• 0
  • مالي خلق
  • أتهاوش
  • متضايق
  • مريض
  • مستانس
  • مستغرب
  • مشتط
  • أسولف
  • مغرم
  • معصب
  • منحرج
  • آكل
  • ابكي
  • ارقص
  • اصلي
  • استهبل
  • اضحك
  • اضحك  2
  • تعجبني
  • بضبطلك
  • رايق
  • زعلان
  • عبقري
  • نايم
  • طبيعي
  • كشخة
  • النتائج 1 إلى 3 من 3

    الموضوع: ظاهرة التفرق داخل الإسلام الأسباب والعلاج

    1. #1
      التسجيل
      22-08-2004
      المشاركات
      22
      المواضيع
      5
      شكر / اعجاب مشاركة

      ظاهرة التفرق داخل الإسلام الأسباب والعلاج

      ظاهرة التفرق داخل الإسلام الأسباب والعلاج

      الشيعةوالسنه والخوارج

      مقدمة

      يعني هذا البحث المتواضع بدراسة أسباب وعوامل تفرق المسلمين وإختلافاتهم الفقهية والمذهبية وقد واجهتنا مشكلة كبيرة عندما فشلنا في إيجاد مراجع محايدة لكي نعتمد عليها في هذا البحث لقلة مثل هذه المصادر فقد إقتصرنا على بعض ما كتبه بعض أقطاب حركة التقريب بين المذاهب مثل فضيلة الشيخ حسن الصفار في كتابه الرائع التعددية والحرية في الإسلام أو ما جاء في كتاب السلفية بين أهل السنه والإمامية للأستاذ محمد الكثيري وكذلك الكتاب القيم الصحوة الإسلامية بين الاختلاف المشروع والتفرق المذموم للدكتور يوسف القرضاوي





      الإختلاف سنه كونية

      نظرة عابرة يلقيها الباحث في تاريخ الأديان والمبادئ يجد أن ظاهرة تعدد المذاهب والفرق تشكل سمة وحالة لازمة ثابتة في جميع الأديان.

      ففي بداية كل دين وأثناء حياة مؤسسه يكون مدرسة واحدة وتيارا واحدا، أما بعد فترة من الزمان وبعد ارتحال المؤسس من الدنيا فعادة ما يحصل الاختلاف والانشقاق بين اتباع ذلك الدين وتتعدد المذاهب والفرق ضمن الدين الواحد، وفي مرحلة لاحقة يحدث الانشقاق والتعدد داخل كل مذهب من المذاهب المتفرعة عن الدين الرئيسي.



      بداية التفرق داخل الإسلام

      وهذا حدث داخل الإسلام كما حدث من قبل داخل اليهودية والنصرانية وسنتعرض في بحثنا هذا لأهم أسباب تفرق شمل المسلمين

      ذكر فضيلة العلامة الجليل الشيخ حسن الصفار في كتاب التعددية والحرية في الإسلام ما يلي ..

      .....ولم يكن الإسلام بعيدا عن هذه الظاهرة، بل حدث له ما يحدث لكل الأديان والمبادئ من انقسام أتباعه إلى عدة مذاهب ومدارس وفرق. ويروي بعض أصحاب الحديث عن رسول الإسلام محمد ( ص ) أنه كان يتوقع حصول هذه الفرق والانقسامات في أمته وفقا لما حصل للأديان السماوية السابقة كاليهودية والمسيحية والمجوسية .

      حيث يروى عنه ( ص ) أنه قال: افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة.

      وقد ورد هذا الحديث بصورة مختلفة في أغلب مصادر الحديث عند فرق المسلمين وناقش العديد من العلماء مدى صحة الحديث من حيث سنده ومن حيث انطباقه على الواقع الخارجي يقول العلامة الشيخ جعفر السبحاني : (وعلى كل تقدير فيجب إمعان النظر في المراد منه على فرض صحة سنده والظاهر من الحديث أن أمته تفترق إلى تلك الفرق الهائلة حقيقة غير أن المشكلة عند ذاك هو عدم بلوغ الفرق الإسلامية هذا العدد ) .

      ( ثم إن الذين ذهبوا إلى صحة الحديث تمايلوا يمينا ويسارا في تصحيح مفاده بعد الإذعان بصحة إسناده فقالوا: أن المراد من ذلك العدد الهائل هو المبالغة في الكثرة كما في قوله سبحـانه: ( إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم )([1]) .

      وأنت خبير بأن هذه المحاولة فاشلة لأنها إنما تصح إذا ورد الحديث بصورة سبعين أو غيرها من العقود العديدة فإن هذا هو المتعارف ولكن الوارد غير ذلك فترى أن النبي يركز في حق المجوس على عدد السبعين وفي حق اليهود على عدد الإحدى والسبعين وفي حق النصارى على أثنين وسبعين وفي حق الأمة الإسلامية على ثلاث وسبعين وهذا التدرج يعرب بسهولة عن أن المراد هو البلوغ إلى هذا الحد بشكل حقيقي لا بشكل مبالغي ) .

      (وهناك محاولة جيدة لمحقق كتاب الفرق بين الفرق:

      وهي أنه على فرض صحة الحديث لا ينحصر الافتراق فيما كان في العصور الأولى فإن حديث الترمذي يتحدث عن افتراق أمة محمد ( ص ) وأمته مستمرة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين فيجب أن يتحدث في كل عصر عن الفرق التي نجمت في هذه الأمة من أول أمرها إلى الوقت الذي يتحدث فيه المتحدث ، ولا عليه إن كان العدد قد بلغ ما جاء في الحديث أو لم يبلغ، فمن الممكن بل المقطوع لو صح الحديث وقوع الأمر في واقع الناس على وفق ما أخبر به) .

      وبعيدا عن هذا الحديث فإن تاريخ الأمة الإسلامية وواقعها المعاصر يحكي عن تعددية في المذاهب والمدارس أبرزها حاليا.

      - السنة بمذاهبها الأربعة: (المالكي- الحنفي- الشافعي- الحنبلي) .

      - الشيعة بطوائفها الثلاث: ( الإمامية الاثنى عشرية- الزيدية- الإسماعيلية ).

      - الخوارج والمعروف منهم حالياً : ( الإباضية ) .. ([2])

      عوامل وأسباب التفرق

      وعوامل وأسباب هذا الإختلاف كثيرة ومتعددة وقد تكلم عنها الشيخ حسن

      الصفار بإسهاب في كتابه القيم التعددية والحرية في الإسلام فقال تحت عنوان

      العوامل والأسباب ....

      ..... في حياة مؤسس أي دين وبسبب التفاف الأتباع حوله وإيمانهم به ، وممارسته دور القائد الذي يرجع إليه في مختلف الشؤون، فإن حصول الانشقاق وتعدد المذاهب ضمن ذلك الدين يكون مستبعدا ونادر الوقوع، ولكن إذا فارق القائد المؤسس الحياة فإن المجال يصبح مفتوحا لتعدد الآراء واختلاف الإرادات بين اتباعه حيث تتأطر وتتبلور على شكل مذاهب وطوائف وفرق بمرور الزمن.

      ولكن لماذا يحصل الانشقاق بين اتباع الدين الواحد ؟ ولماذا تتعدد المذاهب والطوائف فيه ؟ وما هي العوامل والأسباب التي تنبثق منها هذه الظاهرة بشكل عام؟

      يمكننا تسليط الضوء على العوامل والأسباب التالية والتي هي مشتركة غالبا في جميع حالات تعدد مذاهب الأديان:

      أولا: العامل الفكري : فبسبب تفاوت العقول والأفكار واختلاف مستويات الإدراك والمعرفة يحصل تباين في فهم معتقدات الدين وتفسير تعاليمه، وإذا كان القائد المؤسس مرجعا للحسم والفصل يخضع له الجميع في حياته، فليس هناك ما يدعو هذا الطرف أو ذاك للتنازل عن فهمه ورأيه بعد وفاة المؤسس، بل يعتقد كل طرف أن فهمه ورأيه هو الأصح والأصوب، هنا تبدأ بذور الانشقاق والتعدد.

      وعلى أساس ذلك الاختلاف الفكري قد يحصل تعارض في المواقف السياسية أيضا.

      وكنموذج لتأثير الاختلاف الفكري في إنشاء المذاهب وتعدديتها

      : الانقسام الذي حصل بين علماء المسلمين أواخر القرن الأول الهجري إلى أهل الحديث وأهل الرأي فقد كان الفقهاء في الحجاز يعتمدون النصوص والأحاديث كمصدر أساسي لاستنباط الأحكام الشرعية ولا يعطون اعتبارا كبيرا للقياس والرأي بعكس فقهاء العراق القائلين بالقياس والرأي.

      وكان أهل الحديث يعيبون أهل الرأي بأنهم يتركون الأحاديث لأقيستهم ، والدين لا يقاس بالرأي، و انما سموا أهل الرأي لأن عنايتهم بتحصيل وجه من القياس والمعنى المستنبط من الأحكام وبناء الحوادث عليها، وربما يقدمون القياس الجلي على آحاد الأخبار، وطريقتهم أن للشريعة مصالح مقصودة التحصيل من أجلها شرعت، فجعلوا هذه المصالح أصلا من أصول الأدلة إذا لم يجدوا نصا في الكتاب والسنة الصحيحة عندهم، وقد كانت قليلة العدد لبعد العراق عن موطن الحديث.

      وأما أهل الحديث فلم يجعلوا للرأي والقياس في استنباط الأحكام هذا المحل، واتسعت شقة الخلاف واحتدم النزاع وافترق أهل الفتيا إلى فرقتين !!! .

      ولم يقتصر الخلاف بين المنهجين على الجانب الفقهي بالطبع بل انعكست آثاره على المجالات العقائدية ، فكان أهل الحديث يتعبدون بظواهر الآيات والروايات ويبنون عليها عقائدهم دون التعمق في مفاهيمها أو قبول التأويل لمتشابهاتها ، بينما كان أهل الرأي والذين أطلق عليهم "المعتزلة" فيما بعد يتمسكون بالعقل أكثر من النقل ويؤولون النقل إذا وجدوه مخالفا لفكرتهم وكان التشاجر قائمأ على ساقيه بين الفرقتين طوال قرون .

      ويقسم السيد محمد تقي الحكيم مناشئ الاختلاف الفقهي بين علماء المسلمين إلى قسمين:

      ا- الخلاف في الأصول والمباني العامة التي يعتمدونها في استنباطهم، كالخلاف في حجية أصالة الظهور الكتابي، أو الإجماع، أو القياس، أو الإستصحاب، أو غيرها من المباني مما يقع موقع الكبرى من قياس الاستنباط.

      2- اختلافهم في مدى انطباق هذه الكبريات على صغرياتها بعد اتفاقهم على الكبرى سواء كان منشأ الخلاف اختلافا في الضوابط التي تعطى لتشخيص الصغريات بوجهة عامة أم ادعاء وجود قرائن خاصة لها مدخلية في التشخيص لدى بعض وإنكارها لدى آخرين كأن يستفيد أحدهم من آية الوضوء، مثلاً - بعد اتفاقهم على حجية الكتاب- أن التحديد فيها انما هو تحديد لطبيعة الغسل وبيان لكيفيته فيفتي تبعا لذلك بالوضوء المنكوس بينما يستفيد الآخرون انه تحديد للمغسول وليس فيه أية دلالة على بيان كيفية الغسل أي أنه لم يكن في مقام البيان من هذه الجهة فلا بد من التماس بيان الكيفية من الرجوع إلى الأدلة الأخرى كالوضوءات البيانية وغيرها .

      ولسنا الآن بصدد استعراض واستقصاء موارد الخلاف العقائدي والفقهي بين المذاهب الإسلامية ولكننا أشرنا فقط إلى نموذج لدور العامل الفكري العلمي في حصول المذاهب والفرق.

      ثانيا: العامل السياسي و المصلحي : فالفراغ القيادي الذي يتركه المؤسس يخلق حالة من التنافس على السلطة، وباستمرار فان التطلع للحكم وجاذبية السلطة، والرغبة في المصالح كل ذلك يشجع على حدوث الإنشقاقات والخلافات، وقد يستعار لها غطاء عقائدي لتبريرها وكسب المؤيدين وكما أن الخلاف الفكري قد ينتج عنه خلاف سياسي، فإن الصراع السياسي والخلافات المصلحية قد

    2. #2
      التسجيل
      22-08-2004
      المشاركات
      22
      المواضيع
      5
      شكر / اعجاب مشاركة

      مشاركة: ظاهرة التفرق داخل الإسلام الأسباب والعلاج

      تتحول إلى قناعات فكرية مذهبية.


      وفي تاريخ المسلمين فإن العامل السياسي والمصلحي لعب دورا أساسيا في تمزيق الأمة وتعدد طوائفها ومذاهبها حتى قيل ما سل سيف في الإسلام على شيء مثلما سل على الإمامة والخلافة.

      ففي نفس اليوم الذي التحق فيه الرسول محمد ( ص ) بالرفيق الأعلى وحتى قبل أن يوارى جثمانه الثرى تفجرت مشكلة الخلافة والإمامة بين المسلمين، ويومها كانت بذور انشطار الأمة إلى طائفتين أساسيتين: طائفة السنة والذين يرون عدم وجود نص ديني على تعيين خليفة لرسول الله وأن الأمر متروك لاختيار المسلمين ، وطائفة الشيعة الذين يعتقدون بالنص على علي بن أبي طالب كخليفة وإمام مفترض الطاعة بعد رسول الله ( ص ) .

      كما وقد رافق بيعة الخليفة الأول للمسلمين ملابسات وظروف كانت تهدد وحدة الأمة بالخطر لكن حنكة الإمام علي بن أبي طالب ومبدأيته ساعدت على إنقاذ الموقف.

      ولننقل بعض اللقطات التي يذكرها التاريخ للتدليل على دور العامل السياسي في إيجاد حالة التعدد المذهبي والطائفي.

      جاء في تاريخ إبن الأثير (الكامل في التاريخ)([3]) تحت عنوان (حديث السقيفة وخلافة أبي بكر رضي الله عنه و أرضاه ) ما يلي:

      ( لما توفي الرسول ( ص ) أجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة ليبايعوا سعد بن عبادة، فبلغ ذلك أبا بكر فاتاهم ومعه عمر وأبو عبيده بن الجراح، فقال: ما هذا؟

      فقالوا. منا أمير ومنكم أمير.

      فقال أبو بكر: منا الأمراء ومنكم الوزراء، ثم قال! أبو بكر: قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين عمر وأبا عبيده أمين هذه الآمة.

      فقال عمر. أيكم يطيب نفسا أن يخلف قدمين قدمهما النبي ( ص ) !!!!!!!

      فبايعه عمر وبايعه الناس .

      فقالت الأنصار أو بعض الأنصار : لا نبايع إلا علياً : قال : وتخلف علي وبنو هاشم والزبير وطلحة عن البيعة .

      وقال الزبير : لا أغمد سيفاً حتى يبايع علي.

      فقال عمر : خذوا سيفه واضربوا به الحجر ، ثم أتاهم عمر فأخذهم بالبيعة .

      وقيل لما سمع علي ببيعة أبى بكر خرج في قميص ما عليه إزار ولا رداء عجلاً حتى بايعه ، ثم استدعى إزاره وردائه فتجلله .

      والصحيح أن أمير المؤمنين ما بايع إلا بعد ستة أشهر ، والله أعلم .

      وقيل : لما اجتمع الناس على بيعة أبي بكر أقبل أبو سفيان وهو يقول إني لأرى عجاجة لا يطفئها الأدم ، يا آل عبد مناف فيم أبو بكر من أموركم ؟ أين المستضعفان ؟أين الأذلان علي والعباس ؟ ما بال هذا الأمر في أقل حي من قريش ثم قال لعلي : ابسط يديك أبايعك ، فوالله لأن شئت لأملأها عليه خيلاً ورجلاً ، فأبي علي ( ع ) عليه فتمثل بشعر المتلمس :

      ولن يقيم على خسف يراد به
      إلا الأذلان غير الحي والوتد
      هذا على الخسف معكوس برمته
      وذا يشج فلا يبكي له أحد
      فزجره علي وقال: والله إنك ما أردت بهذا إلا الفتنة ، وإنك والله طالما بغيت بالإسلام شراً ! لا حاجة لنا في نصيحتك )


      ويستطرد ابن الأثير في ذكر الحوادث والملابسات حول هذا الموضوع بما لا مجال لنقل جميعه هنا.

      وجاء تمرد الخوارج على الإمام علي أواخر محركة صفين لتنشأ على أساسه طائفة جديدة في تاريخ المسلمين وهم الخوارج والذين تعددت مذاهبهم فيما بعد.

      كما عمقت أحداث كربلاء الدامية ومقتل السبط الشهيد الحسين بن علي خط التشيع والموالاة لأهل البيت ( ع ) .

      هذا عن العامل السياسي أما العامل المصلحي المحض فيمكننا الاستشهاد بفرقة "الواقفة" في أوساط الشيعة .

      فالشيعة الإمامية يعتقدون باثني عشر إماما، والإمام موسى الكاظم هو السابع منهم وحيث انه قضى فترة طويلة من حياته في السجون، فقد نصب له وكلاء لاستلام الحقوق الشرعية فاجتمعت أموال ضخمة عند بعضهم ، فكان عند زياد بن مروان القندي سبعون ألف دينار؟ وعند علي ابن أبي حمزة ثلاثون ألف دينار.. وهكذا عند غيرهما، فلما توفي الإمام موسى الكاظم، صعب على هؤلاء أن يتخلوا عن تلك المبالغ ويضعونها تحت تصرف الإمام علي بن موسى الرضا، وهو الإمام المطاع بعد أبيه الإمام موسى الكاظم، ولكي يبرروا احتفاظهم بالأموال وتصرفهم فيها ابتدعوا فكرة خلود الإمام موسى الكاظم وانه القائم المنتظر وأنكروا موته.. وتبعهم على ذلك نفر من الناس وأصبحوا فرقة ضمن الشيعة لكنهم انقرضوا بعد مدة من الزمن.

      ثالثا: العامل الخارجي : يسعى أعداء كل دين أو تجمع لتشجيع حالة الاختلاف والانشقاق في ذلك الدين أو المجتمع لإضعاف وحدته وشل فاعليته، ومن ثم فهم يعملون على تسريب وترويج الأفكار التي من شأنها تفريق المجتمع الواحد، كما يجتهدون في تأليب بعض القوى ضد البعض الآخر. ومن ناحية ثانية فان اتساع رقعة الدين وتفاعل مجتمعات جديدة معه يسبب دخول بعض العادات والأفكار والتقاليد غير المألوفة عند الاتباع السابقين فيحصل تعدد في الفهم والأساليب.

      وفي هذا المجال يرصد الباحثون الدور الذي قام به اليهودي " شاؤول " تجاه المسيحية فقد كان يهوديا متعصبا ضد المسيحيين حسب اعترافه وكما يقول عنه تلميذه المناصر له " لوقا " بأنه كان راضيا بقتل المسيحيين، وكان يسطو على الكنيسة، ويدخل البيوت، ويجر رجالاً ونساء ويسلمهم إلى السجن ولم يزل ينفث تهديداً وقتلاً على تلاميذ الرب.. هذا العدو الحاقد على المسيحية والمسيحيين تحول! فيما بعد إلى رسول مجدد ومؤسس في الديانة المسيحية وأصبح اسمه "بولس الرسول" وعلى يده دخلت في المسيحية تغييرات وتحريفات واسعة أثارت الخلاف والتمزق في أوساط المسيحيين، فكيف حصل التحول والتغير في شخصية (شاؤول أو بولس)؟

      يقول تلميذه ( لوقا ): وعندما كان بولس قريبا من دمشق، فبغته برق حوله نور من السماء فسقط على الأرض، وسمع صوتا قائلا له. شاؤول لماذا تضطهدني ؟ فقال: من أنت يا سيد؟

      فقال الرب: أنا يسوع الذي تضطهده، فقال وهو مرتعد ومتحير: يا رب ماذا تريد أن افعل؟ فقال له: قم وكرز بالمسيحية. ويقول لوقا في ختام هذه القصة جملة ذات بال غيرت وجه التاريخ هي: " وللوقت جعل يكرز في المجامع بالمسيح أن هذا هو إبن الله، ولم تكن هذه الفكرة قد عرفت من قبل فأصبحت نقطة التحول في الدراسات المسيحية وقد حدث هذا التطور لشاؤول وهو في الطريق من أورشليم إلى دمشق .

      وهكذا أخذ شاؤول- بولس الزمام في يده، فهو لم ير المسيح قط ولا سمعه يتكلم ولكنه قال بصلة مباشرة بينه وبين المسيح.. وبهذه الدعوى لم يعد لأحد حق في أن يناضله فيما ينشره من تعاليم ما دام يقول أنه تلقاها مباشرة من السيد المسيح.

      وفي وسط المحنة التي كان يمر بها المسيحيون استخف الطرب بالمسيحيين عندما رأوا بولس أكبر أعدائهم ينضم إليهم، وقد تشكك بعضهم في أمره ولكن

      ( برنابا ) دافع عنه وأحسن تقديمه إلى هؤلاء، وبعد أن أعلن بولس فكره الذي يتنافى مع المسيحية الحقيقية نفر منه زملاؤه وتلاميذه ولم يبق معه إلا تلميذه لوقا.

      وهكذا راح بولس يعتبر نفسه القيم المؤتمن على المسيحية ويقول في صراحة انه الوحيد الذي أؤتمن على المسيحية الصحيحة وعلى إن إيل مجد الله المبارك وان كل ما يخالف ما يقول به من تعاليم كلام باطل دنس مخالف للعلم.

      و بولس هو الذي ابتدع عقيدة التثليث وكون عيسى إبن الله أنزله ليضحي بنفسه تكفيرا عن خطيئة البشر وأمثالها من المعتقدات الجديدة. وعمدت مهارة بولس إلى إرضاء طبقة السادة والحاكمين حيث جعل طاعتهم دينا كإطاعة المسيح.. وحدث صراع ضخم بين بولس وأنصاره من جهة وبين المسيحيين الحقيقين من جهة أخرى وامتد قرونا بعد وفاة بولس..

      ويرى كثير من الباحثين أن عداوة بولس للمسيحية هي التي دفعته ليتظاهر بالدخول فيها ليستمر في حربها بسلاح جديد، سلاح التهديد من الداخل .

      أما في تاريخ الإسلام فيبدو أن خططا ومؤامرات كثيرة قد وضعت لتصنع بالإسلام ما صنعه بولس- شاؤول في المسيحية، وقد نجح بعضها إلى حد ما في إثارة الخلافات بين المسلمين، وتشويه بعض معالم الفكر الإسلامي.

      حيث لما قويت شوكة الدعوة المحمدية واشتد ساعدها، وتحطمت أمامها كل قوة تنازعها، لم ير من كانوا يقفون أمامها ويصدون عن سبيلها، إلا أن يكيدوا لها عن طريق الحيلة والخداع.. ولما كان أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود، لأنهم بزعمهم شعب الله المختار، فلا يعترفون لأحد غيرهم بفضل، ولا يقرون لنبي بعد موسى برسالة، فإن رهبانهم وأحبارهم لم يجدوا بدا من أن يستعينوا بالمكر، ويتوسلوا بالدهاء، لكي يصلوا إلى ما يبتغون فهداهم المكر اليهودي إلى أن يتظاهر بعضهم بالإسلام حتى يخفى كيدهم، ويجوز على المسلمين مكرهم، وقد كان أقوى هؤلاء الكهان دهاء وأشدهم مكرا: كعب الأحبار ووهب بن منبه وعبد الله بن سلام، ولما وجدوا أن حيلهم قد راجت بما أظهروه من كاذب الورع والتقوى، وان المسلمين قد سكنوا إليهم، واكتروا بهم، جعلوا أول همهم أن يضربوا المسلمين في صميم دينهم، وذلك بأن يدسوا إلى أصوله التي قام عليها ما يريدون من أساطير وخرافات وأوهام وترهات...

      وكعب الأحبار هو كعب بن مانع من كبار أحبار اليهود، قدم من اليمن وأسلم في خلافة عمر بن الخطاب وسكن المدينة، ثم تحول إلى الشام في زمن الخليفة عثمان فاستصفاه معاوية وجعله من مستشاريه ، ومات بحمص سنة 34 هـ بعدما ملأ الشام وغيرها من البلاد الإسلامية برواياته وقصصه اليهودية .

      ويؤكد العلامة الشيخ جعفر السبحاني أن بعض الأفكار التي أصبحت مجالا للاختلاف العقائدي بين المسلمين هي من صنع وبث كعب الأحبار هذا، فالمطالع في مروياته يقف على أنه يركز على القول بأمرين: التجسيم والرؤية- رؤية الله...

      أما وهب بن منبه فقد ذكر المؤرخون أنه فارسي الأصل جاء جده إلى اليمن في جملة من بعثهم كسرى لنجدة اليمن على الحبشة وكان يهودياً بعد أن كان مجوسيا ولد سنة 34 هـ وتوفي بصنعاء سنة 14 ا هـ، ويظهر من تاريخ حياته ومروياته أنه أحد المصادر لانتشار نظرية نفي الاختيار والمشيئة عن الإنسان ، هذه النظرية التي حدث حولها صراع عقائدي شديد بين المسلمين.

      وإلى جانب العناصر اليهودية المندسة كانت هناك عناصر مسيحية تظاهرت بالإسلام ولعبت دورا فكريا في أوساط المسلمين ببث بعض المفاهيم واختلاق الأحاديث والروايات ومن أبرز تلك العناصر المشبوهة: تميم بن أوس الداري وهو من نصارى اليمن أسلم سنة 9 هـ وسكن المدينة، والتحق بمعاوية في الشام بعد مقتل عثمان ومات سنة 40 هـ وهو أول من استخدم أسلوب القصص بين المسلمين لعرض أخبار الأمم السالفة وروج عبرها الأساطير والأفكار المسيحية.

      ومنهم عبد الملك بن جريج الرومي وكان نصرانيا ولد سنة 80 هـ وتوفي سنة 150 هـ وعنه صدرت أحاديث كاذبة موضوعة كثيرة.

      كما ويشير الأستاذ محمد أبو زهرة إلى أن مسألة خلق القرآن أو قدمه هي من المسائل التي أثارها المندسون في المسلمين، وكم عانى المسلمون من صراع حول هذه المسألة؟ يقول أبو زهرة: "كثر القول حول! القرآن الكريم في كونه مخلوقا أو غير مخلوق، وقد عمل على إثارة هذه المسألة النصارى الذين كانوا في حاشية البيت الأموي وعلى رأسهم يوحنا الدمشقي الذي كان يبث بين علماء النصارى في البلاد الإسلامية طرق المناظرات التي تشكك المسلمين في دينهم، وينشر بين المسلمين الأكاذيب عن نبيهم.. " .

      ويرى الدكتور مصطفى الرافعي أن مذهب "القدرية" كانت بدايته في البصرة وأول من دعا إليه رجل يهودي و أخذه عنه غيلان الدمشقي ومعبد الجهمي، فهذا كان يدعو إلى القدرية في البصرة وقد قتله الحجاج، وغيلان كان يدعو إليها في الشام وقد قتله هشام بن عبد الملك .

      تلك كانت بعض النماذج التي تكشف عن وجود عامل خارجي لعب دورا مؤثراً في حصول الانقسامات المذهبية في الأمة . ([4] )





      المحصلة النهاية لظاهرة التفرق داخل الإسلام

      إذاالبداية الحقيقية لأول إختلاف في الإسلام بدأت بعد وفاة النبي مباشرة وقد ذكر محمد الكثيري في كتابه السلفية بين أهل السنه والإمامية ....

      ..... لقد افترق المجتمع الإسلامي الأول مباشرة بعد وفاة الرسول (ص) إلى فرقتين، فمن الصحابة من آمن بولاية علي بن أبي طالب ابن عم الرسول وزوج ابنته فاطمة، لا على أساس القرابة وفضل الجهاد. وإنما على أساس النص والتعيين النبوي ، بالإضافة إلى ادعائه عليه السلام نفسه بكونه الولي الشرعي المنصوص عليه من طرف الله ورسوله وناصر جمع من المهاجرين والأنصار استخلاف أبي بكر وعمر وعثمان وأنكروا النص على خلافة علي بن أبي طالب، وظهرت للوجود آنذاك فرقة الشيعة متميزة، وهم أتباع علي من الصحابة وغيرهم من التابعين وتابع التابعين. وبعد الحروب التي خاضها الإمام علي إبان خلافته. ظهرت فرقة الخوارج، وبعدها بقليل ظهرت فرقة المرجئة. وقد تحولت هذه الفرق السياسية إلى فرق كلامية ودينية. تدافع عن معتقداتها السياسية والفكرية بنص الكتاب والسنة، وغيرهما مما اختلق من مصادر وأساليب الحجاج والجدال، فظهرت بذلك الفرق الدينية الكبرى التي أثرت في تاريخ الأمة الإسلامية جمعاء. منذ ذاك العهد وإلى يوم الناس هذا. ([5] )

      صور مأساوية لنتائج التفرق

      وكانت حادثة السقيفة هي بداية تاريخ تفرق وإختلاف المسلمين فيما بعد في كل الأصول والفروع التي جاء بها نبيهم مكلفا بها من قبل المولى عز وجل وجاء في كتاب السلفية بين أهل السنه والإمامية للأستاذ محمد الكثيري ....

      ..... ظهر التيار الجبري الأموي، وفي مقابله وضده انطلق القدريون دعاة للحرية الإنسانية بشكل متطرف. وإلى جانب الفرق التي جادلت في بعض القضايا الخاصة بمشكلات عقائدية ([6]) لها جذور في النص القرآني والحديثي، أو كانت محل إثارة وجدال لدى الأديان والمذاهب السابقة على الإسلام، مثل التشبيه والتجسيم. وقامت فرق أخرى للرد على تلك الفرق، المعتزلة والأشاعرة وأهل الحديث بفرقهم من معتدلين وحشوية، كما ظهرت المذاهب الفقهية الأربعة وغيرها مما اندثر وعفى عنه الزمن.

      إن هذه الفرق وغيرها كثير، والتي حاولنا ذكرها بإجمال في هذه العجالة، قد سجل ظهورها في القرن الأول أو الثاني والثالث. بالإضافة إلى أحداث أليمة متمثلة في حروب دامية أكلت الأخضر واليابس، شارك فيها الصحابة والتابعون وتابعوا التابعين، أي قامت في عهد السلف، وتحت إمرة من يعتبرون من أعاظم السلف، وسفكت فيها دماء الكثير من السلف الصالح، فقد قتل الخليفة الثاني على يد مولى لأحد الصحابة، وقتل الصحابة وبعض التابعين عثمان بن عفان الخليفة الثالث، وقتل الإمام علي على يد الخوارج، وحارب معاوية وهو صحابي - كما يعتبره السلفية - الإمام الشرعي، واغتصب الخلافة من ابنه الحسن. وسفكت الدماء أنهارا، وهتكت الأعراض، ونهبت الأموال بسبب ذلك. وقتل معاوية بن أبي سفيان الحسن بن علي، وعددا من كبار الصحابة كحجر بن عدي. وقتل ابنه يزيد بن معاوية الحسين بن علي، وسبى أهله. وتوالى القتل والنهب والتشريد والظلم الفظيع بعد ذلك على يد ملوك بني أمية وأمرائهم. فغزيت مدينة رسول الله واستباحها الجيش الأموي ثلاثة أيام، قتل فيها عدد من الصحابة والتابعين، وولدت نساؤهم وبناتهم من الزنا. حيث هتكت أعراض الكثيرات منهن. كما هدمت الكعبة. وغير ذلك من الأحداث الجسام، التي سطرها التاريخ

    3. #3
      التسجيل
      22-08-2004
      المشاركات
      22
      المواضيع
      5
      شكر / اعجاب مشاركة

      مشاركة: ظاهرة التفرق داخل الإسلام الأسباب والعلاج

      ونسبها لهذه الفترة التي يقول فيها الحديث المروى عن الرسول (ص) خير القرون قرني ثم الذي يليه، ثم الذي يليه ؟ !. ([7])


      مقترحات لتجاوز حالة التفرق

      وفي عصرنا الحالي تجلت النتائج الحقيقية لهذه الإختلافات المذهبية والفكرية وظهرت في صورة ضعف وتشرذم المسلمين وهوانهم على الناس وتداعي الأمم عليهم لإفتراسهم رغم كثرتهم التي لا تغني عنهم شيئا ورغم أن تعدادهم يقارب المليار ونصف بما يساوي ربع سكان الكرة الأرضية لكن كلمتهم ممزقة ولا توجد لديهم مرجعية يتفقون عليها ولا نقصد بتفرقهم هو الخلاف التاريخي بين من يزعمون أنهم أهل السنه والجماعة ومن يزعمون أنهم شيعة آل بيت النبي لكن الخلاف بين أصحاب الراية الواحدة أحيانا كخلاف السلفيين ( الحشوية الحنبلية ) مع أهل السنه ( الأشاعرة والماتريدية ) قد يصل للتكفير وهو ماحدث بالفعل عندما أفتى محمد بن عبد الوهاب بجواز قتل من يعتقد " عقيدة أهل السنة والجماعة " من الأشاعرة خصوصا . أما عن الخلاف بين الشيعة والسنه فحدث ولا حرج فقد وصل الغباء بأتباع المذهبين أن أحلوا دماء أصحاب المذهب الآخر رغم شهادة كل منهما بأن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وأهل السنه ينكرون على الشيعة كراهيتهم لخلافة الخلفاء الثلاثة وتفضيلهم لعلي بن أبي طالب عليهم والشيعة ينكرون على أهل السنه عدم إعترافهم بولاية علي والحق أن كل صحابة الرسول لم ينزل فيهم قرآن يجبرنا على تقديسهم بهذا الشكل الغبي ومهما ساق أتباع كل فريق من حجج لن ترقى بنا أبدا لمرتبة اليقين بما يزعمون من أباطيل فعلي وعثمان وعمر وأبي بكر سيقفون غدا بين يدي الله ولا نعلم يقينا مايفعل الله بهم اللهم إلا إذا كان أي من الفريقين إتخذ عند الله عهدا ولن يخلف الله وعده وهذا ما يزعمه كل فريق فيطير بمن يقدسه إلى عنان السماء ويخترع أحاديث لتأكيد مذهبه لا يصدقها إلا كل ذي عقل سقيم

      وحقيقة لا يوجد سبب عقلاني يدفع مسلمو اليوم للخوض في هذه اللجة المهلكة حتى نعود لديننا الذي إرتضاه لنا نبينا ونتمسك بحبل الله جميعا ليزول عنا غضب الله ويعود لنا عزنا وقدسنا

      وقد جاء في كتاب الصحوة الإسلامية بين الاختلاف المشروع والتفرق المذموم للدكتور يوسف القرضاوي مايلي ....

      ..... يجب أن يكون هدف الداعين إلى الإسلام والعاملين له: الاتحاد والألفة، واجتماع القلوب، والتئام الصفوف، والبعد عن الاختلاف والفرقة، وكل ما يمزق الجماعة أو يفرق الكلمة، من العداوة الظاهرة، أو البغضاء الباطنة، ويؤدي إلى فساد ذات البين، مما يوهن دين الأمة ودنياها جميعا.

      فلا يوجد دين دعا إلى الأخوة التي تتجسد في الاتحاد والتضامن، والتساند والتآلف، والتعاون والتكاتف، وحذر من التفرق والاختلاف والتعادي، مثل الإسلام في قرآنه وسنته. يقول الله تعالى في سورة آل عمران: (يأيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين. وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدى إلى صراط مستقيم. يأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون. واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون، ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون. ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم. يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون. وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون). ([8])



      نقل الحافظ السيوطي في "الدر المنثور" في سبب النزول هذه الآيات جملة آثار عن بعض الصحابة والتابعين، أكثرها تفصيلا: ما أخرجه ابن اسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن زيد بن أسلم قال: مر شاس بن قيس ـ وكان شيخا قد عسا في الجاهلية، عظيم الكفر، شديد الضغن على المسلمين شديد الحسد لهم ـ على نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأوس والخزرج في مجلس قد جمعهم، يتحدثون فيه، فغاظه ما رأى من إلفتهم وجماعتهم وصلاح ذات بينهم على الإسلام، بعد الذي كان بينهم من العداوة في الجاهلية فقال: قد اجتمع ملأ بني قيلة بهذه البلاد، والله ما لنا معهم إذا اجتمع ملؤهم بها من قرار، فأمر فتى شابا معه من يهود، فقال: اعمد إليهم فاجلس معهم، ثم ذكرهم يوم بعاث، وما كان قبله، وأنشدهم بعض ما كانوا تقاولوا فيه من الأشعار، وكان يوم بعاث يوما اقتتلت فيه الأوس والخزرج وكان الظفر فيه للأوس على الخزرج، ففعل فتكلم القوم عند ذلك، وتنازعوا وتفاخروا، حتى تواثب رجلان من الحيين على الركب، أوس بن قيظي أحد بني حارثة من الأوس، وجبار بن صخر أحد بني سلمة من الخزرج، فتقاولا، ثم قال أحدهما لصاحبه: إن شئتم والله رددناها الآن جذعة، وغضب الفريقان جميعا، وقالوا: قد فعلنا، السلاح السلاح، موعدكم الظاهرة ـ والظاهرة الحرة ـ فخرجوا إليها، وانضمت الأوس بعضها إلى بعض، والخزرج بعضها إلى بعض، على دعواهم التي كانوا عليها في الجاهلية. فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين من أصحابه حتى جاءهم فقال: يا معشر المسلمين الله الله، أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟ أبعد إذ هداكم الله إلى الإسلام، وأكرمكم به، وقطع به عنكم أمر الجاهلية، واستنقذكم به من الكفر، وألف به بينكم، ترجعون إلى ما كنتم عليه كفارا، فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان، وكيد من عدوهم لهم، فألقوا السلاح، وبكوا، وعانق الرجال بعضهم بعضا، ثم انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، سامعين مطيعين، قد أطفأ الله عنهم كيد عدو الله شاس، وأنزل الله في شأن شاس بن قيس، وما صنع: (قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون). إلى قوله: (وما الله بغافل عما تعملون) وأنزل في أوس بن قيظي وجبار بن صخر ومن كان معهما، من قومهما الذين صنعوا ما صنعوا: (يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين) إلى قوله: (وأولئك لهم عذاب عظيم). ([9])



      والآيات الكريمة دعوة قوية إلى توحيد الكلمة، واجتماع الصف المسلم على الإسلام، وقد تضمنت:

      1. التحذير من دسائس غير المسلمين، ومن طاعتهم فيما يوسوسون به، فليس وراءها إلا الارتداد على الأعقاب، والكفر بعد الإيمان.

      2. التعبير عن الاتحاد بالإيمان، وعن التفرق بالكفر، فإن معنى (يردوكم بعد إيمانكم كافرين) أي بعد وحدتكم وأخوتكم متفرقين متعادين كما تدل أسباب النزول.

      3. أن الاعتصام بحبل الله من الجميع هو أساس الوحدة والتجمع بين المسلمين وحبل الله هو الإسلام، والقرآن.

      4. التذكير بنعمة الأخوة الإيمانية بعد عداوات الجاهلية وإحنها وحروبها، وهي أعظم النعم بعد الإيمان (وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم، ولكن الله ألف بينهم، إنه عزيز حكيم) ([10])

      5. لا يجمع الأمة أمر مثل أن يكون لها هدف كبير تعيش له، ورسالة عليا تعمل من أجلها، وليس هناك هدف أو رسالة للأمة الإسلامية أكبر ولا أرفع من الدعوة إلى الخير الذي جاء به الإسلام، وهذا سر قوله تعالى في هذا السياق (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون).

      6. التاريخ سجل العبر، والواعظ الصامت للبشر، وقد سجل التاريخ أن من قبلنا تفرقوا واختلفوا في الدين فهلكوا، ولم يكن لهم عذر، لأنهم اختلفوا بعد ما جاءهم العلم، وجاءتهم البينات من ربهم، ومن هنا كان التحذير الإلهي: (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم).

      هذا وقد أكد القرآن أن المسلمين ـ وإن اختلفت أجناسهم وألوانهم وأوطانهم ولغاتهم وطبقاتهم ـ أمة واحدة، وهم الأمة الوسط الذين جعلهم الله (شهداء على الناس) ([11])

      وهم كما وصفهم القرآن (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) ([12])

      وأعلن القرآن أن الأخوة الواشجة هي الرباط المقدس بين جماعة المسلمين وهي العنوان المعبر عن حقيقة الإيمان (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون) ([13])

      وجاءت الآيات بعد هذه الآية تقيم سياجا من الآداب والفضائل الأخلاقية يحمي الأخوة مما يشوهها ويؤذيها، من السخرية، واللمز، والتنابز بالألقاب، وسوء الظن، والتجسس، والغيبة (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خير منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن، ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب، بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان، ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون. يأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن، إن بعض الظن إثم، ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا، أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه، واتقوا الله إن الله تواب رحيم) ([14])

      وحذر القرآن من التفرق إيما تحذير. ومن ذلك قوله تعالى: (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا، ويذيق بعضكم بأس بعض) ([15])

      فجعل تفريق الأمة شيعا، يذوق بعضها بأس بعض، من أنواع العقوبات القدرية التي ينزلها الله بالناس إذا انحرفوا عن طريقه، ولم يعتبروا بآياته، وقرنها القرآن بالرجم ينزل من فوقهم، كالذي نزل بقوم لوط، أو بالخسف يقع من تحت أرجلهم، كالذي وقع لقارون.

      وقال تعالى: (إن الذين فرقوا دينهم كانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون) ([16])

      جاء عن ابن عباس أن هذه الآية نزلت في اليهود والنصارى الذين تفرقوا واختلفوا في دينهم.

      وجاء عن غيره أنهم أهل البدع، وأهل الشبهات، وأهل الضلالة من هذه الأمة.

      قال ابن كثير: والظاهر أن الآية عامة في كل من فارق دين الله وكان مخالفا له، فإن الله بعث رسوله بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله، وشرعه واحد، لا اختلاف فيه ولا افتراق، فمن اختلف فيه (وكانوا شيعا) أي فرقا كأهل الملل والنحل والأهواء والضلالات، فإن الله تعالى، قد برأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما هم فيه. وهذه الآية كقوله تعالى: (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك، وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه) ([17])



      والله من وراء القصد


      [1] ) سورة التوبة الآية 80.


      [2] ) كتاب التعددية والحرية في الإسلام ... تأليف حسن الصفار صفحة 107 و 108


      [3] ) كتاب الكامل في التاريخ إبن الأثير


      [4] ) كتاب التعددية والحرية في الإسلام ... تأليف حسن الصفار الصفحات 108و 109 و 110 و 111 و 112 و 113 و 114


      [5] )كتاب السلفية بين أهل السنه والإمامية للأستاذ محمد الكثيري صفحة 29


      [6]مثل مشكل الصفات الخبرية، والمتشابه والمحكم في القرآن.


      [7])كتاب السلفية بين أهل السنه والإمامية للأستاذ محمد الكثيري صفحة 30و31


      [8] سورة آل عمران: 100ـ 107


      [9] ) الدر المنثور للحافظ السيوطي


      ( [10] سورة الأنفال: الآية: 63


      [11] ) (سورة البقرة: 143)


      [12] ) (سورة آل عمران الآية: 110).


      [13] ) (سورة الحجرات: 10).


      [14] ) (سورة الحجرات: 11،12).


      [15] ) (سورة الأنعام: 65).


      [16] ) (سورة الأنعام: 159).




      [17] ) (سورة الشورى: 13).

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •