الفحم منتج يدخل بشكل رئيسي في صناعات عديدة، وتحتكر الولايات المتحدة إنتاجه عالميًّا؛ لذا اتجه التفكير في العديد من دول العالم خاصة النامي إلى البحث عن بدائل محلية تصلح لإنتاجه، ولأن حطب القطن يعتبر من أهم وأكثر المخلفات الزراعية في مصر حيث يصل حجمه السنوي إلى مليوني طن يتم التخلص منها عادة بالحرق؛ اتجه التفكير إلى استخدامه في إنتاج الفحم النباتي، وتجربة المنتج الجديد في مصانع تكرير السكر التي تعتمد على الفحم بشكل أساسي لتنقية السكر من الألوان ليخرج باللون الأبيض المتعارف عليه.
![]()
2 مليون طن من حطب القطن يتم حرقهم سنويا
وقد نجح بالفعل فريق علمي من المركز القومي للبحوث وكلية العلوم بجامعة أسيوط بالتعاون مع معامل شركة السكر بدشنا بمحافظة قنا بمصر في إنتاج فحم نباتي باستخدام حطب القطن؛ وذلك لتحقيق فائدة مزدوجة؛ فمن ناحية سيتم التخلص من أحد ملوثات البيئة، ومن ناحية أخرى سيوجِد بديلا أفضل للفحم الحيواني الذي يتم استخدامه الآن بل وبديلا متميزا للفحم النباتي المستورد والذي لم تكن المصانع تتحمل تكلفته.
ويعد الفحم الحيواني المادة الأساسية في مصانع تكرير السكر، ويتم تحضيره عن طريق التقطير الإتلافي في معزل عن الهواء لعظام الحيوانات. وباستعراض تاريخ استخدامه في مصانع تكرير السكر يقول د.بديع سلامة بمعمل كيمياء الطوح التابع لقسم الكيمياء الفيزيائية بالمركز القومي للبحوث: إنه استخدم لأول مرة بالمصانع الفرنسية عام 1812، واستمر لأكثر من قرن ونصف في جميع وحدات تكرير السكر على مستوى العالم، ثم اتجه التفكير منذ ستينيات القرن العشرين إلى استبداله الفحم النباتي به، أو ما يطلق عليه علميًّا "الكربون النباتي المنشط المحبب"، وأثبت كفاءة عالية، ولكن رغم ذلك ما تزال مصانع السكر في مصر ومعظم الدول النامية تستخدم الفحم الحيواني؛ وذلك لارتفاع ثمن الفحم النباتي الذي يصل سعر الطن منه إلى ما يزيد عن 10 آلاف دولار. من هنا اتجه التفكير إلى إنتاج هذا الفحم باستخدام مادة محلية متوفرة بالمخلفات الزراعية كبديل للمستورد، والذي يصنع من ثلاثة مصادر رئيسية؛ هي: خشب الأشجار، وقشرة جوز الهند، والفحم الحجري.