لست من المتشائمين بالرغم من ان كل الاشياء حولنا تدعو للبؤس والأسى, ولست ايضا من المفتونين بمرارة المتنبي حين قال (عيد بأية حال عدت يا عيد) بالرغم انني اذوب عشقا في شعر المتنبي لا طموحاته, ولكن رغم كل هذا فان عيدنا هذه الايام والايام التي مضت, لا يسر عدوا ولا صديقا.. بل ان ايامنا العادية والمعتادة اكثر بهجة, واحتفالا..
ففي العيد نجد الناس نائمين بعد سهر طويل, واللقاءات اقل رحابة صدر, والشوارع باهتة, وصحون الطعام هي سيدة الموقف بعد انتظار طويل..
نبحث عمن نحب فلا نجدهم, ونزور من نود فنجدهم في سبات عميق, أما أهلنا فهم يعودون الى قراهم البعيدة بحثا عن طفولة منسية في موجة من موجات البحر الهادرة.
هذا هو عيدنا, نوم في اوقات الحياة, وسهر الى الفجر طوال الليل.. فهل بهذا يحتفل الناس بالعيد, اقول هذا وأنا اتذكر طفولتي وصباي حيث الحياة تكاد تزدهر من البهاء ونحن مع اهلنا نطوف بيوت الحي, ونسمع فيروز في مسرحياتها تبث طوال اليوم في شاشات التلفاز عبر القناة الوحيدة التي نعرفها والتي يصلنا بثها.. اما الظهيرة فهي ساحة اللهو.. والركض وصنع (التهاويل) من الضحك والهزل..
إننا على كل المستويات نغرق في مستنقع من الاحباطات , وقمة هذا الاحباط تتجلى في سلوكنا الاجتماعي لا اخلاقيا فقط, ولكن حتى في تواصلنا مع الحياة..
فنحن في عز العولمة والتواصل الذي جمع بين دول العالم وقاراته في قرية كونيه كبيرة, صرنا في قطيعة مع اقرب الناس والاشياء. ان هذه العزلة التي تحف بنا من جميع الجهات, جعلتنا لا نعرف ماذا يحدث فينا من انفساخ وتمزق اجتماعي بينما نعرف ونعي كل ما يحدث في العالم من حولنا..
ان الحياة جميلة يا صاحبي كما قال الشاعر التركي ناظم حكمت.. ويجب علينا ان نعيشها كما عاشها نيرودا.. ولا يمكن بأي حال من الاحوال ان نعيش ايامنا وبالذات اعيادنا هكذا.. عزلة وقطيعة.. وشتات.
فالحياة.. تستحق الحياة..
________
منقول
