هل يتوجب عشقك انت
يا ماساتي الكبرى
خطاب الأنا للآخر، وهو خطاب أنثى يحمل مآساة جنس كامل، بدأ هذا الخطاب بـ(هل) وهو حرف استفهام يحوي في داخله حيرة أنثى ومأساة عشق دامية، والوجوب أمر لا ترتاض له النفس بسهولة ولكنه يتدفق مع مر الزمن في فضاء النص(الشعر الحر) فتنطلق الإشارات من قيودها المبتذلة لتحمل في طياتها قراءات متعددة أو لا نهائية بحسب البناء والتفكيك. والتركيب في مجله يبدأ بحيرة يستتبعها وجوب عشق الآخر أو عدمه، وهذه الثنائية(الوجوب والعدم) تلائم الثنائية الأولى الذكر والأنثى ولكن من جهة الأنا والآخر في هذا النص المتدفق في بحيرة العشق. فالفتاة تعيش حيرة في أمرها؛ لأن الآخر لم يقدم لها الكثير مما قدمته وبذلته.
ولو قالت الفاضلة: هل يتوجب عشقك حقا، ثم وضعت علامة التعجب المرحلة لدلالة حرف الاستفهام من دلالته الحقيقة ومقتضاه إلى فضاء آخر يحمل ما دل عليه الشطر الثاني(المأساة) لكان أولى، فقولها: " أنت" تكرير مبتذل في النص للـ(الكاف) المتصلة. واتصال الكاف كاف في إبراز نار الجوى في قضية الهوى.
ودعوى الفاضلة أن هذه المأساة كبرى دليل آخر على عنف الآخر في طريقة تفهمه لوضع الكاتبة. وقولها: " يا مأساتي" نداء خرج عن المسار الأول للنداء، ووقع على الوصف الذي غمر الآخر، وهو كونه مأساة وفي هذا إبداع يستحسنه البلغاء، ويتنافس لمثله الأدباء.
يا كل شماتات الاعداء
ياحزني المتجدد
لو قالت الفاضلة: (بل) بدلا من(يا) كان أدل على قوة التهمة وشدة المأساة، فكل واحدة من التهم حينئذ تكون أشد من الأخرى، وقد لا يرتضي هذا بعض النقاد لانفلات النص من صاحبه واكتفائه بذاته، ولكنا حين نقول هذا؛ فإننا لا ندعي الخلل في اكتفاء النص بل نتطلع إلى بروز النص في أحلى الحلل بامتلاكه أدق.
الجمل.
سأقف عند هذا الحد، وبالجملة فالناصة قد أجادت، وأتمنى لها تقدما وإبداعا، ورحيلا إلى عالم التلميح والتلويح بدلا من التصريح، والأدب في ثوبه العصري لم يعد خادما بل هادما، ونحن في انتظار عصر أدبية الأدب المتمثلة في ما بعد جماليات النص والمحققة لما يهفو إليه الأدب الإسلامي من التأديب وبث كل خلق رفيع وإعطاء كل لفظ حقه وتقييد الإشارة بدلا من إطلاقها وجعلها تدور في فضاء الدين الإسلامي بعيدا عن شطحات دي سوسير ورولان بارت ودريدا.