نطلقت في اكثر من عاصمة اسلامية مظاهرات غاضبة احتجاجا علي تدنيس جنود امريكيين للقرآن الكريم لاهانة المعتقلين في معتقل غوانتانامو في كوبا، والتطاول علي الدين الاسلامي من خلالهم.
اعنف هذه المظاهرات لم تكن في البلدان العربية وانما في افغانستان، حيث وقعت مواجهات شرسة بين المتظاهرين الغاضبين والقوات الامريكية والافغانية اسفرت عن استشهاد اثني عشر شخصا سقطوا بالرصاص الحي الذي اطلـــق عليهم.
ولا تستطيع الحكومة الامريكية ان تقول ان عملية تدنيس القرآن الكريم هذه التي كشفت النقاب عنها مجلة نيوزويك الامريكية، جاءت عملية فردية، لان الممارسات السابقة للجنود الامريكيين، سواء في معتقلات غوانتانامو او ابو غريب في العراق وسجون افغانستان، سجلت حالات مماثلة.
ففي افغانستان جري تعذيب معتقلين اسلاميين حتي الموت، وفي سجن ابو غريب انتهك السجانون الامريكيون اعراض السجناء وصوروهم عرايا بطريقة مخجلة، وطلبوا من بعضهم ممارسة اللواط مع البعض الآخر وسط ضحكات هؤلاء ومن بينهم مجندات.
ومن المؤسف ان عمليات تدنيس القرآن الكريم هذه تتزامن مع محاولات من قبل المستوطنين اليهود المتطرفين لاقتحام المسجد الاقصي المبارك وهدمه لاقامة هيكل سليمان علي انقاضه وسط صمت عربي واسلامي مريب.
هذا الصمت، والعربي الرسمي منه علي وجه الخصوص، هو الذي يشجع الامريكيين وغيرهم علي تدنيس القرآن الكريم والاستخفاف بالعقيدة الاسلامية السمحاء، واعلان الحروب علي الدول الاسلامية، واحتلال بعضها بالقوة، مثلما حدث في العراق وافغانستان.
فعندما تتجاهل الحكومات العربية ما جري ويجري في العراق من قتل وتدمير، وما ترتكبه القوات الاسرائيلية من مجازر في فلسطين المحتلة، ونسف للبيوت فوق رؤوس اطفالها واهلها، وتدفن رأسها في الرمال ازاء انتهاكات سجن ابو غريب، ليس من المستغرب ان تصل الاهانات والاستخفاف الي درجة ان يأتي جندي امريكي ويقذف بالقرآن الكريم، دستور مليار ونصف المليار مسلم في فوهة مرحاض.
الجماهير الفقيرة المعدمة الجائعة نزلت الي الشوارع في افغانستان وفلسطين، وهما دولتان تحت الاحتلال، للتعبير عن غضبها، ولكننا لم نر حكومة عربية واحدة تطرد السفير الامريكي، او تستدعي سفيرها في واشنطن احتجاجا.
رأينا علماء السلاطين يختفون عن الانظار، تنفيذا للاوامر بعدم اصدار اي رد فعل خشية اغضاب السيد الامريكي ورأينا وزراء الاوقاف يلتزمون بفضيلة الصمت تواطؤا.
الادارة الامريكية قالت انها تعتذر عن هذه الاهانة، ووعدت بالتحقيق ومعاقبة المتورطين، ولكن مثل هذه الكلمات سمعناها في السابق، سمعناها بعد فضيحة تعذيب سجن ابو غريب، وسمعناها بعد اطلاق النار وقتل اسري عراقيين جرحي في احد مساجد الفلوجة.
فالقضاء العسكري الامريكي الذي يفرج عن جندي امريكي قتل ابرياء جرحي في مسجد، واصدر عقوبات مخففة في حق من مارسوا التعذيب وانتهاك اعراض السجناء، هذا قضاء لا يمكن الوثوق به والاطمئنان اليه.
هذه الجريمة البشعة التي استهدفت اعز واطهر واغلي ما في العقيدة الاسلامية لا يجب ان تمر مرور الكرام، ولا يجب السكوت عليها، لان الكيل قد طفح فعلا، وباتت الامة الاسلامية موضع اهانة واذلال مستمرين من قبل هذا الاستكبار الامريكي البشع.



منقول عن جريدة القدس العربي