-
أهمية العقيدة:
أهمية العقيدة:
لما كانت العقيدة الإسلامية هي الدافع لعمل الجماعة أو الحزب ، ولما كانت إقامة الحكم بما أنزل الله هي الهدف، فقد وجب أن تؤخذ هذه الثقافة التي تتبناها الجماعة بالشكل الذي يربطها بالعقيدة ربطاً محكماً ؛ لأن من شأن ذلك أن يوجد عند العاملين الشعور بالمسؤولية والاهتمام والجدية والتلهب والحماسة والتضحية؛ ولأن من شأن ذلك أن يجعل المسلم يتحمل صعوبات الطريق ومشاقها في الوقت نفسه ؛ ولأن من شأن ذلك أن يجعل حامل الدعوة لا ينتظر من الناس شكراً، وإنما يخاف من ربه يوماً عبوساً قمطريراً، ويرضى بمشقة العمل العاجل والحرمان من متع الدنيا ونعيمها ليظفر برضوان ربه وليحظى بنعيم الآخرة وسعادتها. ولأن من شأن اتخاذ العقيدة أساس الثقافة أن تكون العقيدة هي الأساس في التغيير عند الناس، وليس كره الظلم الذي يحل بهم أو التخلص من الجهل أو تحسين الأوضاع. بل الذي يحمل المسلم على الدعوة، والمسلمين الآخرين على قبولها هو أفكار الإيمان. وهذا هو منهج الإسلام أصلاً.
وكذلك فإن أفكار الإيمان التي تتخذ أساساً للثقافة التغييرية مع هذه الثقافة يجب أن تعطى بالشكل الذي يصب في تحقيق هذه الغاية.
فالعقيدة يجب أن تعطى بالشكل الذي يعين على تحقيق هذه الغاية.
والأحكام الشرعية المتبناة يجب أن تعطى بالشكل الذي يبرز الغاية من إعطائها.
ودراسة الواقع كذلك تعطى بالشكل الذي يساعد على تحقيق هذه الغاية.
وخلاصة القول إن الثقافة الحزبية يجب أن تربط بالعقيدة الإسلامية، ويستشهد لها بالأدلة الشرعية، وتعطى من الزاوية التي تحقق الغاية الشرعية وهي تحقيق العبودية لله بالشكل العملي عن طريق إقامة الدولة الإسلامية، أي تحقيق الحاكمية لله سبحانه . ويجب أن يُنشَّأ شباب الجماعة على هذا.
ولما كانت العقيدة الإسلامية هي بمثابة الرأس من الجسد، والقلب من الأعضاء، وهي ملاك الأمر كله، وبها قوام كل شيء فإنها حين تعطى:
- يجب أن تؤدي إلى إفراد الله سبحانه وحده بالعبادة والتشريع. فلا أحد سواه يملك مثل هذا الحق. فهو الرب وحده، وهو الخالق وحده، وهو العليم الخبير المشرع، المدبر للأمر وحده. وبما أن الإنسان بفطرته يشعر بأنه عاجز، وناقص ومحتاج ومحدود فإنه يلتجئ إلى هذا الإله لكي يهديه سواء السبيل، ويخرجه من الظلمات إلى النور. وأن الله سبحانه وتعالى قد أرسل رسولاً من عباده واصطفاه برسالته يهدي بها من اتبع رضوانه سُبُلَ السلام. وطلب منا اتباعه وحده فيما بلغه عن ربه. فهو معصوم، وأنزل عليه القرآن رسالة إلى الناس أجمعين هدىً ونوراً ورحمة وموعظة وشفاء لما في الصدور. ووعدهم بالنعيم المقيم إن هم آمنوا وأطاعوا، وأوعدهم جهنم إن هم أبوا. فالإنسان مخلوق لعبادة الله وحده بموجب الرسالة التي جاء بها رسول الله r وحدها.
- يجب أن يتبين للمسلمين أن الإسلام يربط واقع الإنسان بالإيمان بما قبل الحياة الدنيا وهو الإيمان بالله الخالق المدبر، وبالإيمان بما بعدها وهو الإيمان بالبعث والنشور والحساب والثواب والعقاب. وأن تعطى بالشكل الذي يبين هذه الصلة. وأن من يقطع هذه الصلة ويفصلها لا يقوم كلامه على حجة بينة أو سلطان مبين. وكلامه كفر.
- يجب أن تعطى بالشكل الذي يؤدي إلى إحياء الأمة بها ودفعها إلى حمل الإسلام رسالة للعالم.
- يجب أن يتبين المسلمون صحتها في مواجهة أفكار الكفر المعاصر. وذلك بتبيان زيف كل الأفكار المعاصرة من رأسمالية أو قومية أو وطنية. وذلك عن طريق إقامة مقارنة فكرية بين الإسلام وهذه الأفكار للوصول إلى نتيجة مزدوجة تتمثل بإسقاط كل الأفكار الأخرى، وبالتالي كل تجمع يقوم عليها، ومن ثم بيان أن الإسلام هو وحده الحق الذي يصلح العالم كل العالم (لعالمية عقيدته ونظامه)، وبالتالي لإقامة الدولة التي يتمثل فيها هذا الإسلام. وفي هذا الحقل تعمل الجماعة على إسقاط كل الشعارات والدعاوات البراقة، واللافتات والادعاءات المزورة التي وضعها الكافر المستعمر في أذهان المسلمين. من مثل (حرية الثقافة والفكر)، (دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله)، (وطني دائماً على حق) ، (أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً) بالمفهوم الجاهلي. وتبعد كل تأثير للفكر الغربي عن أذهان المسلمين وعن حياة المسلمين، وذلك بدحض الأفكار القائمة على (تطوير الشريعة)، (تقنين الشريعة)، (مرونة الشريعة لتلبية حاجات العصر) بالمفهوم الغربي. (فصل الدين عن السياسة)، (لا سياسة في الدين)، (لا ينكر تغير الأحكام بتغير الزمان والمكان). ومع إسقاط كل هذه الشعارات تعمل الجماعة على غرس الأفكار المقابلة المبنية والمنبثقة عن (لا إله إلا الله، محمد رسول الله).
ومعلوم شرعاً أنه لا يصفو في النفس معنى كلمة (لا إله إلا الله ، محمد رسول الله) علماً وعملاً حتى تنبذ هذه النفس كل فكر عداها، وكلَّ إيمان سواها. يقول تعالى: ]فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ[، فقد قدم ذكر الكفر بالطاغوت حتى لا يعلق في النفس أي درن من أدران الشرك أو أية شائبة من شوائب الكفر، ويأتي الإيمان بعد ذلك خالصاً في النفس، وهذا هو حال من يستمسك بالعروة الوثقى. ويقول تعالى: ]فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ[ فـ ]لَا إِلَهَ[ تعني أنه بعد البحث والفكر تولد العلم بأنه لا إله موجود كإله وبالتالي يستحق العبادة. وقوله: ]إِلَّا اللَّهُ [ هي إثبات الألوهية لله وحده. فهي نفي لغيره وإثبات له سبحانه. وهذا أقوى أنواع الإثبات لغة ويفيد الحصر. وعليه فلا أفكار الاشتراكية، ولا أفكار القومية، ولا أفكار الوطنية هي المنقذة أو الصحيحة بل هي فاسدة وباطلة، تشقي الإنسان ولا تسعده ، وليس إلا دين الله وشرعه هو الهدى والنور والشفاء.
وتسير الجماعة في بناء أفرادها وتكوين شخصياتهم الإسلامية، وذلك بإعطائهم المقاييس الإسلامية الصحيحة وإشباع نفوسهم بحب التقيد بالشرع وبُغْضِ ما خالفه، وحُبِّ التحاكم إليه وبُغْضِ التحاكم إلى سواه. وبحيث يصبح عقلهم للأمور منضبطاً بمقاييس وأفكار الشرع، وبحيث يصبح ميلهم يميل مع الإسلام حيث مال، يرضون لرضاه ويغضبون لغضبه.
وتسير الجماعة في تركيز هذه الثقافة عند شبابها عن طريق حلقات مركزة، من شأنها إعداد الشباب للقيادة والقيام بأعمال الدعوة، بعد أن ينزلوا إلى الواقع بها لحمل الناس على تبنيها. وتسير الجماعة في فهم الواقع على العقل، وتقدم لشبابها العملية الفكرية التي اعتمدت عليها حتى توصلت إلى هذا التعريف أو التحديد العقلي. وهي بذلك تكون المرشدة لهم في كيفية التعامل مع الواقع، وكيفية التوصل إلى جملة التعاريف العقلية للوقائع التي تلزم للأحكام الشرعية والتي تشكل ما يشبه المناط لها . فهي حين تعرف العقل أو الحاجات العضوية، أو الغرائز، أو النهضة، أو المجتمع، أو الحضارة والمدنية … تعرفها لأنها في حاجة إلى إدراك واقعها الذي يتعلق به كثير من الأحكام الشرعية.
وتسير الجماعة في الوصول إلى الحكم الشرعي عن طريق الأدلة الشرعية، فتستنبط منها ما يتعلق بحل المشكلة أو معالجة الواقع. وهذا يحتاج إلى تبني كل العلوم التي تمكنها من فهم النصوص الشرعية، لتتوصل بواسطتها إلى معرفة حكم الله في حقها. وعليها أن تجري أمام شبابها وأمام المسلمين طريقة الاستدلال لتعلمهم بها، وتركز في نفوسهم طريقة الإسلام في فهم الشرع واستنباط أحكامه.
ويجب أن تحرض الجماعة حين إعطاء هذه الثقافة المتبناة لشبابها على أن الناحية العملية منها هي المقصودة. فهذه الثقافة هي ليست للعلم، ولا لتنمية المعلومات، ولا للوصول بالشباب إلى مستوى علمي متين، بل هي لإقامة حالة من الصراع الفكري والكفاح السياسي بها، ولحملها قيادة فكرية في الأمة لإقامة كيان يمثلها.
ويجب أن تحرص الجماعة على ترجمة هذه الثقافة ترجمة عملية دقيقة. فلا تقول شيئاً وتفعل شيئاً آخر. وإلا فإنه كبر مقتاً عند الله أن تعلم هذه الجماعة الحق وتقوم بخلافه.
نعم ان على الجماعة أن تتبنى هذه الثقافة، وأن تبني شبابها وتؤسسهم عليها وتركزها في نفوسهم. ومن ثم تنزل إلى الأمة بأفكار الإسلام الأساسية بشكل يوجد الرأي العام للفكرة المنبثقة عن الوعي العام عليها. فتنزل للأمة بأفكار العقيدة، وبأحكام شرعية رئيسية بالشكل الذي يجمع الأمة على الهدف الواحد وهو تحكيم شرع الله وحده. وبهذا يوجد عندها التوجه الصحيح والذي يعتبر بداية لإعادة شخصيتها المفقودة منذ زمن.
وهذه الأفكار الأساسية والأحكام الشرعية الرئيسية هي من مثل الأفكار التي تؤدي إلى إفراد الله في التشريع والعبادة، وإفراد الرسول r في الاتباع، وتشويق الناس للجنة، وتخويفهم من النار، وأن العمل لإقامة الدولة الإسلامية هو فرض من أهم فروض الإسلام لتعلق كثير من الفروض به. وأن الأمة الإسلامية هي أمة واحدة من دون الناس، فلا يباعد بينها جنس ولا نظام، وأن المسلمين هم إخوة وليست الرابطة الوطنية أو القومية لتباعد بينهم. وان البعد عن شرع الله هو الذي أورث المسلمين الذل والهوان، وأن المسلمين يجب أن يتقيدوا بشرع ربهم فلا يأتون العمل إلا بعد معرفة دليل.
إن مثل هذه الأفكار هو الذي يوجد التربة الصالحة لأن تقوم عليها أحكام الإسلام يانعة ومثمرة.
إنّ كل ما ذكرناه يجب أن تشمله ثقافة هذه الجماعة. وهمنا أن نوجد الطريقة السليمة التي يأمر بها الشرع للوصول إلى تحديد هذه الثقافة. والتي على ضوئها يتم تبنيها.
وهكذا تنشأ عند الجماعة طائفة كبيرة من الأفكار والآراء والأحكام الشرعية اللازمة لها، لخوض الصراع الفكري والكفاح السياسي وايجاد الثفاقة المركزة عند من سيقوم الأمر على أكتافهم، وإيجاد الرأي العام عند الأمة الذي يجعلها تتقبل الفكرة التي تقوم عليها هذه الجماعة.
هذا هو الإطار الذي يجب أن لا تخرج عنه هذه الجماعة، فهي إن وفقت في تحديده لا يضرها بعد ذلك إن أخطأت في بعض الأحكام الفرعية، أو خالفت غيرها أو خالفها غيرها. وهذا لا بد منه ولا محيد عنه.
هذه هي الثقافة التي تحتاجها الجماعة لكي تصل إلى مبتغاها المتمثل بتحكيم شرع الله ونشر الدعوة في العالم أجمع. والله ولي التوفيق.
-
مشاركة: أهمية العقيدة:
بارك الله فيك يالطيب ........ وأنا دائما أقول ان العقيدة مثل الماء
والواحد يحب يشرب الماء صافي خالي من الشوائب ، فكذلك العقيدة فالعقيدة يجب أن تكون خالية من الشوائب لأن الشوائب هذي تقدر تقول انها بدع مثلا أو تحريف وما شابه ذلك
.............. ومشكور على الموضوع الحلو ...................
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى