السلام عليكم,,,
جلست ذات يوم بعد قضاء الاختبارات وزوال الضغوط والهموم التي لم تكد ان تنتهي في غرفة المعيشة واذا بجانبي قطعة سوداء مليئة بالأزرار .. استعدلت جلستي لأنظر مجددا للذي بجاني ولا سترجع ذاكرتي .. نعم انه هو, انه جهاز التحكم ((الريموت كونترول)) .
لقد مضى وقت طويل يا صديقي دون مصاحبتك لقد افتقدت تلك الأيام اللتي كنت اقلب بك يمنة ويسرة بين تلك المحطات ... ولكن سحقا لهذه السنة سحقا !! فأنا طالب طب في السنة الثالثة.
عندها سارعت لاتناول جهاز التحكم لازيل الغبار عن جبينه وانطلق إلى عالم الفضاء ...
بدأت جولتي في عالم الفضاء مشتاقا .. ولكن قد وجدت ضيوفا كثر في عالم الأقمار العربية .. برامج بالفعل رائعة ومشدة للانتباه بدأت أشاهد من سيربح المليون .. ثم اخذت القي نظرة على مسلسلات ((تشانل 4)) وخلال مشاهدتي للمحطة اذا ببرامج رائعة تتخلل المسلسلات فمن د.فيل إلى اوبرا .. في اثناء مشاهدتي اتت بعض الاعلانات التجارية انتهزتها فرصة لاكمل جولتي ..
وصلت إلى قنوات الموسيقى والأغاني كنت اذكرها منذ زمن انها مقصورة على قناة واحدة وهي ((اي ار تي 5)) ولكن لقد وجدت ان الساحة بدأت تتزاحم بقنوات الموسيقى فمن باقة محطات روتانا إلى ميلودي ونجوم وميوزك ومزيكا .. إلخ
فيديو كليب يعقبه آخر على مدار الساعة دون تعب ولا كلل .. ورسائل ال
SMS
اخذت تزين جوانب الشاشة وتستقطب الكثير والكثير من المشاهدين ...
لقد احترت فعلا بين هذه المحطات فقلت لنفسي دعني استرجع ذكريات الماضي عندما كنت العب ببراءة مع ابناء وبنات اعمامي .. فعددت إلى العشرة حتى اقف عند احد المحطات واذا كان الحظ من نصيب محطة ميلودي
اخذت انظر بالفيديو كليب في البداية جذبني الفيديو كليب ثم توقفت لحظة لأسأل نفسي هل انا على قمر النايل سات؟؟؟!!!
فعلى حسب ذاكرتي المتواضعة انني كنت اشاهد هذه اللقطات على القمر الأوربي الهوت بيرد ... فامعنت النظر جيدا لأشاهد الرسائل في الأسقل باللغة العربية و أسمع صوت المغني نعم انها العربية لغتي!!!
في الحقيقة ظننت نفسي في حلم لأنني كنت أقرأ قصة((أليس في بلاد العجائب)) قبل منامي فلربما سافرت بين تلك الصفحات وخرجت عن الواقع المرير!!
انتهى الفيديو كليب لامتطي جوادي واتقدم بين المحطات وصلت لقناة ((نغم)) نعم انه ستار اكاديمي في عامه الثالث على التوالي !! كنت اذكر هذا البرنامج بعامه الأول ذاك الرفض الجامح لهذا البرنامج واصابع الاتهام الموجهة للقائمين عليه وانه دخيل على المجتمع .. يالها من ذكريات ((أخذت اضحك ضحكة المستهتر)) ...
بدات المعلومات التي يعالجها دماغي تتضارب فمعلومات الذاكرة تقول لي:انه برنامج دخيل على المجتمع ونرفضه, وعيناي ترى طالبين من طلاب الأكاديمية في البرنامج من بلادي وطالبة أخرى لم يحالفها الحظ لتكمل مشوارها في البرنامج ,والرسائل التي تنهال على البرنامج اغلبها من بلادي بلاد الحرمين على ما أذكر .. لا أدري فلربما تغيرت بلادي أيضا مع جملة التغيرات !!!
لا أخفيكم لقد شدني البرنامج للنظر إليه .. ففيه سحر غريب يجذبك لتشاهده لفترات طوال !!
اكملت جولتي وقد قاربت المحطات تتخطى ال 200 محطة !! حتى وجدت ضالتي ((قناة المستقبل)) انه برنامج سوبر ستار نعم لقد فاز انه بطل سوبر ستار ((فتى من بلادي)) عندما سمعت الخبر شكرت ربي بان لدينا أبناء يشرفوننا في جميع المحافل فهذا الشاب اصبح سوبر ستار وهو من بلاي ..أعدت النظر فيما قلته وشاهدت التلفاز مرة أخرى .. لقد كان سباق على أفضل صوت والبحث عن عندليب الألفية الثالثة!! فسألت الله حينها أن يبقيني على صوابي أين هي البرامج الدخيلة التي نتحدث عنها في منابر المساجد ونحن رموز هذه البرامج!!
جاء وقت الصلاة .. فأوقفت جولتي لأصلي .. بعدها عدت لأكمل جولتي ..
بدأت الروح الإيمانية تزداد لدي بعد الصلاة فقلت حبذا ان انتهز الفرصة لاشاهد بعض المحطات الإسلامية .. فإذا بي أقع على هذا البرنامج ..
رجل ملتزم يتوسط الشاشة ويلقي محاضرته بالأوامر والنواهي افعلوا كذا ولا تفعلوا كذا .. وفي وسط البرنامج بدأ الحماس ياخذ هذا الرجل حول القضية التي يتحدث عنها فرفع صوته وهو يقول افعلوا كذا وافعلوا كذا ..شعرت بالملل من الأوامر والنواهي وعندما ارتفع صوته سارعت لجهاز التحكم لأهرب من المحطة حيث ظننت أنه يتشاجر معي لا ينصحني!!!
اتقلت لمحطة أخرى واذا ببرنامج يستضيف احد الملتزمين في حوار وقضية .. كانت القضية حول موضوع الساعة عن المحطات العربية والبرامج الفضائية .. بدأ محاضرته هو الاخر ويقول ان هذا ليس من عاداتنا وان المجتمع يرفض هذه البرامج وما يظهر على الشاشة من مشاركات لاتعكس المجتمع بأكمله فهي أقليه .. والأغلب رافض لهذه التفاهات !!
سارعت بتغيير المحطة لأنني بطبيعتي لا أقبل الكلام الذي يخالف الواقع حيث لدي معلومات بأن أكثر الاتصالات التي تصل إلى هذه البرامج هي من بلادي بلا أي منازع .. فكيف نتصدر جميع الدول في الاتصالات ونحن أبناء ال 20 مليون نسمة فقط ونقول ان البرنامج ليس له رواجا في المجتمع!!
انتقلت لمحطة أخرى .. لأجد رجلا يروي قصصا تاريخية اسلامية وهو يتوسط الجلسة وحوله جموع المستمعين .. عندها تذكرت حكايات جدي عندما كان يقول لي كيف كانوا يتعلمون في المساجد حيث يجلسون ويعلمهم المعلم وهم منصتون !!
فقلت في نفسي أين هذا الأسلوب من الحرب القائمة في الخارج بين البرامج اللي تتصدر التوب تن !!!
بدأ الملل يصيبني بعد دخولي جولة المحطات الإسلامية ..ولكنني هونت على نفسي فالمحطات الإسلامية لاتتعدى أصابع اليد فالخروج من هذا الملل سريع!!!
انتقلت لمحطة أخرى وبرنامج آخر واذا بلقاء مع احد الملتزمين واستقبال للاتصالات واذا بالرجل المستضاف في البرنامج مقطب الجبين عابس الوجه وارتسمت على وجهه ملامح الغضب ..فأعادتني الذاكرة إلى وجوه جمهور المعزين في وفاة جدي رحمه الله !!!
عندها أقفلت التلفاز واعدت صديقي القديم لمكانه ((جهاز التحكم)) وسارعت لجهازي لأكتب هذه الكلمات :
يتبع...