التليفزيون الألماني (بالصوت والصورة):
الجنود الأمريكيون يلعبون كرة قدم.. برءوسالشهداء العراقيين
برلين وليد الشيخ – الاسبوع 21/3/2005
تداعيات كبيرة أحدثها قيام قوات الاحتلال الأمريكي بإطلاقالرصاص علي الصحفية الإيطالية 'جوليانا سجرينا'، والذي حظي باهتمام إعلامي أوربيوبالذات في إيطاليا.. وألمانيا التي تعمل الصحفية مراسلة لأهم صحفها الأسبوعية 'ديتسايت'، وذلك بالتركيز علي اتهامات سجرينا التي أكدت أن القوات الأمريكية تعمدتاستهدافها، بل إن الخاطفين أنفسهم كانوا قد حذروها من ذلك قبل إطلاق سراحها، وهو مااعتبرته الصحف أمرا طبيعيا من قبل من يسمح بانتهاك القوانين إزاء المعتقلين، وبقتلالمعارضين المكروهين.. كما كان يحدث أثناء الحرب الباردة، بل إنها تعجبت منالأمريكيين الذين سيجعلون المعتدين هم الذين يقومون بالتحقيق ضد أنفسهم، بل إنهمومنذ أول لحظة.. حمٌلوا الضحية الذنب في جريمة قتله، هذا في الوقت الذي ذهبت فيهصحيفة 'زود دويتشه' الألمانية إلي القول: إن الموقف انتهي إلي أن الخاطفين امتنعواعن قتل 'سجرينا' بينما تكفل الجنود الأمريكيون الحلفاء بمحاولة قتلها.
والتقطبرنامج 'بانوراما' الذي تعرضه القناة الأولي الألمانية 'ARD' الخيط فعرض في الأسبوعالماضي تقريرا أعده كل من 'جون يوتس' و'شتيفان شوتشليك'، مدعما بأشرطة فيديو سريةحصل عليها البرنامج تلقي مزيدا من الضوء علي الفظائع والمذابح التي تقوم بها قواتالاحتلال الأمريكي ضد الشعب العراقي، وبدأت مقدمة البرنامج 'انيا راشكه' التقريربالقول إن إطلاق الرصاص والعمليات الانتحارية والمداهمات والقتل في العراق لم يعديصدم أحدا بعد أن أصبح أمرا عاديا يحدث كل يوم: إلا أن العالم كله صدم من قيامالجنود الأمريكيين بإطلاق الرصاص علي الصحفية الإيطالية 'جوليانا سجرينا' وقتل ضابطالاستخبارات الإيطالي الذي كان قد حررها 'كارلو كاليباري'، وفجأة بات العالميتساءل: كيف يحدث هذا ولماذا؟ وهل يقوم الأمريكيون بإطلاق الرصاص حتي عليحلفائهم؟!
وعرض البرنامج لتقرير مصور للمكان الذي تم فيه إطلاق الرصاص الأمريكيعلي سيارة 'سجرينا' عند نقطة تفتيش أمريكية في الكيلو 12 قبل 700 متر من مطاربغداد، وتساءل التقرير: كيف لم يعرف الأمريكيون بعملية تحرير سجرينا؟ ثم عرض لتصريحفي مؤتمر صحفي للقائد الأعلي للقوات الأمريكية في العراق الجنرال 'جورج كيسي' بعدالحادثة بأربعة أيام قال فيه: 'أنا جورج كيسي ليس لدي أي معلومات عن ذلك حتي الآن' ثم ضحك، وحين سأله أحد الصحفيين قائلا: 'ولكن الإيطاليين يقولون إنه تم إعلامك' فردعليه بحدة قائلا: 'أنا شخصيا.. لا أعرف شيئا عن ذلك.. أوكيه؟!'.
إلا أن البرنامجرد علي ذلك بالإشارة إلي أن الجنود الأمريكيين يعرفون جيدا ما يحدث كل يوم أمامنقاط التفتيش والتي يسقط فيها الضحايا الأبرياء، إلا أن الفارق هذه المرة أن الذيسقط هو مواطن أوربي، الأمر الذي جعل التصرفات التي تحدث بصورة اعتيادية أمرا خطيراهذه المرة، وهو ما أيده 'مايكل راتنر' أحد خبراء مركز حقوق الإنسان في نيويورك قالفيه: إن كل الجنود الأمريكيين عصبيون ويسيرون علي قاعدة 'أولا.. أطلق الرصاص، وبعدذلك اسأل' وكثير جدا من المواطنين المدنيين أصيبوا أو قتلوا أمام نقاط التفتيش، ليسفقط نقطة التفتيش هذه بل في كل مكان في العراق، ونحن نعرف أن مئات المدنيينالأبرياء قتلوا بإطلاق الرصاص عليهم من قبل الجنود الأمريكيين.. بلا أيسبب!
وأشارت القناة الأولي الألمانية في برنامجها لعديد من حالات إطلاق الرصاصعلي عائلات عراقية تضم نساء وأطفالا، إلا أن التحقيقات التي تجريها قوات الاحتلالالأمريكي مع جنودها لا تخرج بأي نتيجة ونادرا ما يعاقب الجناة، وقامت القناة بعرضنص إحدي الوثائق السرية التي حصلت عليها لأحد هذه التحقيقات، قال فيه أحد الجنودالذي قام بقتل مدنيين عراقيين علي أحد الحواجز: 'لقد وضعنا لافتتين مكتوبا عليهماباللغة العربية: 'تراجعوا وإلا أطلقنا عليكم الرصاص'.. وعندما تجاوزوا اللافتةالثانية أطلقنا عليهم الرصاص وقتلناهم.. وأحيانا كان في السيارات نساء وأطفال،واليوم أفكر أحيانا في أنهم لربما حتي لم يكونوا يستطيعون رؤية اللافتات'! ولعلهواضح تماما من عبارات الجندي أن قتل المدنيين بمن فيهم النساء والأطفال كان أمرااعتياديا ويحدث كثيرا جدا.
هذا في الوقت الذي قال فيه 'جون بايك' من معهد الأمنالكوني في واشنطن إنه إذا ما قام جندي أمريكي في نقطة تفتيش بقتل أي مدني وتمالتحقيق معه.. لا يحدث له أي شيء، فهو يعمل هناك بتكليف من الولايات المتحدة، ولايخضع لمحاكمة إلا إذا خالف التعليمات.. وهو الأمر الذي يكاد لا يحدث أبدا!
وعرضالبرنامج لشريط فيديو مصور كانت قد عرضته قناة 'ABC News' يظهر فيه أحد شباب مشاةالبحرية الأمريكية وهو يمسك مدفعا رشاشا فوق سيارة جيب عسكرية أمريكية تسير بجوارسيارات مدنية عراقية، فيأمرهم الجندي الشاب قائلا: 'تراجعوا.. تراجعوا' بينما يقومبعض ركابها برفع المنديل الأبيض إشارة إلي أنهم مدنيون.. وفجأة وبعدها بثوان وبلاأي مبرر يطلق الرصاص عليهم.. فيقتل ثلاثة عراقيين مدنيين.
كما عرضت القناة شريطفيديو استطاعت الحصول عليه كان قد صوره الجنود الأمريكيون أنفسهم وهو يظهر مجموعةمن جنود المارينز تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عاما وهم يجلسون في سيارة ميكروباصتجوب شوارع مدينة الرمادي ويكيلون الشتائم للمواطنين في الشارع مثل 'اذهبوا للجحيمأيها الأغبياء'، إلا أن البرنامج تعجب من قيام هؤلاء بوضع عنوان لشريط الفيديو الذييصورونه وهو 'الحادث الأخير' وكأنه شريط يصور لفيلم في رحلة، رغم أنهم يصورون بعدذلك عراقيا تم قتله وهو يقود سيارته، والجنود يتلاعبون بيده تارة وبرأسه تارة أخري،بينما أحدهم يشد جسده ويهزه بقوة، في الوقت الذي يرد عليه آخر قائلا: 'اجعله يحنيرأسه ويقول.. هالو!'.
وهو ما علق عليه 'فرانك روديجر' أحد الضباط بقوله إن هذالا يظهر إلا مدي انحطاط الأخلاق وإهانة وانتهاك الكرامة الإنسانية، مضيفا أن المرءلابد له أن يؤكد أن هذا يعد نتيجة طبيعية للثقافة الأمريكية التي تقوم علي التفوقعلي الثقافات الأخري، وبأن الأمريكيين يستطيعون أن يفعلوا أي شيء يريدونهبالآخرين.
ويستمر شريط الفيديو في إظهار الفظائع التي يقوم بها الجيش الأمريكيفي العراق، فيظهر مواطنا عراقيا تعرض لإصابة خطيرة بعد أن قاموا بإطلاق الرصاص عليكليته ويقومون بضربه بأحذيتهم في وجهه وجسده، ثم يضع أحدهم قدمه فوق رأسه، وتتعجبالقناة الأولي الألمانية من استمرار التصوير ليأخذوا شريط الفيديو معهم رغماستمرارهم في الإهانة والتعذيب، بينما يتطور الأمر ليظهر الشريط صورة جثة محترقةومتناثرة الأشلاء لعراقي قتل في تبادل لإطلاق النار، بينما أحد هؤلاء الجنود يقولضاحكا: 'شكله يبدو (مقرمشا) بصورة حقيقية'، بل وصل الأمر إلي عرض صورة جندي أمريكيوهو يركل بقدمه جزءا من رأس لأحد خصومه القتلي!!
الأمر الذي علق عليه 'مايكلرايتنر' من مركز حقوق الإنسان في نيويورك بالقول إنه عندما يأتي جندي ويلعب الكرةبرأس خصم ميت، ويسيء معاملة العراقيين فإن هذا أمر سيئ بما فيه الكفاية، ولكنالمشكلة الكبري أن هؤلاء الناس يقومون بتصوير وتوثيق كل ذلك بالفيديو، وهذا يظهرأنهم يعتبرون ذلك أمرا عاديا تماما، وأنهم ليس لديهم أي خوف من أن يري هذه الأدلةالمادية أي قائد لهم.. من أصغر ضابط وحتي دونالد رامسفيلد.. فلا أحد سوفيعاقبهم.
وتختم القناة برنامجها متهكمة بتكرار تصريح القائد الأعلي للقواتالأمريكية في العراق الجنرال 'جورج كيسي' والذي قال فيه: 'أنا شخصيا لا أعرف شيئاعن ذلك'، مضيفة أن صور ما يحدث من انتهاكات أمريكية بصورة يومية تثبت مدي الساديةالتي يتمتع بها الجنود الأمريكيون.