قفَعند أوامرِالله بالامتثال، ونواهيهِ بالاجتناب، وحدودِه بعدمِالتجاوزَ حفظَه الله.
منحفظَ الرأسَ وما وعى، والبطنَ وما حوى حفظَه الله.
من حفظَ ما بين فكيه ومابين رجليه حفظَهالله.
من حفظَ اللهَ في وقتِ الرخاء حفظَه اللهَ فيوقتِالشدةَ.
من حفظَ اللهَ في شبابه حفظَه الله عند ضعفِ قوتِه
فَاللَّهُخَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (يوسف64)
هاهوَ الإمامُالأوزاعي ذلكم الإمامُ المحدثُ الورعُالفقيه.
حين دخل عبدُ الله ابن عليذلكم الحاكمُ العباسيُ دمشقَ في يوم من الأيام فيقتلُ فيها ثمانيةً وثلاثينآلفَمسلم.
ثم يُدخلُ الخيولَ مسجدَ بني أميةَ، ثم يتبجحُ ويقول: من ينكرُ عليفي ماأفعل؟
قالوا لا نعلمُ أحداً غير الإمامُ الأوزاعي.
فيرسل منيستدعيه، فعلمَ أنه الامتحان وعلم أنه الابتلاء،وعلم أنه إما أن ينجحَ ونجاحٌ مابعدَه رسوب، وإما أنيرسبَ ورسوبٌ ما بعده نجاح، فماذا كان من هذا الرجل؟
قام واغتسلَ وتحنطَ وتكفن ولبس ثيابه من على كفنه، ثم أخذَ عصاه فييده،ثم اتجه إلى من حفظه في وقت الرخاء فقال: يا ذا العزةِ التي لاتضام، والركنَ الذيلا يرام.
يا من لا يهزمُ جندُه ولا يغلبُ أوليائهُ أنتَ حسبي ومن كنتَحسبَهفقد كفيتَه، حسبي اللهُ ونعم الوكيل.
ثم ينطلقَ وقد اتصلَ بالله سبحانهوتعالى انطلاقة الأسد إلى ذلك الحاكم.
ذاك قد صفَ وزرائَه وصف سماطين منالجلود يريد أن يقتله وأن يرهبه بها.
قال فدخلت وإذ السيوف مسلطة، وإذالسماط معد، وإذا الأمور غير ما كنت أتوقع.
قال فدخلت و والله ما تصورت فيتلك اللحظة إلا عرش الرحمن بارزا والمنادي ينادي: فريق في الجنة وفريق في السعير.
فوالله ما رأيتهأمامي إلا كالذباب،والله ما دخلت بلاطه حتى بعت نفسي من الله جل وعلا.
قالفانعقد جبينُ هذا الرجل من الغضب ثم قال له أأنتَالأوزاعي ؟
قال يقولُالناسُأني الأوزاعي.
قال ما ترى في هذه الدماء التي سفكناها ؟
قال حدثنافلان عن فلان عن فلان عنجَدُك أبن عباس وعن ابن مسعود وعن أنس وعن أي هريرة وعنعائشة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال:
(لا يحلُ دمُ امرأ مسلمٍ إلابأحدِ ثلاث، الثيبُ الزاني، والنفسُ بالنفسِ، والتاركُ لدينهالمفارقُللجماعة) .
قال فتلمظَ كما تتلمظُ الحيةَ وقام الناس يتحفزون ويرفعونثيابهملألا يصيبَهم دمي، ورفعتُ عمامتي ليقعُ السيفُ على رقبتيمباشرة.
وإذ به يقولوما ترى في هذه الدورالتي اغتصبنا والأموالِ التي أخذنا ؟
قال سوفَ يجردُكاللهُ عرياناً كما خلقَكثم يسأُلك عن الصغيرِ والكبيرِ والنقيرِ والقطميرِ، فإنكانت حلالاً فحساب، وإن كانت حراماً فعقاب.
قال فانعقد جبينُه مرة أخرى منالغضبِ وقام الوزراء يرفعون ثيابهم وقمت لأرفع عمامتي ليقع السيف علىرقبتيمباشرة.
قال وإذ به تنتفخ أوداجه ثميقول أخرج.
قال فخرجت فوالله مازادني ربي إلا عزا.
ذهب وما كان منه إلا أن سار بطريقه حتى لقيَ الله جلوعلا بحفظه سبحانه وتعالى.
ثم جاء هذا الحاكم ومر على قبره بعد أن توفي ووقفعليه وقال: والله ما كنتُ أخافُ أحداً على وجهِ الأرضِ كخوفي هذا المدفونُفيهذا القبر.
واللهِ إني كنتُ إذا رأيتُه رأيتُ الأسدَ بارز.
اعتصمَبالله وحفظَ اللهَ في الرخاء فحفظَه اللهُ فيالشدة: (فَاللَّهُخَيْرٌحَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُالرَّاحِمِينَ)
سبحان الله، والحمدلله، ولا إله إلا الله و الله أكبر
منقول