أدب القرآن والناس
للثقافة الإسلامية وأدبها العربي عشاقمثقفون (بلغاء أدباء مُطّلعون لآيات الله لكني لا آتِ للحديث عن القرآن الكريموتفسيره، أو إعجازه وبلاغته، في الحيِّز المحدود هنا. إنما تمر في قرآتي أحياناًقصص مقتبسة تدور رحاها بين فصحاء العرب الأقدمين وهي قصص بليغة في أساليبها، عجيبةفي فصاحة من يرويها في ظلال الآيات القرآنية الكريمة وسورها البيّنات.
من ذلكأن الحجاج بن يوسف الثقفي والي العراق المشهور أيام بني أمية صعد الى المنبر فلقيآية كتبها بعضهم وهي قوله تعالى: {قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْأَصْحَابِ النَّارِ}. فكتب الحجاج تحت هذه الآية قوله تعالى: {قُلْ مُوتُواْبِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ.
***
وهي استشهاداتقرآنية تدل على تذوقٍ رائعٍ فنيٍّ وبلاغيٍّ في لسان من كتبها واستشهد بها أيبالآيات القرآنية الكريمة من أولئك الكَتَبة والمستشهدين!
إن العرب جنس بشريطبع على الفصاحة والبلاغة واللَّسَن. ولله حكمة بالغة في نزول كتابه الكريم بلغتهمأي (العربية) وله المثل الأعلى في السموات والأرض سبحانه!! إذ إنها لغة تثقف اللسانوتهذب وعي الناطق بها، وتحسِّن منطقه وللأدب العربي مجالاته الفسيحة في بيان هذهاللغة.. لغة القرآن الكريم.
فقد روى كثير من أئمة هذا الأدب القصص المدهشةوالروايات المعجبة المعجزة، من ذلك ما رواه الأصمعي المشهور في تاريخ آداب العرب،أنه كان ينتظر الصلاة بالمسجد فتلا من آيات الله البيّنات والى جنبه أعرابي قال أيالأصمعي: حتى وصلت الى قوله تعالى:
وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْأَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ
فقلت: والله غفوررحيم وإنما تمام الآية: {وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (38) سورة المائدة، فقال ليالأعرابي: كلام مَنْ هذا؟ قلت: كلام الله. فقال لي أعد! قال الأصمعي: فتنبهت فقلت:وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38) سورة المائدة، فقال الأعرابي: هذا هو الحق. فسألتالأعرابي، والكلام للأصمعي: تقرأ القرآن؟ فقال لي: لا! قلت: وكيف عرفت؟ فقالالأعرابي: يا هذا عَزَّ فحكم فقطع ولو غفر ورحم لما قطع!! وهذا غيض من فيض من قصصالعرب الأقحاح مع بلاغة القرآن الكريم وفصاحتهم هم في الاستشهاد بكلام الله فيكتابه المبين.. القرآن الكريم، الذي حوى علوم الدين والدنيا في سياق رائع يُضفي علىتاليه أدباً رائعاً خالداً.
المصدر المجلة الثقافية