-
السكوت على المنكر حرام وإزالته فرض
السكوت على المنكر حرام وإزالته فرض
قال الله تعالى: {لُعن الذين كفروا من بني اسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهَوْن عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون}، وروى أبو داود عن عبدالله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إن أول ما دخل النقص على بني اسرائيل كان الرجل يَلقى الرجل فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يَحِل لك. ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلمّا فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض، ثم قال: {لُعن الذين كفروا من بني اسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم} إلى قوله: {فاسقون}، ثم قال: {كلا والله لتأمُرُنّ بالمعروف ولَتنهوُنّ عن المنكر ولتأخُذُنّ على يد الظالم ولتأطُرُنّه على الحق أطراً أو تقصرنّه على الحق قصراً}.
بهذا الدليل حرم علينا الله السكوت على المنكر وأمرنا بإزالته. فالله تعالى أمر المسلمين أن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر، وفرض ذلك عليكم فقال تعالى: {ولتكن منكم أمّة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف ويَنهوْن عن المنكر}، وقال: {كنتم خير أمّة أُخرجت للناس، تأمرون بالمعروف وتنهَوْن عن المنكر}. ولكنه لم يكتف منهم بذلك بل حرم عليهم السكوت على المنكر وأمرهم بإزالته وجعل ذلك فرضاً عليهم. وجعل الساكت على المنكر مستحقاً لعنة الله، فقد لُعن بني اسرائيل لسكوتهم على المنكر ثم عقب على ذلك بقوله: {لبئس ما كانوا يفعلون]، أي ذمّ بني اسرائيل على عملهم هذا ليحذر أن يرتكب مثل ما ارتكبوا، وهذا يدل على أن هذه الآية جزء من شريعة الإسلام، وقد جاء الحديث يحذر مما كان عليه بنو اسرائيل من السكوت على المنكر وعدم إزالته، فعقب على بيان ما كانوا عليه بقوله: {فلا والله لتأمُرُنّ بالمعروف ولَتنهوُنّ عن المنكر..} الخ، مما يدل على أن هذا حكم من أحكام الإسلام، فإزالة المنكر فرض على المسلمين والسكوت على المنكر حرام على كل مسلم ويلعنه الله كما لعن بني اسرائيل كما ورد في رواية أخرى للحديث {ثم يلعنكم كما لعنهم}.
أمّا طريقة إزالة المنكر وعدم السكوت عليه فقد بينها الشرع في الحديف الشريف، فقد روى مسلم عن أبي سعيد الخُدريّ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان}. فإذا كان المسلم قادرا على إزالة المنكر بيده ففرضٌ عليه أن يباشر إزالته بنفسه، وإن لم يكن مستطيعاً ذلك ولكنه مستطيع أن ينكره جهرة بلسانه وأن يهاجمه بالقول علناً فيجب عليه أن يفعل ذلك، فإن لم يستطع ذلك بالقول وجب عليه أن ينكر هذا المنكر بقلبه كأن يقول بينه وبين نفسه "اللهم إن هذا منكر لا يرضيك". أمّا إذا لم يفعل ذلك فإنه آثم عند الله ويكون عاصياً بذلك لأن السكوت على المنكر من المحرمات.
ولا فرق بين السكوت على المنكر الذي يفعله أفراد الناس من الرعية والسكوت على المنكر الذي يفعله الحاكم، فكله سكوت على المنكر. إلاّ أن السكوت على المنكر الذي يفعله الحاكم أشد والإنكار عليه أكبر لأن هناك نصوصاً شرعية وردت خاصة في الإنكار على الحاكم فوق النصوص العامة. فقد روى الحاكم في حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {سيد الشهداء حمزة بن عبدالمطلب ثم رجل قام إلى إمام فأمره ونهاه في ذات الله فقتله على ذلك}, وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر}.
ولذلك وجب على المسلمين أن لا يكتفوا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل فرضٌ عليهم أن يزيلوا المنكر بأي وجه يستطيعونه من الأوجه الثلاثة التي بيّنها الحديث، ويحرم عليهم أن يسكتوا على المنكر. وأنه يُخشى من السكوت على المنكر أن يعمّ الله المسلمين بالعذاب فوق ما هم فيه من عذاب الحكم بالكفر وتسلط عملاء الكفار المستعمرين والفسقة والمنافقين عليهم وتحكّمهم في رقابهم. فقد روى أحمد عن عدس ابن عميرة قال: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: {إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكَر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكروه، فإذا فعلوا ذلك عذب الله الخاصة والعامة}.
6 من شهر رمضان سنة 1380هـ
1960م
-
مشاركة: السكوت على المنكر حرام وإزالته فرض
جزاكم الله خيرا ..
.....
......
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
