السلام عليكم,,,
مر زمن ليس بالبسيط على كتابتي لموضوع في هذا المنتدى ..
عدت بعد غياب طويل بهذا الموضوع المتواضع
في عام 1916م أضاف العالم "ألبرت انشتاين" بعض الإضافات على نظريته للنسبية ومن بين النتائج المعتمدة على نظرياته أن الشعاع المضئ إذا مر بالقرب من جسم ذي كثافة معينة انحرف عن طريقه.
وقد أشار بنفسه إلى الوسيلة التي يمكن بها التأكد من مثل هذه الحقيقة ,وهي تصوير النجوم التي تكون قريبة من الشمس اثناء كسوفها.
في عام 1919م وقع الكسوف الذي يصلح لهذه التجربة ,وقد التقطت عدة صور رائعة,وراح العلماء يفحصون تلك الصور بانفعال شديد:كانت النجوم البراقة التي بدت بالقرب من القرص الأسود للشمس بعد كسوفها في غير مكانها,وبدا واضحا أنها تحركت منه!!
وعندما وصلت الصور و وضعت فوق مكتب انشتاين صاح الساحر العظيم قائلا: "هذا جميل ...! انه في غاية الروعة".
فقالت زوجته التي تقف بجواره :"الآن لديك دليل". ومن هنا انطلقت من انشتاين ضحكة رنانة وهو يقول:"دليل...انني يا عزيزتي لم أكن في حاجة إلى دليل.. لقد قلت "جميل على الصورة". والواقع ان علماء الفلك عندما قامو بقياس النجوم ووجدوا انها تحركت بمقدار 1.64 ثانية من الدرجة.. وليس بمقدار 1.75 قال انشتاين في هدوء:"في المرة القادمة.. عندما يتم التصوير بأجهزة أكثر دقة.. ستكون النجوم في المكان الصحيح"
انها الثقة بالنفس ,هاهي كانت في قصتنا هذه كالشعلة التي أنارت طريق العالم انشتاين طريق نجاحه الذي جعله على رأس علماء الفيزياء في تاريخ البشرية .
ثقته كانت سبب نجاحه ,فقد ظهر في الوقت الذي خالفه الغالبية واتهمه البعض بالجنون ,ومع ذلك بقى واثقا من نظرياته واستنتاجاته وقوانينه اللتي أصبحت الآن هي اساس الفيزياء الحديثة.
ان الثقة كالكنز يجب أن نسارع في امتلاك هذا الكنز ونحافظ على هذا الكنز بكل ما أوتينا من قوة ولانجعل الآخرين يسلبون منا ثقتنا .
وفي الإسلام صور كثيرة على الثقة التي كانت سببا في دخول الكثير إلى الجنة وفي ان يكونوا شهداء الأمة , فها هي أم وأب عمار بن ياسر –رضي الله عنهم- ,وثقوا بدينهم وبحقيقة وجود الله وصدق نبوة ورسالة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ,رغم البداية التي كانت تقابل بالرفض والاستهجان من قريش وما يواجهونه من تعذيب فهم ومع التعذيب حتى الموت بقوا على مبدئهم فكانت الجنة هي نصيبهم .
كانت ايضا الثقة سببا في انتصار المسلمين في معارك عدة في بدايات الإسلام رغم قلة العدد والعتاد إلا إنهم انتصروا على أعدائهم لثقتهم بدينهم ومصداقيته وحقيقة نصرة الله سبحانه وتعالى لهم لقوله تعالى : "ان تنصروا الله ينصركم".
والثقة موجودة فينا جميعا ولكن النقطة تكمن في كيفية الوصول إلى الثقة والكشف عنها في داخل ذاتك . فمتى ما وجدتها في نفسك فإنك قد وجدت الشعلة التي سنتير لك دربك.
قالت المغنية "ماريا كيري":
There's a hero If you look inside your heart
قد تواجه في طريق ثقتك بنفسك الكثير من الصعاب والانتقادات والرفض والاستهجان ولكن ستستمر في طريقك لتحقيق هدفك فمحركك الآن اصبح بيدك وتمتلكه وليس معتمدا وتابعا للغير ينتظر منهم ان يدفعوه إلى الأهداف التي يراها الآخرون أنها ناجحة متناسيا ذاته.
قد نلاحظ ذلك في حياتنا عندما نعلم عن طالب أو طالبة سلكوا طريق الطب لأنهم أخذوا الدرجات العالية وقد تميزوا في تعليمهم ,ونظرا لنظرة المجتمع لهم بالتميز ولأنهم نالوا هذه الدرجات فإنهم اذا سيكونون أطباء المستقبل وكأنها نهاية حتمية لكل متميز وأن البقية لهم المجالات الأخرى وعندها قد يجد الطالب والطالبة اللذان انجرفا مع نظرة المجتمع انهم قد قتلوا الإبداع الذي كان يمتلكونه بأيديهم لأن مصيرهم قد جعلوه بيد المجتمع , لم يثقوا بأنفسهم والمجال الذي يبدعون فيه ,فزوال الثقة كانت سبب التهميش.
من جهة أخرى لو انتقلنا إلى الدكتور/فاروق الباز مدير أبحاث الفضاء في بوسطن بالولايات المتحدة الامريكية الذي يعتبر فخر للأمتين الإسلامية والعربية ,لوجدناه خير مثال على الثقة بالنفس التي رسمت له طريق نجاحه فتوجهه لدراسة علم الجولوجيا كما أوضح الدكتور في إحدى لقاءاته مع قناة الجزيرة أنه قد واجه بعض الاستغراب من هذا التخصص الذي يهتم بالصخور والتربة فالكل كان يرى ويقول:
"ايه ياعم, تبأه بتاع رمل وموش عارف ايه ,ما تخوش الهندسة وتبأه باش موهندس أد الدونيا"
إلا انه لم ينجرف كالمثال السابق ذكره لطالب وطالبة الطب بل قد وجد ذاته و وثق برؤيته التي انارت هدفه و وصل الآن إلى ماوصل إليه.
ولكن هناك قاعدة كونية بأن أي شئ قد يستخدم في الجانب الصالح والإيجابي وقد يستخدم في الجانب الطالح والسلبي.
والثقة تندرج تحت هذه القاعدة, فقد تنير لك طريق هلاكك وضياعك ومبررك الذي يبقيك ماضي قدما في هذا الطريق الملئ بالأشواك هو الثقة بالذات.
فكما ذكرت سابقا بأن الثقة كالكنز ,فكما هو امتلاكك لكنز قد يؤدي بك إلى الغرور والغطرسة وقارون هو أكبر شاهد على ذلك وكذلك الثقة التي قد تودي بك.
وهناك أشخاص كثر قد ضلوا طريقهم ومنهم من ارتدوا عن دين الله بعد إيمانهم وقد ختم على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم والسبب الثقة والغرور التي أنارت لهم ذاك الطريق الهالك .
فأصبح أصم الأذنين أعمى العينين ميت القلب لا يأخذ من أحد شيئا حتى وان قيل له انك تسلك طريق الجحيم فثقته اصابته بالغرور فلا يستقبل إلا من ذاته حتى يصل إلى نهاية الطريق ليكتشف بنفسه ذاك الجحيم ويذوق العذاب ومرارته وعندها لن ينفع الندم.
كما قال "جواد العلي" في أغنيته:
"يجيلك يوم تندم على ماسويت"
فقد ينتهي بك الطريق إلى الانغلاق والقوقعة والسبب الثقة .
قالها انشتاين:
A person starts to live when he can live outside himself
فعلى الشخص أن يبصر ماحوله ويرى محيطه ولا ينكر وجود الآخرين فهو بالنهاية جزء لايتجزأ من المجتمع لايعيش لوحده فيه .
فالأمر كالميزان يجب أن لاتطغى كفة على الأخرى , فلا تفقد ثقتك بنفسك وتكون إمعة تجر أينما شاء الآخرون أو كالقارب تتخبط بين هذه الموجة وتلك ترسي بك الأمواج على أي أرض كانت, ولا تكون متقوقع على نفسك وكأنك ملكت الأرض وماعليها وتغتر بالمبادئ والقيم الواهية.
سؤالي بالنهاية:
كيف يعلم الشخص أنه بثقته قد سلك الطريق الأول الصحيح ولم يسلك الآخر المظلم؟
أ يعتمد على الآخرين في تحديد ما ان كانت ثقته في محلها وهم الذين قد يظلونه ويسلكوه طريق فشله ويسلبون ذاته؟
أم ينتظر عواقب الأمور ليكتشف إن كان على الحق أم الباطل؟
وشكرا.