السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
كيف الحال؟
وهذا اول موضوع لي في القسم
واتمنى لكم قراءه ممتعه ^_^
......................................................
( قصة رعب )
( لا ترفع الغطاء )
بقلم : عبدالعزيز الحشاش
سامحك الله يا أبي .. لم تترك لي من آثار الطفولة سوى ذكرى حكايتك المشئومة
* * * *
أكره الليل، وبالتحديد ساعة النوم .. فكم صليت طويلا في طفولتي بأن يطول النهار ولا يأتي الليل إلا متأخرا فأكون حينها قد فقدت آخر ذرة طاقة في جسدي النحيل وأخلد إلى النوم بسرعة فلا أضطر لسماع حكاية أبي.
لم تكن أمي ذات بال طويل، ولم يكن أبي برجل متفهم عاقل ذو حكمة .. في الواقع لم يكن شيئا يذكر. كان أبي رجل يعاقر الخمر، ولم يكن يترك الكأس من يده إلا إذا احتاج لبضع مكعبات من الثلج حتى تبرد عليه سهرته الطويلة .. مع كأسه. لم أنظر لأبي يوما بأنه رجل أناني، ولكنني كنت أراه رجل مهزوم .. نعم مهزوم .. هزمته إرادته. فالإنسان نوعان : إما إنسان قادر أن يتحكم بإرادته ويسيرها، أو إنسان تسيره إرادته .. وينهزم، وكان أبي من النوع الثاني.
هجرتنا أمي في ليلة ممطرة عندما فاض بها وضاقت ذرعا بحياة أبي التي .. لم تكن حياتا بل أقرب منها للجحيم. لم يضرب أبي أمي يوما، ولم تكن هي من النوع الذي يتشاجر كثيرا، علاقتهما كانت أقرب إلى الصمت، ولكن الحياة مع أبي لا تطاق .. هكذا رددت أمي دائما على مسمعي.
لم تكلف أمي نفسها عناء الجدل مع أبي حلو موضوع وصايتي، فسألته قبل أن تخرج:
- تريد الولد أم أأخذه ؟
رد بعد أن رشف من كأسه قليلا والخمرة تلعب في رأسه:
- اتركيه هنا يسليني، ما حاجة لك به .. !
وخرجت أمي دون أن تقبلني قبلة الوداع، ومن وراء نافذة البيت العتيق رأيتها تصعد سيارة خالي وترحل .. لوحت لها ولكنها لم تراني . كدت أذرف دمعة ولكن قاطع لحظة انكساري صوت أبي المخدر :
- هات ثلج من المطبخ
* * * *
في ليالي بيتنا الموحشة، ومع انقطاع الكهرباء المستمر تحت وطأة المطر والرطوبة، جلسنا أنا وأبي نتسامر، رغم أنه لم يكن هناك موضوع يذكر نتسامر حوله. كان أبي يشرب، وكلما انتهى كأسه رمى ثلجتان في قعره وسكب لنفسه قليلا من مشروبه ذو الرائحة العفنة .. وأكمل مشواره في الشرب. بينما كنت أجلس أنا كل ليلة بالقرب من النافذة على أمل أن تعود أمي، حتى يغلبني النوم، وأنسحب إلى فراشي.
وفي تلك الليلة، دوى فيها صوت الرعد، وكشف البرق المنفجر في صدر السماء عن زوايا بيتنا المتعفن، فلم ينظف والدي البيت منذ رحلت أمي، ولم تسمح سنوات سني السبع بأن أحمل مكنسة وأنظف مخلفات أبي التي لا تنتهي . استلقيت في سريري، وتكور جسدي الضئيل تحت غطاء اللحاف. وبين دوي الرعد وصرير باب الحمام الذي يتحرك بفعل الرياح، لمحت من تحت غطائي ظل أبي وهو يسير في الممر المحاذي لغرفتي حاملا شمعته ويتلكأ في سيره، يقع تارة ويقف تارة أخرى، يصطدم بالحائط تارة و بسور السلم تارة أخرى، ووصل إلى غرفتي .. دخل .. أطل برأسه علي وأنا تحت اللحاف، سأل :
- نمت ؟
وبصوت مرهق أجبت :
- أحاول أن أنام
جلس أبي على طرف السرير ووضع الشمعة قربي على الطاولة المجاورة لسريري، تجشأ .. ثم أطلق تنهيدة طويلة، حتى شعرت بأنفاسه تخنق رئتي الصغيرة. قال :
- أكيد لا تستطيع النوم، سأقص عليك قصة
بلعت ريقي، ودون أن أحرك ساكنا نظرت له وكلي آذان صاغية، فهذه هي المرة الأولى التي يقص فيها أبي علي قصة قبل النوم .. وليته لم يفعل . قال :
- في قديم الزمان يحكى عن امرأة عجوز، كانت تعيش لوحدها في بيت من طين .. أيام الكويت القديمة . . هل تعرف بيوت الطين القديمه؟
- أعرفها يا أبي .. درسنا عنها في المدرسة
- جميل .. كانت هذه العجوز منبوذة عن الناس، وكانت كلما خرجت من بيتها وسارت في الشوارع أو دخلت السوق هرب الناس منها وتجنبوا الاحتكاك فيها
- لماذا يا أبي؟
- يقال بأن هذه المرأة ليست من الإنس .. وفي ليالي الصيف الطويلة عندما كان الناس ينامون فوق السطوح يقسم البعض بأنه رآها تسير بين الأحياء وتزور المقبرة ليلا .. حتى أن أحدهم رآها صدفة وهي تسير قرب بيته تحمل طرف عباءتها بيدها وباليد الأخرى تتكئ على عصاها .. وحين نظر لقدميها لمح خفي حمار
دوى صوت الرعد مرة أخرى، فزع جسدي الصغير، مسكني أبي من كتفي وشد عليهما، رأيت ظل رأسه يعكسه نور الشمعة على الحائط .. وهو يقول:
- لا تخف .. هذه العجوز لا تظهر إلا للأطفال الذين يخافون ويتبولون على نفسهم في سريرهم .. أنت لست من هذا النوع من الأطفال يا جاسم .. أليس كذلك؟
بصوت مخنوق وبأوصال مرتعشة وبنفس متقطع أجبته :
- لا يا أبي .. دخلت الحمام قبل أن أخلد إلى سريري
ابتسم أبي .. كانت أحقر ابتسامة رأيتها في حياتي، حمل شمعته وسار نحو الباب وقبل أن يخرج لمحني بنظرة وقال :
- من لا يسمع كلام والده تزوره العجوز في فراشه
......................................
انتظروا الباقي في الرد الثاني
والحين اللي يبي يرد حياه
ويكتب عن القصه عجبته ولا لا ؟
..........................................................