• 0
  • مالي خلق
  • أتهاوش
  • متضايق
  • مريض
  • مستانس
  • مستغرب
  • مشتط
  • أسولف
  • مغرم
  • معصب
  • منحرج
  • آكل
  • ابكي
  • ارقص
  • اصلي
  • استهبل
  • اضحك
  • اضحك  2
  • تعجبني
  • بضبطلك
  • رايق
  • زعلان
  • عبقري
  • نايم
  • طبيعي
  • كشخة
  • النتائج 1 إلى 4 من 4

    الموضوع: من هم علماء السوء؟

    1. #1
      التسجيل
      18-03-2005
      الدولة
      عزة الإسلام
      المشاركات
      155
      المواضيع
      32
      شكر / اعجاب مشاركة

      من هم علماء السوء؟

      من هم علماء السوء؟الحمد الله الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام على المبعوث بالحق هادياً، وإلى الخيرات داعياً، المبلغ رسالة ربه، والأمين على وحيه، وعلى آله وأصحابه الذين سلكوا منهجه واهتدوا بهديه، وعلى من سار على طريقهم واقتفى آثارهم إلى يوم الحشر والنشور.

      وبعد:

      فإن من البلايا وأعظم الرزايا أن تصاب الأمة الإسلامية في قلبها وصمام أمانها وذلك بموت علمائها الأخيار أو تكميم أفواه المخلصين الأبرار، وابتلاء الأمة بمن لا تبرأ بهم الذمة يقولون مالا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، ويتنصلون من قول الحق، ويفتون بغير علم، ويسكتون على الباطل إلا ما رحم ربي، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ونعوذ بالله أن يكون قد أدركنا الزمان الذي ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم فيه قبض العلماء، فقد روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال:سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤساء جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا).

      قال ابن حجر في فتح الباري: (وفي هذا الحديث: الحث على حفظ العلم، والتحذير من ترئيس الجهلة، وفيه: أن الفتوى هي الرياسة الحقيقية وذم من يقدم عليها بغير علم، واستدل به الجمهور على القول بخلو الزمان عن مجتهد) اهـ.

      وقال ابن عباس في تفسيره لقوله تعالى: (أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها) أي: خرابها بموت علمائها وفقهائها وأهل الخير منها. وكذا قال مجاهد أيضاً: هو موت العلماء.

      وقال أحمد بن غزال منشداً:

      الأرض تحيا إذا ما عاش عالمها متى يمت عالم منها يمت طرف
      كالأرض تحيا إذا ما الغيث حل بها وإن أبى عاد في أكنافها التلف

      والأحاديث الواردة في بيان قبض العلم وظهور الجهل في آخر الزمان أشهر من أن تذكر كما هو ثابت ذلك في مسند الإمام أحمد والنسائي وابن ماجه والدارمي وغيرهم، وما سأذكره هنا من صفات علماء السوء إنما هو من أجل تذكير الناسي وتنبيه الغافل وتبيين الحق لمن ينشده، سائلاً الله عز وجل أن يلهمنا الصواب فيما نقول، وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، إنه سميع قريب مجيب الدعاء..

      فأقول وبالله أستعين:

      إن أعظم مصاب تمنى به الأمة أن يتصدرها من ليس أهلاً للصدارة لقلة فقهه وورعه وخوفه وتقواه ممن ينتسبون إلى العلم والدين كما هو الحال في أهل زماننا، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يلطف بالأمة وأن يحفظ لها علماءها العاملين، وهذه بعض النقاط التي يتبين لك من خلالها من هم علماء السوء الذين ضلوا وأضلوا؛ براءة للذمة وإقامة للحجة وخروجاً من المسئولية أمام الله عز وجل وهي كما يلي:

      1) الحكم بغير ما أنزل الله: ويتمثل ذلك في الجهل بالأحكام الشرعية، أو الحكم بموجب الهوى وطاعة النفس، أو الجور فيما يصدر من أحكام ظلماً وعدواناً، أو العدول إلى القوانين والنظم البشرية تمشياً مع واقع العصر وحكام الزمان، فإلى الله المشتكى..

      أ) الجاهل لا يجوز أن يقول على الله بغير علم فيحكم بموجب رأيه فإن بعض من ينتسبون إلى العلم قد تحملهم المناصب ووجاهاتهم أمام الناس على عدم الخوف من الله أو الخشية من أن يقال فيهم: "لا يعلمون"، فعلى من كانت هذه صفته أن يتقي الله ولا يعرض نفسه لسخط الله وأليم عقابه فمن حكم بغير علم فقد كذب على الله ونسب إليه سبحانه وتعالى ما لم يأذن به وما لم يشرعه نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين}.

      وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار) رواه البخاري وأحمد والترمذي عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.

      ولعل في كلام ابن القيم رحمه الله الآتي ما يكفي عن الإطالة في هذا المعنى، قال رحمه الله: (وقد حرم الله سبحانه القول عليه بغير علم في الفتيا والقضاء وجعله من أعظم المحرمات بل جعله في المرتبة العليا منها، فقال تعالى: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون}، فرتب المحرمات أربع مراتب وبدأ بأسهلها وهو الفواحش، ثم ثنى بما هو أشد تحريماً منه وهو الإثم والظلم، ثم ثلث بما هو أعظم تحريماً منهما وهو الشرك به سبحانه، ثم ربع بما هو أشد من ذلك كله وهو القول عليه بلا علم، وهذا يعم القول عليه سبحانه بلا علم في أسمائه وصفاته وأفعاله وفي دينه وشرعه، وقال تعالى: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون * متاع قليل ولهم عذاب أليم}. فتقدم إليهم سبحانه بالوعيد على الكذب عليه في أحكامه وقولهم لما لم يحرمه هذا حرام ولما لم يحله هذا حلال، وهذا بيان منه سبحانه أنه لا يجوز للعبد أن يقول هذا حلال وهذا حرام إلا بما علم أن الله سبحانه أحله وحرمه، وقال بعض السلف: ليتق أحدكم أن يقول: أحل الله كذا وحرم كذا فيقول الله له: كذبت لم أحل كذا ولم أحرم كذا) اهـ.

      ب) الحكم بموجب الهوى حيث إن بعض من ولاه الله أمر المسلمين يحمله هواه على الحكم بغير ما أنزل الله؛ رغبة منه في مال أو جاه أو منصب أو تزلف، ألا يعلم هذا أن فعله ذلك من اتباع الهوى؟!! قال تعالى في سورة الجاثية: {أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون}، وقال تعالى: {ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين}.

      وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به)، قال النووي رحمه الله: (حديث صحيح رويناه في كتاب الحجة بإسناد صحيح).

      وعن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما عبد تحت السماء إله أبغض إلى الله من الهوى) ذكره الطبري في تفسيره.

      وقال البخاري رحمه الله: (باب متى يستوجب الرجل القضاء)، ثم ذكر قول الحسن رحمه الله حيث يقول: (أخذ الله على الحكام أن لا يتبعوا الهوى، ولا يخشوا الناس، ولا يشتروا بآياتي ثمناً قليلاً)، ثم قرأ: {يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله... الآية} اهـ. بتصرف.

      فليحذر من ولاه الله أمر المسلمين أن يعدل في حكمه عن أمر الله ورسوله إلى هواه وشهوة نفسه فإن في تصرفه ذلك رداً لحكم الله ورسوله، وقد قال سبحانه: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}، وقال: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون}، وقال: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون}.

      قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (ومتى ترك العالم ما علمه من كتاب الله وسنة رسوله واتبع حكم الحاكم المخالف لحكم الله ورسوله كان مرتداً يستحق العقوبة في الدنيا والآخرة، قال تعالى: {آلمص * كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين * اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكرون}) اهـ.

      ولا يكون كذلك إلا بفعل الهوى الذي حمله على حكمه نسأل الله أن يهدي ضال المسلمين..

      ج) الجور في الحكم وذلك ظلم عظيم يقع فيه هذا القاضي والعياذ بالله كأن يحكم على الضعيف تشفياً أو نزولاً على رغبة الخصم فيحكم عليه بما لا يستحق من زيادة في التعزير، وحده بما لم يأذن به الله، أو اقتطاع شيء من ماله وحرمانه منه، وإذا كان المحكوم عليه ممن له الصدارة في المجتمع تساهل في أمره أوبرأه مما نسب إليه، أين الخوف من الله ومراقبته في مثل هذا التصرف؟! أليس هذا من الشطط في الحكم والجور فيه؟! أين هذا من قوله تعالى: {فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط}، وقوله: {ولا تتبع الهوى}.

      وروى الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن أحب الناس إلى الله يوم القيامة وأقربهم منه مجلساً إمام عادل، وإن أبغض الناس إلى الله يوم القيامة وأشدهم عذاباً إمام جائر ).

      وعن أبى موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله ليملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته)، ثم قرأ: {وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد} متفق عليه.

      وحينما أرسل معاذاً إلى اليمن وأمره أن يأخذ من أموالهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم قال له: (واتقِ دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) متفق عليه.

      والآيات والأحاديث في النهي عن الظلم كثيرة جداً فينبغي لمن نصب نفسه حاكماً بين الناس أن يتقي سطوة الله وعقابه وانتقامه منه للمستضعفين، كما ينبغي أن يعلم أن مثل هذا العمل فيه تشبه ببني إسرائيل الذين إذا سرق فيهم الضعيف قطعوه، وإذا سرق فيهم الشريف تركوه.

      كما هو ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن قريشاً أهمهم شأن المخزومية التي سرقت … - وذكر الحديث - إلى أن قال صلى الله عليه وسلم: (إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، و إذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها).

      وفي الحديث الآخر: (من تشبه بقوم فهو منهم)،فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

      د) العدول عن حكم الله ورسوله إلى حكم الطواغيت من البشر: إن مما يؤسف له - بالأخص في هذا الزمن - ما وقع فيه بعض من ينتسبون إلى العلم من العدول عن حكم الله ورسوله إلى القوانين الوضعية والأفكار البشرية وقد يكون ذلك ظناً منهم أنها مكملة لشرع الله، أو أنها تتماشى وحضارة العصر مع أن ذلك كفر بالله عز وجل وشرك في توحيد الربوبية عياذاً بالله، قال تعالى: {أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون}.

      وقد بدى لنا - وللأسف - أن البساط يسحب من تحت المحاكم الشرعية شيئاً فشيئاً، فقد طالعتنا الصحف في هذه الأيام بما مفاده: (تجريد القضاء من صلاحية النظر في الشكاوى المرفوعة ضد ما يكتب في الصحافة وقد أعلن عن ذلك من له مسئولية في وزارة العدل، وسيكون توجيه الشكاوى ضد الصحافة إلى اللجنة المشكلة في وزارة الإعلام)، وذلك لإعطاء الصحافة مزيداً من الحرية، وليس هذا هو أول ما تبين لنا من هذا الخلل العظيم، بل إن فيه من يذهب لدراسة القوانين ممن ينتسبون إلى العلم ليكون مؤهلاً لإدارة شئون القضايا المرفوعة من قبل المتخاصمين.

      كما أن فيه من يرغب في المشاركة في البرلمانات ومجالس التشريع مع ما فيها من الكفر بالله عز وجل والاستهزاء به وبكتابه وبرسوله. فيا لله ما هذا البلاء الذي لم نر له منكراً ممن لهم الحل والعقد من العلماء أم أنها حقت علينا كلمة العذاب.

      وما اجتماع الجيوش الصليبية وإبداؤهم العداوة إلا أنه قد أحدق بالأمة انتقام الله وسخطه، نسأل الله أن يرد كيدهم في نحورهم وأن يحفظ الإسلام والمسلمين من ظلمهم وعدوانهم، وإننا حينما نتأمل فيما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم في الحكم على من حاد عن الكتاب والسنة نجد أنه قد أشرك بالله عز وجل ورضي غير الإسلام دينا، قال تعالى: {ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً …}... إلى قوله عز وجل: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماُ}.

      قال ابن القيم رحمه الله: (أقسم سبحانه بأجل مقسم به وهو نفسه عز وجل على أنه لا يثبت لهم الإيمان ولا يكونوا من أهله حتى يحكم لرسوله في جميع موارد النزاع وفي جميع أبواب الدين، فإن لفظة "ما" من صيغ العموم، ولم يقتصر هذا حتى ضم إليه انشراح صدورهم بحكمه بحيث لا يجدون في أنفسهم حرجاً وهو الضيق والحصر من حكمه بل يقبلون حكمه بالانشراح ويقابلونه بالقبول لا يأخذونه على إغماض ولا يشربونه على قذى، فإن هذا مناف للإيمان بل لا بد أن يكون أخذه بقبول ورضى وانشراح صدر) اهـ.

      وقال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم على هذه الآيات ما نصه: (إن من الكفر الأكبر المستبين تنزيل القانون اللعين منزلة ما نزل به الروح الأمين على قلب محمد صلى الله عليه وسلم ليكون من المنذرين بلسان عربي مبين في الحكم به بين العالمين والرد إليه عند تنازع المتنازعين مناقضة ومعاندة لقول الله عز وجل: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا}، وقد نفى الله سبحانه وتعالى الإيمان عن من لم يحكموا النبي صلى الله عليه وسلم فيما شجر بينهم نفياً مؤكداً بتكرار أداة النفي وبالقسم، قال تعالى: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً}، ولم يكتف تعالى وتقدس منهم بمجرد التحكيم للرسول صلى الله عليه وسلم حتى يضيفوا إلى ذلك عدم وجود شيء من الحرج في نفوسهم بقوله جل شأنه: {ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت}، والحرج الضيق، بل لا بد من اتساع صدورهم لذلك وسلامتها من القلق والاضطراب، ولم يكتف تعالى أيضا هنا بهذين الأمرين حتى يضموا إليهما التسليم وهو كمال الانقياد لحكمه صلى الله عليه وسلم بحيث يتخلوا هاهنا من أي تعلق للنفس بهذا الشيء ويسلموا ذلك إلى الحكم الحق أتم تسليم ولهذا أكد ذلك بالمصدر المؤكد وهو قوله جل شأنه {تسليماً} المبين أنه لا يكتفى ها هنا بالتسليم بل لابد من التسليم المطلق) اهـ.

      وقال الشيخ صالح الفوزان يحفظه الله: (فالتحاكم إلى شرع الله ليس لطلب العدل فقط وإنما هو في الدرجة الأولى تعبد لله وحق لله وحده وعقيدة، فمن احتكم إلى غير شرع الله من سائر الأنظمة والقوانين البشرية فقد اتخذ واضعي تلك القوانين والحاكمين بها شركاء لله في تشريعه، قال تعالى: {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله}، وقال تعالى: {وإن أطعتموهم إنكم لمشركون}).

      2) قد كثر في هذا الزمن من يجيرون فتاواهم حسب ما تمليه أهواؤهم وما تشتهيه رغباتهم أو نزولاً على رغبات غيرهم ممن يرجونهم لمصالحهم الشخصية مع علمهم أن ما يفتون به مخالف للنصوص الشرعية وأقوال أهل العلم كالفتيا بجواز التأمين المسمى بالتأمين التعاوني وجواز التصوير بما في ذلك تصوير المرأة وقيادة السيارة والظهور في القنوات الفضائية.

      أضف إلى ذلك كثيراً من المعاملات الربوية وغيرها، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار) رواه الدارمي مرسلاً عن عبيد الله بن أبي جعفر.
      وقد سئل أحمد عن هذا الحديث: ما معناه؟ فقال: (يفتي بما لم يسمع).

      وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أفتى بفتيا بغير تثبت فإنما إثمه على من أفتاه) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والدارمي والحاكم.

      وروى الدارمي أيضاً عن أبي موسى رضي الله عنه أنه قال في خطبته: (من علم علماً فليعلمه الناس وإياه أن يقول ما لا علم له به فيمرق من الدين ويكون من المتكلفين).

      علماً أن سلف هذه الأمة كانوا يتدافعون الفتيا فيما بينهم تورعاً وخشية أن يقول أحدهم بما لا يعلم، مع أنهم أعلم الناس بعد رسول الله بكتاب الله وسنة نبيه لاسيما الصحابة رضي الله عنهم والتابعون لهم بإحسان.

      وهذه بعض الآثار التي يتبين لك من خلالها تورعهم عن الاستعجال في الفتيا ومبلغ خوفهم من الله سبحانه وتعالى:

      فروى الزهري عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم قوماً يتمارون في القرآن قال: (إنما أهلك من كان قبلكم بهذا ضربوا كتاب الله بعضه بعضاً، فما علمتم منه فقولوا، وما جهلتم منه فكلوه إلى عالمه).

      وروى مالك بن مغول عن أبي حصين عن مجاهد عن عائشة: أنه لما نزل عذرها قبل أبو بكر رأسها، قالت: فقلت؛ ألا عذرتني عند النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: (أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت ما لا أعلم).

      وقال ابن مسعود: (من كان عنده علم فليقل به ومن لم يكن عنده علم فليقل: الله أعلم فإن الله قال لنبيه: {قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين}).

      وعن عبد الله بن مسعود وابن عباس: (من أفتى الناس في كل ما يسألونه فهو مجنون).

      وقال سحنون بن سعيد: (أجسر الناس على الفتيا أقلهم علماً يكون عند الرجل الباب الواحد من العلم يظن أن الحق كله فيه).

      وقال ابن القيم في كتابه "إعلام الموقعين": (وإذ كان منصب التوقيع عن الملوك بالمحل الذي لا ينكر فضله ولا يجهل قدره وهو من أعلى المراتب السنيات فكيف بمنصب التوقيع عن رب الأرض والسموات، فحقيق بمن أقيم في هذا المنصب أن يعد له عدته وأن يتأهب له أهبته وأن يعلم قدر المقام الذي أقيم فيه ولا يكون في صدره حرج من قول الحق والصدع به فإن الله ناصره وهاديه، كيف وهو المنصب الذي تولاه بنفسه رب الأرباب، فقال تعالى: {ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب}، وكفى بما تولاه الله بنفسه شرفاً وجلالة إذ يقول في كتابه: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة}، وليعلم المفتي من ينوب في فتواه وليوقن أنه مسئول غداً وموقوف بين يدي الله) اهـ.

      وذكر العلامة المناوي أن ابن عمر كان إذا سئل قال: (اذهب إلى هذا الأمير الذي تولى أمر الناس فضعها في عنقه، وقال: يريدون أن يجعلونا جسراً يمرون علينا إلى جهنم!).

      وقال العلامة الإمام أحمد بن حمدان الحراني في كتابه "صفة الفتوى والمفتي والمستفي": (ورأى رجل ربيعة بن عبدالرحمن يبكي فقال: ما يبكيك؟! فقال: استفتي من لا علم له وظهر في الإسلام أمر عظيم، وقال: ولبعض من يفتي ها هنا أحق بالسجن من السراق. قلت:فكيف لو رأى أهل زماننا وإقدام من لا علم عنده على الفتيا مع قلة خبرته وسوء سيرته وشؤم سريرته، وإنما قصده السمعة والرياء ومماثلة الفضلاء والنبلاء والمشهورين المستورين والعلماء الراسخين والمتبحرين السابقين ومع هذا فهم ينهون فلا ينتهون وينبهون فلا ينتبهون قد أملي لهم بإنعكاف الجهال عليهم وتركوا مالهم في ذلك وما عليهم، فمن أقدم على ما ليس له أهلاً من فتيا أو قضاء أو تدريس أثم فإن أكثر منه وأصر واستمر فسق، ولم يحل قبول قوله ولا فتياه ولا قضائه، هذا حكم دين الإسلام والسلام، ولا اعتبار لمن خالف هذا الصواب فإن لله وإنا إليه راجعون) اهـ.

    2. #2
      التسجيل
      18-03-2005
      الدولة
      عزة الإسلام
      المشاركات
      155
      المواضيع
      32
      شكر / اعجاب مشاركة

      تابع: من هم علماء السوء؟

      3) من يرى عدم أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبعض الواجبات الإسلامية زاعماً أن ذلك يتعلق بالسطان فإن أمر به وإلا فلا!!!

      فينتج عن ذلك التشنيع بالآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ويصمهم بالاستعجال والتدخل فيما لا يعني وإثارة الفتن والجهل بالأساليب المناسبة للتعامل مع الآخرين ونحو ذلك مما سوف يسأل عنه بين يدي الله عز وجل حيث حصر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في نطاق ضيق وفق ما يمليه عليه الواقع في نظره، وقد يكون ذلك استجابة لأمور شخصية يبحث لها عن مبرر وكأن الله عز وجل لا يعلم مصالح خلقه والعياذ بالله، فقد وردت الآيات الكثيرة التي بين الله أنه لا أمن ولا استقرار ولابركة في الرزق إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد وصف الله المؤمنين بأنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر على وجه الشمول في آيات كثيرة منها: قوله عز وجل: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر}، وقوله تعالى: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر}، وقوله عز وجل: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين}، وقال تعالى: {يابنى أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور}، وغيرها كثير.

      ومن السنة: ماثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) رواه الإمام مسلم.

      وقوله صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم): دليل على العموم، وليس كما يظن علماء السوء الذين استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله فاستهانوا بالمنكرات معرضين أنفسهم وأمتهم للهلاك والدمار، فياليتهم إذ شلت ألسنتهم وتعطلت أقلامهم عن كلمة الحق أن يتقوا الله ويدعو الناس من شرهم، ولا شك أن هذا من الزيغ والضلال، نسأل الله أن يهدي ضال المسلمين إلى الصواب.

      علماً أن هؤلاء لم يقتصروا على ماذكرناه بل تعرضوا لأمور كثيرة منها: الدعاء وحصر القنوت في بضعة أسطر مع مراعاة الأحوال السياسية فيدعى لهذا ويترك هذا، وفق الأهواء والعياذ بالله بل إن منهم من قال: إنه لا يجوز الدعاء على عموم الكفار رغم مايحدث منهم من تقتيل وتشريد ونهب لخيرات المسلمين وإشعال الحروب بدون هوادة زاعماً أن ذلك يعارض قضاء الله وقدره، سبحانك هذا بهتان عظيم!!

      أين هؤلاء من قوله عز وجل: {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين}، وقوله تعالى: {ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين}.

      وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم على قريش يوم بدر بالهزيمة، وأن ينجز له ما وعده ومما قاله: (اللهم إن هذه قريش أقبلت بخيلائها وفخرها تحادك وتكذب رسولك اللهم فنصرك الذي وعدتني اللهم أحنهم الغداة ).

      وكان يقول عليه السلام وهو قائم ليلة بدر: (اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد)، وأبو بكر يقول: (يا نبي الله بعض مناشدتك ربك فإن الله عز وجل منجز لك ما وعدك).

      وكذا دعا في غزوة الأحزاب بالهزيمة لهم وغير ذلك من الوقائع، وقد دعا خبيب بن عدي على قريش حينما أرادوا قتله فقال: (اللهم أحصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تبقِ منهم أحداً)، ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم أو ينهى عن دعائه.

      وقد دعا عليه السلام في قنوته على أحياء وجماعات وأفراد حيث أثخنوا في إيذاء المسلمين.

      وعن عبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أيامه التي لقي فيها العدو انتظر حتى مالت الشمس ثم قام في الناس فقال: (أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف، اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم) متفق عليه.

      وروى أبو داود بإسناد صحيح عن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا خاف قوماً قال: (اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم).

      ولذا يجوز الدعاء على كل من تعرض لإيذاء المسلمين، وقد أجمع المسلمون على ذلك سلفاً وخلفاً وخطبهم تعج بذلك كل جمعه حيث يقول الخطيب: (اللهم أعز الإسلام والمسلمين ودمر أعداء الدين)، ولم يتبين الإنكار عليهم على مر الزمان إلا هذه الأيام التي أصبح الركون فيها إلى الهوى فيما يجوز أو لا يجوز، فنسأل الله العافية.

      4) كثيراً ما نسمع ونقرأ وللأسف الشديد من بعض من ينتسبون إلى العلم أنه لا جهاد ولا مجاهدين في هذا العصر ومن قال بخلاف قولهم فقد ضل الجادة وأخطأ الصواب، ويعتبرونه عاصياً لله ولرسوله وخارجاً على إمامه، ولا يعتبر شهيداً إن قتل في إحدى المعارك الدائرة في مواجهة الصليبيين.

      وإن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا جاءت هذه الفتوى متأخرة ولم نسمع من هؤلاء مثل ذلك في الحرب الأفغانية الأولى؟!!

      وإذا عرف السبب بطل العجب حيث إن المواجهة الأولى كانت في صالح المعسكر الغربي ولما حصل المقصود انقلب الجهاد إلى معصية وتمرد وضلال! وإذا سلمنا بأن هذا الوقت كما يقولون لم يؤمر فيه بالجهاد بعد، فما هو العذر بين يدي الله عز وجل حينما يسألنا الله عن تعطيل شريعة الجهاد وإيصاد بابها؟!

      ونتسآل أيضاً: ما هي بداية هذا الوقت الذي لا جهاد فيه؟! ومتى نهايته؟! وهل بين الوقتين إعداد له؟؟!! فاتقِ الله فيما تقول، فرب كلمة قالت دعني، وإن الرجل ليتكلم الكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً تهوي به في النار سبعين خريفاً.

      وإنك حينما تتأمل في الأدلة الواردة من الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم، ومواصلة المواجهات بين المسلمين وأعدائهم إلا منذ عشرات السنين لعلمت أن الجهاد أحد دعائم عز هذه الأمة وهيبتها، ولا شك أن ترك الجهاد مؤذن بالهلاك والدمار وتسلط الأعداء وما فرض إرادات هؤلاء الكفرة على المسلمين إلا لما يعيشونه من ذل وهوان بسبب ارتكابهم تعطيل جانب من جوانب الدين الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (وما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا).

      وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم) رواه أحمد وأبو داود من حديث ابن عمر.

      وقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا تبايعتم بالعينة، ورضيتم بالزرع، واتبعتم أذناب البقر، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى تراجعوا دينكم) رواه أحمد وأبو داود عن عبدالله بن عمر.

      وحينئذ يتبين لك أن ما تزعمه من عدم مشروعية الجهاد في هذا الوقت هو تعطيل للنصوص الواردة ومخالفة لإجماع الأمة وإخلاد إلى الدعة والراحة، والرضى بالذل والمهانة، والانغماس في الترف والنعيم، غير عابئ بما يجري من ظلم عظيم لأولياء الله الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل: (من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب) رواه البخاري عن أبي هريرة.

      فعليك أن تراجع ما قلته وأن تتقي الله قبل أن يأتي يوم يعض فيه المرء على يديه يقول: {يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا * ياويلتى ليتني لم أتخذ فلاناً خليلاً * لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولاً}، وقبل أن تقول نفس: {يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين * أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين * أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين}.

      وقد جاء الوعيد الشديد على من ترك الجهاد أو لم يحدث نفسه به فعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من لم يغزو، أو لم يجهز غازياً، أو يخلف غازياً في أهله بخير أصابه الله بقارعة قبل يوم القيامة) رواه أبوداود بسند صحيح.

      وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من مات ولم يغزو أو لم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق) رواه مسلم.

      5) العجب بالنفس حيث إن الترفع بسبب المناصب والجاه وكثرة المال يورث الاعتزاز بالنفس والإعجاب بها فيستخف بمن دونه ويعظم في عينه من هو أعلى منه جاهاً ومنزلة ولو كان فاسقاً أو محاداً لله ولرسوله، ولا شك أن هذا من أمراض العصر التي أصيب بها بعض من يحملون الشهادات العالية أو المناصب الرفيعة والعياذ بالله، وقد نهى الله عز وجل عن العجب بالنفس في قوله تعالى: {ولا تمشِ في الأرض مرحاً إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولاً}.

      قال الطبري في تفسيره (وإنما هذا نهي من الله لعباده عن الكبر والفخر والخيلاء، وتقدم منه إليهم فيه معرفهم بذلك أنهم لا ينالون بكبرهم وفخارهم شيئاَ يقصر عنه غيرهم. وعن قتادة رحمه الله قال: {ولا تمشِ في الأرض مرحاً إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولاً}، يعني: بكبرك ومرحك) اهـ.

      قال العلامة محمد بن علي الشوكاني على قوله تعالى: ({ولا تمشِ في الأرض مرحاً}، المرح: والظاهر أن المراد به هنا الخيلاء والفخر. وذكر قول الزجاج لا تمش في الأرض مختالاً فخوراً، وذكر الأرض مع أن المشي لا يكون إلا عليها أو على ما هو معتمد عليها تأكيداً وتقريراً. ولقد أحسن من قال:

      ولا تمشِ فوق الأرض إلا تواضعاً فكم تحتها من قوم منك أرفع
      وإن كنت في عز وحرز ومنعة فكم مات من قوم هم منك أمنع).

      وقال رحمه الله: ({إنك لن تخرق الأرض}: إنك لن تخرق الأرض بمشيك عليها تكبرا، وفيه تهكم بالمختال المتكبر. {ولن تبلغ الجبال طولاً}، أي: ولن تبلغ قدرتك إلى أن تطاول الجبال حتى يكون عظم جثتك حاملاً لك على الكبر والاختيال، فلا قوة لك حتى تخرق الأرض بالمشي عليها ولا عظم في بدنك حتى تطاول الجبال فما الحامل لك على ما أنت فيه؟!) اهـ.

      وقال الشيخ حمود التويجري رحمه الله في ذم العجب: (ومن أعظم ما يبتلى به المرء: إعجابه بنفسه وترفعه على أقرانه وبني جنسه، وقد ذكر ابن عبدالبر رحمه الله عن ابن عبدوس أنه قال: "كلما توقر العالم وارتفع كان العجب إليه أسرع إلا من عصمه الله بتوفيقه وطرح حب الرياسة عن نفسه"، وذكر أيضاً عن كعب أنه قال لرجل رآه يتبع الأحاديث: "اتق الله، وارض بالدون من المجلس، ولا تؤذي أحداً فإنه لو ملأ علمك ما بين السماء والأرض مع العجب ما زادك الله به إلا سفالاً ونقصاناً"، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث مهلكات وثلاث منجيات فأما المهلكات: فشح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه، والثلاث المنجيات: تقوى الله في السر والعلانية، وكلمة الحق في الرضى والسخط، والاقتصاد في الغنى والفقر"، وقال بعض السلف: "إعجاب المرء بنفسه دليل على ضعف عقله"، وقال الفضيل بن عياض: "ما من أحد أحب الرياسة إلا حسد وبغى وتتبع عيوب الناس وكره أن يذكر أحد بخير") اهـ.

      وقد يسبب الإعجاب بالنفس أن يفتي المرء بما لا يعلم تعاظماً وتكبراً وترفعاً أن يقال عنه: لا يدري، فكم من متعاظم هلك بسبب فتواه الصادرة عن عجبه بنفسه فمتى يحس هؤلاء بهذا المرض العضال والداء القاتل فينزعوا عن غيهم ويعودوا إلى رشدهم؟! فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره، ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عتل جواظ مستكبر) رواه الإمام أحمد والبخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه عن حارثة بن وهب الخزاعي.

      وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر) فقال رجل: إن الرجل يجب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنة؟ قال: (إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس) رواه مسلم.

      وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل: (العز إزاري، والكبرياء ردائي، فمن ينازعني عذبته) رواه مسلم.

      وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يزال الرجل يذهب بنفسه حتى يكتب في الجبارين فيصيبه ما أصابهم) رواه الترمذي وقال: (حديث حسن)، "يذهب بنفسه"؛ أي يرتفع ويتكبر.

      6) في هذه الآونة الأخيرة وفي ظل تلك الأحداث المتلاحقة وتحت شعار الفتن والبلبلة وتهييج العامة نرى الإحجام من بعض العلماء عن قول كلمة الحق فيما لا يجوز السكوت عليه من أصول العقيدة التي هي لب التوحيد وأساسه حيث لم نعد نسمع من غالبية العلماء الكلام حول عقيدة الولاء والبراء، ومظاهرة الكفار ونصرتهم على المسلمين، والتحاكم إلى القوانين الوضعية التي أخذت طريقها إلى الظهور في كثير من المؤسسات، والطواف على القبور، والاعتقاد في الأولياء ودعائهم من دون الله، وتحليل المحرمات كالمعاملات الربوية والصور والأغاني الماجنة وغيرها كثير.

      وقد كان في وقت مضى من يؤكد على قراءة كتب أهل الدعوة كالإمام أحمد بن حنبل وابن تيمية وابن القيم وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ومن تتلمذ عليه واستفاد من علمه إلا أن هذا التأكيد بدأ يتلاشى ويضمحل منذ أن أعلنت الدولة الصليبية وحلفاؤها حملتها على الإرهاب المزعوم.

      فهل تبرأ الذمة بترك تبيين العقيدة الصحيحة للمسلمين مسايرة لما يمليه الواقع أو بما يتماشى مع النظم البشرية؟!

      إن هذا الوقت هو الوقت الذي يجب أن يركز فيه على تلك المسائل المذكورة وأمثالها حيث كثر التلبيس على عامة الناس وتشكيكهم في دينهم عبر الإذاعات النصرانية وجميع وسائل دعواتهم، أضف إلى ذلك وسائل الإعلام الأخرى من عربية وأعجمية في دعم تلك المسيرة الهادفة للقضاء على العقيدة الصحيحة.لذا فإن عليكم أيها العلماء المسئولية أمام الله عز وجل إن تخاذلتم عن تبليغ رسالة الله وإعلاء كلمته في وقتٍ الأمة أحوج ما تكون إلى التبصير في دينها فمن سكت عن كلمة الحق فعليه أن يتحمل وزره ووزر من ضل والعياذ بالله.

      ثم إن الله سبحانه وتعالى توعد الذين يكتمون العلم ولايبينونه للناس باللعنة والطرد والإبعاد عن رحمته، قال تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه}.

      قال قتادة على هذه الآية: (هذا ميثاق أخذه الله على أهل العلم، فمن علم شيئا فليعلمه، وإياكم وكتمان العلم، فإن كتمان العلم هلكة، ولا يتكلفن مالا علم له به فيخرج من دين الله فيكون من المتكلفين).

      وإن كانت هذه الآية في ذكر أهل الكتاب إلا أن المعنى يراد به: كل من كتم الحق، ومن فعل هذا من علمائنا فقد تشبه بعلماء أهل الكتاب: (ومن تشبه بقوم فهو منهم).

      وقال تعالى: {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون}، وفي هذه الآية يبين الله تبارك وتعالى أهمية وجوب نشر العلم وعدم كتمانه، وأن من كتمه فهو متعرض لهذا الوعيد الشديد.

      وفي السنة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كتم علماً ألجم بلجام من نار يوم القيامة) رواه أبو داود والترمذي وقال: (حديث حسن).

      قال ابن كثير رحمه الله على هذه الآية: (هذا وعيد شديد لمن كتم ما جاءت به الرسل من الدلالات البينة على المقاصد الصحيحة والهدي النافع للقلوب من بعد ما بينه الله تعالى لعباده في كتبه التي أنزلها على رسله، قال أبو العالية: نزلت في أهل الكتاب كتموا صفة محمد صلى الله عليه وسلم ثم أخبر أنهم يلعنهم كل شيء على صنيعهم ذلك، فكما أن العالم يستغفر له كل شيء حتى الحوت في الماء والطير في الهواء، فهؤلاء بخلاف العلماء فيلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون. وقد ورد في الحديث المسند من طرائق يشد بعضها بعضا عن أبي هريرة وغيره أن رسول الله قال: "من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار".
      والذي في الصحيح عن أبي هريرة أنه قال: "لولا آية في كتاب الله ماحدثت أحداً شيئاً {إن الذين يكتمون ماأنزلنا من البينات والهدى}" رواه الإمام أحمد) اهـ.

      فحري أن يوصم هؤلاء الساكتون بأنهم من علماء السوء وأئمه الضلال؛ لما يتصفون به من هذ الوصف الشنيع والذي يترتب عليه سخط الله ولعنته.

      قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: (ومن فوائد هذه الآية: أن هؤلاء الكاتمين ملعونين يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون؛ لقوله تعالى {أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون}).

      ومن ذلك قوله رحمه الله: (عظم كتم العلم حيث كان من الكبائر، وكتم العلم يتحقق عند الحاجة إلى بيانه إما بلسان الحال وإما بلسان المقال، فمن سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار) اه بتصرف.

      وما تقدم ذكره من صفات إنما هي ناشئة عن فساد من يوصفون بتلك الأوصاف ممن ينتسبون إلى العلم وهذا زيغ وضلال عن الحق، ولو تأملت أحوالهم لرأيت أنهم قد تلبسوا بالفسق وركوب المعاصي، كالتصوير - مثلاً - والخروج في الفضائيات ووسائل الإعلام المقروءة، وتجد صورة أحدهم إلى جانب صورة فتاة ماجنة من دون خوف من الله ولا حياء من خلقه!! فهل يليق بمثل هؤلاء أن تسمع منهم فتوى أو يطلب منهم أن يتحدثوا للناس عما يهمهم في دينهم، ففاقد الشيء لا يعطيه، ولاسيما أن فعلهم هذا سبب في إضلال كثير من عامة الناس عن الصواب وإيقاعهم في كثير من المنكرات وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، فعلى من أراد الفتوى أن يتنزه عن سؤالهم ويتصل بخيار العلماء الذين يفعلون مايقولون ويتورعون عن قول مالا يعلمون الذين ورثوالعلم والعمل عن سيد المرسلين، وقد تكلم العلماء أثابهم الله عن الضرر البليغ والخطر العظيم الذي يحدث من فساد العالِم، وقد قال بعضهم: (من فسد من علمائنا ففيه شبه باليهود، ومن فسد من عبادنا ففيه شبه بالنصارى)، وفي الحديث: (من تشبه بقوم فهو منهم).

      لعل هؤلاء يصدق فيهم حديث مكحول الذي رواه أبو الشيخ والديلمي عن علي رضي الله عنه قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (وكثرت خطباء منابركم، وركن علماؤكم إلى ولاتكم فأحلوا لهم الحرام وحرموا عليهم الحلال وأفتوهم بما يشتهون، وتعلم علماؤكم العلم ليجلبوا به دنانيركم ودراهمكم … الحديث).

      وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يكون في آخر الزمان أمراء ظلمة ووزراء فسقة وقضاة خونة وفقهاء كذبة، فمن أدرك ذلك الزمان منكم فلا يكونن لهم جابيا ولاعريفا ولاشرطيا) رواه الطبراني في الصغير والأوسط وقال: (لابأس به).

      وقد خاف النبي صلى الله عليه وسلم هؤلاء على أمته لما يشكلون من خطر عظيم على الإسلام والمسلمين باسم العلم، من ذلك قوله عن ثوبان رضي الله عنه أنه قال: (إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين) رواه أحمد وأبوداود والدارمي والترمذي.

      وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المضلين) رواه أبوداود.

      وعن زياد بن خدير قال: قال لي عمر رضي الله عنه: (هل تعرف ما يهدم الإسلام؟ قلت: لا. قال: يهدمه زلة العالم، وجدال المنافق بالكتاب، وحكم الأئمة المضلين) رواه الدارمي.

      وقال الشيخ عبدالرحمن بن حسن رحمه الله على قوله صلى الله عليه وسلم: (إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين): (أتى بإنما التي قد تأتي للحصر بياناً لشدة خوفه على أمته من أئمة الضلال، وما وقع في خلد النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك إلا لما أطلعه الله من غيبه أنه سيقع نظير مافي الحديث قبله من قوله: "لتتبعن سنن من كان قبلكم …الحديث") اهـ.

      وقال الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله: (الأئمة المضلين: الذين يتوددون الناس باسم الشرع، والذين يأخذون الناس بالقهر والسلطان، فيشمل الحكام الفاسدين والعلماء المضلين الذين يدعون أن ما هم عليه شرع الله وهم أشد الناس عداوة له).

      ولعل فيما ذكرناه كفاية لمن أراد الله له الهداية والتوفيق وإلا فالأمر أعظم من التحدث فيه في هذه العجالة، فعلى اللبيب العاقل أن ينتبه لهذ البلاء العظيم الذي يتهدد الأمة بضياع العلم وفشو الجهل باتخاذ الناس رؤساء جهالاً يفتون بغير علم والعياذ بالله، فإلى الله نشكو غربة الدين وقلة العلماء العاملين والرجال المخلصين.

      أسأل الله الذي لا يخيب من سأله ولا يرد من أمله أن يرزق هذه الأمة علماء ربانين يهدونهم بهدي الكتاب والسنة ويعيدون الحق إلى نصابه إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير.

      وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    3. #3
      التسجيل
      31-12-2004
      المشاركات
      24
      المواضيع
      2
      شكر / اعجاب مشاركة

      مشاركة: من هم علماء السوء؟

      جزاك الله خيراً

    4. #4
      التسجيل
      20-11-2004
      المشاركات
      65
      المواضيع
      8
      شكر / اعجاب مشاركة

      مشاركة: من هم علماء السوء؟

      الكلام الكثير ما أحد يقراه
      قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
      (( من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة))


    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •