السادة الكرام.
تحية طيبة..
من بعد الطوفان!

هذه مِن.. "تجربة حياة..!"



قالوا: تَوَقَّ جُروفاً في مَزالِقِها ** ثُمّ ارْقَ مُقْتَبِساً من عَينِ شارِقَةِ

كيف البُروقُ تَقِيني من غَوَائِلِها؛ ** حِينَ الغُيُوبُ لنا كَالرّكْلِ لِلكُرَةِ؟

-----

ما لِيْ إذَا غمضَتْ أَرسلْتُ ذاكرتي ** والفِكْرُ في سَهَدِي أسْرَى لِغائبةِ

والشِّعْرُ مِنِّيَ صَلْدٌ قَبْلَ مَنْسِمِها، ** وَهْيَ التي أرِجَتْ عَرْفاً لِقافيتي

وهْي النََّدَى غَدَقَاني وهي مُحْرِقَتي ** وهي السياطُ ووَرْدِي وهْي راويتي

وهي العِمَاد وسَقْفِي وهي هادِمَتِي ** وهي الفَوَاقُ وسُكْري وهي ساقيتي

إنْ أعْلُ في حَسَنٍ، أو أهْوِ في سَفَلٍ؛ ** فهي التي حَمَلَتْ، بلْ وهي راكبتي

اللهُ يَعلمُ أَني ما أُخالفُها ** والخلق يشهدُ أني خَتْم سيدتي

جاءتْ إليَّ صباحاً وهْي مُطْرِقَةٌ ** تُغْضِي مِنَ البصرِ المنثورِ في جِهَتِي

لَو ما نظرْتُ إليها قَبل ساعتنا؛ ** ما غرّني كَذِبُ الأبصارِ عن سِمَةِ

إنّيْ إذا سدلَتْ شمسٌ براقِعَها ** شَفَّتْ إليَّ نُجُومٌ هُنَّ هاديتي

أقبلْتُ في لَهَفٍ علِّيْ أرى قَبَساً ** والتَعْتُ في فَرَقٍ من برقِ دامعةِ

وَارْتاعَ من نفَسٍ منها على نَشَجٍ؛ ** ما شَبَّني شُعَلاً إذْ أَجَّ وَسْوَسَتِي

ما لي إذَا بَرَدَ الإضرام شَفْرَتَهُ ** كنتُ الذَّبيحَ بلا ذنبٍ على بَهَتِ؟

والنارُ فيَّ لَظًى تُجْرِي مَسايـِلَهَا، ** والحُبُّ واجِمَةٌ، يا ويحَ وارِيَتي!

يا أنتِ! يا زُمَرَ الأسرارِ! يا خَلَدي! ** رُدِّي الهواءَ على المَشنوقِ؛ في صِلَةِ

عُودِي إلى السِّيَرِ الأُولَى من الغَنَجِ ** قُودِي الصَّدَى وَاخْتالِي في مُحادَثتي

قُولِي التي طَرِبَتْ من وقْعها أُذُنِيْ: ** "لا".. ما قَدِرْتِ مِراراً، كَرّرِي عِظَتي

لن تَسمعِي ضَجَرِي لو زَنّ مَنْطِقُكِ، ** "كلاّ" وَ"لَنْ" عَسلِي، يا حُلوَ خاطرتي!

قولي الذي طَعِمَتْ رُوحِي مَذاقَتَها ** من مَسِّه، وَشَذَا عِطْراً لِغابِرَةِ:

حَرْفاً؛ يَبُلُّ حياةً بعد لاهِبَةٍ ** والحرفُ مِنْكِ إِسَاري، وهْو تخْلِيَتِي

والزّهرُ أجْهَضَ لَمّا ثارَ - من وَتَرٍ ** من جَوفها - نَغَمٌ يَبكِي بِلا لُغَةِ

وَارْتَجَّ رعدُ سمائي من مَباهِجِها ** إذْ سَكَّ سَمْعَ زماني رِكْزُ صارختي

لَم يُغْنِها جَلَدٌ؛ حتى مَدافِعُها - ** هَمْساً - أَمَرْنَ بِقتلي، وَا معذِّبتي!

ناجَتْ: "حبيبَ فؤادِي! مَاتَ طائرُنا، ** لا تَرقُبَنْ لَيلِي، إنّي على عِدَةِ!"

وَانْسَحَّتِ العَبَرَاتُ البِيضُ من مُزُنٍ ** وَاسْوَدّ من غَرَقٍ صَفْحاتُ مُورِقَةِ

وَاعْتَلّ سَيفُ لساني في منابرهِ ** وَاحْتَرْتُ من شَفَةٍ خِيْطَتْ على شَفَتي

والوقتُ أمْسَكَ عنّي مِن عقاربهِ ** أوْ أنّها لَسَعَتْ مِنْ دُونِ تَذكِرَتي!

والكونُ أَسْكَتَ، والأصواتُ مُصْغِيَةٌ ** والكُلّ يُنْصِتُ لِيْ، والرَّجْعُ خافِقَتي!!

ما لِلْغُرُوبِ تُعادِيني جَحافِلُهُ؟ ** ما لِي ولِلظُّلُماتِ الصُّمِّ مُرْدِيَتي؟

ما لِلضِّياءِ خَبَتْ أشباحُ صُورَتِهِ؛ ** حتى الظِّلالُ تُغَطِّي كُلّ قاصِيَةِ؟

والنفْسُ هاويةٌ من دُونِمَا حُجُزٍ ** والقلبُ يُمْسِكُها والرُوحُ في فـَلـَتِ

إني إذاً لِفِراقِ الخِدْرِ في خـَنـَقٍ ** فالغـَوْثَ يا نفـَسي غوثاً لِسائلةِ

ما آنَ لِلشُّرُفَاتِ الخُضْرِ تَرْحَمُني؟ ** فالدَّمْعُ من شُهُبِيْ كالأحِّ من رِئَتي


... الخ!
فـ"التجربة" طويلة..