• 0
  • مالي خلق
  • أتهاوش
  • متضايق
  • مريض
  • مستانس
  • مستغرب
  • مشتط
  • أسولف
  • مغرم
  • معصب
  • منحرج
  • آكل
  • ابكي
  • ارقص
  • اصلي
  • استهبل
  • اضحك
  • اضحك  2
  • تعجبني
  • بضبطلك
  • رايق
  • زعلان
  • عبقري
  • نايم
  • طبيعي
  • كشخة
  • النتائج 1 إلى 2 من 2

    الموضوع: ختم الذاكرة بالشمع الأحمر/ غادة السمان

    1. #1
      التسجيل
      21-12-2005
      المشاركات
      15
      المواضيع
      6
      شكر / اعجاب مشاركة

      ختم الذاكرة بالشمع الأحمر/ غادة السمان

      الإهداء :

      إلى الذئاب المتوحدة مثلي ..

      التي جاعت يوماً إلىالحنان

      فالتهمت ذاكرتها .


      للقلب صرخة بالأبجدية .. و للذاكرة شمع أحمر


      كتابات على دمعة

      غرقتنظراته الخبيرة في عينيّ المرهقتين المسكونتين بالإعياء ، و بعد طول تأمل قال ليالبروفسور طبيب العيون : " أريد منك إجراء تحليل لدموعك " !

      كانت هذه أولمرة أسمع فيها عن " تحليل الدموع " . سمعت عن " تحليل الدم " و غير الدم ... أماالدمع ، فلا !

      في الطريق نحو المختبر كنت خائفة . ماذا سيكشف لهم تحليلدموعي ؟
      بل و كيف يحصلون على الدمع مني و أنا البخيلة به حتى في جزروحدتي؟!
      لقد انهار شيء في أعماقي منذ زمن ما ، و سد درب الدمع و طمس معالمه ،فكيف أبكي في مختبر التحليل إذا طلب إلي ذلك ؟
      و لكن ، لم لا .؟.

      إنهافرصة رائعة للبكاء بعد طول احتباس لمطر القلب ، و سأبكي دون أن أحمل ضميري أوإرادتي أي وزر . تخيلت المشهد على الوجه التالي : سيقول لي الممرض " خذي هذاالأنبوب ابكي فيه و املئيه دمعاً " ، سأنتهز الفرصة و سأبكي طويلاً .. طويلاً ...فهنالك لحظات في عمري مررت بها راكضة و قد أشحت بوجهي عنها ، و هي التي كانت تستحقمني أعواماً من البكاء _ بكاء فرح أو بكاء حزن _ فلأبك لأجلها دقائق على الأقل وبأمر من الطبيب !

      سأبكي ... و حتى حينما يأتي الممرض و يقول لي أن الأنبوبالذي ملأته بالدمع طاف ، فلن أرد عليه و سأملأ له إبريقاً من الدمع ( ترى هلسيعطونني أنبوباً ملوناً مزخرفاً كتلك المدامع الأثرية القديمة ، كتلك التي أهدانيإياها صديقي الشاعر المرحوم توفيق صايغ ذات مرة و لما سألته لماذا ، قال : كي تبكيمن أجلي ... سيأتي يوم تبكين فيه لأجلي ... و ضحكت منه طويلاً يومئذ ...
      و حتىيوم سرقه الموت ظلت المدمعة الهدية جافة فقد كان الدمع قد غاص في رمال قلبي المقفرة .

      و لكن الأمر كان أكثر بساطة في المختبر . لم يطلب إلي أحد البكاء ، جاؤوافقط بقطعة قطن و حكوا بها جفني فانهمر الدمع . نقطة واحدة كانت تكفيهم و لكنها لمتكن تكفيني !
      و حين غادرت المختبر فرحت لأنها كانت تمطر و لم يكن في وسعي أنأوقف مطر الدمع في حنجرتي المالحة كمغارة محشوة بالشوك ...
      قال لي الرجل : "تعالي بعد أيام من أجل نتيجة التحليل " .

      و عشت أياماً شبه قلقة ... ترى هل سيقرأون في دموعي تاريخي كله .؟.
      تاريخ أحزانيكلها .؟. هل سيقرأون أيضاً أسماء و تواريخ ؟... و هل ستتراءى للمحلل تحت المجهروجوه و وجوه ، وجوه أمسكت بها و وجوه راحت مني في زحام ذلك الزمن الحزين الهارب؟..

      هل سيقرأ في دموعي اسم دمشق مدينتي التي منحتني الصبا و العناد يومودعتها و قذفت بنفسي في مستنقع الغربة ؟

      ذلك الرجل المكب بوجهه الآن فوقعدسة المجهر ، هل سيقرأ في دموعي حكايتي و هل يرتجف جسده ضاحكاً مني ، من غباءأسميته " حباً " و انهيارات أسميتها تجارب ؟!
      ترى هل ينبت الذين نحبهم داخلدموعنا و هل يسبحون في بحرها المالح كما الأسماك تسبح في أعماق المحيط ؟..
      ترىهل تسجل دموعنا زلازل أعماقنا و فواجعنا بحيث تبقى دوائرها مرتسمة هادئة حيناً وصاخبة حيناً ، كما يمزق الزلزال وجه مياه البحر و يترك بصماته ... و هل ! . و هل؟.

      **************

      و إذا زرع المحلل دموعي " كما يزرعونالدم و يحللونه " فوجه من سينبت فيه ؟.. اسم من ؟.. اسم " أين " .. اسم أية مدينةغير دمشق ؟.. ما لون الدمع تحت المجهر ؟.. المحزونون مثلي هل يمكن لدمعهم أن يكونله غير لون الدم ؟..

      ترى هل سيكون لدمعي صوت تحت المجهر ؟.. صوت شلال التمردو صرخة الحرية و الشهية للحياة ؟.. ذلك المحلل المسكين ألن تخيفه قطرة دمع واحدة منعيني بكل ما تختزنه من أهوال و حيوات و جنون و أهواء و نزوات ؟..... بكل ما فيها منلون النزف و صوت الاحتضار و الولادة في آن واحد ... و رائحة لحظة التقاء الشروقبالغروب ساعة الذئب ؟

      و إذا كانت دمعة واحدة تختصرني و تكتشفني تحت المجهرألن ينطلق المحلل هارباً راكضاً في الشوارع و قد نبشت بجراحي جرحه؟

      :

      :

      في اليوم الموعود ذهبت لإحضار نتيجة التحليل . تخيلتأنه سيدفع إلي بعدة مجلدات فيها حكايا عمري التي لا يعرفها أحد غير دمعي !..

      و فوجئت بصفحة بيضاء و عبارة واحدة تتوسطها : " الدمع خال من كل شيء " !!!
      لم تذكر الورقة التي تحمل نتيجة تحليل دموعي أي شيء غير حساسيتي لأحدالمركبات الكيميائية ... أما بقية " حساسيات عمري " فلم تلحظها .

      ما أشدقصور العلم و المجهر و التكنولوجيا و أهله أمام قطرة دمع إنسانية واحدة هي بحر منالأسرار ! لا لم تذكر نتيجة التحليل أي أسماء ...

      أية حكايا ... أية توق ...أية هذيان ... أي جنون . أية سكينة . لم تذكر أية تواريخ . حتى و لا تواريخ كهذهمثلاً حزيران 1967 و غيرها .




    2. #2
      التسجيل
      04-01-2005
      الدولة
      Iraq
      المشاركات
      482
      المواضيع
      1
      شكر / اعجاب مشاركة

      مشاركة: ختم الذاكرة بالشمع الأحمر/ غادة السمان

      مشكور ياغالي

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •