هذه هي الأسئلة، أسئلة سألها مواطن من المواطنين في جميع بلاد هذه الأمة، مواطن لا أعرفه، مواطن لم أقابله من قبل، مواطن لن أستطيع التعرف عليه لو التقيته مرة أخرى، لن أستطيع لأن وجهه لا يختلف عن وجه أي منّا، وجوهنا جميعاً الآن صارت متشابهه، صارت واحدة، كلنا وجه واحد، كلنا هم واحد، هم واحد جعل لنا وجه واحد، وجه واحد لا ينفع فيه عمليات تجميل ولا أصباغ ولا شد ولا تقشير ولا تشقير ولا مبيضات ولا مرطبات ولا ملونات، وجه واحد لنا جميعاً، وجه يآئس، وجه بآئس، وجه حرقته الهموم والأحزان والشجون، لم نعد أجساد، لم نعد أرواح، لم نعد قلوب، لم نعد عقول، لم نعد الّا وجوه، كل منا وجه، فقط وجه، وكل وجه يشبه الوجه الآخر، وجه لاهب، وجه شاحب، وجه ليس له في السعادة صاحب، وجه سأل هذه الأسئلة، وجه سأل وذهب، وجه أختفى، أختفى مثلما تختفي كل وجوهنا، وجوهنا نحن وحدنا تختفي، وجه أختفى، أختفى في زحمة الأحزان.
هذا الأسئلة تقول أن بناء الأوطان لا يكون "بالكرشات" ولا بالنفقات ولا بالعمارات ولا بالفضائيات الهابطات ولا بالعملات ولا بالعمولات ولا بالشعارات ولا بالعطائات ولا بالواردات ولا بالكماليات ولا بالصبغات ولا بالزينات ولا بالقصات ولا بالملبوسات ولا بالأغنيات ولا بالرقصات ولا بالمجوهرات ولا بالـ "إكسسوارات" ولا بالثريات ولا بالإستهلاكات ولا بالروحات ولا بالجيات ولا بالسرِّيات ولا بالفرشات ولا بالكشتات ولا بالتمشيات ولا بالرحلات ولا بالإستراحات ولا بالمفطحات ولا بالتهاني ولا بالتبريكات ولا بضخامة الشنبات ولا بالأكلات ولا بالمشروبات ولا بالسهرات ولا بالصور في الجرائد والمجلات ولا بالتمنيات ولا بعدد البنبين والبنات ولا بالإستقبالات ولا بالإتصالات ولا بالحفلات ولا بعدد الزائرين والزائرات ولا بالـ"إتيكيتات" ولا بالـ"بروتوكولات"، بناء الأوطان لا يكون إلا بالإجابات والقدرات والإنجازات والحريات وإرتفاع المعنويات والصادرات والقوات والمعلومات والصناعات وقضاء الحاجات والتعامل مع التساؤلات وتحقيق الطموحات ومواجهة التحديات وحل المشكلات وتقديم الخدمات بدون أي قصور أو تجاوزات.
ألم يشاهد المواطنون والمواطنات في جميع بلاد هذه الأمة كيف أن رئيس دولة عظمى تتكون من عدة ولايات ومنافسه فــي الإنتخابات وهما في المناظرات يستشهدان بالدراسات والإحصاءات ويقدمان لكل سؤال إجابات تخاطب العقل والحريات وترضي الحقوق والواجبات وتعطي مواطني ومواطنات الولايات الفرصة لمعرفة ما لكل مرشح من مواصفات كي يتم إختيار من يكون رئيساً لجميع الولايات؟
فما هي الإجابات التي لدينا نحن في جميع بلاد هذه الأمة على ولو سؤال واحد من هذه الأسئلة الوطنية الـ700 كي يكون لنا غدٌ ننتظر جميعنا بفارغ الصبر قدومه؟
بطبيعة الحال، من المؤكد أن كل من سيقرأ هذه الأسئلة، سيفكر في شخصية هذا المواطن الذي سأل هذه الأسئلة الوطنية الـ700 المغلفة والمطلية بدموع بلاد هذه الأمة وجميع أهلها، هذا المواطن الذي سأل هذه الأسئلة هو أنا، نعم أنا، أنا سألت أنا، أنا تحدثت إلى أنا، أنا سألت المواطن أنا، أنا تحدثت إلى المواطن أنا، المواطن أنا سألني وتحدث لي من داخل صدري، تحدث إلي ليُعبّر عمّا يدور في خلد كل مواطن ومواطنة في جميع بلاد هذه الأمة، تحدث ليسأل، أسئلته بريئة، أسئلته صادقه، أسئلته مخلصه، أسئلته من أجل بلاد هذه الأمة وجميع أهلها، أسئلته تقول لابد من الإصلاح الشامل، لابد من التغيير العام، لابد من المصارحة، لابد من المحاسبة، لابد من المصالحة، لابد من الحريات، لابد من الحقوق، أسئلته تبحث عن إجابات، إجابات أمينة، إجابات شافية، إجابات كافية، إجابات تجعل اليوم إمتداداً للمستقبل، وتجعل المستقبل يندم على الماضي ويعلن توبته منه ويعلن عدم العودة أبداً إلى الماضي إلا ليعتبر، أسئلته تبحث عن إجابات، إجابات تجعلنا جميعاً نشعر بنشوة تشبه فرحة الطفل بلقاء أُمه بعد أن أُختطف منها عشرات السنين، إجابات تجعلنا لا نتعثر بعد اليوم ونحن نسير قُدماً إلى المستقبل وفي عقولنا إجابات تضيء لنا الطرق.
بقي أن أقول هنا أن هذه الأسئلة تعني أن:
الأمة العاقلة والحكيمة لا تنام أبداً حتى تعرف الحقيقة
"قول" من أقوالي مستل من كتابي "كلماتي ورسوماتي(2)"
وبقي أن أقول هنا أن هذه الأسئلة تعني أن:
الحقيقة هي الإبنة الشرعية الوحيدة للسؤال والجواب
"قول " من أقوالي مستل من كتابي "كلماتي ورسوماتي(2)"
وأيضاً بقي أن أقول هنا أن هذه الأسئلة تعني أن:
القلب يطربه النغم والعقل تطربه الحقيقة
"قول" من أقوالي مستل من كتابي "كلماتي ورسوماتي(2)"
وأخيراً بقي أن أقول هنا أن هذه الأسئلة تعني أننا عندما نملك الإجابة على أي سؤال وطني فإننا نملك الحقيقة، وعندما نملك الحقيقة فإننا نملك القرار، وعندما نملك القرار فإننا نملك أنفسنا، وعندما نملك أنفسنا فإننا نملك بلادنا، وعندما نملك بلادنا فإننا نملك مستقبلنا، وعندما نملك مستقبلنا فإننا نملك كرامتنا، وعندما نملك كرامتنا فإننا نملك حقنا في الحياة الحرة، وعندما نملك حقنا في الحياة الحرة فإننا نملك حقنا في الهوية المستقلة، وعندما نملك حقنا في الهوية المستقلة يكون لنا عند ذلك شأن بين الأمم، هكذا تبدأ وهكذا تنتهي سلسلة الحكم والإصلاح السلمي الشامل والتغيير العام، يجب أن تبدأ السلسة بسؤال وأسئلة ويجب أن يكون هناك إجابة على كل سؤال وإجابات على كل الأسئلة، وأي إدعاء آخر لأي حكم ولأي إصلاح ولأي تغيير لا يخضع لهذه السلسة ليس إلا غش وخداع و"دكتاتورية" تهدف فقط إلى التمويه والمماطلة بغرض إطالة زمن بقاء كيانات وظروف وأنظمة سياسية معينة.
*بريد إلكتروني:aalghamidi@hotmail.com
جامعة م.سعود، كلية الآداب، قسم اللغة الإنجليزية ، ص.ب 2456، الرياض 11451
تلفون 4675430