تلك الرجفة !!
قبل الموت وبعد الحياة.. لحظات لا تنسى ابداً كيف وهي انحفرت في ذاكرته.. ذلك السرير الحديدي المتحرك.. اشخاص حوله يدفعونه باتجاه تلك الغرفة التي لا تعرف ماهية ما يحدث بعد خروجك منها...
نعم انها غرفة العمليات..
هل يعيش هل يموت ؟ لا علم للبشر بذلك ولا حتى الجان.. وحده الرب العلام.
((
متى العشا ان شاء الله؟ كل ذا تطلب من المطعم ؟ ))
((
شوي ان شاء الله وانا عندك ثواني بس ))
اغلق الهاتف واتجه الى جهاز الكمبيوتر حتى يقوم ببعض هواياته على الحاسب وبعدها بثواني كان العشاء امامه.. كعادته المعهودة بدء بالاكل حتى انتهى دون ذكر اسم الله ..

اكمل اكله وذهب للنوم..
بعد ساعات..
استيقظ وذلك الالم في بطنه يشتد وكأنما يقول له ((
من تكون انت ؟ الالست بشراً ضعيف لا تقوى على شيء الا بما يقدره الله لك؟ ))
كان ذلك الحديث الداخلي ربما نوعاً من الخيال لكنه حقيقة ملموسة لكل البشر..
رغم كل الحيوية والعافية التي كانت دائمة الظهور عليه الا انه طريح في ارض غرفته.. يبحث عن اي حل لما يعانيه داخل احشائه .. ماذا حدث؟ ماذا حصل لي انا الذي لم اعرف المرض في اشد الظروف؟
اين قوتي التي اتباهى بها امام الكل؟ اين ذلك الفتى القوي البنية كثير الغرور بجسده وقوته التي يحسده كثيرون من ابناء جنسه وعمره عليها ؟
لحظات و لحظات ...
الالم اصبح لا يطاق ابداً لا يطاق .. لماذا هذا الشعور؟
هل المرض قوي لهذه الدرجة؟
خرج على عجل وتوجه الى المستشفى ينتظر العلاج من الاطباء..
ولم ينل ما اراده
عاد الى بيته خائب...
فعلاً لم يكن للطبيب انطباع عن ما يشعر به سوا ان قال له : ((
مجرد مغص خذ هذه الاقراص وستشعر بتحسن ))
وكان على يقين انه ليس مغص .. ولكن عاد الى منزله
وعاد الى ذلك الفراش الوثير ..
واشتد الالم وازداد وحشية على معدته كأنه وحش يرغب في افتراس ما في بطنه...
حاول النوم بشتى الطرق لم يستطع..
لا يأكد ينام لبرهة حتى يستيقظ كطفل خائف من احلامه ..
ماهي الا لحظات وهو في غيبوبة ..
دخل احد اقاربه وذهب به الى المستشفى.. لم تكن الغيبوبة طويلة ولكنها كانت كفيلة بتحطيم ذلك الغرور
فعلاً حطمته ..
استيقظ وهو في القسم الخاص بالتنويم
يلتفت فيرى غيره من المرضى ويحدث نفسه قائلاً ((
ما هذا المنظر ؟؟ ))
الذي يتألم والذي لا يستطيع النوم من شدة ما اصابه
والذي قطعت يده ..
والذي شل جسده عن الحركة
وهو لازال يشعر بذلك الالم في بطنه
دخل اليه الطبيب وسئله عن حاله
فأظهر استيائه مما اصابه ورغبته بالحصول على العلاج بسرعة..
كتب الطبيب تلك الارشادت التي تأمر بدخوله لغرفة العمليات لاجراء عملية جراحية له..
ودخل الى تلك الغرفة ..
وعندما وضعوه في المكان المخصص لإجراء العملية
استعاد ذلك الشريط الاسود من الغرور
من التباهي
من الجبروت الزائف الذي يعيشه كثير من امثاله
احس بالضعف ولكن ليس بعد..
لم ينتهي ذلك الكيان المليء بالزهو بالنفس وكان يقول
((
ربع ساعة وانا مرتاح ))
وبعد العملية...
تلك الرجفة!!
نعم تلك الرجفة !! ماهذا الهدوء
ماهذا البرد الذي يكاد يلتهمني
مالذي حصل؟
((
الجزء الثاني يلي هذا الجزء بأذن الله ان كانت القصة جيدة في نظركم ))