فأقبلت متوشحًا السيف فوجدته عندها ، فاخترطت السيف ، فلما أقبلت نحوه عرف أني أريده ، فأتي نخلة فرقي فيها ثم رمي بنفسه علي قفاه و شفر برجليه ، فإذا هو أجب أمسح ما له ما للرجال قليل و لا كثير ، فأغمدتُ سيفي ثم أتيت النبي صلي الله عليه و سلم فأخبرته ، فقال : الحمد لله الذي يصرف عنا أهل البيت و سنده جيد ) { الصحيحة : 4 \ 527 }.
تنبيه : رواية " خذ هذا السيف فانطلق ، فاضرب عنق ابن عم مارية حيث وجدته " ضعيفة { الضعيفة : 10 \ ح 4964}.
سبحانك اللهم و بحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك.