الفن الصنعاني: و الذي يختص بأهل شمال اليمن و منطقة صنعاء بجبالها المرتفعة و خضرتها و من أمثال أغانيها, ( وا مغرد بوادي الدور من فوق الأغصان ) و مؤلفها قديم و مجهول, ( وا معلق بحبل الحب ان كنت ترتاح للغواني ) و التي غناها ابوبكر سالم بلفقية و لكن خالد الشيخ غناها بعد تغيير لحنها كما سيأتي ذلك لاحقا عند ذكر الأغاني التي سرقت, و هذا الفن يعتبر عند الكثير ( ملكي ) و يتميز بصعوبته اداءا و إيقاعا, و مع ان الفن الصنعاني ثري و لا يحتاج للإضافات إلا انه و للحق فقد أضاف إبراهيم الماس ألحانا جديدة لهذا الفن و هي ليست من ابتكاراته إنما ألحان صوفية و أغاني مداحين صنعانيين رتبها و أعاد صياغتها و غناها بمصاحبة الآلات الموسيقية و هذه نقطة تحسب لصالحه.
الفن اللحجي: و هو ما يميز غناء منطقة لحج و من رواد هذا الفن الراحل احمد فضل عبد الكريم و الملقب بـ ( القمندان ), بل كثيرون يوافقون على انه مؤسس هذا الفن حيث له الكثير من الإبداعات و هو من أثرى هذا الفن و من أمثلة الأغاني بهذا الفن, ( على الحسيني سلام ) و الحسيني بساتين خضراء في لحج, ( يعيبوا على الناس ), ( اشتكي من طول هجرك ), ( سامحني و أنا با توب ).
و قد ذكر العضو عاشق الراست في تعريفه للفن اللحجي إنها أغاني خفيفة , و لكن ليس من الإنصاف ان نتذكر الأغاني اللحجية الخفيفة فكثير من الأغاني اللحجية تحمل الطابع الطربي , و ان كان مشهور لدى العامة منها الخفيف.
الفن اليافعي: يختص بمنطقة يافع و غالبا ما تبدأ أغانيهم بجملة ( قال بو فلان ) أو ( فلان قال ) كـ ( قال بو معجب ) أو ( يحيى عمر قال ) و أبو معجب هو يحيى عمر اليافعي الذي يعتبر ابرز من نشر هذا الفن.
الفن العدني : يميز أهل عدن في جنوب اليمن و البعض يعتقد ان ما قدمه محمد جمعة خان من فن امتزج بالهندي هو فن عدني و لكن على من أراد ان يعرف الفن العدني فليجدها في اغاني احمد بن احمد قاسم , محمد مرشد ناجي , محمد صالح العزّاني, محمد سعد عبد الله , و محمد عبده زيدي, و هذا على سبيل الاستدلال لا الحصر و الاغاني العدنية مشهورة في الخليج و خصوصا الكويت كالأغاني التالية مثلا ( كلمة و لو جبر خاطر ) , ( لهيب الشوق ) و التي تقول ( كل يوم يا ظالم و انت تستلم مني جواب ) و سيأتي ذكر من غنوها أو نسبوها إليهم.
اما عن ذكر العضو عاشق الراست لعوض عبد الله المسلّمي , احمد عبيد القعطبي , عبد الكريم توفيق في أمثلة من غنى الفن العدني فإنه يجوز لي ان اعتذر منه في هذه المعلومة و ان كان قد أفاد جدا في معلوماته الثرية في ذلك الموضوع إلا إني التمس منه زيادة الدقة فعوض عبد الله المسلّمي و احمد عبيد القعطبي فهما كانا مشهورين باللون اللحجي و الصنعاني و الهندي المعرّب و الفن العدني جاء في غير زمنهما , و أما أول رواد الفن العدني فهو خليل محمد خليل ثم تلاه سالم بامدهف و من ثم احمد بن احمد قاسم و محمد عبده زيدي , و محمد مرشد ناجي ( المرشدي ) و غيرهم , و عن عبد الكريم توفيق فقد كان فنان لحجي صرف مولداً و نشأةً و غناءاً و لم يكن ذا طابع عدني على الإطلاق.
و من ضمن الأغاني التي ذكرها العضو ( عاشق الراست ) في منتدى زرياب ( يا رب من له حبيب ) كمثال على الأغنية العدنية , و لكنني أرى ذلك يثير سؤالاً مشروعاُ طالما ان كاتب هذه الأغنية من محافظة أبين و هو الشاعر عمر نسير و مغنيها كذلك من أبين و هو محمد محسن عطروش و ربما يفضل ان نصنف هذه الأغنية في الفن البدوي الحديث.
الفن الحضرمي : فن غني جدا عن التعريف , و قد انتشر بشكل كبير في منطقة الخليج و يعود السبب ربما إلى تقارب اللهجة و اللكنة من الخليجية و لقرب الموقع الجغرافي , و حضرموت منطقة حسين ابوبكر المحضار و ابوبكر سالم بلفقية , الفنان الذي لا زال يغني الاغاني اليمنية إلى الان رغم تحصله على جنسيات أخرى لما ينضح به هذا الفن و كذلك منطقة كرامة مرسال التي سرقت اغانيه ايضا و سياتي ذكرها لاحقا و سعيد عبد النعيم صاحب أغنية ( صبوحة خطبها نصيب ) و منطقة الفنان الشعبي احمد يسلم زبير و الملقب ( بدوي زبير ) و على الرغم انه مشهور بالنسبة لاهل حضرموت و لمن يهتم بالفن اليمني بخاصة الا انه و للحق قد ادى اغاني صعبة جدا لم يؤدها الا محمد جمعة خان بهذه الصعوبة , و من امثلة اغاني الفن الحضرمي : ( المحبة و لا شي ) , ( سلام الله على الحامي ) , ( عانك الله يالعاشق على ما تعاني ) , ( لا قد صفى لي ) , ( بعيد العصر فوق الدرب قابلنا ).
الفن البدوي : الذي ينتشر في مناطق الجنوب كأبين و بعض اطرافها من البيضاء و مناطق اخر ى, و يعتبر محمد محسن عطروش مُحَدِّث هذا الفن و واضع أسلوبه الجديد, و من أمثلة الفن البدوي الحديث أغنية ( يا رب من له حبيب لا تحرمه من حبيبه ) و من كلماتها ( يا رب بشكي إليك , قلبي احترق من لهيبه , يا ما تحمل و هام و لا تحقق نصيبه ) و سيأتي ذكرها لاحقا.
و أرى ان استأصل حديثي هذا للفنون فالمناطق كثيرة و لها فنون أخرى كفن الزامل الذي اعتمدت عليه بعض المناطق ... الخ , و الالوان المذكورة لا تستوعب الفن اليمني ككل و لكنها على سبيل التعريف.
و البعض يضيف إلى الالوان اليمنية , الفن الهندي و هو ما اشتهر به محمد جمعة خان و الفن الهندي هو ما يسمى في الكويت بالفن العدني و لكنه ليس فنا هنديا و لا يجوز ايضا افراده كفن مستقل و لكن الحان محمد جمعة خان لها روح هندية تاثرت باللحن الهندي , و عن اغانية ستجدها مصنفه اما مع الاغاني الحضرمية الصعبة او الاغاني العدنية الميّاله في لحنها إلى الهندي بالنسبة للاخيرة و ذلك لاحتكاك المنطقة بالهند ابان الاستعمار البريطاني و محمد جمعة اول من هذب الدان الحضرمي ( فن من الفنون الحضرمية ) و ادخل عليه الايقاع , و قد جمع بين اشتهاره بين الفنين العدني و الحضرمي و اضفاء اللحن بلزم الايقاع الهندي في اغانيه , و ان لم اكن مخطئا كايقاع ( الدنبك ) بضم الدال و تسكين النون و هو ايقاع ذو طابع هندي.
اما اعتقاد البعض بان اغنية ( يشوقني برق ) ذو طابع هندي فهذا خطأ فادح فهذه الاغنية تعتبر من معجزات الغناء الحضرمي إلى يومنا هذا و ايقاعها يسمى ( خيالي ) بشد الياء و لم يستطع أي فنان حضرمي او غير حضرمي أداءها بالشكل المطلوب و على صعيد الانصاف يمكننا ذكر المرحوم ( بدوي زبير ) بعد صاحب الاغنية محمد جمعة خان و كذلك اغنية ( نعم طيب الانفاس ) و ( أكاملة الحسن ) لم تتأثر باللحن الهندي اطلاقا و هي اغاني حضرمية بحته و محمد جمعه بحق في نظر اهل الفن يعتبر عبقري , و إذا اردنا ان نرى صورة لاغنية روحها هندي فلننظر إلى ( اتت هند تشكو إلى أمها , فسبحان من جمّع النيِّرين ) , و لكن تظل الحقيقة مرة بان غناء محمد جمعة خان ( العدني خصوصا ) لا يعتبر فناً يمنياً خالصاً.
ملاحظة : ذكرت الأغنية السابقة في موقع زرياب ( أتت هند شاكية لأمها و الصواب ما جاء أعلاه ).
و مع انها نصف ساعة تقطعها من عدن إلى لحج , الا انك ستتلون بعدد من ألوان الغناء في لحج فعلى سبيل المثال سنجد في لحج , الشرح , الزفـّه , رقصة الحـِنـّا , المرَكـَّح , مزف , الجَذبة , الزفنه , الرزحة , الدحفة, الدمندم , و الظاهرية في منطقة الوهط بلحج و هذا اللون لا يعرفه الكثير الآن لأنه كان يمارس قديما هناك و سمي لون الغناء الظاهري لأنه عادة ما كان يمارس بعد الظهر مباشرة , و كذلك يوجد لون غناء يسمى ( الركلة ) و الذي يشترك فيه لحج و منطقة الصبيحة في حدود لحج و هذا بالنسبة فقط لمحافظة واحدة فما بالنا إذا انتقلنا من عدن إلى حضرموت و الذي يستغرق ما يقارب عشر ساعات فكم لونا سنجد ؟ , و لنفترض اننا وصلنا إلى حضرموت فلنسمي بعض الفنون هناك و ان كان لا يحضرني ذكرها , فلنقل بعضها مثلا : الغيه , الزربادي , الشحري , البدوي , العده , الخابه , الدرجة , الشرح الساحلي , الدان الحضرمي , الريض , الشبواني , الرزيح , المراجيز , الشوبانية و غناء بني مفراه و هو غناء مخصص لصيادي الوعل في البر.
اما عن سرقة اغانينا برمتها او الحانها او كلماتها فهو دليل قاطع على اننا قد تميزنا طالما سـُرقنا و طالما اننا بلا توثيق لمعظم الاغاني او اننا لم نجد الصوت الذي يوصله للخارج و لا أتجنى على الكل هنا فلدينا ( ابوبكر سالم بلفقيه ) الذي غرد خارجا و أعلم الجميع بالفن اليمني و كذا ( احمد فتحي ) و غيرهم و لكن لم نجد مجددين كثر لتلائم اغانينا المسامع في الخارج و كذا لم نحصل على جديد ( جيد ) و استوقفنا الفن في متحف كتحف نادرة ننظر اليها و يستطيع أي زائر من الخارج ان ياخذ أي قطعة يريدها و هنا لا اريد ان أتجنى على آخرين ليسوا يمنيين و لكنهم نقلوه إلى الخارج و عرفوا الناس به فمثالا لذلك ( رويدا عدنان ) و من السوري ( فهد بلان ) الذي غنى ( لرجاء باسودان ) – يمنية - ( يا بنات المكلا ) و اللبنانية ( نجاح سلام ) التي اختارت ان تغني ( لأحمد السنيدار ) أغنية ( بالله عليك يا موزع ) و الإماراتية ( أحلام ) بغنائها اللون الحضرمي في أغنية ( لما قلبي ) و من كلمات الأغنية المشهورة ( جماله في غروره يريد, الشور شوره, لأنه زين, عسى الأيام تجمعنا و تتوقف دموع العين ) و لربما أنها من ألحان ( علي سعيد علي ) و كذلك ازدهار الأغنية اليمنية في الخارج بغناء كلا من ( محمد عبده ) و ( طلال مداح ) لأغنية ( ضناني الشوق ) التي لحنها محمد مرشد ناجي و هي من كلمات ( مهدي حمدون ) و اسم ديوانه بها, و غيرهم الكثير الكثير و على رأسهم المطربة اللبنانية ( هيام يونس ) التي قامت بغناء عدد كبير من الأغاني اليمنية و بلكناتها المحلية.
و لكن بالطبع يتبادر إلى اذهان البعض الان هذا السؤال , كيف انتقل الفن اليمني إلى الخليج و لماذا لم ينحصر في اليمن فيبقى التراث فيه .. و هذا موضوع له تاريخ قديم .. و يمكن الرجوع إلى كتاب الاغاني للاصفهاني و الذي يذكر فيه نزوح اليمنيين إلى مناطق ما يعرف اليوم بالخليج العربي لانها كانت معروفة بصيد اللؤلؤ و خصوصا البحرين و فيها عيون الماء العذب و الزراعة و النخيل و التجارة فانتقل معهم فن الصوت الذي يعود اصله إلى ايام الدولة العباسية حسب ما ذكر في امهات الكتب فتاثرت المنطقة بالفنون اليمنية و إذا كان هذا لا يعجب القارئ و يظن اننا ندعي كل شيء بنزوحنا إلى مناطق الخليج فلنسر إلى الأمام قدما و ننسى موضوع التاريخ القديم إلى تاريخ احدث انتقل فيه الفن اليمني إلى الخليج فنجده في اجزاء الكتب الثلاثة ( محمد بن فارس اشهر من غنى الصوت في الخليج ) و قد غنى محمد بن فارس الحان يمنية كثيرة و يثار الجدل حول محمد في نسب الالحان اليمنية اليه و على الارجح انه لم يسرق الالحان اليمنية القديمة و لم ينسبها إلى نفسه لانه كان يكتب على اسطواناته لحن شحري , أي من مدينة الشحر بحضرموت , و لحن يماني , و حجازي ... شامي , و هذا دليل على امانته , اما تشابه بعض الحانه الخاصة فيوجد منه الكثير و على مستوى العالم و لا شك انكم تعلمون ان محمد عبدالوهاب ادخل المقدمة السيمفونية الخامسة لبيتهوفن في ( بحب عيشة الحرية ).
و لنعد إلى ما اردنا طرحه في هذه الفقرات و هو انتقال الفن اليمني , فلنأخذ مثلا انتقاله إلى الكويت و لكم كانت علاقتنا بهم قوية حتى نهاية الثمانينات و اعني ( اليمن الجنوبي سابقا ) , حتى ان فنانينا يعتبرون الكويت البلد الثاني لهم امثال المرشدي, و لا زلت اتذكر ان فنانيهم كانوا يحضرون باستمرار إلى هنا و تعلق بذاكرة الطفولة بعض ابطال المسلسل التعليمي الشهير ( افتح يا سمسم ) و هم مجتمعون في ساحة الشهداء في محافظة ابين في اليمن يدندنون في جلسة غنائية.