الحرب ..خدعة !
إجتمع سيف الدين مع المخطط العسكري في غرفة الحاكم الخاصة ..
وقال سيف الدين :
لقد خدعنا .. لم يكن هناك جيش للظلام ..
وعملية المقبرة .. لم يكن هناك فيها اي فرد منهم ..
لقد كانوا أبرياء .. من أهل المدينة .. جميعهم .. أبرياء ..
وضم سيف الدين قبضته .. وضرب بها المنضدة .. بغضب ..
وأندهش المخطط العسكري من كلام سيف الدين .. وقال :
.. إستنتاجك يبدو منطقياً .. لقد إستغلوا عامل الظلام ..
وأوهمونا بالمنجنيق العملاق .. وعند عملية البحث ..
كان هناك طريقين ..ومهما كان إختيارك سيدي الحاكم ..
فالذي وضع الكمين أدرك انك قادم للغابة لا محالة ..
لو ذهبت الى المدينة ووصلتك أخبار بإن القسم الذي ذهب للغابة قد قضي عليه بأكمله ..
لغادرت فوراً نحو الغابة .. ولو إخترت الذهاب اولاً الى الغابة ونجحت المخلوقة في الإنتصار عليك
سيكون خبر وفاتك ..مدمراً لبقية الجيش وأهل المدينة .. وهذا كافي بكل تأكيد للعدو ..
وهز سيف الدين رأسه بالإيجاب .. وقال :
ولهذا ..يتحتم علينا ..القضاء على سيدهم .. والعقل المدبر ..
أوستريـل ..
الكتاب القديم و أرض الأحلام
اين انا .. ماهذا المكان ..أرض قاحلة .. متشققة ..
وكأنها مقبرة الطبيعة .. لا وجود لأي كائن حي ..
أسمع صوتاً مألوفاً .. ينادي .. من بعيد .. يهمس بإسمي ..
اتقدم .. نحو مصدر الصوت ..وبانت لي شجرة كبيرة .. شامخة .. رغم موتها ..
وامامها .. صخرة سوداء ..فرش عليه بساط ذهبي ..وقد إعتلى هذا البساط ..
كتاب قديم .. وعاد الصوت من جديد ..
مالك ..
آه ..الشيخ أحمد .. ؟
نعم .. انا مالك .. مالذي حصل في البلدة .. وأين بسمة .. أخبرني ارجوك ..
ولم يكن هناك أي رد ..
وإقتربت من الكتاب ..وفتحت الصفحة الأولى .. وإذا بكلمات كتبت بلغة غير مفهومة ..
تنمحي بسرعة .. وكأنها تخشى ان تقع عيني البائسة عليها ..
ونفس الشيء حدث مع باقي الصفحات .. فتحت الكتاب من المنتصف ..
وإذا بكلمة واحدة قد كتبت ..وهي .. " لا تنصت إلى الصوت" .
وتلاشت الكلمة بسرعة ..وهوت مكانها .. قطرة دم .. وتلتها أخرى ..
نظرت الى الأعلى ..فكانت الصدمة ..
حيث كانت بسمة ..على جذع الشجرة ..تنظر إلي بوجه حزين .. وهي تذرف الدماء .
أفاق مالك .. بجانب فارس في غرفة بداخل القصر .. وألتفت من حوله ..
وشاهد العديد من المصابين بعضهم يأن تحت وطأة الألم .. والآخر غارق في سبات عميق ..
وكان فارس ييتقلب في فراشه ..وهو يهمهم .. بصوت منخفض ..
وبعدما علم سيف الدين بإن فارس فقد بسمة وان الفرقة بأكملها قد قضي عليها ..
أرسل في طلبه هو ومالك .. الذي طالب بمعرفة مالذي يحدث من حوله ..
وإجتمع سيف الدين بفارس ومالك في غرفته ..
ونظر الى مالك بإهتمام .. الذي رد عليه بنظرة غاضبة ..
وقال مالك : أريد أن أعرف لماذا إختطفتم زوجتي بسمة ..
ومالذي حدث في البلدة بالضبط .. ومنهم هؤلاء المنبوذون ..
وأجاب سيف الدين :
أرى بإنك تحدثت مع العجوز ..إنها قصة طويلة يا مالك .. سأخبرك بما يهمك فقط ..
منذ زمن بعيد جداً .. كانت أرضنا هذه خاصة بنا نحن ..
ولكن بعد مرور بضعة عقود .. خرج منها أفراد ..لأسباب عديدة ..طلباً للعلم او الرزق او الدواء ..
ولهذا .. أصبح بعضهم يعود وقد تزوج من بلاد الغرباء .. او لا يعود أبداً ..
وبعد موجة من الفقر والأوبئة التي إجتاحت بلاد الغرباء .. بدأت بعض العوائل هناك تنزح إلى هذه الأرض ..
ولإن بعضهم تقوده جذوره الى هنا مباشرة .. حتى وإن تغير لونه وشكله ..
ومن هنا إختلطنا معهم .. وإمتزجت عروقنا فإختلطت دمائنا وأسمائنا ..
وأثناء الأزمة الطاحنة التي مرت بهم هناك .. إنتشرت إشاعات كثيرة .. حول حوادث غريبة بعد منتصف الليل
حيوانات وقد مزقت بشكل بشع .. أناس تحولت جثثهم الى بياض تام ..
وتجددت إسطورة المنبوذين ..وانهم يكونون جيشاً .. لقب بجيش الظلام ..
وقد إنتشر كتاب بينهم .. توارثوه منذ القدم .. عن نبؤة ما .. حول القائد المنتظر ..
وتقول النبؤة .. هي حاملة البذور .. وجدت له .. ووجد لنا ..بحياتها سوف تحميه..
حمام الدم .. أولى علامات ظهوره ..ظهور المنقذ .. وأملنا ..
ولذلك يا مالك .. عند ظهور أول هذه العلامات في البلدة .. حينما ضحت بسمة بهؤلاء الأبرياء كلهم ..
أدركنا ماهو حمام الدم .. وأنه أول علامات قدومه الى هذا العالم ..
وبدا مالك .. مصعوقاً .. وهو يردد كلمة مستحيل ..
وأكمل سيف الدين ..وقال :
مالك .. أعلم بإن الأمر يصعب تصديقه .. ولكن انت شاهدت بعينك .. الجثث البيضاء .. وشاهدت بسمة
بنفسك .. لقد رأيتها وقطرات الدماء على شفتيها ..
وهنا .. إنفجر مالك بغضب ..قائلاً :
أعلم مارأيت .. ماذا تريدني أن افعل .. أقتل زوجتي بيدي هاتين ؟؟
هل هذا ماتريده ؟ هل تعتقد بإني سأسمح لك أو لأي كائن غيرك بمس شعرة منها ؟
هل كنت تظن بإني سأقف متفرجاً وانا اشاهد بسمة تموت .. ؟
وتهدج صوت مالك .. وهو يقول ..
هل لديك أي فكرة عن الألم والحسرة التي أشعر بها الآن ..؟
سادت لحظة صمت قصيرة ..وقد بدا فارس شارد الذهن ..
أمسك سيف الدين بيد مالك .. وقال له .. لا أعلم اذا كنت ستصدقني أم لا ..
ولكن .. أنا أعلم مدى الألم الذي تشعر به ..
ولم تعطني فرصة لأكمل حديثي يا مالك ..
نحن لن نمس بسمة بسوء .. ولكن .. الجنين هو مرادنا .. وهدفنا ..
وهنا .. خيل لمالك بإنه سمع صوت شخص يقول
" لا تنصت إلى الصوت"
وشعر مالك .. بألم شديد في رأسه .. وسرعان ماتبخر ذلك الألم ..
وقال مالك ..مبتسماً .. وكأنه تحول الى شخص آخر :
حسناً يا سيف الدين .. إذا كان الجنين هو مرادك فقط ..
ولكن لدي شرط واحد .. أن أرافقكم الى مكانها ..
وإستغرب سيف الدين هذا التحول الغريب ..وأومأ برأسه موافقاً على شرط مالك ..
وألتفت الى فارس .. الذي لازال في عالم آخر ..
وقال : فارس ..هل لديك معلومات عن وجهة أوثولينا ..
ولم يجب فارس ..
وأمسك به سيف الدين مكرراً سؤاله .. :
فارس .. أجبني .. هل لديك معلومات عن وجهة أوثولينا المحتملة ..
رفع فارس رأسه ببطء .. والحزن مرتسم على وجهه ..
وقال بصوت خافت .. : كان هناك مكان .. أطلقنا عليه لقب أرض الأحلام ..
لقد كان هذا منذ زمن طويل .. كنا سنعيش هناك بعد الزواج ..
وأبدى سيف الدين إهتماماً ملحوظاً بإجابة فارس .. حين قال :
أرض الأحلام .. ؟ أين تكون هذه يا فارس ؟؟
إلتفت فارس ناحية النافذة التي تطل على جبل كبير وقال :
هناك ..
سيد الظلام .. أوستريل .
في مكان مجهول .. على مشارف المدينة
.. دلف أحد الحراس الى تلك القاعة المظلمة ..
وقال : .. سيدي أوستريل .. أني آسف لإخبارك بإن عملية الغروب قد باءت بالفشل ..
اجابه أوستريل بهدوء : ماذا عن الحصيلة ..؟
أجاب الحارس بسرعة وتوتر شديدين : .. خسائر فادحة في جيش سيف الدين ..
ومقتل لاميا في الغابة .. على يد سيف الدين .
ولوغارو وجد ميتاً ..داخل إسطبل الخيول بجانب القصر ..
وقال أوستريل بنبرة غاضبة : .. الأحمق لوغارو .. كنت أعلم بإنه سيفسد شيء يوماً ما ..
وماذا عن مكانها هي .. ؟
أطرق الحارس برأسه .. وقال :
لا نعلم يا سيدي .. فقد أختفت ..ولم نجد لها أثر ..
وكأن نيران الجحيم إشتعلت فجأة في عيني أوستريل ..
وقبض على الكأس بشدة .. إلى أن تهشم في يده ..
وسالت دماء سيد الظلام .