حالة حرب في شوارع لبنان


استعاد الشارع اللبناني أجواء الحرب التي كان قد نسيها تقريبًا منذ العام 1996، فيما سُمِّي حرب "عناقيد الغضب" التي توّجت بمجزرة قانا يوم 18-4-1996.
ويعيش اللبنانيون اليوم الجمعة 14-7-2006 حالة ترقب وحذر خوفًا من التهديد الإسرائيلي بالاجتياح أو القصف المدمّر الذي طال عشرات المنازل والطرق والمعابر الحيوية في البلاد. ونعى وزير السياحة جو سركيس الموسم السياحي، معتبرًا أن "فنادق لبنان تفرغ وفنادق الشام تمتلئ".

وخلت الطرقات من المارّة والسيارات، وفضّل كثير من اللبنانيين -باستثناء الشمال- البقاء في منازلهم وقضوا ليلتهم أمام شاشات التلفزيون يتابعون التقارير الإخبارية وأجواء الحرب.

وساهمت ندرة حركة السير في تخفيف حركة الشارع في بيروت، بالإضافة إلى قطع طريق الجنوب - بيروت بعد أن قصفت الطائرات الإسرائيلية معابر الطريق السريعة التي تربط صيدا بالمناطق الشمالية.
وشهدت شوارع بيروت سيارات تجوب مطلقة الأناشيد والأغاني الثورية؛ لتعيد الذاكرة إلى الوراء أكثر من 10 سنوات.

وتهافت الناس على الأفران والمحال لتموين الخبز، ورغم أن نقابتي الأفران والبنزين نفتا أي نقص أو نفاد للطحين (الدقيق) أو البنزين، وطمأنتا اللبنانيين أن الوقود والطحين أيضًا متوفران لمدة شهرين، لكن هذا لم يمنع اللبنانيين من حرصهم على تخزين هاتين المادتين الأساسيتين لأيام مجهولة لا أحد يعلم ما يجري فيها.

توافر الخزين

وبرغم الطمأنات التي أعطاها المسئولون عن توفر كميات كبيرة من البنزين والمشتقات النفطية ووجود مخزون إضافي لفترة طويلة، شهدت محطات البنزين في مختلف أرجاء العاصمة بيروت والمناطق المجاورة زحمة خانقة، اختفت نوعًا ما من شوارع العاصمة لتنتقل إلى محطات المحروقات.
وفي ضوء التهافت على محطات المحروقات، قال رئيس تجمع شركات النفط بهيج بو حمزة للصحفيين مساء الخميس: "ليس هناك أزمة محروقات والكميات متوفرة لتلبية احتياجات السوق لمدة طويلة".
وقال بو حمزة: "الحمد لله الخزين موجود إلى أمد طويل، ولا توجد أزمة نفط في البلد".

وأعرب عن أمله في أن يساعد المواطن الحكومة، وألا يتهافت على محطات المحروقات، وألا يعمد إلى تخزين البنزين في الجالونات لأن المادة متوفرة. وناشد في الوقت نفسه أصحاب المحطات عدم خلق أزمة، محذرًا من استغلال الوضع لتبرير رفع الأسعار.

وانعكست الأحداث على وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة، فألغت التلفزيونات والإذاعات برامجها، واقتصرت على بث التقارير الإخبارية والمقابلات السياسية، فضلاً عن قيام بعضها ببث الأغاني الثورية التي تذكر اللبنانيين بفترة الاجتياح الإسرائيلي للبنان.
وتبث عدد من الإذاعات المحلية أغنية المطربة جوليا بطرس التي انطبعت في ذاكرة الشعب اللبناني فترة الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان والتي تنشد فيها: "غابت شمس الحق.. صار الفجر غروب.. بنرفض نحن نموت.. قولوا لهم رح نبقى".

ويبث إعلام حزب الله الأغاني الجهادية ويستقبل اتصالات المواطنين التي تهنئ المقاومة بعمليتها، وتعلن صمودها وتأييدها للمقاومة وحسن نصر الله (أمين عام حزب الله)، في الوقت الذي تعرضت هوائيات بث قناة المنار للضرب بالقنابل التي تلقيها الطائرات الإسرائيلية عدة مرات دون أن تتسبب في وقف البث.

نزوح

ويقول مراسل "إسلام أون لاين.نت": رغم أن إعلام حزب الله يحرص على تقديم صورة صمود أهالي الضاحية الجنوبية (معقل حزب الله) وعدم نيتهم مغادرتها فإن الضاحية الجنوبية تشهد نزوحًا واضحًا باتجاه جبل لبنان، في محاولة من الأهالي للابتعاد عن القصف الإسرائيلي المكثف الذي توجهه للمنطقة خلال اليومين الماضيين، وهدمها لمنازل تعتقد أنها تأوي عناصر قيادية من حزب الله.
كما تشهد مصايف لبنان نزوحًا كثيفًا للسياح الخليجيين الذين بدأ توافدهم منذ حوالي الشهر، باتجاه سوريا لتكملة إجازاتهم، أو للعودة إلى بلادهم.
واستأجرت العديد من الفنادق سيارات خاصة لنقل روادها في اتجاه دمشق، بينما عبّر مسئولون بقطاع السياحة عن حزنهم لما أصاب المنشآت السياحية من خسائر في بداية موسم الصيف الذي انتظروا جني الأرباح من ورائه.
ونزع مواطنون أعلام الدول التي كانت قد علقت على مداخل منازلهم في عدد من أحياء بيروت خلال موسم المونديال الأسابيع الماضية واستبدلت الأعلام اللبنانية بها، تعبيرًا عن أهمية توحد الشعب اللبناني في مواجهة حالة الحرب التي فرضت عليهم منذ يومين.
وينتظر اللبنانيون فتح مطار بيروت الدولي الذي أعادت إسرائيل قصف مدرجه للمرة الثانية صباح اليوم الجمعة، وأتت النار على مستودعي وقود لتموين الطائرات.
وعلى المستوى السياسي شهدت لبنان نشاطًا مكثفًا في مجلس الوزراء ولقاءات بين ممثلي الكتل البرلمانية في محاولة لوضع رؤية للتعامل مع حالة الحرب واحتياجات المواطنين للأغذية ومواد الإغاثة خلال المرحلة الحالية. وألغى نبيه بري رئيس مجلس النواب زيارة مقررة له السبت 15-7-2006 إلى السعودية، بينما توجه سعد الحريري رئيس كتلة المستقبل في مجلس النواب اللبناني إلى الإمارات العربية المتحدة بعد زيارة قام بها الخميس 13-7-2006 إلى مصر والسعودية؛ للتنسيق مع الدول العربية في وضع تصور لوقف العمليات العسكرية وحل الأزمة.

http://www.islam-online.net/Arabic/news/2006-07/14/05.shtml