كم أغبطك ايها الإنسان البدائى القديم !! ..
كم ارنو إلى العيش فى أيامك حينما كنت تنعم ببيئة نظيفة أبسط معالمها هواء نقى وبحار نظيفــة وغابات ممتدة وتنوع احيائى غير مسبوق .
كم كنت اتمنى ومازلت ان اكون غايــة فى البدائيـة ؟! ..
ان أولد فى الأحراش او أن أعيش فى كوخ بسيــط صغير يظلله الهدوء والأمان والسكينة والأهم الرغد البيئى
الذى نفتقده بشدة هذه الأيـام .
الواقع أن ذلك الإنسان الذى نعتقد فى بدائيته
كان أكثر منا رقيا وتحضرا تجاه عناصر بيئته
فقد كان يدرك مدى أهمية الأنظمة البيئية
والحياة الفطرية من حوله كان إرتباطه بموارد وكائنات
تلك الأنظمة إرتباط تكافل وتكامل .. لا إرتباط جور وإجتراء ،
إرتباط مودة ورحمة ..لا إرتباط إجبار وسخرة
ورغم أننا نعتبر انفسنا محظوظين بمعايشة معجزات العصر الحالية من كمبيوتر وفضاء وليزر وثورة معلوماتية وغيرها من ادوات التقدم والتكنولوجيا التى نعرفها ،
رغم كل ذلك إلا اننى اكاد أجزم أن أخينا الإنسان البدائى هذا
لو قُدر له العودة للحاضر ومعاينة ما نحن فيه من ( تقدم ) و( مدنيـة ) لكانت أصابته صدمة عظيمة ، وربما ساء أمره ليصاب بسكتة دماغيـة أو قلبيــة مميتــة !!
وهنا لا أنكر عليـه دهشتـه من معطيات العصر وإنجازاتـه ،
لن أنكر عليـه ذهولـه وربما إعجابـه عند رؤيـة الخلـوى والفضائى والسيارة والطيارة ، لكنى فى نفس الوقت لا أشك فى إصابته بالحسرة والفاجعــة حينما يكتشف مساوىء المدنيـة الحديثـة،
او حينما يعاصر كل أنواع التلوث الخارجة مثل من مداخن ومقالب ومصارف حضارتنا و التى تغمرنا حتى الآذان وتكاد تغرقنا فى مستنقع لا يبدو فى الأفق أى مخرج منـه، مؤكــد أيضا أنه سيتمنى العودة إلى أبـعد نقطــة فى زمـنه الجميل أو إلى أسحق نقطـة فى أحراشـه المسالمــة، حينما يعلم بوجود أمراض جديدة فتاكــة وأوبئـة غامضــة من نوعيـة الإيــدز والسارس وأنفلونزا الطيور وجنون البقـر وغيرهـا من الأمراض التى تنخر حاليا بلا هوادة فى عظام البشريـة،
أو حينما يرى لمحـة من دمـار القنبلـة النوويـة أو النتروجينيـة
أو النفايـات النوويـة أو الأسلحــة الأخـرى الفتاكـة
وعلى هذا النحو لا أشك فى الحقيقـة أن محصلـة انطباعات اخينا البدائى هذا بخصوص زماننا وباحوالنا لن تخرج عن الإشفاق ومصمصة الشفاه على حالنا .. لن تخرج عن الدعاء لنا بالهدايـة وصلاح الأحوال و العودة إلى العقل فى كل تعاملاتنا
مع كل المقومات الطبيعيـة والبيولوجيـة المحيـطة
ليس لدى شك فى ان (رعبـه) من الإصابـة بإحدى(بلايا العصر) سابقة الذكر
سوف يتغلب على (إعجابه) ببريق (معجزات العصر) الآنيـة مقررا هجر عالمنا الحالى وعائدا بكل الرضا والشوق إلى زمنه الجميل .. زمن الرغد البيئى العظيم
لكنى سأتمنى حينها أن يصحبنى معـه، أن يأخذنى إلى عبق ذلك الزمن الجميل ! ..
وسواء جاء اخى البدائى هذا أو عاد
فسوف أظل على أى حال أتمنى العودة إلى الأحراش
أو العيش و لو لفترة بسيطـة فى كوخ بسيط
لكنه بعيد عن غبار الحروب والجشع والهيمنـة
الذى نغط حاليا فيه بعيدا عن كل مصادر التلوث
التى نعرفها والتى لا نعرفها والتى تتدفق علينا كل يوم
تُرى كم شخص يشاركنى تلك التمنيات