موضوع للمناقشة .. وأرجو أن تصيروا رايقين ، وتفهمون كلامي ، حرف ، حرف .
كثير منّا ، يحب الخير ، والكثير منا ، يهتم بالدعوة إلى الله ، والكثير منا ، تسُرُّه توبة من دعى ..
والكثير منّا ، ينشرح صدره ، برؤية الخير منتشراً بين الناس .
فلذلك ، تجد الكثير من هؤلاء ، مجدّين في دعوة الناس ، وبجميع الطرق .
حتى وللأسف ،، وقعوا هم أنفسهم في الخطأ .
فالدعوة لها ، وسائل ومناهج .
أمثلة الوسائل : الانترنت ، والجرائد ، والمحاضرات ، والندوات ، والأشرطة ، والكلمات المختصرة ، والوعض ، وغيرها من وسائل الدعوة .
وأما مناهج الدعوة ، فهي توقيفية ، فيجب ألا نخرج عما ورد في الكتاب والسنة .
وأمثلة هذه المناهج :
المراسلة ( والوسائل الداخلة في هذا المنهج كثيرة ، مثل الانترنت والجرائد والمجلات )
والدعوة مباشرة ( وذلك بإلقاء الكلمات والمحاضرات والدروس العلمية )
فهذه المناهج ثابتة بالأدلة من الكتاب والسنة
ولكن ، المهتمون بدعوة الناس ، وقعوا في خطأ الإحداث في الدين .
كيف ؟
قاموا بوضع مناهج جديدة للدعوة ، مثل ( الأناشيد ، والتمثيل ، والقصص )
_______________________________________
أولاً ، بالنسبة إلى ما يسمى بالأناشيد الإسلامية :
لقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ينشدون في السفر ، أو للترويح عن النفس .
ولم يكن سبيل دعوة لهم .
وقبل أن أدخل في هذا ، أريد أن أؤصل قاعدةً ذكرها العلماء :
البدعة تسمى بدعة إذا :
1- عدم فعل الرسول لها ، ولا أصحابه .
2- تعبّد الناس بها .
3- كان سببها موجوداً في عهد النبي .
4- لم يكن هناك مانع من وجودها .
فلم يُروَ عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قام بدعوة الناس عن طريق الأناشيد .
والناس في هذا الزمن ، يتعبّدون بالدعوة إلى الله عن طريق الأناشيد .
وكان في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم من يحتاج إلى دعوة .
ولم يكن هناك مانع من أن يقوم الرسول صلى الله عليه وسلم بالإنشاد .
فبهذا ،، أصبحت الدعوة بالأناشيد عند العلماء من هذه الأمة بدعة .
وأنقل إليكم كلام بعض الأئمة في هذا الموضوع :
1- سئل الإمام أحمد رحمه الله : ما تقول في أهل القصائد ( أي الذين يدعون بالقصائد ) ؟
فقال : (( بدعة ،، لا يُجالسون )) .
2- قال الإمام الشافعي رحمه الله : (( خلّفت بغداد شيئاً أحدثته الزنادقة ، يسمونه التغبير ( أي الإنشاد ) ، يصدون به الناس عن القرآن )) .
3- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله معقباً على كلام الشافعي : (( وهذا من كمال معرفة الشافعي وعلمه بالدين ، فإن القلب إذا تعود سماع القصائد والأبيات والتذ بها ، حصل له نفور عن سماع القرآن والآيات ، فيُستغنى بسماع الشيطان عن سماع الرحمن )) . [الفتاوي : 11/532]
4- وقال شيخ الإسلام أيضاً : (( والذين حضروا السماع المحدَث الذي جعله الشافعي من إحداث الزنادقة ، لم يكونوا يجتمعون مع مردان ونسوان ( يقصد أن مجالسهم لم تكن مجالس طرب ) ، ولا مع مصلصلات وشبّابات ، وكانت أشعارهم مزهّدات ومرققات )) . [الفتاوي : 11/534]
5- وسئل شيخ الإسلام عن جماعة يجتمعون على الكبائر من القتل والسرقة والزنا وشرب الخمر ، ثم إن شيخاً من المشائخ المعروفين قصد منع المذكورين من ذلك ، فلم يمكنه من ذلك إلا أن يقوم لهم سماعاً يجتمعون فيه بهذه النية ، فأسفر ذلك عن توبتهم جميعاً ، فهل يباح هذا السماع على هذا الوجه ، لما يترتب عليه من المصالح ؟ مع أنه لا يمكنه دعوتهم إلا بهذا ؟
فأجاب رحمه الله : (( إن الشيخ المذكور قصد أن يتوب المجتمعين على الكبائر ، فلم يمكنه ذلك إلا بما ذكره من الطريق البدعي ، يدل على أن الشيخ جاهل بالطرق الشرعية التي بها تتوب العصاة ، أو عاجز عنها ، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين كانوا يدعون من هو شر من هؤلاء من أهل الكفر والفسوق والعصيان بالطرق الشرعية ، التي أغناهم الله بها عن الطرق البدعية )) [الفتاوي : 11/620] .
وهناك فتاوى أخرى للعديد من العلماء المعاصرين ، مثل الشيخ الألباني ، وابن عثيمين ، والفوزان وغيرهم من أهل العلم .
_____________________________________
ثانياً ، ما يسمى بالتمثيل :
فقد نص الكثير من العلماء على حرمته ، حتى ولو لم يكن دعوة إلى الله ، وذلك لأنه مبني على الكذب .
وأما الدعوة إلى الله بالتمثيل ، فهو محرم لوجهين :
الأول : أنه محرم في الأصل ، فكيف ندعو إلى الله بما هو محرم أصلاً ؟
الثاني : إذا طبقنا عليه الكلام السابق عن البدعة ، لوجدنا أنه بدعة في الدعوة ، وأنه منهج محدث ..
____________________________________
ثالثاً ، الاعتماد على القصص :
وهذا قد يؤدي إلى إشكال عند البعض .
فتقولون : لقد كان الله في القرآن ، يضرب الأمثال بالقصص ، والرسول صلى الله عليه وسلم ، كان يذكر بالأقوام الماضية لكي يعظهم .
فالجواب ، الأمر البدعي ، ليس في القصص ذاتها .. لكن البدعة هي في طريقة الدعوة بالقصص ..
فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يدعو الناس بالتذكير بالله ، والتعريف بالتوحيد والعبادات ، ثم يسوق قصة أو قصتين ، وهذا هو المنهج الصحيح .
لكن ، عندما نقوم ، بعقد محاضرات كاملة ، مدتها تصل إلى ثلاث ساعات ، كلها قصص .
ثم القصص من أين تأتي ؟ ألم تنته القصص من الدنيا ؟؟
وكلها على نمط واحد !! واحد كان يسوق ، ثم طاحت السيارة ، ثم صدمت في عمود كهرباء ، ثم رأى أخته تمشي مع رجل ، ومات ووجهه أسود ، وآخر مات ووجهه أبيض ، وإصبعه السبابة مرفوع !!!
والله يا إخوتي لا أقصد الاستهزاء ، لكن الواقع مؤلم .
يروى عن ابن عمر رضي الله عنهما ، أنه كان في مسجد ، فقام رجل يدعو إلى الله ، وكانت خطبته مبنية على القصص ، فخرج رضي الله عنه ، فلما سألوه عن السبب قال : (( ما أخرجني إلا قاصّكم هذا )) . يعني لم يكن سبباً في خروجه من المسجد ، إلا ذلك الرجل الذي قام يقص على الناس قصصهم .
وفي الختام ، أرجو أن تكونوا قد تفهمتم كلامي ، وأنا مستعد للنقاش حول هذا الموضوع .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .