فن الحوار
يعتبر (الحوار) من الأمورالتي نمارسها باستمرار. لذا فإتقان هذا الفن، أمرا مهما جدا. فأسلوب الحوار والكلاميدل على شخصية وسلوك وأخلاق المتحدث.
من خلال هذا الفصل، سنرىكيف يمكننا تطوير مهارتنا بهذا الفن، وذلك من خلال طرح مشكلة عملية، تحتاج لأنيتحاور الأطراف فيما بينهم، لتفادي المشكلة وأسبابها مستقبلا. ومن ثم سنطرح الحوارالذي نراه مناسبا لحل المشكلة، ونحلله، وندلل على أهميته من سيرة نبينا الكريم محمدعليه أفضل الصلاة والتسليم.
أحضر قلما وورقة، وحاولالإجابة على السؤال في آخر الموقف التالي:
الموقف:
يعمل أحدالمصانع بنظام الورديات، حيث توجد به ورديتا عمل (صباحية ومسائية). يدير الورديةالأولى شاب ذكي ومؤهل، أما الوردية الثانية فيديرها موظف تجاوز الخمسين عاما، قضىعمره في المصنع، فأصبح ذا خبرة كبيرة في الآلات وطريقة عملها.
وذات يومخطرت ببال الموظف الشاب فكرة جديدة لتطوير عمل الآلات وزيادة إنتاجيتها، لكنتنفيذها يحوي بعض المخاطر على سلامة الآلات. فعرض الفكرة على المدير وناقشه بها،فوافق المدير عليها.
أسرع الموظفبتنفيذ الفكرة. وبالفعل زادت سرعة الإنتاج. وعند اقتراب موعد انتهاء ورديته، اضطرالشاب للخروج مبكرا من العمل، لارتباطه بموعد مهم. فكتب التعديلات التي أحدثها فيورقة ووضعها على طاولة الموظف صاحب الخبرة الذي يدير الوردية الثانية. ولم يستطعانتظاره حتى يحضر، فانصرف.
وعندما حضرالموظف الآخر إلى المصنع، تفاجأ بطريقة عمل الآلات، ففزع من التغييرات، وخشي علىالآلات، فأغلقها في الحال. دون أن ينتبه للورقة التي على مكتبه. مما أدى إلى خسارةكبيرة بسبب توقف الإنتاج.
المطلوب:
افترض أنكمديرا لهذا المصنع، كيف ستحاور موظفيك، بحيث لا تقلل من حرصهم على تطوير المصنع،وفي الوقت نفسه تنبههم للخطأبحيث أن لا تحبط الموظفين لانهم كانو حريصين علىمصلحة المصنع فيجب ان لا تخسرهم , وان تخرجون بحلول للمشكلة. وتتفادونها فيالمستقبلوتوجد الحلول لهذا الخطأ كي لا يتكرر. فما حدث سبب خسارة كبيرةللمصنع، لكن بالطبع خسارة موظفين أكفاء كهؤلاء تعتبر خسارة كبيرة أيضا!!
حاول كتابةالحوار الذي سيجريه المدير مع موظفيه.
الآن سأضع الحوار الذيأراه مناسبا لحل المشكلة، وثم سأقوم بتحليل الحوار. قارن حوارك بالحوار المعروض،وحاول تحليل حوارك لمعرفة مواطن الضعف فيه لتطويرها.
قبل أن نبدأ في الحوار. علينا أن نتوقع أن كلا الموظفين (الشاب والكبير في السن)، يتوقعون لوم المدير لهم،أو حتى معاقبتهم على ما قاموا به. لذلك فهم مستعدون للدفاع عن أنفسهم في حالة توجيهأي لوم أو عتاب، فما قاموا به لم يكن إلا لمصلحة المصنع (من وجهةنظرهم).
ولنعرض حوار المدير معكل منهما على حدى:
يطلب المديرالموظف الشاب (اسمه محمد) في البداية للاجتماع به. فيدخل الموظف إلى مكتب المديربثقة.. ولكنه مستعد للدفاع عن نفسه في حال توجيه أي اتهام له. يرحب فيه المديربابتسامة. ويبدأ بمحاورته:
المدير: مرحبا محمد. تفضل بالجلوس. كيف حالك؟ أتمنى أن جميع أمورك على ما يرام.
يجلس محمد (الموظف الشاب). ويكتف يده. وينظر إلى المدير مستعدا للدفاع عن نفسه.
المدير: محمد. أنت من الموظفين الذين يفخر المصنع بجودهم فيه. وكفاءتك في العمل ممتازةوحماسك جيد. وهذا كله أثر على تطور سير المصنع. خصوصا فكرة تعديل طريقة تشغيلالأجهزة لمضاعفة الإنتاج، التي طرحتها البارحة.
بالطبعسيؤثر هذا الكلام إيجابا على نفسية محمد. فتهدأ نفسه، ويبدأ تركيزه في التفكير فيالدفاع عن نفسه يقل. ويزداد تفكيره في كيفية توضيح أفكاره بخصوص تطويرالعمل.
محمد (الشاب): نعم نعم.. هذه الفكرة ستضاعف الإنتاج 60%. وسنغطي أسواق (تحمس الشابلفكرته كثيرا واسترسل في شرحها والداعية لها).
بعد أن أنهىمحمد شرحه فاتحه المدير في المشكلة التي حدثت:
المدير: أنتعلى علم بالطبع بما حدث البارحة من إيقاف للمصنع. مما أدى إلى خسارة في الإنتاج. ولكنا إن شاء الله سنعوضها بفكرتك.. لكني أود أن أستمع لرأيك في سبب حدوث هذهالمشكلة؟
يفكر محمدللحظات.. لم يتوقع أن يوجه إليه هذا السؤال. كل الذي كان يفكر به كيف سيدافع عنموقفه!!!
محمد (الشاب): الفكرة ممتازة.. لكني أعتقد أننا يجب أن نخطط لطريقة تنفيذها أكثر. فعندمانفذتها. تركت ورقة للموظف الآخر، ليكون لديه علم لما أجريته من تعديلات. فلقد كنتمضطرا للخروج مبكرا من العمل.. ولكنه للأسف لم يرها. بل رأى الآلات تعمل بشكل مغايرعما تعود عليه، فذهل، واعتقد أن خللا ما ألم بها، فأطفأها.
المدير: إذاالمشكلة ليست بسبب الفكرة. وإنما بسبب أمر آخر، ما هو برأيك؟
الموظف: نعم.. المشكلة كانت في طريقة التعامل بيننا كموظفين.. فكان علي أن أتأكد من أنالورقة ستصل إلى الموظف الآخر. فالأمر ليس بسيطا. وكان على الموظف الآخر أيضااستشارتك قبل إطفاء الأجهزة، وعدم الانفعال.
المدير: إذنماذا تقترح لحل المشكلة؟
الموظف يردوقد نسى الدفاع عن نفسه، وخوفه من الاتهام: من الأفضل أن نحسن وسيلة الاتصال بينالموظفين، حتى يسهل علينا التشاور في شؤون المصنع. وأيضا علينا اتباع نظاما محددافي تطبيق الأفكار، وذلك بإخبار الجميع عنها. وأن وأن وأن (ويستمر محمد في سردالحلول).
وانتهىالحوار بينهما بوعد من المدير بجمع الموظف الشاب مع الموظف الآخر لتطبيق هذهالحلول. فخرج الموظف الشاب بحماسه المعهود، وهو يفكر بوسائل جديدة من الممكن أنتزيد إنتاجية المصنع وتطور عمله.
سأعودللتعليق على هذا الحوار بعد الانتهاء من الحوار الآخر بين المدير والموظف ذوالخبرة.
يدعو المديرالموظف الكبير في السن (عم أبو علي) فيدخل الموظف عم أبو علي، على المدير، متوترا،يفكر بما يمكن أن يقوله له المدير!!