د. يوسف القرضاوي
وأول شرك وقع في الأرض – هو شرك قوم نوح – كان سببه الغلو في الصالحين. جاء في صحيح البخاري عن ابن عباس في الحديث عن آلهتهم " ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر " قال: " هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح ، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم : أن أنصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً ، وسموها بأسمائهم. ففعلوا .. ولم تُعبد ، حتى هلك أولئك ونُسِيَ العلم ، عُبِدَت " .
وقال بعض السَلَف : لما ماتوا عَلَّقوا على قبورهم ، ثم صوَّروا تماثيلهم ، ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم.
ومن هنا نعلم أن غلو بعض المسلمين فيمن يعتقدون صلاحهم وولايتهم الله ، وبخاصة أصحاب الأضرحة والمزارات – يؤدي إلى أنواع من الشرك ، كالنذر لهم والذبح لهم والاستعانة بهم ، والإقسام بهم على الله ونحو ذلك ، وقد يفضي بهم الغلو إلى الشرك الأكبر وهو اعتقاد أن لهم سلطة وتأثيراً في الوجود ، وراء الأسباب والسنن الكونية ، فيُدْعَون من دون الله أو مع الله ، وهذا هو الإثم العظيم والضلال البعيد.
المصدر: عقائد الإسلام (2) حقيقة التوحيد – ص 69 -70
نقلا