السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ايها الأخت الكريمة :
انك تتحدثين عن أحكام الحدود التي بينها الشارع الحكيم أيما ايضاح و ليس فيها ما يدعو للتجديد و التحديث و النظر في تلك المسألة فلقد بين الله تعالى بنص قطعي الدلالة كيف ينبغي للمسلم أن يتعامل مع قضايا تدور رحاها حول كبيرة الزنى الفاحشة الاثم .
و ليكن في علمك أن الله تعالى عندما أمرنا بأربعة شهداء فانما هو لحكمة اقتضاها و ذلك ليمنع عن المفترون و محبي اشاعة الفتن في المؤمنين الطريق لكي لا يرمون المحصنات المؤمنات الغافلات ظلما و عدوانا بالافك المبين و البهتان العظيم.
يقول الله جل جلاله :
و الذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بـأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة و لا تقبلوا لهم شهادة أبداء و اولئك هم الفاسقون
و بهذه الاية الكريمة يتضح أن كل تهمة زنى لابد أن يكون فيها شهدأء أربع لأن القضية لا يستهان بها فقد ينتج عليها اما القتل بالرجم للزوج أو الزوجة أو من سبق له أن تزوج منهما أو الجلد مائة جلدة في ساحة المسلمين يرون المذنب يذوق من عذاب السوط كما ذاق من شهوة الزنى قال تعالى :
الزانية و الزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة و لا تأخذكم بهما رأفة في دين الله ان كنتم تؤمنون بالله و اليوم الأخر و ليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين
لابد اذن من أربعة شهداء يشهدون أنهم رأوا بأن الزناة قد فعلوا الفاحشة و أن المذنبين لم يكتفوا بالغمز و الهمز و التقبيل بل استمتع كليهما في سخط الله و هذا ما يشير اليه حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم لذاك الصحابي الجليل رضي الله عنه لما أتاه بنفسه يقول لرسول الله صلى الله عليه و سلم طهرني من الزنى فأجابه عليه الصلاة و السلام بقوله :
و يحك أستغفر الله و تب
و الرجل يلح على رسول الله أنه اتى ذاك الاثم المبين و الرسول عليه الصلاة والسلام يكرر عليه :
و يحك استغفر الله و تب
و يعود الرجل ليقول لرسول الله صلى الله عليه و سلم :
يا رسول الله طهرني من الزنى
نعم ان الرجل قد هداه الله الى الحق و دونما قيد أتى بنفسه دونما بحث أو تجسس أو تحري ليقف بين يدي رسول الله صلى الله عليه و سلم يلح عليه بعد ندم على ما قدم ليستغفر الله بين يدي الله و رسوله و يطلب من رسول الله أن يطهره من جريمة الزنى الذنب العظيم و رسول الله لا يلتفت اليه و يدير وجهه عنه عساه يجد للرجل مخرجا بعدما تاب فتاب الله عليه لكن الرجل لا يريد الا الطهارة بعد النجاسة و يلح الحاحا على الرسول حتى قال الرسول الكريم لصحابته الأبرار :
أبه جنون؟
فيجيب الصحابة الكرام رضوان الله عليهم :
ما علمنا به من بأس
و الرسول يبحث للرجل عن مخرج من ما أقترف من ذنب فيقول لهم عليه الصلاة و السلام :
لعله شرب خمرا
فيقوم صحابي جليل يستنكهه و يشم هل يجد أثر الخمرة أم الخبائث عليه فيخبر النبي صلى الله عليه و سلم أن الرجل ليس بسكير و أنه عاقل راشد و الرسول لا يكتفي بهذا فيسأل ذاك الرجل الجليل رضي الله عنه :
هل تدري ما الزنى؟
فيجيب الرجل بكل حكمة ووقار رسول الهدى بقوله :
نعم أتيت من امرأة حراما كما يأتي الرجل من أمرأته حلالا
فيقول له الرسول عليه الصلاة و السلام:
ما الذي تريد بهذا القول؟
فيجيب الرجل رضي الله عنه :
أريد أن تطهرني
و لا أريد أن أطيل الكلام في هذا و قصة المرأة الحامل التي أتت نبي الرحمة و الهدى تبين و توضح هذا المعنى الذي بينه لنا رسول الله صلى الله عليه و سلم من وجوب اقالة ذوي الهيئات عثراتهم :
أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم الا في الحدود
بمعنى أنه لا ينبغي التسرع في الحكم في مثل هذه الأمور الا بدليل قاطع و برهان مبين و دليل واضح و الاسلام لا يتهم الناس ليصل الى غايته لكنه يتريث حتى يتضح الحق لا كما يفعلون..
و لذا قال سعيد بن المسيب رحمه الله :
لأن يخطيء الامام في العفو خير من أن يخطيء في العقوبة
و تحضرني ههنا تلك القصة التي رويت عن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه و أختصرها ..اذ ظن رضي الله عنه في رجل ظنا و تسلق عليه جداره و رأه كما توقع على معصية الله فقال الرجل لعمر رضي الله عنه : ان كنت اقترفت اثما فقد اقترفت ثلاثا و هو أن الله تعالى حرم التجسس بقوله : و لا تجسسوا و قد تجسست علي و حرم اتيان البيوت من ظهورها و قد أتيتها ..
من كل هذا اذن يتبين ان الشارع الحكيم أراد درء العقوبة عن الجناة اذا لم يكن هناك دليل جلي مخافة الوقوع في مفسدة أكبر:
في رأيكم ماذا سيكون موقف أهل بيت أقيم على حبيبهما حد من الحدود ظلما و عدوانا بل ان الكافرين قد يستخدمون ذاك الخطأ لوكان ضد الاسلام و تعاليمه لكن الله أحكم الحاكمين و أعدل العادلين...
لهذا وجب التقيد بتعاليم الشرع الحنيف و أوجز الكلام في ما يتعلق بالتصوير و تحليل الحيوانات المنوية كما يسمونها :
قضية التصوير هل يمكن لزان محصن مسلم أن يصور نفسه أو يسمح بذلك و هو يقترف الجريمة النكراء ؟
هذا بالطبع أبعد من المعقول الا ما كان من اولئك الفجار الفسقة ..
ثم ان التصوير وسيلة من و سائل التجسس الحديث قد يعبث بها اناس بالتقنية الحديثة فيصورون الأمين خائن و الخائن أمين كما دل عليه حديث المصطفى عليه السلام ..
ثم ان الحيوانات المنوية و الاعتماد عليها في تثبيت النسل و الوراثة باطلة فهي قدح في الأعراض و تهم مفتوحة لكل من هب ودب اذا ما فتح لها المجال اذا ما اعتمد عليها كأصل في قضايا تثبيت النسب و يتضح ذلك من حديث الرسول صلى الله عليه و سلم اذ جاءه صحابي جليل رضي الله عنه ذات يوم و هو بين صحابته الكرام رضوان الله عليهم في المسجد النبوي الشريف كله دهش كأنما خرت عليه السماء و يخبر النبي صلى الله عليه و سلم أنه و زوجته ذوي بياض اللون و البشرة و لقد فاجأته زوجته بأن وضعت له ابنا ذو سواد اللون و البشرة و الرجل يريد ان ينكر الولد و الرسول ذو حكمة بالغة من ما من الله به عليه يستفسر الرجل و يقول له :
ألك ابل حمر
فيجيب الرجل بلى فيسأله:
هل فيها من أوراق يعني سمر
فيقول الرجل بلى فيقول عليه الصلاة و السلام :
فأنى أتاها ذلك
فيجيب الرجل على نفسه بنفسه :
لعل عرق منها نزع
فيقول المصطفى الحكيم عليه الصلاة و السلام:
فهذا عسى ان يكون قد نزع به عرق
فلقد أجابنا رسول الله صلى الله عليه و سلم على هذه الامور بحكمته و ليس لنا أن تطاول عليها بالقليل من العلم الذي اوتيناه زعما منا بتحضير الشريعة لملاءمة العصر و الواقع
و لقد أخبرنا ربنا بالعصر فأقسم به و أقسم بهلاك و خسران من وجدوا فيه من الناس الا المؤمنين العاملين بالصالحات المتواصين بالحق المتواصين بالصبر جعلنا الله منهم و الحقنا بهم ..
ثم ان التعرض للحيونات المنوية كما يسمونها و ان كانت الا نطف من مني تمنى يفتح الباب واسعا أمام زناة التحاليل المنوية و القائمين بأعمال زنا غيرمباشر حسب الطلبات فلا أمان من أن ينتقل منيك من مخبر البحث الى رحم امرأة تبيع بطنها لكسب دراهم معدودة ثم ما يترتب على ذلك من افساد في الارض و استنساخ للنفوس البشرية و تشابه في الخلق أعاذنا الله من مضلات الفتن ..