الحمد لله الذي قهر عباده بالموت .. و رفع درجاتهم بالعمل الصالح ..
و الصلاة و السلام على المبعوث رحمة للعالمين و آله و صحبه الطيبين الطاهرين و بعد :
( كل نفس ذائقة الموت ) حقيقة لا شكّ فيها و خبر يقين تعهد به قيوم السماوات و الأرض
( أحبب من شئت فإنك مفارقه ) ..
لكن وفاة شخص ليست هي نهاية العالم و موته .. مهما كانت أهمية هذا الإنسان ..
لننظر إلى التاريخ منذ عهد سيدنا آدم عليه السلام إلى يومنا هذا ..
من بين البشرية عاش أكثر من 1000 عام ؟ لا أحد ,,
من أكثر إنسان عمّر على وجه الأرض ؟!
يقال أنه سيدنا نوح عليه السلام , و قد ورد في الأثر أن سيدنا نوح سئل : يا نبي الله كيف وجدت الدنيا ؟
قال: كأني دخلت في باب و خرجت من آخر ..
و الذي يثبت صحة هذا القول هو سؤال أوجهه لك : هل بإمكانك أن تسترجع حياتك التي عشتها الآن ؟
ستقول لي : نعم .. و تقوم بسرد شريط فيديو مسجل لحياتك كلها و لا يتجاوز هذا الأمر أكثر من ساعة ..
لا يفهم من كلامي أني أريد أن أبث اليأس في النفوس .. إنما أريد أن أعيد للنفس همتها و للقلب حيويته ..
لا شك أن موت إنسان عزيز على قلبك سيؤثر عليك و قد يغير شيئا في حياتك ..
و العاقل من يأخذ من الموت عبرة ( كفى بالموت واعظا ) فيعلم أن الدنيا كلها إلى زوال
و لن يبقى للمرء سوى أمرين اثنين :
الأول : عمله و هو صديقه في قبره .
الثاني : ذكره في الدنيا بعد موته .. إن كان صالحا فخير و إن كان غير ذلك , نسأل الله السلامة .
فلماذا لا نجمع بين الأمرين .. عمل و ذكر حسن ؟!
انظر أخي إلى القدس مثلا تراها خلّدت أسماء و كتبت حروفهم على بابها بأبجدية من نور ..
فعندما تدخلها تجد قد كتب على
أول حجر اسم يلمع م يبرق و ينير للبشرية طريق الصبر و الإيمان ( الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه ) ,
ننتقل إلى حجر آخر لنرى قد كتب عليه ( الفاتح صلاح الدين ) ,
لكن يا ترى هل سيكتب اسمك على الحجر الثالث ؟ ! ,
لكن تخليد الاسم ليس بالمعارك و الحروب فقط ..
بل كم من أناس خلد ذكرهم كتاب كتبوه ( كالإمام النووي و الغزالي )
و كم من أناس خلد اسمهم تمثال نصبوه ( كالفراعنة و الأهرامات )
و كم من أناس خلد اسمهم اختراع اخترعوه ( كأديسون )
و كم من أناس خلد اسمهم اكتشاف اكتشفوه ( كأرخميدس )
فلتكن أخي ممن خلّد اسمهم عمل لله أخلصوه ..
فموت أي رجل ليس نهاية العالم .. إنما قد يكون إشراقة أمل و بصيص نور يدفعك إلى لقمة و يشحذ همتك ..
فمنذ أيام كنت في مجلس عزاء و إذا بأحدهم يقف و يروي قصة ختامها
قول النبي صلى الله عليه و سلم : أنتم شهداء الله في أرضه ,
و راح يشهد للميت بالخير فنظرت نظرة خوف و تفاؤل ,
هل هناك من سيشهد لي بخير أمام الله ؟!
فلترسم بسمة على وجه كل إنسان يشهد لك بها عند مولاك يوم القيامة , و لا تستحقرنّ عمل ..
فالله يجزي على القليل الكثير
و لنكن منذ الآن أصحاب همة و رسالة
و ليكن هذا اليوم هو تاريخ ولادة لك ..
لتبدأ الآن مع ربك صفحة جديدة ..
لتقل يا رب .. صفحة جديدة بيضاء لن تسودها ذنوبي ,
و لتشمر عن ساعد العمل و الجد مع إخلاص لله ..
و لتكن الأول في كل المجالات فالمؤمن كالشامة بين الناس ..
صفحة جديدة أفتحها ربي .. لن أسودها بذنوبي و سأعمل على رضاك ..
و الآن ..
هل أنت جريء لتقولها ؟
بانتظار ردودكم إن شاء الله ..
بارك الله فيكم ,
و السلام