-
مقال مهم لسلامة العقيدة فاقرأ وتأمل رحمك الله
مقال للشيخ حامد العلي حفظه الله
الدفاعْ عَنْ عَقيدَة الموحـّدين ، وَردْ باطلِ المُفْســِدين ، فيِ تَعبيِدِ النّاس للْـ"وطنيّـة" ، وتَشْويـهِ مَعْنى البَيْعةِ الشّرعيّـةِ ، وَإِمامةِ المُسْلِميـن
حامد بن عبدالله العلـي
الحمدُ للهِ الذي نَصــر الإسلامَ بحولِهِ وقـوتِهِ ، واستَعْمَل في ذَلكَ أولياءَه وخيرتـَـه ، وأدالَ على الصهاينةِ والصليبييّن ، فأرَانـَا فِيهِم عَجَائِبَ قُدْرتِـِه ، وأَظْهَـرَ بَشائـِرَ الفــرَجِ عَلى يـَـدِ جُنـْدِه وصَفْوتـِـه ، وَرَفـَـع رايَةَ الإسلامِ بِفْضْلِهِ ، ونِعْمَتـِه ، وَقَمَـعَ كيدَ الأعْداءِ بِبَطْشِـه ، وَنِقْمَتـِه .
الحَمْدُ لله وفاءً لنعمِهِ ، واسْتجْلاباً لمزيـدِهِ ، وَقياماً بِحقـّـهِ ، والصلاةُ والسّلامِ عَلى الرّحمْةِ المُهداةِ ، وَالنّعْمَةِ المُسْداةِ ، حامِلِ لواءِ النّصرِ المُبين ، سيّـدِ وَلدِ آدَمَ المصُطْـفَى عَلى العَالمين ، مُحَمّد بنِ عَبْدالله وَعَلى آلهِ وصَحْبِهِ أَجمعيـن ،،
وَحُقّ لأَهل الإسْلامِ أنْ يَسْتبشرُوا مِنْ هَذه السّاعةِ بِنصرِ اللهِ تَعالى ، فَمـَا بَعدَ هَذا العِزّ والظُّهور ، وَانْدِحَارِ الصّهايِنـةِ مِنْ غـزّة ، وَانْكِسارِ الصّليبيـّن فيِ العِراقِ بالذل والعَاثـُـوُر ، وَرُجوعِ القوّةِ والهَيْمَنة لجُنْدِ طَالبانِ في أَفْغَانِسْتانِ ، إِلا إِعْلانِ النصْرِ المُؤَزّرِ ، وَالمجـْـدِ المُظَفـّـرِ ، تَحْتَ رَايةِ لاَ إِلَهَ إِلاّ الله ، وَاللهُ أَكْبـَـرْ ،،
وهذه آيات الهزيمة على وجوه الأعداء لائحة ، وعلى ألسنتهم بادية واضحة ، لاتخفى منها خافية ، ولا تستـر منها فاضحــة .
غير أنـه يجب أن ننبّـه اليوم على أمر في غاية الأهمية ، وهو أن هذه الأمة قد أثبتت في تاريخها ، أنْ قــد أودع الله فيها من القوة المعنوية ، والطاقة الإيمانية ، والجلد في الجلاد ، والصبر عند ملاقاة أهل الكفر والعناد ، مايمكنها من إلحاق الهزيمة ، بكل من غزاها ، وجميع من عاداها ، فهي على دحر الأعداء مهما بلغت قوتهم ، وعظم مكرهم ، قادرة بقوة الله ، منتصرة بحول الله ، منصورة بنصر الله ،،
هذا إذا قام فيها من حقق التوحيد ، الذي هو حق الله على العبيــد ، واهتدى بهداية الوحـي المجيــد ،
ولهذا يجب أن ننقح المفاهيم المغلوطة الدخيلـة على الإسلام ، ونزيّف المزيف منها ، ونوضّح السديــد ،
غير مغترين بكثرة الخائضين في الباطـل ، القائلين على الله بغير علم ، الكاذبين على دينهم ، المفترين عليـه بغير الحق ، الصائليـن على دلائل الكتاب والسنة ، الساعين بالفساد فيها ، المبتغين لها عوجــا ، الناكبين عن الصـدق .
هذا وقد كثر اللغـط ، واختلط العدل بالشطط ، في ثلاثة مفاهيم مهمة ، قــد أدّى الخلط فيها إلى فساد عريض ، فاختلط الحق بالباطل ، واغـتر بكثرةِ المبطلين الغـرّ والجاهل ، وهـي :
مفهوم الوطن ،
والبيعة ،
والإمام الواجب الطاعــة ،،
ولما كانت هذه المفاهيم غاية في الخطورة ، إذ قـد ينبني عليها سلامة العقيدة ، وحفظ رسالة الأمة ، وصون دينها ، وتوجههـا الحضاري ،،
فالأمّة إن جعلت الوطن وثنا يعبـد من دون الله ، وشريعة تحادّ شريعة الله ، وجعلت بيعة الإمامة الشرعية ، وسيلة لتسلط المفسدين على رقاب المسلمين بإسم الديــن ، وجعلـت السلطة بيد الخائنين ، زاعمـة أنها هداية الكتاب المبين ، فأيّ بقاء لها بعد هذا ، فقــد تُودّع منها إلا أن يتداركها الله برحمته ،،
وفيما يلي بيان الحـق ، مصدوعا به بغير خفــاء :
الوطن في الأصل هو الأرض التي يستوطنها الإنسان ، كما في لسان العرب ( المنزل الذي تقيــم بـه ) ، لكنه قــد يُطلق اليوم على النظام السياسي الحاكــم بقوانين على حدود جفرافيّة وشعب ، أيْ الدولة ، وكثيــرا مـا يخُلط بين مفهوم الوطن ، ومفهوم الدولة ، وثمة خلط آخر بين النظام والدولة ،
وغالبا في بلادنا العربية يفرض النظام الحاكــم نفسه أنـّه الدولة كلها ، ويختزل الشعب ، فلا قيمـة لـه ـ مالم يكن رقيقا للنظام فقيمته على قدر رقّه ! ـ إلاّ في الخطابات السياسية !! ويجعل القوانين تابعةً للنظــام الحاكــم ، والحدود السياسية ملكُه الشخصي !! ثم يخلط بين مفهوم الوطن ومفهوم النظام الحاكم ، فيجعل الخيانة للنظام الحاكم ، خيانة للوطن ، وخيانة للدولة ، بينما يكون هو خائنا للوطن والدولة والشعـب معــا ، أما خيانة الديــن فتلك السابقة دائما ، والتي لزم منها كل هذه الخيانــات !!
والخلاصة أن المفهوم السياســي للوطن في الإعلام العربي والخطاب السياسي ـ غالبا ـ ينتهي إلى أنه الكذبة الكبرى التي اصطلح الجميع على إستعمالها للوصول إلى أطماعه الخاصة ، الحزب الحاكم يستعملها مادامت توصله إلى أطماعه ، وطبقة التجار كذلك ـ إن كانت ثمة طبقات تجار خارج السلطة التنفيذية ـ مادموا يحصلون على الصفقات الكبرى ، والأحزاب الساعية للسلطة يمتطــون هذا المفهوم للوصول إلى السلطة .
ولهذا ينكشف الأمـر عندما يتخلى الزعيم عن الأرض هاربا عندما يفقد سلطته ، وتعيش الأحزاب السياسية خارج الوطـن ، وهي تتاجر سياسيا بشعاره ، ويُخرج التجار أموالهم ليهربوا إليها عندما تتهدد مصالحهم التجارية في الوطــن ، بينما كانوا يجعلون الأرض سوقا استثماريا فحسب ، ويبقى فيها الشعب المسكين الذي كان مخدوعا بهذه الكذبة ، حبّ الوطن ، إنه حقـا زمــن الزيــف والخــداع .
لقد أصبح مفهوم الوطن ـ معذرة ـ كالعاهرة التي يزنون بها جميعـا ، ويستر الجميع على الجميع ، وقوّادهـا هـو الأطماع الشخصية لكل فئــة !
ثم إنــّه من الواضح أن علاقة الإنسان بالأرض إنما هي تبع لغريزة البقاء بحثا عن الغذاء ، الطعام والماء ، لايمكن أن يكابر الإنسان فيدعي خلاف ذلك ، ولهذا فهو يهاجر من أرضه إن لم تمـدُّه بأسباب البقاء ، مدفوعا بغريزته .
وعلى أية حال فهذا كلّه وصف للواقع العجيـب ، في هذا المفهوم الغريـب !
أما الإسلام فإنـّـه :
1ـ يجعل الأرض تابعة للعقيدة ،ولهذا يقسّم الإسلام الأرض إلى : دار إسلام ، ودار كفـر ، فالأرض التي تعلوها أحكام الله تعالى ، هـي وطن لكل مسلم ، إتباعــاً لعقيدتــه ، وضدها هدف للمسلمين لإعلاء كلمة الله تعالى عليها بالجهاد ، فالأرض كلها لله يورثها من يشاء من عباده ، وقـد أمرنا أن نُعلي في الأرض كلّها كلمة الله تعالى .
2ـ أرض المسلم الأصليّة هي الجنة ، كان فيه أبونا آدم وأمّنا حواء ، فأخرجتهما المعصية ، ويُردّ إليها وبنوه ، بطاعة الله تعالى وعبادتــه ، قال تعالى ( وأورثنا الأرض نتبوء من الجنـّـة حيث نشاء ) ، ولهذا فحتّـى ذلك الوطن ، إنما يرتبط مفهومـه بالعقيدة التي أصلها أنّ عبادة الله تعالى هـي السبب الحقيقـي لكلّ خير وفلاح في الحيــاة ، وهي هدفهــا الأعظــم ، والضــدّ بالضـد .
ونحن في هذه الأرض السفلية غرباء ، نقضي فيها زمنا يسيرا ، لايَكاد يُذكر ، في عمر الحيــاة الدنيا ، أمّا في عمر الحياة الأبدية فلا شيء البتة ، ثم نرجع إلى أوطاننا ، وفي الحديث ( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ) رواه البخاري.
3ـ لما كان دين الإسـلام هو الأصل ، والأرض تبـع ، وجب على المسلم الهجرة من الأرض التي لايمكنه أن يعبد فيهـا ربـّه ، ويظهر دينـــه ، فالهجرة سنـّة الأنبياء ، ( إني مهاجر إلى ربـّي سيهدين ) ، ولهذا هاجر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من مكّـة إلى حيث يقيمون دينهم ، قال تعالى ( إنّ الذين توفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيمن كنتم قالوا كنّا مستضعفين في الأرض ،قالوا : ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها ) وقال تعالى (يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبــدون ) .
4ـ تقديم حبّ الأرض ـ أو القومية أوالعشيرة أو النظام السياسي ..إلخ ـ على نصرة الدين ، شرك بالله ـ تعالى عما يشركــون ـ وهو مــن شرك الأنداد ، قال تعالى ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ) وقد بيـّن القرآن المحابّ التي تتخذ أندادا مع الله ، في سورة التوبة قال تعالى ( قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحبَّ إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربّصوا حتى يأتي الله بأمره والله لايهدي القوم الظالمين ) .
وإلفُ الإنسان للأرض التي يعيش عليها أمــر فطري مباح ، كما يحبّ أهله ، و قومه ، وكراهيته التغرب عن أرضــه كذلك ،ولاتثريب عليه أن يتمسك بمحابـّه ، ويدافع عنها مالم يخالف شريعة الله ، غيـرَ أن كلّ محبوب للإنسان يجب أن يكون بعــد حــبّ الله ، ورسوله ، ونصر دينه .
5ـ أرض المسلمين ومنهــا التي عليها يـدٌ عادية من نظام مرتد ، أو كافر أصلي محتـل ، يجب تخليصها بالجهاد ، لادفاعا عن مجرد الأرض ، بل لأنها أرض المسلمين ، وعن نسبتها إلى العقيدة ، ولإقامة شريعة الله فيها ، فهذا هو الأصل الذي يُجاهد من أجلـه ، وقتال المسلم دون أرضه التي يملكها من جنس القتال دفاعا عن ماله .
وثمة فرق كبيـر بين الحدود السياسية لنظام ، وبين المال الخاص ، والحدود السياسية الشرعية تابعة في الأصـل لمفهوم سيادة الأمة بكلمة الله على الأرض ، وتُقسّم بناء على ذلك دار الإسلام ، ودار الكفـر كما بينا ، وليست تابعة لسلطات الأنظمـة ،فالنظام يزول ، أو يُزال ، ويأتي غيره ، والأمة برسالتها باقيـة ، وأرضها المحكوم عليها بشريعتها حق عام لها ، لايملكها أحـد كائنا من كان .
6 ـ ومن قاتل لكي ينصر نظاما سياسيا لايخضع لأحكام الشرع ، أودفاعا عن الحدود التي يسيطر عليها هذا النظام ، فهو يقاتل تحت راية جاهلية عمياء ، سواء سماه دفاعا عن الوطن والأرض وغير ذلك ، ومن غرر المسلمين بأن أفتاهم بغير هذا ، فقد أوردهم دكادك النار ، وهو قائدهم إليها ، وبئس الورد المورود .
7ـ جميع الحدود السياسية التي تفرّق الأمة ، حدودٌ جاهلية ، وجعلها أساسا لأحكام الولاء ، والجهاد ، والإمامة ، والبيعة ، ضلال مبين ، وسبب في ضعف المسلمين ، وتسلط الكافرين ، ويجب على الأمة السعي لإزالتها ، وإلـى نظم الإمة في خلافة واحدة تحكمها ، وترك السعي لذلك تفريط فيما هو من أعظم واجبات الدين .
أما البيعة على الإمامة فهـتي عقد شرعي ، ينوب فيه الإمام عن الأمّـة في تنفيذ أحكام الله ، ولهذا نص الحديث ( اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ما أقام فيكم كتاب الله ) رواه البخاري .
ولهذا مضــت السنـة أن يُنـَصّ في البيعة على هذا الشرط ، كما في الصحيح أيضا قول عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه لعثمان رضي الله عنه : أبايعك على سنة الله ورسوله والخليفتين من بعده.
ويكون له مقابل قيامه بهذا الواجب الطاعــة ، وهو واجب الرعيّة مقابل واجب الإمام ، فإن لم يأت الإمـام بوفاء مـا بويع عليه ، فلم يقم بواجب إقامة الشرع ، ونصره وحفظ الدين ، ومصالح المسلمين ، انفسخ العقد كسائــر العقود الشرعيــة .
وإنما يبايعه أهل الحل والعقــد ، وعليهم واجب النظـر في استمرار صحة البيعة ، والرقابة والمحاسبة علـــــى الإمام ( السلطة التنفيذيــة ) ، وهذا الذي يطلق عليه في العصر نظام فصل السلطات ، وهو في الأصـل نظام إسلامـي ، هدفه ضمان بقاء الدولة في نفع الجماعة ومصلحتها العامــة ، ومنعها من استغلال آلة الدولة لمنفعة خاصــة
وقد عُطّل في البلاد الإسلاميـة ، فأصبح الحاكـم مطلق السلطـة ، واخضع العلماء المزيفــون الناس لسلطته المطلقــة بخطاب دينـي مزيـّـف ليس هــو مذهب أهل السنة ، وإنما مذهب الطمـع والجشــع ، أو الخــوف والجــزع ، فانتشر في ديار الإســلام الظلـم ، وانتهكت حقوق الرعيـّة ،
وأقامه غيرهم فكفوا يد البغي بينهم ، وضمنت رعاياهم بقاء الدولة راعية لحاجاتهم ، موفرة لمصالحهم .
ومقتضى البيعة على الكتاب والسنة أن يكون إماما للمسلمين لايفرق بينهم ، لأن أساس الإمامة والدولـة في الاسلام ، ملّـيُّ قائم على الدين ، بحيث يجمع المسلمين على ولاء الإسلام ، وعلى إقامته ، وحفظه ، ونصرة المسلمين ، وليس أساسـه وطنيـاً قائمـا على معنى الوطنية العلماني العصري الذي يجمع المنتسبين إلى رابط الوطنيــة ، التي تقدم على الدين ، فـي صورة من صور الشــرك والوثنية المعاصرة.
أما طرق إنعقاد البيعة فهي الاختيار والاستخلاف ، ولايكون عقـد البيعة شرعيـا إلا بعقد أهل الحل العقد بيعة الإمامة بالشروط الشرعية ، والمتغلب إن توفرت فيه الشروط بايعوه وصحت إمامته بذلـك .
والإمـام الواجب الطاعة في الإسلام :
هو الذي ينصبه أهل الحل والعقد ، من أهل العلم ، وذوي الرأي والرشد ـ أو يستخلف ـ ويبايعونه على أن يكون إماما للمسلمين ، لايفرق بينهم ، في جنس ، ولا أرض ، ولا قومية ولاقبليّة ، ولايخضع لأحكام الكافرين ، ولايدين لأحكامهم والقوانين ، ولايواليهم من دون المؤمنين ، بل يقطع أيديهم العادية على أرض الإسلام وأهله ، وينزل بهم في ديارهم رايات الجهاد ، بجيوشه وبأســه ،،
وقــد قال الإمام أبويعلى الحنبلي في الأحكام السلطانية :
" ويلـزم الإمام من أمور الأمّـة عشرة أشياء :
أحدها : حفظ الدين على الأصول التي أجمع عليها سلف الأمة ، فإن زاغ ذو شبهة عنه ، بيّن له الحجة ، وأوضح له الصواب ، وأخذه بما يلزمه من الحقوق والحدود ، ليكون الدين محروسا من الخلل ، والامة ممنوعة من الزلل.
[ أما مسائل الإجتهاد ( التعددية الثقافية ) ، واختلاف الآراء في السياسات ( التعددية السياسية ) فهـي في حيز المباحات مادامت خارج دائرة الأصول المجمع عليها ]* .
الثاني : تنفيذ الأحكام بين المتشاجرين ، وقطع الخصام بينهم ، حتى تظهر النصفة ، فلا يتعدى ظالم ، ولايضعف مظلوم .
الثالث : حماية البيضة ، والذب عن الحوزة ، ليتصرف الناس في المعايش ، وينتشروا في الأسفار آمنين .
الرابع : إقامة الحدود لتصان محارم الله تعالى عن الإنتهاك ، وتحفظ حقوق عباده من إتلاف واستهلاك .
[ ونصب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكـر للأخذ على يد المفسدين ، وقطع دابر المجرمين ] **
الخامس : تحصين الثغور بالعدة المانعة ، والقوة الدافعة ، حتى لاتظفـر الأعداء بغرة ، ينهكون بها محرما ، ويسفكون فيها دما لمسلم أو معاهد .
السادس : جهاد من عاند الإسلام بعد الدعوة ، حتى يسلم أو يدخل في الذمة .
السابع : جباية الفيء والصدقات على ما أوجبه الشرع نصا واجتهادا من غير عسف.
الثامن : تقدير العطاء ، وما يستحق في بيت المال من غير سرف ، ولاتقصير فيه ، ودفعه في وقــت لاتقديم فيه ولا تأخيــر .
التاسع : إستكفاء الأمناء وتقليد النصحاء فيما يفوضه إليهم من الأعمال ، ويكله إليهم من الأموال لتكون الأعمال مضبوطة ، والأموال محفوظة .
العاشر : أن يباشر بنفسه مشارفة الأمور ، وتصفح الأحوال ، ليهتم بسياسة الأمة وحراسة الملة ، ولايعول على تفويض تشاغلا بلذة أو عبادة ، فقد يخون الأمين ويغش الناصح ، وقد قال تعالى ( ياداود إنا جعلناك خليفة في الأرض ، فاحكم بين الناس بالحق ، ولاتتبع الهوى ) فلم يقتصر سبحانه على التفويض دون المباشرة ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " كلكم راع وكلكم مسوؤل عن رعيته " .
وإذا قام الإمام بحقوق الأمة ، وجب عليه حقان :الطاعة ، والنصرة ، مالم يوجد من جهته ، ما يخرج به عن الإمامة "
وتأمل قوله " إذا قام الإمام بحقوق الأمة وجب عليه حقان ، الطاعة ، والنصرة مالم يوجد من جهته مايخرج به عن الإمامة "
فطاعة السلطة ، ليست مطلقة ، بل هي بعد قيامها بحقوق الأمة، فالأمة هي الأصل ، فالسلطة منها وإليها ، والإمام نائب أو وكيـل عنها ، إن أدى إليها حقها ، وإلا فليس له حقوق ، ولا كرامة له ولانعمة عين بعد تضييع حقوق الأمة ، وأعظم حقها صيانة دينها ، وحمل أمانة رسالتها الإسلامية في داخلها ، وإلى خارجها .
وقد وضع القرآن العظيم أصل البيعة الشرعية التي يصيربها الإمام ولي أمر المسلمين ، وهـي قوله تعالى : ( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا ) .
فولـيّ الأمـر ، هو الذي إن تنازعنا وإياه في شيء ، رد إلى الله ورسوله صلى الله عليه وســلم ، لا إلى سلطان شريعة كافـرة ، ولاإلى هيئة دولية مارقة ، ولا إلى سياسة جائرة .
هذا نص الكتاب العزيز ، فمن حاد عنـه ، فإنما هو في شقاق ، عافنا الله وإياكم من مرض القلـب والنفاق.
والله أعلم وهو حسبنا ونعم الوكيــل ، وصلى الله على نبينا محمـد وعلى آله وصحبــه وسلم تسليما كثيرا
-----------
* ، ** زيادة من كاتب المقال ، ليست من كلام الإمام أبي يعلي رحمه الله
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى