النتائج 1 إلى 14 من 14

الموضوع: سلسلة البداية والنهاية لابن كثير

  1. #1
    التسجيل
    02-04-2004
    المشاركات
    33

    سلسلة البداية والنهاية لابن كثير

    بسم الله الرحمن الرحيم

    والصلام والسلام على سيد المرسلين, سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين

    احييكم بتحية الاسلام, السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    مقدمة/

    اعزائي اعضاء ورواد منتديات المنتدى ... ادعوا الله ان يوفقكم فيما يحب ويرضى وان يغفر لكم ذنوبكم ويتقبل صالح اعمالكم

    احببت ان ابدا هنا وفي هذا المنتدى الرائع.. والذي وجدت فيه ما فقدته في جولاتي الكثيرة في عالم الانترنت والمنتديات... احببت ان ابدا سلسلة من روائع ما وجد في المكتبات. ومن انفس الكتب التي خرجت الينا..

    وهذا الكتاب هو للشيخ الإمام العالم العلامة أبو الفداء عماد الدين إسماعيل بن كثير رحمه الله تعالى وعنوانه ((البداية و النهاية)) ... قام فيه الكاتب بسرد قصة هذا الوجود مستعينا بكتاب الله واحاديث نبيه الكريم... وقد ابدع الشيخ في سهولة الطرح... وسرعة الفهم... وقد بدأ في الحديث عن خلق العرش والسماوات حتى وصل الى ما قد وصل اليه قبل وفاته عليه رحمة الله والمسلمين جميعا...

    قبل ان ابدا بطرح السلسلة اود ان انبه ان السلسلة طويلة جدا.... وسوف اقوم بعون الله بنقل ما تيسر لي الى هذا المنتدى العريق... وسوف اقوم بالتجديد واضافة الفصول كلما سنح لي الوقت.... وعند تعذري عن القيام بذلك سوف اذكر لكم المصادر حتى يعينني عليها احد غيري.

    وسأحاول الاختصار قدر ما استطيع... وقد اترك فصلا او آخر بحسب ما تقتضيه الحاجة

    واود من الأعضاء الذين يرغبون في الرد ان يكتفوا بالرد ردا اما يزيد معلومة او ان يقوم بتصحيح ما اخطأت في نقله او مناقشة جانب من جوانب ما تم ذكره حتى نستخرج اكبر قدر ممكن من الفوائد من هذا الموضوع

    ومن هنا نتكول على الله ونطلب منه العون... وسنبدأ هذه السلسلة

    _________________

    اخوكم عثمان باشا

  2. #2
    التسجيل
    02-04-2004
    المشاركات
    33

    مشاركة: سلسلة البداية والنهاية لابن كثير

    فصل فيما ورد في صفة خلق العرش والكرسي

    قال الله تعالى رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ وقال تعالى فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ وقال الله تعالى لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ وقال وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ وقال تعالى الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى وقال ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ في غير ما آية من القرآن وقال تعالى الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا وقال تعالى وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ وقال تعالى وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وفي الدعاء المروي في الصحيح في دعاء الكرب لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش الكريم لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض رب العرش الكريم وقال الإمام أحمد حدثنا عبد الرزاق حدثنا يحيى بن العلاء عن عمه شعيب بن خالد حدثني سماك بن حرب عن عبد الله بن عميرة عن الأحنف بن قيس عن عباس بن عبد المطلب قال كنا جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبطحاء فمرت سحابة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتدرون ما هذا قال قلنا السحاب قال والمزن قال قلنا والمزن قال والعنان قال فسكتنا فقال هل تدرون كم بين السماء والأرض قال قلنا الله ورسوله أعلم قال بينهما مسيرة خمسمائة سنة ومن كل سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة سنة وكثف كل سماء مسيرة خمسمائة سنة وفوق السماء السابعة بحر بين أسفله وأعلاه كما بين السماء والأرض ثم فوق ذلك ثمانية أوعال بين ركبهن وأظلافهن كما بين السماء والأرض ثم على ظهورهم العرش بين أسفله وأعلاه كما بين السماء والأرض والله فوق ذلك وليس يخفى عليه من أعمال بني آدم شيء هذا لفظ الإمام أحمد ورواه أبو داود وابن ماجه والترمذي من حديث سماك بإسناده نحوه وقال الترمذي هذا حديث حسن وروى شريك بعض هذا الحديث عن سماك ووقفه ولفظ أبي داود وهل تدرون بعد ما بين السماء والأرض قالوا لا ندري قال بعد ما بينهما إما واحدة أو اثنتين أو ثلاثة وسبعون سنة والباقي نحوه وقال أبو داود حدثنا عبد الأعلى بن حماد ومحمد بن المثنى ومحمد بن بشار وأحمد بن سعيد الرباطي قالوا حدثنا وهب بن جرير قال أحمد كتبناه من نسخته وهذا لفظه قال حدثنا أبي قال سمعت محمد بن إسحاق يحدث عن يعقوب بن عقبة عن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن جده قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أعرابي فقال يا رسول الله جهدت الأنفس وجاعت العيال ونهكت الأموال وهلكت الأنعام فاستسق الله لنا فإنا نستشفع بك على الله ونستشفع بالله عليك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحك أتدري ما تقول وسبح رسول الله صلى الله عليه وسلم فما زال يسبح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه ثم قال ويحك إنه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه شأن الله أعظم من ذلك ويحك أتدري ما الله إن عرشه على سمواته هكذا وقال بأصابعه مثل القبة عليه وإنه ليئط به أطيط الزحل بالراكب قال ابن بشار في حديثه أن الله فوق عرشه وعرشه فوق سمواته وساق الحديث وقال عبد الأعلى وابن المثنى وابن بشار عن يعقوب بن عقبة وجبير بن محمد بن جبير عن أبيه عن جده قال أبو داود والحديث بإسناد أحمد بن سعيد وهو الصحيح وافقه عليه جماعة منهم يحيى بن معين وعلي بن المديني ورواه جماعة منهم عن ابن إسحاق كما قال أحمد أيضا وكان سماع عبد الأعلى وابن المثنى وابن بشار في نسخة واحدة فيما بلغني تفرد بإخراجها أبو داود وقد صنف الحافظ أبو القاسم ابن عساكر الدمشقي جزءا في الرد على هذا الحديث سماه ببيان الوهم والتخليط الواقع في حديث الأطيط واستفرغ وسعه في الطعن على محمد بن إسحاق بن يسار راويه وذكر كلام الناس فيه ولكن قد روي هذا اللفظ من طريق أخرى عن غير محمد بن إسحاق فرواه عبد بن حميد و ابن جرير في تفسيريهما وابن أبي عاصم والطبراني في كتابي السنة لهما والبزار في مسنده والحافظ الضياء المقدسي في مختاراته من طريق أبي إسحاق السبيعي عن عبد الله بن خليفة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال أتت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت ادع الله أن يدخلني الجنة قال فعظم الرب تبارك وتعالى وقال إن كرسيه وسع السموات والأرض وإن له أطيطا كأطيط الزحل الجديد من ثقله عبد الله بن خليفة هذا ليس بذاك المشهور وفي سماعه من عمر نظر ثم منهم من يرويه موقوفا ومرسلا ومنهم من يزيد فيه زيادة غريبة والله أعلم


    وثبت في صحيح البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا سألتم الله الجنة فسلوه الفردوس فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة وفوقه عرش الرحمن يروى وفوقه بالفتح على الظرفية وبالضم قال شيخنا الحافظ المزي وهو أحسن أي وأعلاها عرش الرحمن وقد جاء في بعض الآثار أن أهل الفردوس يسمعون أطيط العرش وهو تسبيحه وتعظيمه وما ذاك إلا لقربهم منه وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقد اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ وذكر الحافظ ابن الحافظ محمد بن عثمان بن أبي شيبة في كتاب صفة العرش عن بعض السلف أن العرش مخلوق من ياقوتة حمراء بعد ما بين قطريه مسيرة خمسين ألف سنة وذكرنا عند قوله تعالى تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ أنه بعد ما بين العرش إلى الأرض السابعة مسيرة خمسين ألف سنة واتساعه خمسون ألف سنة وقد ذهب طائفة من أهل الكلام إلى أن العرش فلك مستدير من جميع جوانبه محيط بالعالم من كل جهة ولذا سموه الفلك التاسع والفلك الأطلس والأثير وهذا ليس بجيد لأنه قد ثبت في الشرع أن له قوائم تحمله الملائكة والفلك لا يكون له قوائم ولا يحمل وأيضا فإنه فوق الجنة والجنة فوق السموات وفيها مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض فالبعد الذي بينه وبين الكرسي ليس هو نسبة فلك إلى فلك وأيضا فإن العرش في اللغة عبارة عن السرير الذي للملك كما قال تعالى وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ وليس هو فلكا ولا تفهم منه العرب ذلك والقرآن إنما نزل بلغة العرب فهو سرير ذو قوائم تحمله الملائكة وهو كالقبة على العالم وهو سقف المخلوقات قال الله تعالى الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا وقد تقدم في حديث الأوعال أنهم ثمانية وفوق ظهورهن العرش وقال تعالى وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ .

    وقال شهر بن حوشب حملة العرش ثمانية أربعة منهم يقولون سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على حلمك بعد علمك وأربعة يقولون سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على عفوك بعد قدرتك


    وقال أبو داود حدثنا أحمد بن حفص بن عبد الله حدثني أبي حدثنا إبراهيم بن طهمان عن موسى بن عقبة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله عز وجل من حملة العرش أن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام ورواه ابن أبي عاصم ولفظه محقق الطير مسيرة سبعمائة عام
    وأما الكرسي: فروى ابن جرير من طريق جويبر وهو ضعيف عن الحسن البصري أنه كان يقول الكرسي هو العرش وهذا لا يصح عن الحسن بل الصحيح عنه وعن غيره من الصحابة والتابعين أن الكرسي غيرالعرش وعن ابن عباس وسعيد بن جبير أنهما قالا في قوله تعالى وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أي علمه والمحفوظ عن ابن عباس كما رواه الحاكم في مستدركه وقال إنه على شرط الشيخين ولم يخرجاه من طريق سفيان الثوري عن عمار الدهني عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال الكرسي موضع القدمين والعرش لا يقدر قدره إلا الله عز وجل وقد رواه شجاع بن مخلد الفلاس في تفسيره عن أبي عاصم النبيل عن الثوري فجعله مرفوعا والصواب أنه موقوف على ابن عباس وحكاه ابن جرير عن أبي موسى الأشعري والضحاك بن مزاحم وإسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير ومسلم البطين وقال السدي عن أبي مالك الكرسي تحت العرش وقال السدي السموات والأرض في جوف الكرسي والكرسي بين العرش وروى ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس انه قال لو أن السموات السبع والأرضين السبع بسطن ثم وصلن بعضهن إلى بعض ما كن في سعة الكرسي إلا بمنزلة الحلقة في المفارة وقال ابن جرير حدثني يونس حدثنا ابن وهب قال قال ابن زيد حدثني أبي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما السموات السبع في الكرسي إلا كدارهم سبعة ألقيت في ترس قال وقال أبو ذر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما الكرسي في العرش إلا كحلقة من حديد ألقيت بين ظهري فلاة من الأرض أول الحديث مرسل وعن أبي ذر منقطع وقد روي عنه من طريق أخرى موصولا فقال الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره أخبرنا سليمان بن أحمد الطبراني أنبأنا عبد الله بن وهيب الغزي أنبأنا محمد بن أبي سري العسقلاني أنبأنا محمد بن عبد الله التميمي عن القاسم بن محمد الثقفي عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ذر الغفاري أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكرسي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده ما السموات السبع والأرضون السبع عند الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة وإن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة وقال ابن جرير في تاريخه حدثنا ابن وكيع قال حدثنا أبي عن سفيان عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير قال سئل ابن عباس عن قوله عز وجل وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ على أي شيء كان الماء قال على متن الريح قال والسموات والأرضون وكل ما فيهن من شيء تحيط بها البحار ويحيط بذلك كله الهيكل ويحيط بالهيكل فيما قيل الكرسي وروى عن وهب بن منبه نحوه وفسر وهب الهيكل فقال شيء من أطراف السموات محدق بالأرضين والبحار كأطناب الفسطاط وقد زعم بعض من ينتسب إلى علم الهيئة أن الكرسي عبارة عن الفلك الثامن الذي يسمونه فلك الكواكب الثوابت وفيما زعموه نظر لأنه قد ثبت أنه أعظم من السموات السبع بشيء كثير ورد الحديث المتقدم بان نسبتها إليه كنسبة حلقة ملقاة بأرض فلاة وهذا ليس نسبة فلك إلى فلك فإن قال قائلهم فنحن نعترف بذلك ونسميه مع ذلك فلكا فنقول الكرسي ليس في اللغة عبارة عن الفلك وإنما هو كما قال غير واحد من السلف إن الكرسي بين يدي العرش كالمرقاة إليه ومثل هذا لا يكون فلكا ومن زعم منهم أن الكواكب الثوابت مرصعة فيه فقد قال ما لا يعلم ولا دليل لهم عليه هذا مع اختلافهم في ذلك أيضا كما هو مقرر في كتبهم والله أعلم

  3. #3
    التسجيل
    02-04-2004
    المشاركات
    33

    مشاركة: سلسلة البداية والنهاية لابن كثير

    فصل في ذكر اللوح المحفوظ

    قال الحافظ أبو القاسم الطبراني حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة حدثنا منجاب بن الحارث حدثنا إبراهيم بن يوسف حدثنا زياد بن عبد الله عن ليث عن عبد الملك بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عباس أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله خلق لوحا محفوظا من درة بيضاء صفحاتها من ياقوتة حمراء قلمه نور وكتابه نور لله فيه في كل يوم ستون وثلثمائة لحظة يخلق ويرزق ويميت ويحيي ويعز ويذل ويفعل ما يشاء وقال إسحاق بن بشر أخبرني مقاتل وابن جريج عن مجاهد عن ابن عباس قال إن في صدر اللوح لا إله إلا الله وحده دينه الإسلام ومحمد عبده ورسوله فمن آمن بالله وصدق بوعده واتبع رسله أدخله الجنة قال واللوح المحفوظ لوح من درة بيضاء طوله ما بين السماء والأرض وعرضه ما بين المشرق والمغرب وحافتاه الدر والياقوت ودفتاه ياقوتة حمراء وقلمه نور وكلامه معقود بالعرش وأصلح في حجر ملك وقال أنس بن مالك وغيره من السلف اللوح المحفوظ في جبهة إسرافيل وقال مقاتل هو عن يمين العرش

  4. #4
    التسجيل
    02-04-2004
    المشاركات
    33

    مشاركة: سلسلة البداية والنهاية لابن كثير

    موعدنا يوم الجمعة اذا احيانا الله

    والفصل القادم حول خلق السماوات وما بينها

  5. #5
    التسجيل
    30-06-2004
    الدولة
    مُسْـلِمٌ مِنْ أُمَّةِ الإسِــلامِ
    المشاركات
    3,266

    مشاركة: سلسلة البداية والنهاية لابن كثير

    السلام عليكم
    اولا : اهلا بك ومرحبا
    اخونا العزيز / عثمان باشا
    ثانيا / بارك الله فيك ولك
    وننتظر تكملتك وجزاك الله الخير الوفير
    وحين الانتهاء من كامل الموضوع سيضع ان شاء الله
    بالمواضيع المميزه للقسم ليكون مرجعا وعلامه بارزه
    ولك السلام والتحيه

  6. #6
    التسجيل
    04-09-2004
    الدولة
    ::/ الـــــــــــــــســــــــــ k S a ـــــــــعـــــــــــوديــــــ الرياض ـــــــه \::
    المشاركات
    841

    مشاركة: سلسلة البداية والنهاية لابن كثير

    جزيت خيرا
    وننتظر البقية المتبقية أخي عثمان باشا

    b e h i n d . t h e . m a s k

  7. #7
    التسجيل
    02-04-2004
    المشاركات
    33

    مشاركة: سلسلة البداية والنهاية لابن كثير

    نعتذر عن التأخير في الرد فقد اصيب جهازي بعطل يسمى deadlock فكفنته ووضعته في زاوية معزولة... واعتمد على الله ثم على جهاز الشركة لأنقل لكم هذه السلسلة الرائعة


    باب ما ورد في خلق السموات والأرض وما بينهما

    قال الله تعالى الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ وقال تعالى خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ في غير ما آية من القرآن وقد اختلف المفسرون في مقدار هذه الستة الأيام على قولين فالجمهور على أنها كأيامنا هذه وعن ابن عباس ومجاهد والضحاك وكعب الأحبار إن كل يوم منها كألف سنة مما تعدون رواهن ابن جرير وابن أبي حاتم واختار هذا القول الإمام أحمدابن حنبل في كتابه الذي رد فيه على الجهمية واختاره ابن جرير وطائفة من المتأخرين والله أعلم وسيأتي ما يدل على هذا القول وروى ابن جرير عن الضحاك بن مزاحم وغيره أن أسماء الأيام الستة أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت وحكى ابن جرير في أول الأيام ثلاثة أقوال فروى عن محمد بن إسحاق أنه قال يقول أهل التوراة ابتدأ الله الخلق يوم الأحد ويقول أهل الإنجيل ابتدأ الله الخلق يوم الإثنين ونقول نحن المسلمون فيما انتهى إلينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتدأ الله الخلق يوم السبت وهذا القول الذي حكاه ابن إسحاق عن المسلمين مال إليه طائفة من الفقهاء من الشافعية وغيرهم وسيأتي فيه حديث أبي هريرة خلق الله التربة يوم السبت والقول بأنه الأحد رواه ابن جرير عن السدي عن أبي مالك وأبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن جماعة من الصحابة ورواه أيضا عن عبد الله بن سلام واختاره ابن جرير وهو نص التوراة ومال إليه طائفة آخرون من الفقهاء وهو أشبه بلفظ الأحد ولهذا كمل الخلق في ستة أيام فكان آخرهن الجمعة فاتخذه المسلمون عيدهم في الأسبوع وهو اليوم الذي أضل الله عنه أهل الكتاب قبلنا كما سيأتي بيانه إن شاء الله وقال تعالى هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ وقال تعالى قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ فهذا يدل على أن الأرض خلقت قبل السماء لأنها كالأساس للبناء كما قال تعالى اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ قال تعالى أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا إلى أن قال وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا وقال أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ أي فصلنا ما بين السماء والأرض حتى هبت الرياح ونزلت الأمطار وجرت العيون والأنهار وانتعش الحيوان ثم قال وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ أي عما خلق فيها من الكواكب الثوابت والسيارات والنجوم الزاهرات والأجرام النيرات وما في ذلك من الدلالات على حكمة خالق الأرض والسموات كما قال تعالى وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ فأما قوله تعالى أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ فقد تمسك بعض الناس بهذه الآية على تقدم خلق السماء على خلق الأرض فخالفوا صريح الآيتين المتقدمتين ولم يفهموا هذه الآية الكريمة فإن مقتضى هذه الآية أن دحي الأرض وإخراج الماء والمرعى منها بالفعل بعد خلق السماء وقد كان ذلك مقدرا فيها بالقوة كما قال تعالى وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا أي هيأ أماكن الزرع ومواضع العيون والأنهار ثم لما أكمل خلق صورة العالم السفلي والعلوي دحى الأرض فأخرج منها ما كان مودعا فيها فخرجت العيون وجرت الأنهار ونبت الزرع والثمار ولهذا فسر الدحى بإخراج الماء والمرعى منها وإرساء الجبال فقال والأرض بعد ذلك دحاها أخرج منها ماءها ومرعاها وقوله وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا أي قررها في أماكنها التي وضعها فيها وثبتها وأكدها وأطدها وقوله وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ بأيد أي بقوة وأنا لموسعون وذلك أن كل ما علا اتسع فكل سماء أعلى من التي تحتها فهي أوسع منها ولهذا كان الكرسي أعلى من السموات وهو أوسع منهن كلهن والعرش أعظم من ذلك كله بكثير وقوله بعد هذا وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا أي بسطناها وجعلناها مهدا أي قارة ساكنة غير مضطربة ولا مائدة بكم ولهذا قال فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ والواو لا تقتضي الترتيب في الوقوع وإنما يقتضي الإخبار المطلق في اللغة والله أعلم

  8. #8
    التسجيل
    02-04-2004
    المشاركات
    33

    مشاركة: سلسلة البداية والنهاية لابن كثير

    تكملة/


    وقال البخاري حدثنا عمر بن حفص بن غياث حدثنا أبي حدثنا الأعمش حدثنا جامع بن شداد عن صفوان بن محرز أنه حدثه عن عمران بن حصين قال دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وعقلت ناقتي بالباب فأتاه ناس من بني تميم فقال "اقبلوا البشرى يا بني تميم " قالوا قد بشرتنا فأعطنا مرتين ثم دخل عليه ناس من اليمن فقال "اقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم " قالوا قد قبلنا يا رسول الله قالوا جئناك نسألك عن هذا الأمر قال "كان الله ولم يكن شيء غيره وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء وخلق السموات والأرض " فنادى مناد ذهبت ناقتك يا ابن الحصين فانطلقت فإذا هي يقطع دونها السراب فوالله لوددت أني كنت تركتها هكذا رواه هاهنا وقد رواه في كتاب المغازي وكتاب التوحيد وفي بعض ألفاظه ثم خلق السموات والأرض وهو لفظ النسائي أيضا وقال الإمام أحمد بن حنبل حدثنا حجاج حدثني ابن جريج أخبرني إسماعيل بن أمية عن أيوب بن خالد عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة عن أبي هريرة قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال خلق الله التربة يوم السبت وخلق الجبال فيها يوم الأحد وخلق الشجر فيها يوم الإثنين وخلق المكروه يوم الثلاثاء وخلق النور يوم الأربعاء وبث فيها الدواب يوم الخميس وخلق آدم بعد العصر يوم الجمعة آخر خلق خلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر إلى الليل وهكذا رواه مسلم عن سريج بن يونس وهارون بن عبد الله والنسائي عن هارون ويوسف بن سعيد ثلاثتهم عن حجاج بن محمد المصيصي الأعور عن ابن جريج به مثله سواء وقد رواه النسائي في التفسير عن إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني عن محمد بن الصباح عن أبي عبيدة الحداد عن الأخضر بن عجلان عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيدي فقال يا أبا هريرة إن الله خلق السموات والأرضين وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش يوم السابع وخلق التربة يوم السبت وذكر تمامه بنحوه فقد اختلف فيه على ابن جريج وقد تكلم في هذا الحديث علي بن المديني والبخاري والبيهقي وغيرهم من الحفاظ قال البخاري في التاريخ وقال بعضهم عن كعب وهو أصح يعني أن هذا الحديث مما سمعه أبو هريرة وتلقاه من كعب الأحبار فإنهما كان يصطحبان ويتجالسان للحديث فهذا يحدثه عن صحفه وهذا يحدثه بما يصدقه عن النبي صلى الله عليه وسلم فكان هذا الحديث مما تلقاه أبو هريرة عن كعب عن صحفه فوهم بعض الرواة فجعله مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأكد رفعه بقوله أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي ثم في متنه غرابة شديدة فمن ذلك أنه ليس فيه ذكر خلق السموات وفيه ذكر خلق الأرض وما فيها في سبعة أيام وهذا خلاف القرآن لأن الأرض خلقت في أربعة أيام ثم خلقت السموات في يومين من دخان وهو بخار الماء الذي ارتفع حين اضطرب الماء العظيم الذي خلق من ربذة الأرض بالقدرة العظيمة البالغة كما قال إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير في خبر ذكره عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود

    وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ قالوا إن الله كان عرشه على الماء ولم يخلق شيئا مما خلق قبل الماء فلما أراد أن يخلق الخلق أخرج من الماء دخانا فارتفع فوق الماء فسما عليه فسماه سماء ثم أيبس الماء فجعله أرضا واحدة ثم فتقها فجعل سبع أرضين في يومين الأحد والإثنين وخلق الأرض على حوت وهو النون الذي قال الله تعالى ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ والحوت في الماء والماء على صفاة والصفاة على ظهر ملك والملك على صخرة والصخرة في الريح وهي الصخرة التي ذكر لقمان ليست في السماء ولا في الأرض فتحرك الحوت فاضطرب فتزلزت الأرض فأرسى عليها الجبال فقرت وخلق الله يوم الثلاثاء الجبال وما فيهن من المنافع وخلق يوم الأربعاء الشجر والماء والمدائن والعمران والخراب وفتق السماء وكانت رتقا فجعلها سبع سموات في يومين الخميس والجمعة وإنما سمي يوم الجمعة لأنه جمع فيه خلق السموات والأرض وأوحى في كل سماء أمرها ثم قال خلق في كل سماء خلقها من الملائكة والبحار وجبال البرد وما لا يعلمه غيره ثم زين السماء بالكواكب فجعلها زينة وحفظا يحفظ من الشياطين فلما فرغ من خلق ما أحب استوى على العرش هذا الإسناد يذكر به السدي أشياء كثيرة فيها غرابة وكان كثير منها متلقى من الإسرائيليات فإن كعب الأحبار لما أسلم في زمن عمر كان يتحدث بين يدي عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأشياء من علوم أهل الكتاب فيستمع له عمر تأليفا له وتعجبا مما عنده مما يوافق كثير منه الحق الذي ورد به الشرع المطهر فاستجاز كثير من الناس نقل ما يورده كعب الأحبار لهذا المعنى ولما جاء من الإذن في التحديث عن بني إسرائيل لكن كثيرا ما يقع فيما يرويه غلط كبير وخطأ كثير

    وقد روى البخاري في صحيحه عن معاوية أنه كان يقول في كعب الأحبار وإن كنا مع ذلك لنبلو عليه الكذب أي فيما ينقله لا أنه يتعمد ذلك والله أعلم

    ونحن نورد ما نورده من الذي يسوقه كثير من كبار الأئمة المتقدمين عنهم ثم نتبع ذلك من الأحاديث بما يشهد له بالصحة أو يكذبه ويبقى الباقي مما لا يصدق ولا يكذب وبالله المستعان وعليه التكلان

    قال البخاري حدثنا قتيبة حدثنا مغيرة بن عبد الرحمن القرشي عن أبي زناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قضى الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش إن رحمتي غلبت غضبي وكذا رواه مسلم والنسائي عن قتيبة به ثم قال البخاري

    ما جاء في سبع أرضين وقوله تعالى اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ثم قال حدثنا علي بن عبد الله أخبرنا ابن علية عن علي بن المبارك حدثنا يحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم بن الحارث عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وكانت بينه وبين ناس خصومة في أرض فدخل على عائشة فذكر لها ذلك فقالت يا أبا سلمة اجتنب الأرض فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من ظلم قيد شبر طوقه من سبع أرضين ورواه أيضا في كتاب المظالم ومسلم من طرق عن يحيى بن أبي كثير به ورواه أحمد من حديث محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة به ورواه أحمدأيضا عن يونس عن أبان عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عائشة بمثله

    ثم قال البخاري حدثنا بشر بن محمد قال أخبرنا عبد الله عن موسى بن عقبة عن سالم عن أبيه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم من أخذ شيئا من الأرض بغير حقه خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين ورواه في المظالم أيضا عن مسلم بن إبراهيم عن عبد الله هو ابن المبارك عن موسى بن عقبة به وهو من أفراده

    وذكر البخاري هاهنا حديث محمد بن سيرين عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض السنة اثنا عشر شهرا الحديث ومراده والله أعلم تقرير قوله تعالى اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ أي في العدد كما أن عدة الشهور الآن اثني عشر مطابقة لعدة الشهور عند الله في كتابه الأول فهذه مطابقة في الزمن كما أن تلك مطابقة في المكان ثم قال البخاري حدثنا عبيد بن إسماعيل حدثنا أبو أسامة عن هشام عن أبيه عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أنه خاصمته أروى في حق زعمت أنه انتقصه لها إلى مروان فقال سعيد رضي الله عنه إن انتقص من حقها شيئا أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أخذ شبرا من الأرض ظلما فإنه يطوقه يوم القيامة من سبع أرضين .

  9. #9
    التسجيل
    02-04-2004
    المشاركات
    33

    مشاركة: سلسلة البداية والنهاية لابن كثير

    تكملة /

    وقال الإمام أحمد حدثنا حسن وأبو سعيد مولى بني هاشم حدثنا عبد الله بن لهيعة حدثنا عبيد الله بن أبي جعفر عن أبي عبد الرحمن عن ابن مسعود قال قلت يا رسول الله أي الظلم أعظم قال ذراع من الأرض ينتقصه المرء المسلم من حق أخيه فليس حصاة من الأرض يأخذها أحد إلا طوقها يوم القيامة إلى قعر الأرض ولا يعلم قعرها إلا الذي خلقها تفرد به أحمد وهذا إسناد لا بأس به وقال الإمام أحمد حدثنا عفان حدثنا وهيب حدثنا سهيل عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أخذ شبرا من الأرض بغير حقه طوقه من سبع أرضين تفرد به من هذا الوجه وهو على شرط مسلم وقال أحمد حدثنا يحيى عن ابن عجلان حدثني أبي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من اقتطع شبرا من الأرض بغير حقه طوقه إلى سبع أرضين تفرد به أيضا وهو على شرط مسلم وقال أحمد أيضا حدثنا عفان حدثنا أبو عوانة عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أخذ من الأرض شبرا بغير حقه طوقه من سبع أرضين تفرد به أيضا وقد رواه الطبراني من حديث معاوية بن قرة عن ابن عباس مرفوعا مثله فهذه الأحاديث كالمتواترة في إثبات سبع أرضين والمراد بذلك أن كل واحدة فوق الأخرى والتي تحتها في وسطها عند أهل الهيئة حتى ينتهي الأمر إلى السابعة وهي صماء لا جوف لها وفي وسطها المركز وهي نقطة مقدرة متوهمة وهو محط الأثقال إليه ينتهي ما يهبط من كل جانب إذا لم يعاوقه مانع واختلفوا هل هن متراكمات بلا تفاصل أو بين كل واحدة والتي تليها خلاء على قولين وهذا الخلاف جار في الأفلاك أيضا والظاهر أن بين كل واحدة والتي تليها مسافة على قولين وهذا الخلاف جار في الأفلاك أيضا والظاهر أن بين كل واحدة منهن وبين الأخرى مسافة لظاهر قوله تعالى اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ الآية

    وقال الإمام أحمد حدثنا شريح حدثنا الحكم بن عبد الملك عن قتادة عن الحسن عن أبي هريرة قال بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ مرت سحابة فقال أتدرون ما هذه قلنا الله ورسوله أعلم قال العنان وزوايا الأرض تسوقه إلى من لا يشكرونه من عباده ولا يدعونه أتدرون ما هذه فوقكم قلنا الله ورسوله أعلم قال الرفيع موج مكفوف وسقف محفوظ أتدرون كم بينكم وبينها قلنا الله ورسوله أعلم قال مسيرة خمسمائة سنة ثم قال أتدرون ما الذي فوقها قلنا الله ورسوله أعلم قال مسيرة خمسمائة عام حتى عد سبع سموات ثم قال أتدرون ما فوق ذلك قلنا الله ورسوله أعلم قال العرش أتدرون كم بينه وبين السماء السابعة قلنا الله ورسوله أعلم قال مسيرة خمسمائة عام ثم قال أتدرون ما هذه تحتكم قلنا الله ورسوله أعلم قال أرض أتدرون ما تحتها قلنا الله ورسوله أعلم قال أرض أخرى أتدرون كم بينهما قلنا الله ورسوله أعلم قال مسيرة سبعمائة عام حتى عد سبع أرضين ثم قال وأيم الله لو دليتم أحدكم إلى الأرض السفلى السابعة لهبط ثم قرأ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ورواه الترمذي عن عبد بن حميد وغير واحد عن يونس بن محمد المؤدب عن شيبان بن عبد الرحمن عن قتادة قال حدث الحسن عن أبي هريرة وذكره إلا أنه ذكر أن بعد ما بين كل أرضين خمسمائة عام وذكر في آخره كلمة ذكرناها عند تفسير هذه الآية من سورة الحديد ثم قال الترمذي هذا حديث غريب من هذا الوجه قال ويروى عن أيوب ويونس بن عبيد وعلي بن زيد أنهم قالوا لم يسمع الحسن من أبي هريرة ورواه أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم في تفسيره من حديث أبي جعفر الرازي عن قتادة عن الحسن عن أبي هريرة فذكر مثل لفظ الترمذي سواء بدون زيادة في آخره ورواه ابن جرير في تفسيره عن بشر عن يزيد عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة مرسلا وقد يكون هذا أشبه والله أعلم

    ورواه الحافظان أبو بكر البزار والبيهقي من حديث أبي ذر الغفاري عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه ولكن لا يصح إسناده والله أعلم

    وقد تقدم عند صفة العرش من حديث الأوعال ما يخالف هذا في ارتفاع العرش عن السماء السابعة وما يشهد له وفيه وبعد ما بين كل سماءين خمسمائة عام وكثفها أي سمكها خمسمائة عام

    وأما ما ذهب إليه بعض المتكلمين على حديث طوقه من سبع أرضين أنها سبعة أقاليم فهو قول يخالف ظاهر الآية والحديث الصحيح وصريح كثير من ألفاظه مما يعتمد من الحديث الذي أوردناه من طريق الحسن عن أبي هريرة ثم إنه حمل الحديث والآية على خلاف ظاهرهما بلا مستند ولا دليل والله أعلم وهكذا ما يذكره كثير من أهل الكتاب وتلقاه عنهم طائفة من علمائنا من أن هذه الأرض من تراب والتي تحتها من حديد والأخرى من حجارة من كبريت والأخرى من كذا فكل هذا إذا لم يخبر به ويصح سنده إلى معصوم فهو مردود على قائله وهكذا الأثر المروي عن ابن عباس أنه قال في كل أرض من الخلق مثل ما في هذه حتى آدم كآدمكم وإبراهيم كإبراهيمكم فهذا ذكره ابن جرير مختصرا واستقصاه البيهقي في الأسماء والصفات وهو محمول إن صح نقله عنه على أنه أخذه ابن عباس رضي الله عنه عن الإسرائيليات والله أعلم

    وقال الإمام أحمد حدثنا يزيد حدثنا العوام بن حوشب عن سليمان بن أبي سليمان عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما خلق الله الأرض جعلت تميد فخلق الجبال فألقاها عليها فاستقرت فتعجبت الملائكة من خلق الجبال فقالت يا رب هل من خلقك شيء أشد من الجبال قال نعم الحديد قالت يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الحديد قال نعم النار قالت يا رب فهل من خلقك شيء أشد من النار قال نعم الريح قالت يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الريح قال نعم ابن آدم يتصدق بيمينه يخفيها من شماله تفرد به أحمد .

    وقد ذكر أصحاب الهيئة إعداد جبال الأرض في سائر بقاعها شرقا وغربا وذكروا طولها وبعد امتدادها وارتفاعها وأوسعوا القول في ذلك بما يطول شرحه هنا وقد قال الله تعالى وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ قال ابن عباس وغير واحد الجدد الطرائق وقال عكرمة وغيره الغرايب الجبال الطوال السود وهذا هو الشاهد من الجبال في سائر الأرض تختلف باختلاف بقاعها وألوانها وقد ذكر الله تعالى في كتابه الجودي على التعيين وهو جبل عظيم شرقي جزيرة ابن عمر إلى جانب دجلة عند الموصل امتداده من الجنوب إلى الشمال مسيرة ثلاثة أيام وارتفاعه مسيرة نصف يوم وهو أخضر لأن فيه شجرا من البلوط وإلى جانبه قرية يقال لها قرية الثمانين لسكنى الذين نجوا في السفينة مع نوح عليه السلام في موضعها فما ذكره غير واحد من المفسرين والله أعلم وذكر تعالى طور سيناء .

    وقد ذكر الحافظ البهاء بن العساكر في كتابه "المستقصى في فضائل المسجد الأقصى" في ترجمة الجبال المقدسة من طريق عمرو بن بكر عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أبي هريرة قال: أقسم ربنا عز وجل بأربعة أجبل فقال: وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ فالتين طور ربنا مسجد بيت المقدس والزيتون طور ربنا وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ جبل مكة وقال قتادة التين جبل عليه دمشق والزيتون جبل عليه جبل بيت المقدس وروى الحافظ ابن العساكر عن كعب الأحبار أنه قال: أربعة أجبل يوم القيامة جبل الخليل ولبنان والطور والجودي يكوم كل واحد منهم يوم القيامة لؤلؤة بيضاء تضيء ما بين السماء والأرض يرجعن إلى بيت المقدس حتى تجعل في زواياه نورا ويضع عليها كرسيه حتى يقضي بين أهل الجنة والنار .

    وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ومن طريق الوليد بن مسلم ثنا عثمان بن أبي عاتكة عن علي بن يزيد عن القاسم أبي عبد الرحمن قال : أوحى الله إلى جبل قاسيون أن هب ظلك وبركتك لجبل بيت المقدس . قال ففعل. فأوحى الله تعالى إليه: أما إذا فعلت فإني سأبني لي في حضنك بيتا – قال عبد الرحمن : قال الوليد : في حضنك أي في وسطه وهو هذا المسجد – يعني مسجد دمشق – أعبد فيه بعد خراب الدنيا أربعين عاما ولا تذهب الأيام والليالي حتى أرد عليك ظلك وبركتك قال : فهو عند الله بمنزلة المؤمن الضعيف المتضرع . وعن خليل بن دعلج أن صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم أتت طرف بيت المقدس فصلت فيه وصعدت إلى طور ربنا فصلت فيه وباتت على طرف الجبل فقالت: من هاهنا يتفرق الناس يوم القيامة إلى الجنة وإلى النار .

  10. #10
    التسجيل
    02-04-2004
    المشاركات
    33

    مشاركة: سلسلة البداية والنهاية لابن كثير

    فصل في البحار والأنهار

    قال الله تعالى وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ وقال تعالى وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ وقال تعالى وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا وقال تعالى مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ فالمراد بالبحرين البحر الملح المر وهو الأجاج والبحر العذب هو هذه الأنهار السارحة بين أقطار الأمصار لمصالح العباد قاله ابن جريج وغير واحد من الأئمة وقال تعالى وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِي فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ وقال تعالى أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ وقال تعالى إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ فامتن تعالى على عباده بما خلق لهم من البحار والأنهار فالبحر المحيط بسائر أرجاء الأرض وما ينبثق منه في جوانبها الجميع مالح الطعم مر وفي هذا حكمة عظيمة لصحة الهواء إذ لو كان حلوا لأنتن الجو وفسد الهواء بسبب ما يموت فيه من الحيوانات العظام فكان يؤدي إلى تفاني بني آدم وفساد معايشهم ولكن اقتضت الحكمة البالغة أن يكون على هذه الصفة لهذه المصلحة ولهذا لما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البحر قال هو الطهور ماؤه الحل ميتته .

    وأما الأنهار فماؤها حلو عذب فرات سائغ شرابها لمن أراد ذلك وجعلها جارية سارحة ينبعها تعالى في أرض ويسوقها إلى أخرى رزقا للعباد ومنها كبار ومنها صغار بحسب الحاجة والمصلحة

    وقد تكلم أصحاب علم الهيئة والتسيير على تعداد البحار والأنهار الكبار وأصول منابعها وإلى أين ينتهي سيرها بكلام فيه حكم ودلالات على قدرة الخالق تعالى وأنه فاعل بالاختيار والحكمة وقوله تعالى وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ فيه قولان أحدهما أن المراد به البحر الذي تحت العرش المذكور في حديث الأوعال وأنه فوق السموات السبع بين أسفله وأعلاه كما بين سماء إلى سماء وهو الذي ينزل منه المطر قبل البعث فتحيا منه الأجساد من قبورها وهذا القول هو اختيار الربيع بن أنس والثاني أن البحر اسم جنس يعم سائر البحار التي في الأرض وهو قول الجمهور .

    واختلفوا في معنى البحر المسجور فقيل المملوء وقيل يصير يوم القيامة نارا تؤجج فيحيط بأهل الموقف كما ذكرناه في التفسير عن علي وابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد وغيرهم وقيل المراد به الممنوع المكفوف المحروس عن أن يطغى فيغمر الأرض ومن عليها فيغرقوا رواه الوالبي عن ابن عباس وهو قول السدي وغيره ويؤيده الحديث الذي رواه الإمام أحمد حدثنا يزيد حدثنا العوام حدثني شيخ كان مرابطا بالساحل قال لقيت أبا صالح مولى عمر بن الخطاب فقال حدثنا عمر بن الخطاب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس من ليلة إلا والبحر يشرف فيها ثلاث مرات يستأذن الله عز وجل أن ينفضخ عليهم فيكفه الله عز وجل ورواه إسحاق بن راهويه عن يزيد بن هارون عن العوام بن حوشب حدثني شيخ مرابط قال خرجت ليلة لمحرس لم يخرج أحد من المحرس غيري فأتيت الميناء فصعدت فجعل يخيل إلي أن البحر يشرف يحاذي برءوس الجبال فعل ذلك مرارا وأنا مستيقظ فلقيت أبا صالح فقال حدثنا عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من ليلة إلا والبحر يشرف ثلاث مرات يستأذن الله أن ينفضخ عليهم فيكفه الله عز وجل في إسناده رجل مبهم والله أعلم .

    وهذا من نعمه تعالى على عباده أن كف شر البحر عن أن يطغى عليهم وسخره لهم يحمل مراكبهم ليبلغوا عليها إلى الأقاليم النائية بالتجارات وغيرها وهداهم فيه بما خلقه في السماء والأرض من النجوم والجبال التي جعلها لهم علامات يهتدون بها في سيرهم وبما خلق لهم فيه حلية يلبسونها من اللآلئ والجواهر النفيسة العزيزة الحسنة الثمينة التي لا توجد إلا فيه وبما خلق فيه من الدواب الغريبة وأحلها لهم حتى ميتتها كما قال تعالى أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ وقال النبي صلى الله عليه وسلم هو الطهور ماؤه الحل ميتته وفي الحديث الآخر أحلت لنا ميتتان ودمان السمك والجراد والكبد والطحال رواه أحمد وابن ماجه وفي إسناده نظر.

    وقد قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده وجدت في كتابي عن محمد بن معاوية البغدادي حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رفعه قال كلم الله هذا البحر الغربي وكلم البحر الشرقي فقال للغربي أني حامل فيك عبادا من عبادي فكيف أنت صانع بهم قال أغرقهم قال بأسك في نواحيك وحرمه الحلية والصيد وكلم هذا البحر الشرقي فقال إني حامل فيك عبادا من عبادي فما أنت صانع بهم قال أحملهم على يدي وأكون لهم كالوالدة لولدها فأثابه الحلية والصيد ثم قال لا نعلم أحدا رواه عن سهيل إلا عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر وهو منكر الحديث قال وقد رواه سهيل عن النعمان بن أبي عياش عن عبد الله بن عمرو موقوفا قلت الموقوف على عبد الله بن عمرو بن العاص أشبه فإنه قد كان وجد يوم اليرموك زاملتين مملوءتين كتبا من علوم أهل الكتاب فكان يحدث منهما بأشياء كثيرة من الإسرائيليات منها المعروف والمشهور والمنكور والمردود فأما المرفوع فتفرد به عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب أبو القاسم المدني قاضيها قال فيه الإمام أحمد ليس بشيء وقد سمعته منه ثم مزقت حديثه كان كذابا وأحاديثه مناكير وكذا ضعفه ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم والجوزجاني والبخاري وأبو داود والنسائي وقال ابن عدي عامة أحاديثه مناكير وأفظعها حديث البحر .

    قال علماء التفسير المتكلمون على العروض والأطوال والبحار والأنهار والجبال والمساحات وما في الأرض من المدن والخراب والعمارات والأقاليم السبعة الحقيقية في اصطلاحهم والأقاليم المتعددة العرفية وما في البلدان والأقاليم من الخواص والنباتات وما يوجد في كل قطر من صنوف المعادن والتجارات قالوا الأرض مغمورة بالماء العظيم إلا مقدار الربع منها وهو تسعون درجة والعناية الإلهية اقتضت انحسار الماء عن هذا القدر منها لتعيش الحيوانات عليها وتنبت الزرع والثمار منها كما قال تعالى وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ قالوا المعمور من هذا البادي منها قريب الثلثين منه أو أكثر قليلا وهو خمس وستون درجة قالوا فالبحر المحيط الغربي ويقال له أوقيانوس وهو الذي يتاخم بلاد المغرب وفيه الجزائر الخالدات وبينها وبين ساحله عشر درج مسافة شهر تقريبا وهو بحر لا يمكن سلوكه ولا ركوبه لكثرة موجه واختلاف ما فيه من الرياح والأمواج وليس فيه صيد ولا يستخرج منه شيء ولا يسافر فيه لمتجر ولا لغيره وهو آخذ في ناحية الجنوب حتى يسامت الجبال القمر ويقال جبال القمر التي منها أصل منبع نيل مصر ويتجاوز خط الاستواء ثم يمتد شرقا ويصير جنوبي الأرض وفيه هناك جزائر الزنج وعلى سواحله خراب كثير ثم يمتد شرقا وشمالا حتى يتصل بحر الصين والهند ثم يمتد شرقا حتى يسامت نهاية الأرض الشرقية المكشوفة وهناك بلاد الصين ثم ينعطف في شرق الصين إلى جهة الشمال حتى يجاوز بلاد الصين ويسامت سد يأجوج ومأجوج ثم ينعطف ويستدير على أراضي غير معلومة الأحوال ثم يمتد مغربا في شمال الأرض ويسامت بلاد الروس ويتجاوزها ويعطف مغربا وجنوبا ويستدير على الأرض ويعود إلى جهة الغرب وينبثق من الغربي إلى متن الأرض الزقاق الذي ينتهي أقصاه إلى أطراف الشام من الغرب ثم يأخذ في بلاد الروم حتى يتصل بالقسطنطينية وغيرها من بلادهم وينبعث من المحيط الشرقي بحار أخر فيها جزائر كثيرة حتى إنه يقال إن في بحر الهند ألف جزيرة وسبعمائة جزيرة فيها مدن وعمارات سوى الجزائر العاطلة ويقال لها البحر الأخضر فشرقيه بحر الصين وغربيه بحر اليمن وشماله بحر الهند وجنوبيه غير معلوم .

    وذكروا أن بين بحر الهند وبحر الصين جبالا فاصلة بينهما وفيها فجاج يسلك المراكب بينها يسيرها لهم الذي خلقها كما جعل مثلها في البر أيضا قال الله تعالى وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ وقد ذكر بطليموس أحد ملوك الهند في كتابه المسمى بالمجسطي الذي عرب في زمان المأمون وهو أصل هذه العلوم أن البحار المتفجرة من المحيط الغربي والشرقي والجنوبي والشمالي كثيرة جدا فمنها ما هو واحد ولكن يسمى بحسب البلاد المتاخمة له فمن ذلك بحر القلزم والقلزم قرية على ساحله قريب من أيلة وبحر فارس وبحر الخزرة وبحر ورنك وبحر الروم وبحر بنطش وبحر الأزرق مدينة على ساحله وهو بحر القرم أيضا ويتضايق حتى يصب في بحر الروم عند جنوبي القسطنطينية وهو خليج القسطنطينية ولهذا تسرع المراكب في سيرها من القرم إلى بحر الروم وتبطيء إذا جاءت من الإسكندرية إلى القرم لاستقبالها جريان الماء وهذا من العجائب في الدنيا فإن كل ماء جار فهو حلو إلا هذا وكل بحر راكد فهو ملح أجاج إلا ما يذكر عن بحر الخزر وهو بحر جرجان وبحر طبرستان أن فيه قطعة كبيرة ماء حلوا فراتا على ما أخبر به المسافرون عنه .قال أهل الهيئة وهو بحر مستدير الشكل إلى الطول ما هو وقيل إنه مثلث كالقلع وليس هو متصلا بشيء من البحر المحيط بل منفرد وحده وطوله ثمانمائة ميل وعرضه ستمائة وقيل أكثر من ذلك والله أعلم .

  11. #11
    التسجيل
    02-04-2004
    المشاركات
    33

    مشاركة: سلسلة البداية والنهاية لابن كثير

    ومن ذلك البحر الذي يخرج منه المد والجزر عند البصرة وفي بلاد المغرب نظيره أيضا يتزايد الماء من أول الشهر ولا يزال في زيادة إلى تمام الليلة الرابعة عشر منه وهو المد ثم يشرع في النقص وهو الجزر إلى آخر الشهر

    وقد ذكروا تحديد هذه البحار ومبتداها ومنتهاها وذكروا ما في الأرض من البحيرات المجتمعة من الأنهار وغيرها من السيول وهي البطائح . وذكروا ما في الأرض من الأنهار المشهورة الكبار وذكروا ابتداءها وانتهاءها

    ولسنا بصدد بسط ذلك والتطويل فيه وإنما نتكلم على ما يتعلق بالأنهار الوارد ذكرها في الحديث وقد قال الله تعالى اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ففي الصحيحين من طريق قتادة عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ذكر سدرة المنتهى قال فإذا يخرج من أصلها نهران باطنان ونهران ظاهران فأما الباطنان ففي الجنة وأما الظاهران فالنيل والفرات وفي لفظ في البخاري وعنصرهما أي مادتهما أو شكلهما وعلى صفتهما ونعتهما وليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء وفي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمر عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سيحان وجيحان والفرات والنيل كل من أنهار الجنة .

    وقال الإمام أحمد حدثنا ابن نمير ويزيد أنبأنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فجرت أربعة أنهار من الجنة الفرات والنيل وسيحان وجيحان وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم وكأن المراد والله أعلم من هذا أن هذه الأنهار تشبه أنهار الجنة في صفائها وعذوبتها وجريانها ومن جنس تلك في هذه الصفات ونحوها كما قال في الحديث الآخر الذي رواه الترمذي وصححه من طريق سعيد بن عامر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال العجوة من الجنة وفيها شفاء من السم أي تشبه ثمر الجنة لا أنها مجتناة من الجنة فإن الحس يشهد بخلاف ذلك فتعين أن المراد غيره وكذا قوله صلى الله عليه وسلم الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء وكذا قوله إذا اشتد الحمى فأبردوها بالماء فإن شدة الحر من فيح جهنم وهكذا هذه الأنهار أصل منبعها مشاهد من الأرض .

    أما النيل وهو النهر الذي ليس في أنهار الدنيا له نظير في خفته ولطافته وبعد مسراه فيما بين مبتداه إلى منتهاه فمبتداه من الجبال القمر أي البيض ومنهم من يقول جبال القمر بالإضافة إلى الكواكب وهي في غربي الأرض وراء خط الاستواء إلى الجانب الجنوبي ويقال أنها حمر ينبع من بينها عيون ثم يجتمع من عشر مسيلات متباعدة ثم يجتمع كل خمسة منها في بحر ثم يخرج منها أنهار ستة ثم يجتمع كلها في بحيرة أخرى ثم يخرج منها نهر واحد هو النيل فيمر على بلاد السودان بالحبشة ثم على النوبة ومدينتها العظمى دمقلة ثم على أسوان ثم يفد على ديار مصر وقد تحمل إليها من بلاد الحبشة زيادات أمطارها واجترف من ترابها وهي محتاجة إليهما معا لأن مطرها قليل لا يكفي زروعها وأشجارها وتربتها رمال لا تنبت شيئا حتى يجيء النيل بزيادته وطينه فينبت فيه ما يحتاجون إليه وهي من أحق الأراضي بدخولها في قوله تعالى أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ .

    ثم يجاوز النيل مصر قليلا فيفترق شطرين عند قرية على شاطئه يقال لها شطنوف فيمر الغربي على رشيد ويصب في البحر المالح وأما الشرقي فتفترق أيضا عند جوجر فرقتين تمر الغربية منهما على دمياط من غربيها ويصب في البحر والشرقية منهما تمر على أشمون طناح فيصب هناك في بحيرة شرقي دمياط يقال لها بحيرة تنيس وبحيرة دمياط وهذا بعد عظيم فيما بين مبتداه إلى منتهاه ولهذا كان ألطف المياه قال ابن سينا له خصوصيات دون مياه سائر الأرض فمنها أنه أبعدها مسافة من مجراه إلى أقصاه ومنها أنه يجري على صخور ورمال ليس فيه خز ولا طحلب ولا أوحال ومنها أنه لا يخضر فيه حجر ولا حصاة وما ذاك إلا لصحة مزاجه وحلاوته ولطافته ومنها أن زيادته في أيام نقصان سائر الأنهار ونقصانه في أيام زيادتها وكثرتها وأما ما يذكره بعضهم من أن أصل منبع النيل من مكان مرتفع اطلع عليه بعض الناس فرأى هناك هولا عظيما وجواري حسانا وأشياء غريبة وأن الذي اطلع على ذلك لا يمكنه الكلام بعد هذا فهو من خرافات المؤرخين وهذيانات الأفاكين .

    وقد قال عبد الله بن لهيعة عن قيس بن الحجاج عمن حدثه قال لما فتح عمرو بن العاص مصر أتى أهلها إليه حين دخل شهر بؤونة من أشهر العجم القبطية فقالوا يا أيها الأمير إن لنيلنا هذا سنة لا يجري إلا بها فقال لهم وما ذاك قالوا إذا كان لثنتي عشرة ليلة خلت من هذا الشهر عمدنا إلى جارية بكر بين أبويها فارضينا أبويها وجعلنا عليها من الجلى والثياب أفضل ما يكون ثم ألقيناها في هذا النيل فقال لهم عمرو أن هذا لا يكون في الإسلام وأن الإسلام يهدم ما قبله فأقاموا بؤونة والنيل لا يجري لا قليلا ولا كثيرا وفي رواية فأقاموا بؤونة وأبيب ومسرى وهو لا يجري حتى هموا بالجلاء فكتب عمرو إلى عمر بن الخطاب بذلك فكتب إليه عمر إنك قد أصبت بالذي فعلت وإني قد بعثت إليك بطاقة داخل كتابي هذا فألقها في النيل فلما قدم كتابه أخذ عمرو البطاقة ففتحها فإذا فيها من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى نيل مصر أما بعد فإن كنت تجري من قبل نفسك فلا تجر وإن كان الله الواحد القهار هو الذي يجريك فنسأل الله أن يجريك فألقى عمرو البطاقة في النيل فأصبح يوم السبت وقد أجرى الله النيل ستة عشر ذراعا في ليلة واحدة وقطع الله تلك السنة عن أهل مصر إلى اليوم .

    وأما الفرات فأصلها من شمالي أرزن الروم فتمر إلى قرب ملطية ثم تمر على سميساط ثم على البيرة قبليها ثم تشرق إلى بالس وقلعة جعبر ثم الرقة ثم إلى الرحبة شماليها ثم إلى عانة ثم إلى هيت ثم إلى الكوفة ثم تخرج إلى فضاء العراق ويصب في بطائح كبار أي بحيرات وترد إليها ويخرج منها أنهار كبار معروفة .

    وأما سيحان ويقال له سيحون أيضا فأوله من بلاد الروم ويجري من الشمال والغرب إلى الجنوب والشرق وهو غربي مجرى جيحان ودونه في القدر وهو ببلاد الأرمن التي تعرف اليوم ببلاد سيس وقد كانت في أول الدولة الإسلامية في أيدي المسلمين فلما تغلب الفاطميون على الديار المصرية وملكوا الشام وأعمالها عجزوا عن صونها عن الأعداء فتغلب تقفور الأرمني على هذه البلاد أعني بلاد سيس في حدود الثلاثمائة وإلى يومنا هذا والله المسئول عودها إلينا بحوله وقوته ثم يجتمع سيحان وجيحان عند أذنة فيصيران نهرا واحدا ثم يصبان في بحر الروم بين إياس وطرسوس .

    وأما جيحان ويقال له جيحون أيضا وتسميه العامة جاهان وأصله في بلاد الروم ويسير في بلاد سيس من الشمال إلى جنوب وهو يقارب الفرات في القدر ثم يجتمع هو وسيحان عند أذنة فيصيران نهرا واحدا ثم يصبان في البحر عند إياس وطرسوس والله أعلم .

  12. #12
    التسجيل
    02-04-2004
    المشاركات
    33

    مشاركة: سلسلة البداية والنهاية لابن كثير

    ذكر ما يتعلق بخلق السموات وما فيهن من الآيات

    قد قدمنا أن خلق الأرض قبل خلق السماء كما قال تعالى هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ وقال تعالى قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وقال تعالى أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا فإن الدحي غير الخلق وهو بعد خلق السماء وقال تعالى تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ وقال تعالى وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا وقال تعالى أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا وقال تعالى اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا وقال تعالى تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا وقال تعالى إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ وقال تعالى وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ وقال تعالى وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ وقال تعالى وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ وقال تعالى وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ وقال تعالى فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وقال تعالى إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ والآيات في هذا كثيرة جدا وقد تكلمنا على كل منها في التفسير

    والمقصود أنه تعالى يخبر عن خلق السموات وعظمة اتساعها وارتفاعها وأنها في غاية الحسن والبهاء والكمال والسناء كما قال تعالى وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ أي الخلق الحسن وقال تعالى فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ أي خاسئا عن أن يرى فيها نقصا أو خللا وهو حسير أي كليل ضعيف ولو نظر حتى يعي ويكل ويضعف لما اطلع على نقص فيها ولا عيب لأنه تعالى قد أحكم خلقها وزين بالكواكب أفقها كما قال وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ أي النجوم وقيل محال الحرس التي يرمي منها بالشهب لمسترق السمع ولا منافاة بين القولين وقال تعالى وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ فذكر أنه زين منظرها بالكواكب الثوابت والسيارات الشمس والقمر والنجوم الزاهرات وأنه صان حوزتها عن حلول الشياطين بها وهذا زينة معنى فقال وحفظناها من كل شيطان رجيم كما قال إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى .

    قال البخاري في كتاب بدء الخلق وقال قتادة وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ خلق هذه النجوم لثلاث جعلها زينة للسماء ورجوما للشياطين وعلامات يهتدى بها فمن تأول فيها بغير ذلك فقد أخطأ وأضاع نصيبه وتكلف ما لا علم له به وهذا الذي قاله قتادة مصرح به في قوله تعالى وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وقال تعالى وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ فمن تكلف غير هذه الثلاث أي من علم أحكام ما تدل عليه حركاتها ومقارناتها في سيرها وأن ذلك يدل على حوادث أرضيه فقد أخطأ وذلك أن أكثر كلامهم في هذا الباب ليس فيه إلا حدس وظنون كاذبة ودعاوى باطلة وذكر تعالى أنه خلق سبع سموات طباقا أي واحدة فوق واحدة واختلف أصحاب الهيئة هل هن متراكمات أو متفاصلات بينهن خلاء على قولين والصحيح الثاني لما قدمنا من حديث عبد الله بن عميرة عن الأحنف عن العباس في حديث الأوعال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أتدرون كم بين السماء والأرض قلنا الله ورسوله أعلم قال بينهما مسيرة خمسمائة عام ومن كل سماء إلى سماء خمسمائة سنة وكثف كل سماء خمسمائة سنة الحديث بتمامه رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي وحسنه وفي الصحيحين من حديث أنس في حديث الإسراء قال فيه ووجد في السماء الدنيا آدم فقال له جبريل هذا أبوك آدم فسلم عليه فرد عليه السلام وقال مرحبا وأهلا بابني نعم الابن أنت إلى أن قال ثم عرج بي إلى السماء الثانية وكذا ذكر في الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة فدل على التفاصل بينها لقوله ثم عرج بنا حتى أتينا السماء الثانية فاستفتح فقيل من هذا الحديث وهذا يدل على ما قلناه والله أعلم

    وقد حكى ابن حزم وابن المنادي وأبو الفرج ابن الجوزي وغير واحد من العلماء الإجماع على أن السموات كرة مستديرة واستدل على ذلك بقوله كل في فلك يسبحون قال الحسن يدورون وقال ابن عباس في فلكة مثل فلكة المغزل قالوا ويدل على ذلك أن الشمس تغرب كل ليلة من المغرب ثم تطلع في آخرها من المشرق

    فأما الحديث الذي رواه البخاري حيث قال حدثنا محمد بن يوسف حدثنا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر حين غربت الشمس تدري أين تذهب قلت الله ورسوله أعلم قال فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها وتستأذن فلا يؤذن لها يقال لها ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها فذلك قوله تعالى ( والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم ) .
    هذا لفظه في بدء الخلق ورواه في التفسير وفي التوحيد من حديث الأعمش أيضا ورواه مسلم في الإيمان من طريق الأعمش ومن طريق يونس بن عبيد وأبو داود من طريق الحكم بن عتيبة كلهم عن إبراهيم بن يزيد بن شريك عن أبيه عن أبي ذر به نحوه وقال الترمذي حسن صحيح

    إذا علم هذا فإنه حديث لا يعارض ما ذكرناه من استدارة الأفلاك التي هي السموات على أشهر القولين ولا يدل على كرية العرش كما زعمه زاعمون قد أبطلنا قولهم فيما سلف ولا يدل على أنها تصعد إلى فوق السموات من جهتنا حتى تسجد تحت العرش بل هي تغرب عن أعيننا وهي مستمرة في فلكها الذي هي فيه وهو الرابع فيما قاله غير واحد من علماء التسيير وليس في الشرع ما ينفيه بل في الحس وهو الكسوفات ما يدل عليه ويقتضيه فإذا ذهبت فيه حتى تتوسطه وهو وقت نصف الليل مثلا في اعتدال الزمان بحيث يكون بين القطبين الجنوبي والشمالي فإنها تكون أبعد ما يكون من العرش لأنه مقبب من جهة وجه العالم وهذا محل سجودها كما يناسبها كما أنها أقرب ما تكون من العرش وقت الزوال من جهتنا فإذا كانت في محل سجودها استأذنت الرب جل جلاله في طلوعها من الشرق فيؤذن لها فتبدوا من جهة الشرق وهي مع ذلك كارهة لعصاة بني آدم أن تطلع عليهم

    فإذا كان الوقت الذي يريد الله طلوعها فيه من جهة مغربها تسجد على عادتها وتستأذن في الطلوع من عادتها فلا يؤذن لها فجاء أنها تسجد أيضا ثم تستأذن فلا يؤذن لها ثم تسجد فلا يؤذن لها وتطول تلك الليلة كما ذكرنا في التفسير فتقول يا رب إن الفجر قد اقترب وإن المدى بعيد فيقال لها ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها فإذا رآها الناس آمنوا جميعا وذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا وفسروا بذلك قوله تعالى وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا قيل لوقتها الذي تؤمر فيه تطلع من مغربها وقيل مستقرها موضعها الذي تسجد فيه تحت العرش وقيل منتهى سيرها وهو آخر الدنيا وعن ابن عباس أنه قرأ والشمس تجري لا مستقر لها أي ليست تستقر فعلى هذا تسجد وهي سائرة ولهذا قال تعالى لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ أي لا تدرك الشمس القمر فتطلع في سلطانه ودولته ولا هو أيضا ولا الليل سابق النهار أي ليس سابقه بمسافة يتأخر ذاك عنه فيها بل إذا ذهب النهار جاء الليل في أثره متعقبا له كما قال في الآية الأخرى يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ وقال تعالى وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا أي يخلف هذا لهذا وهذا لهذا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم فالزمان المحقق ينقسم إلى ليل ونهار وليس بينهما غيرهما ولهذا قال تعالى يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أي يولج من هذا في هذا أي يأخذ من طول هذا في قصر هذا فيعتدلان كما في أول فصل الربيع يكون الليل قبل ذلك طويلا والنهار قصيرا فلا يزال الليل ينقص والنهار يتزايد حتى يعتدلا وهو أول الربيع ثم يشرع النهار يطول ويتزايد والليل يتناقص إلى آخر فصل الربيع ثم يتراجع الأمر وينعكس الحال فيشرع النهار يتناقص والليل في ازدياد حتى يعتدلا أيضا في أول فصل الخريف ثم يشرع الليل يطول ويقصر النهار إلى آخر فصل الخريف ثم يترجح النهار قليلا قليلا ويتناقص الليل شيئا فشيئا حتى يعتدلا في أول فصل الربيع كما قدمنا وهكذا في كل عام ولهذا قال تعالى وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أي هو المتصرف في ذلك كله الحاكم الذي لا يخالف ولا يمانع ولهذا يقول في ثلاث آيات عند ذكر السموات والنجوم والليل والنهار ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ أي العزيز الذي قد قهر كل شيء ودان له كل شيء فلا يمانع ولا يغالب العليم بكل شيء فقدر كل شيء تقديرا على نظام لا يختلف ولا يضطرب وقد ثبت في الصحيحين من حديث سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار وفي رواية فأنا الدهر أقلب ليله ونهاره .

    قال العلماء كالشافعي وأبي عبيد القاسم بن سلام وغيرهما يسب الدهر أي يقول فعل بنا الدهر كذا يا خيبة الدهر أيتم الأولاد أرمل النساء قال الله تعالى وأنا الدهر أي أنا الدهر الذي يعنيه فإنه فاعل ذلك الذي أسنده إلى الدهر والدهر مخلوق وإنما فعل هذا هو الله فهو يسب فاعل ذلك ويعتقده الدهر والله هو الفاعل لذلك الخالق لكل شيء المتصرف في كل شيء كما قال وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب ليله ونهاره وكما قال تعالى قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ وقال تعالى هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ أي فاوت بين الشمس والقمر في نورهما وفي شكلهما وفي وقتهما وفي سيرهما فجعل هذا ضياء وهو شعاع الشمس برهان ساطع وضوء باهر والقمر نورا أي أضعف من برهان الشمس وجعله مستفادا من ضوئها وقدره منازل أي يطلع أول ليلة من الشهر صغيرا ضئيلا قليل النور لقربه من الشمس وقلة مقابلته لها فبقدر مقابلته لها يكون نوره ولهذا في الليلة الثانية يكون أبعد منها بضعف ما كان في الليلة الأولى فيكون نوره بضعف النور أول ليلة ثم كلما بعد ازداد نوره حتى يتكامل إبداره ليلة مقابلته إياها من المشرق وذلك ليلة أربع عشرة من الشهر ثم يشرع في النقص لاقترابه إليها من الجهة الأخرى إلى آخر الشهر فيستتر حتى يعود كما بدا في أول الشهر الثاني فبه تعرف الشهور وبالشمس تعرف الليالي والأيام وبذلك تعرف السنين والأعوام ولهذا قال تعالى هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وقال تعالى وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا وقال تعالى يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وقد بسطنا القول على هذا كله في التفسير

    فالكواكب التي في السماء منها سيارات وهي المتخيرة في اصطلاح علماء التسيير وهو علم غالبه صحيح بخلاف علم الأحكام فإن غالبه باطل ودعوى ما لا دليل عليه وهي سبعة القمر في سماء الدنيا وعطارد في الثانية والزهرة في الثالثة والشمس في الرابعة والمريخ في الخامسة والمشتري في السادسة وزحل في السابعة وبقية الكواكب يسمونها الثوابت وهي عندهم في الفلك الثامن وهو الكرسي في اصطلاح كثير من المتأخرين

    وقال آخرون بل الكواكب كلها في السماء الدنيا ولا مانع من كون بعضها فوق بعض وقد يستدل على هذا بقوله تعالى وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وبقوله فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ فخص سماء الدنيا من بينهن بزينة الكواكب فإن دل هذا على كونها مرصعة فيها فذاك والا فلا مانع مما قاله الآخرون والله أعلم

    وعندهم أن الأفلاك السبعة بل الثمانية تدور بما فيها من الكواكب الثوابت والسيارات في اليوم والليلة دورة كلية من الشرق إلى الغرب يدور على خلاف فلكه من المغرب إلى المشرق فالقمر يقطع فلكه في شهر والشمس تقطع فلكها وهو الرابع في سنة فإذا كان السيران ليس بينهما تفاوت وحركاتهما متقاربة كان قدر السماء الرابعة بقدر السماء الدنيا ثنتي عشرة مرة وزحل يقطع فلكه وهو السابع في ثلاثين سنة فعلى هذا يكون بقدر السماء الدينا ثلثمائة وستين مرة .

  13. #13
    التسجيل
    02-04-2004
    المشاركات
    33

    مشاركة: سلسلة البداية والنهاية لابن كثير

    ولما كان أشرف الأجرام المشاهدة في السموات والأرض هي الكواكب وأشرفهن منظرا وأشرقهن معتبرا الشمس والقمر استدل الخليل على بطلان آلهية شيء منهن وذلك في قوله تعالى فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ فبين بطريق البرهان القطعي أن هذه الأجرام المشاهدات من الكواكب والقمر والشمس لا يصلح شيء منها للإلهية لأنها كلها مخلوقة مربوية مدبرة مسخرة في سيرها لا تحيد عما خلقت له ولا تزيغ عنه إلا بتقدير متقن محرر لا تضطرب ولا تختلف وذلك دليل على كونها مربوبة مصنوعة مسخرة مقهورة ولهذا قال تعالى وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ .

    وثبت في الصحيحين في صلاة الكسوف من حديث ابن عمر وابن عباس وعائشة وغيرهم من الصحابة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يومئذ أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله عز وجل وإنهما لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته .

    وقال البخاري في بدء الخلق حدثنا مسدد حدثنا عبد العزيز بن المختار حدثنا عبد الله الداناج حدثني أبو سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الشمس والقمر مكوران يوم القيامة انفرد به البخاري وقد رواه الحافظ أبو بكر البزار بأبسط من هذا السياق فقال حدثنا إبراهيم بن زياد البغدادي حدثنا يونس بن محمد حدثنا عبد العزيز بن المختار عن عبد الله الداناج سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن زمن خالد بن عبد الله القسري في هذا المسجد مسجد الكوفة وجاء الحسن فجلس إليه فحدث قال حدثنا أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الشمس والقمر ثوران في النار يوم القيامة فقال الحسن وما ذنبهما فقال أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول وما ذنبهما ثم قال البزار لا يروى عن أبي هريرة إلا من هذا الوجه ولم يرو عبد الله الداناج عن أبي سلمه سوى هذا الحديث وروى الحافظ أبو يعلى الموصلي من طريق يزيد الرقاشي وهو ضعيف عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الشمس والقمر ثوران عقيران في النار وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج وعمرو بن عبد الله الأزدي حدثنا أبو أسامة عن مجالد عن شيخ من بجيلة عن ابن عباس إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ قال يكور الله الشمس والقمر والنجوم يوم القيامة في البحر ويبعث الله ريحا دبورا فتضرمها نارا فدلت هذه الآثار على أن الشمس والقمر من مخلوقات الله خلقها الله لما أراد ثم يفعل فيها ما يشاء وله الحجة الدامغة والحكمة البالغة فلا يسأل عما يفعل لعلمه وحكمته وقدرته ومشيئته النافذة وحكمه الذي لا يرد ولا يمانع ولا يغالب وما أحسن ما أورده الإمام محمد بن إسحاق بن يسار في أول كتاب السيرة من الشعر لزيد بن عمرو بن نفيل في خلق السماء والأرض والشمس والقمر وغير ذلك

    فإذا علم هذا فالكواكب التي في السماء من الثوابت والسيارات الجميع مخلوقة خلقها الله تعالى كما قال وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ .

    وأما ما يذكره كثير من المفسرين في قصة هاروت ومروت من أن الزهرة كانت امرأة فراوداها على نفسها فأبت إلا أن يعلماها الاسم الأعظم فعلماها فقالته فرفعت كوكبا إلى السماء فهذا أظنه من وضع الإسرائيليين وإن كان قد أخرجه كعب الأحبار وتلقاه عنه طائفة من السلف فذكروه على سبيل الحكاية والتحديث عن بني إسرائيل وقد روى الإمام أحمد وابن حبان في صحيحه في ذلك حديثا رواه أحمد عن يحيى ابن بكير عن زهير بن محمد عن موسى بن جبير عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكر القصة بطولها وفيه فمثلت لهما الزهرة امرأة من أحسن البشر فجاءتهما فسألاها نفسها وذكر القصة وقد رواه عبد الرزاق في تفسيره عن الثوري عن موسى بن عقبة عن سالم عن كعب الأحبار به وهذا أصح وأثبت وقد روى الحاكم في مستدركه وابن أبي حاتم في تفسيره عن ابن عباس فذكره وقال فيه وفي ذلك الزمان امرأة حسنها في النساء كحسن الزهرة في سائر الكواكب وذكر تمامه وهذا أحسن لفظ روى في هذه القصة والله أعلم

    وهكذا الحديث الذي رواه الحافظ أبو بكر البزار حدثنا محمد بن عبد الملك الواسطي حدثنا يزيد بن هارون حدثنا مبشر بن عبيد عن يزيد بن أسلم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وحدثنا عمرو بن عيسى حدثنا عبد الأعلى حدثنا إبراهيم بن يزيد عن عمرو بن دينار عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر سهيلا فقال كان عشارا ظلوما فمسخه الله شهابا ثم قال لم يروه عن زيد بن أسلم إلا مبشر بن عبيد وهو ضعيف الحديث ولا عن عمرو بن دينار إلا إبراهيم بن يزيد وهو لين الحديث وإنما ذكرناه على ما فيه من علة لأنا لم نحفظه إلا من هذين الوجهين قلت أما مبشر بن عبيد القرشي فهو أبو حفص الحمصي وأصله من الكوفة فقد ضعفه الجميع وقال فيه الإمام أحمد والدارقطني كان يضع الحديث ويكذب وأما إبراهيم بن يزيد فهو الخوزي وهو ضعيف باتفاقهم قال فيه أحمد والنسائي متروك .

    وقال ابن معين ليس بثقة وليس بشيء وقال البخاري سكتوا عنه وقال أبو حاتم وأبو زرعة منكر الحديث ضعيف الحديث ومثل هذا الإسناد لا يثبت به شيء بالكلية وإذا أحسنا الظن قلنا هذا من أخبار بني إسرائيل كما تقدم من رواية بن عمر عن كعب الأحبار ويكون من خرافاتهم التي لا يعول عليها والله أعلم .

  14. #14
    التسجيل
    02-04-2004
    المشاركات
    33

    مشاركة: سلسلة البداية والنهاية لابن كثير

    نتكتفي بهذا القدر اليوم....

    متمنيا لكم عيدا سعيدا... ولمن نوى الحج عسى الله ان يتقبل منكم صالح اعمالكم

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •