قال الكاتب والباحث السعودي منصور النقيدان إنه لا يستبعد أن يعيش أو تمر عليه تحولات أخرى في حياته، مؤكدا أن لا أحد لديه الحقيقة المطلقة، مطالبا في ذات الوقت بإعادة النظر في "الوهابية" كفكر. وبالحياد وعدم تكفير الناس سواء كانوا مسيحيين أو بوذيين أو يهودا.
وأوضح النقيدان في لقاء أجراه معه الزميل تركي الدخيل في برنامج إضاءات الذي تبثه العربية الليلة (الأربعاء) 15-9-2004 الساعة 10.00 مساءا بتوقيت السعودية ( 7.00 مساءا بتوقيت غرينيتش) أن مفهوم "إخوان بريدة" (الجماعة التي كان ينتمي إليها) مصطلح التبس على كثير من الصحفيين، لكنه في النهاية يعبر عن الحركة الإسلامية في السعودية، وهي مجموعة تنتمي لحركة الإخوان (المطاوعة) الذين عرفوا في زمن الملك عبد العزيز، وليسوا تابعين لتنظيم "الإخوان المسلمين" المعروف في الخارج.
وقال إن أصحاب هذه الحركة هم المؤتمنون على المذهب الوهابي، وكانت معظم أفكارهم تتفق مع "الإخوان البدو"، فلم تكن لديهم أفكار تتعلق بالقتال، فهو تنظيم يحمل الولاء المطلق لآل سعود حكام ومؤسسي المملكة العربية السعودية، مشيرا إلى أنهم ليسوا تكفيريين، وأبعد ما يكون مذهبهم عن تبني أفكار العنف الرائجة اليوم.
وأوضح النقيدان أن مذهب "إخوان بريدة" الفكري، يميل إلى العزلة (البعد عن الفتن) بما يتفق مع منظور السلف الصالح. ولا يرون علما إلا علم السلف (ما قبل الإمام أحمد بن حنبل الذي عاش في القرن الثالث الهجري). كما أنهم لا يرون تلقي هذا العلم بواسطة التعليم الحديث، بل بواسطة مدارسهم الخاصة التي أنشأوها كردة فعل على التعليم الرسمي الذي وجدوا فيه مخالفات شرعية كثيرة حسب منظورهم. كما يأتي في نهاية ورود بعض الدول الغربية التي تشير المناهج السعودية فيها إلى أنها (هذه الدول) تربطها علاقات أخوية وطيدة مع المملكة، وهو ما لا يتفقون معه باعتبارها دول كافرة، ولا تجوز إقامة علاقات معها حسب مفهوم "الولاء والبراء" في الإسلام (موالاة المسلمين والبراء من المشركين).
لكن الباحث السعودي نفى ما يروج عن هذه الجماعة من مبالغات من أنهم يعيشون حياة بدائية، وأنهم لا يستخدمون السيارات، ولا يسكنون في مباني حديثة مزودة بكهرباء، وأوضح أن ثمة مبالغات في هذا مع اعترافه بوجود حالات فردية بين الإخوان الذين يتفاوت التشدد بين أفرادهم، وأشار في هذا الصدد إلى بعض التحولات التي عاشتها الجماعة قبل 3 عقود حينما ثار جدل بينهم في تقرير بعض الأمور والقضايا كدوران الأرض وكرويتها، وقضية فناء النار، وغيرها من القضايا التي أحدثت خلافا بينهم.
وذكر النقيدان في هذا الصدد الشيخ عبد الكريم الحميد الذي كان يحرم ركوب السيارات ولا يستخدم الكهرباء والمخترعات الحديثة باعتبارها من "صنع الكفار" وكان يقاطع حينها من يستخدم هذه الأشياء، إلى أن رجع عن موقفه ذلك.
وأكد الكاتب السعودي المثير للجدل أن عدد الإخوان اليوم لا يتجاوز عدد الأصابع، مشيرا إلى أن أبرز التحولات التي مر عليها هذا التيار كانت في بداية التسعينيات عقب حرب الخليج الثانية، وكان النقيدان حينها شابا لا يتجاوز الـ 15 عاما، وانكب حينها على التعليم "حسب المصادر السلفية" كما يشير، "كانت فترة تأسيس بالنسبة لي".
وفي اللقاء الذي تبثه العربية يعترف النقيدان أن "الوهابية" هي التي منحته هذا الكيان، لكنه يشير إلى أنها كحركة إصلاحية جاءت قبل قرن من الزمن يجب أن ينظر إليها مثل نظرة الأمريكيين إلى مؤسسي كيانهم. فالزمن كما يشير لا يتوقف عند المؤسس. ويرى في هذا الصدد وجوب إعادة النظر في الوهابية كفكر. فالمفكر المغربي محمد عابد الجابري (أحد الذين تأثر بهم النقيدان) يرى أن بداية النهضة العربية كانت مع مجئ الوهابية، التي يرى (الجابري) عدم صلاح كثير من أفكارها اليوم.
ويوضح أن الخطاب الديني يجب أن يتماشى مع الخطاب السياسي، وأن لا يناقضه فالوهابية "عقيدة ثورية تابعة لكيان سياسي"، ويرى النقيدان أن الملك عبد العزيز (مؤسس الدولة السعودية الحديثة) استطاع أن يتلافى كوارث هذا الفكر(..). ويرى أن نجاح كل كيان هو بتهيئة بيئة وأجواء من الحرية تساعد الآخرين على اتخاذ خياراتهم.