بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني الكرام ...
ما هي السعادة يا ترى ؟؟
وكيف يحصل الإنسان عليها ؟؟
في الحقيقة نحن سعداء ولكن لا نشعر !!
سعداء ولكن لا نعلم بذلك !!
وبالرغم من ذلك فإن الكثير يشتكي من الحياة البائسة الكئيبة !!
ومن المؤكد أنكم سوف تسألون :
هل نحن سعداء حقاً ولكن لا نشعر ؟؟
كيف ذلك ؟؟
وسأقول ... نعم نحن سعداء
فمثلاً ...
أنظروا إلى الطعام الذي تأكلون
وإلى الماء الذي تشربون
وإلى الهواء الذي تتنفسون
وإلى الصحة التي تملكون
وإلى البيت الذي فيه تسكنون وتنامون
أليست هذه كلها نعم من الله عز وجل عليكم ؟؟
لماذا لا تكونوا سعداء بها ؟؟
لمَ عدم القناعة ؟؟
~*~*~*~*~*~*~*~*~*~*~
قد يأتي قائل ويقول :
نحن لا نملك الوضع المادي الذي يكفي لتناول ما هو شهي من الطعام والشراب ، والسكن في منزل كبير
إن ما يقوله صحيح ... لكن ...
ألم يسمع بقصة الملك الذي أقعده المرض في فراشه وقد كانت تأتيه أشهى أنواع الطعام يومياً
وبالرغم من ذلك إلا أنه لم يستطع تناول شيء منها لمرضه
ثم نظر عبر النافذة ليرى فلاحاً فقيراً جالساً في وسط بستانه وفارشاً سفرة بسيطة أمامه تتكون من الخبز والزيتون ، يأكل الفلاح لقمة ثم يتناول الثانية ويستعد للثالثة ... لقد تمنى هذا الملك أن يكون مكان هذا الفلاح البسيط يتناول طعامه بشهية مفتوحة وإن لم يكن عنده منصب ولا جاه .
~*~*~*~*~*~*~*~*~*~*~
إخواني الكرام ...
لماذا أغلب الناس لا يحسون بالنعمة إلا بعد فقدانها ؟
أنتم الآن أصحاء ...
فإذا جاء أحداً منكم مغصٌ فسيتحسر على يوم كانت فيه صحته جيدة
وإن كُسرت رجله تحسر على يوم كان يلعب فيه الكرة مع أصدقائه
وإن أصيبت عينه فسيتحسر على يوم كان يستطيع فيه النظر بسلام
لماذا لا يحس المرء بالنعمة إلا بعد فقدها ؟؟
لماذا يتحسر على السعادة عند فقدانها بالرغم من أنه كان بوسعه الاستمتاع بها قبل فقدانها ؟؟
صدقوني إنكم أفضل حالاً من الخليفة المأمون ... الذي كانت عنده ضرس تؤلمه ليل نهار وكان لا يستطسع النوم !!
بالرغم من أنه كان ملكاً إلا أنكم الآن أسعد منه ... فإذا آلم أحدكم ضرساً فإنه يعالجه عند طبيب الأسنان في أيام معدودة .
كما أنكم إذا أردتم السفر إلى أي مكان فذلك يتم في ساعات بفضل وجود السيارات والطائرات ... أما هو فكان يستغرق شهوراً للسفر من الشام إلى مكة أو المدينة وذلك على الأحصنة والجمال والحمير والبغال وفي الحر وسط الصحراء !!!
فهل هناك مقارنة بين حالكم وحاله ؟؟
~*~*~*~*~*~*~*~*~*~*~
وأعود وأكرر ...
إنكم في نعمة ولكن لا تعلمون
إنكم سعداء ولكن لا تشعرون
قد تكونون غير سعيدين ... ولكن ذلك بإرادتكم
فأغلبكم لا يعرف قدر النعم التي ينعمون بها
~*~*~*~*~*~*~*~*~*~*~
لا تنظروا إلى من هو أحسن حالاً منكم
فإنكم إن فعلتم فستبقون مهمومين
بل أنظروا إلى من هو أسوء حالاً منكم فتعرفون قدر ما أنتم فيه
أنظروا إلى من حُرم من نعمة أنعم الله تعالى عليكم بها
واعلموا كم هو الله كريم معكم
~*~*~*~*~*~*~*~*~*~*~
احمدوا الله واشكروه على ما أنتم فيه ... فذلك يسعدكم أكثر
قال تعالى :
[ من سورة إبراهيم ]
واذكروا الله تعالى ولا تنسوه
اذكروه في الغداة والعشي
اذكروه دائماً واجعلوا ألسنتكم رطبةً بذكره .
قال تعالى :
[ من سورة الرعد ]
واحذروا من الإعراض عن ذكر الله تعالى !!
فإن ذلك سبب الحزن والهم
سبب الحياة الشقية
سبب العيش الأليم
وسبب لكل ما يجلب السوء للإنسان في الدنيا والآخرة
قال تعالى :
[ من سورة طه ]
~*~*~*~*~*~*~*~*~*~*~
إخواني ...
في النهاية ...
أقول لكم :
لا تطمع ... لا تجشع ... لا تحقد ... لا تحسد
فإن القناعة كنز لا يفنى
وارضَ بما قسم الله لك
وتذكر :
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه رضي الله عنهما قال : كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوماً فقال : (( يا غلام ، إني أعلمك كلمات ، احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رُفِعَت الأقلام وجَفَّت الصحف )) [ رواه الترمذي ]
وفي رواية غير الترمذي :
(( احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده أمامك ، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك ، وما أصابك لم يكن ليخطأك ، واعلم أن النصر مع الصبر ، وأن الفَرَجَ مع الكرب ، وأن مع العسر يسراً ))
~*~*~*~*~*~*~*~*~*~*~
هذا وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته